دورتموند.. «الوجه الآخر» في «الأبطال»!
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
لشبونة (رويترز)
سجل المهاجم سيرو جيراسي هدفاً، وقدم تمريرة حاسمة، ليقود بروسيا دورتموند إلى الفوز 3-صفر على مضيفه سبورتنج لشبونة، في ذهاب الجولة الفاصلة المؤهلة إلى دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، ليقترب وصيف بطل النسخة الماضية من التقدم.
وأحرز هداف دوري أبطال أوروبا جيراسي هدفه العاشر في البطولة، عند مرور ساعة من اللعب، قبل أن يقدم تمريرة حاسمة مثالية إلى زميله باسكال جروس في الدقيقة 68، ليتقدم الفريق 2-صفر.
وأضاف كريم أديمي هدفاً آخر في الدقيقة 82، بعد هجمة مرتدة من 5 تمريرات، ليحقق المدرب كوفاتش الفوز في مباراته الأولى مع دورتموند في دوري الأبطال قبل مواجهة الإياب الأسبوع المقبل.
وتولى المدرب الكرواتي المسؤولية الأسبوع الماضي، وشاهد فريقه يخسر من ضيفه شتوتجارت في مباراته الأولى مع الفريق في دوري الدرجة الأولى الألماني، إذ يعاني دورتموند محلياً، ويكافح للحاق بمركز مؤهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
وكان سبورتنج أكثر خطورة في بداية المباراة، وأطلق تسديدة في إطار المرمى، عن طريق ماكسي أراوخو.
وكان هناك محاولة أخرى من كونراد هاردر في الدقيقة 35، لكن جريجور كوبل حارس دورتموند أبعدها ببراعة، بينما فشل الفريق الزائر في إطلاق أي تسديدة على المرمى في الشوط الأول.
وجاءت التسديدة الأولى في الدقيقة 55، عندما أطلق أديمي تسديدة منخفضة تصدى لها الحارس روي سيلفا.
لكن جيراسي مهاجم غينيا لم يمنح الحارس أي فرصة، بعدما أطلق ضربة رأس من فوقه، بعد تمريرة عرضية من يوليان براندت.
وواصل الفريق الألماني الضغط، وضاعف تقدمه بعد ثماني دقائق، عندما مرر جيراسي الكرة نحو جروس الذي سدد مباشرة من مدى قريب.
وقبل أن يسجل أديمي في الدقيقة 82، كان سبورتنج قد استسلم، بعدما فشل في اختراق دفاع دورتموند، حتى بعد مشاركة فيكتور جيوكريس أفضل مهاجم في الدوري البرتغالي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: دوري أبطال أوروبا الشامبيونزليج دورتموند سبورتنج لشبونة
إقرأ أيضاً:
«لِنَتَسِعْ بَعْضُنَا بَعْضًا… ونُعَلِّم قلوبنا فنّ احترام الرأي الآخر»
في كل مجتمع حيّ، يظل الاختلاف علامة صحة لا علامة خلاف، ودليل نضج لا دليل صدام. فالآراء المتعددة مثل الألوان، لا يكتمل الجمال إلا بتجاورها، ولا تكتمل الصورة إلا بتكاملها.
ومع ذلك، لا تزال بعض العقول – للأسف – تنظر إلى الرأي المخالف على أنه غزوٌ لفكرتها، أو تهديدٌ لهيبتها، أو مساسٌ بمكانتها، بينما الحقيقة أن الاختلاف لا يجرح إلا القلب الضيق، ولا يزعج إلا العقل المغلق، أما الصدور الواسعة فتتعامل مع التنوع باعتباره غنى للفكر ومساحة للتعلم.
إننا اليوم في حاجة إلى أن ننقل ثقافة احترام الاختلاف من كونها شعارات مثالية، إلى كونها ممارسة يومية في بيوتنا، ومساجدنا، ومؤسساتنا، ومدارسنا، ووسائل إعلامنا. لأن المجتمعات لا تُبنى بالاتفاق الكامل، وإنما تُبنى بإدارة الاختلاف إدارة راقية.
■ القرآن الكريم… مدرسة الاحترام قبل الحوار
حين نفتح كتاب الله تعالى، نجد قيمة احترام الرأي والحوار الحضاري راسخة منذ أول يوم.
