بغداد اليوم -  بغداد

أثار الجدل السياسي في العراق مؤخراً موجة من التصريحات المتباينة حول وجود "فصائل مسلحة أجنبية" داخل معسكرات حكومية رسمية، حيث حذر النائب عدنان الزرفي من أن هذا الأمر يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العراقي، مطالباً الحكومة بموقف واضح وصريح حول هذا الملف، بينما نفى النائب مختار الموسوي هذه الاتهامات، مؤكداً أن جميع المعسكرات تضم قوات أمنية عراقية فقط، وأن ما يُشاع حول استضافة فصائل أجنبية مصنفة على قوائم الإرهاب العالمي لا يعدو كونه محاولة لخلط الأوراق وإثارة التوترات.

يأتي هذا الجدل وسط أجواء سياسية وأمنية متوترة، حيث يشهد العراق تحولات داخلية متسارعة بالتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل الصراع المستمر في الشرق الأوسط والتغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. وإزاء ذلك، تتزايد التساؤلات حول مدى صحة الادعاءات بشأن إيواء العراق لفصائل أجنبية، وما إذا كانت هذه القضية ستؤثر على علاقاته الدولية ومستقبله الأمني والسياسي.


تحذيرات عدنان الزرفي واتهاماته

في تغريدة نشرها على منصة "إكس"، حذر النائب عدنان الزرفي من أن الحكومة العراقية قد تكون تستضيف "فصائل مسلحة أجنبية مصنفة على قوائم الإرهاب العالمي"، مشيراً إلى أن هذه الجماعات ترفض بلدانها الأصلية استقبالها، مما يفرض تحديات أمنية كبيرة على العراق. وأضاف الزرفي أن هذا الواقع يمثل "تهديداً مباشراً للأمن القومي العراقي"، ويثير العديد من التساؤلات حول سياسة الحكومة في التعامل مع هذه الجماعات، سواء في الوقت الحاضر أو خلال الفترات السابقة.

ويرى مراقبون أن تصريحات الزرفي تتماشى مع الضغوط الدولية التي يواجهها العراق بشأن ضبط وجود الفصائل المسلحة على أراضيه، حيث تطالب الولايات المتحدة ودول أوروبية الحكومة العراقية بفرض سيطرتها الكاملة على الأراضي العراقية ومنع أي أنشطة مسلحة غير خاضعة للدولة. كما أن إثارة هذا الموضوع في هذا التوقيت قد يكون مرتبطاً بتوجهات داخلية تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات الأمنية المتزايدة والتذكير بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه الفصائل المسلحة ذات الأبعاد الإقليمية.


نفي مختار الموسوي والموقف الحكومي

على الجانب الآخر، نفى النائب مختار الموسوي، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، صحة هذه الادعاءات، مؤكداً أن "الحديث عن وجود فصائل مسلحة أجنبية داخل معسكرات رسمية في العراق غير دقيق تماماً ولا يستند إلى أي حقائق على الأرض". وأضاف أن جميع المعسكرات الموجودة تحت سيطرة الدولة تضم قوات أمنية عراقية فقط، مشيراً إلى أن مثل هذه التصريحات "لا تخدم الأمن والاستقرار، بل تساهم في التشويش على الواقع الأمني".

وأشار الموسوي إلى أن من يطلق هذه الادعاءات عليه تقديم "أدلة واضحة وبراهين قاطعة" بدلاً من إطلاق اتهامات غير مستندة إلى حقائق، مؤكداً أن القضية الوحيدة التي قد تكون موضع جدل تتعلق بوجود حزب العمال الكردستاني في منطقة سنجار، وهو ملف قديم تحاول الحكومة العراقية التعامل معه وفق آليات تمنع التصعيد العسكري وتضمن تحقيق الاستقرار في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الحكومة العراقية موقفاً رسمياً حول هذه الادعاءات، لكن مصادر أمنية أكدت أن القوات العراقية تمتلك سيطرة كاملة على المعسكرات الرسمية، ولا يوجد أي فصائل أجنبية تعمل داخلها. ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن الحكومة العراقية تجد نفسها أمام معضلة حقيقية، حيث يتعين عليها التوازن بين الضغوط الداخلية من القوى السياسية المختلفة، وبين الضغوط الدولية التي تطالبها بضبط الوجود المسلح في البلاد.


أبعاد القضية وتداعياتها على المشهد العراقي

يطرح الجدل الدائر حول "الفصائل الأجنبية" في العراق عدة تساؤلات حول التداعيات المحتملة لهذه القضية، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، في ظل واقع معقد تعيشه البلاد، يتمثل في صراعات النفوذ الإقليمية والدولية، إضافة إلى التحديات الداخلية المتعلقة بالاستقرار السياسي والأمني.


1. التداعيات الأمنية

في حال صحة الادعاءات حول وجود فصائل مسلحة أجنبية داخل معسكرات حكومية، فإن ذلك قد يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العراقي، حيث