يقول سبحانه وتعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
لم يقل: "جادلهم بالعنف"، ولم يقل: "بالغلظة"، بل قال: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ… أي بأفضل وأرقى ما يمكن.
وهذا دليل عظيم على أن الحوار لا بد أن يكون قائمًا على الأدب قبل الفكرة، وعلى الهدوء قبل الحدة، وعلى الفهم قبل الرد. فكيف إذا كان القرآن يأمرنا بذلك مع المخالف في العقيدة؟ فكيف بمن يخالفنا في الرأي داخل الوطن الواحد والبيت الواحد؟
والله سبحانه يعلّمنا كذلك أدب الاختلاف في قوله:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾،
وهذا إقرار صريح بحق الآخرين في عرض ما لديهم، وحقنا في مناقشته دون تسفيه أو تجريح.
■ السنّة النبوية… قمة الأخلاق في إدارة الاختلاف
لقد قدّم النبي ﷺ نموذجًا راقيًا في احترام الرأي حتى مع أصحابه وهم في قمة الخلاف.
ولنا في موقفه يوم غزوة بدر خير شاهد، حين قال للصحابة:
"أشيروا عليّ أيها الناس"،
فأخذ برأي الحباب بن المنذر، وهو رأيٌ عسكري يخالف رأي النبي الأول، ومع ذلك قبله النبي بكل صدر رحب.
هذا هو الأدب النبوي… وهذا هو احترام العقول.
وفي حديث آخر قال ﷺ:
«رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى»،
والسماحة خلق لا يولد إلا من صدر واسع يقبل الآخر ولا يتضايق من اختلافه.
بل إن النبي ﷺ علّمنا ألا نُقصي المخالف ما دام لا يخالف الثوابت، فقال:
«إنما بُعثتم مُيسرين ولم تُبعثوا مُعسرين».
■ أدب الاختلاف… مسؤولية مجتمع كامل
إن احترام الرأي الآخر ليس وظيفة المثقفين وحدهم، ولا واجب الدعاة وحدهم، بل هو مسؤولية مجتمع بأكمله.
فالأب في بيته حين يفرض رأيه بالقوة يخسر الحوار مع أبنائه، والمعلم حين يسخر من رأي تلميذه يخسر احترامه، والمسؤول حين يضيق بالنقد يخسر ثقة الناس.
والحقيقة أن قوتنا لا تُبنى من خلال الصوت الأعلى، بل من خلال القدرة على الاستماع، ولا من خلال الإقصاء، بل من خلال الاحتواء.
فنحن أمة جعلها الله أمة وسطًا، والوسطية ليست رأيًا واحدًا جامدًا، بل فضاء واسع يتسع للجميع.
■ لماذا نخاف من الاختلاف؟
نخاف لأننا لم نتربَّ على ثقافة السؤال.
نخاف لأننا نتصور أن اختلاف الآخر يعني ضعف موقفنا.
نخاف لأننا نخلط بين الرأي والفكرة… وبين الشخص والفكرة.
بينما الحقيقة أن الفكرة التي لا تتحمل النقد هي فكرة لم تُبنَ جيدًا من البداية.
إن المجتمعات التي تتسع قلوب أفرادها للآراء المختلفة هي المجتمعات التي تطور نفسها، وتتعلم من بعضها، وتبني جسورًا لا جدرانًا.
■ فلنتسع لبعضنا… ولنربِّي في قلوبنا أدب الاختلاف
علينا أن نؤمن بأن الاستماع للآخر لا يعني التراجع، وأن قبول اختلافه لا يعني التنازل، وأن احترام رأيه لا يعني الانسحاب.
بل يعني أننا نملك وعيًا وإيمانًا بأن الحقيقة أكبر منّا جميعًا.
وفي الختام…
إن احترام الرأي الآخر ليس مجرد خُلق، بل هو مشروع حضاري يعيد للمجتمع توازنه، وللإنسان قيمته، وللنقاش روحه.
فدعونا نتسع لبعضنا، ونسمع لبعضنا، ونقترب من بعضنا…
فالوطن لا يبنيه رأي واحد… وإنما تبنيه قلوب تتسع للجميع.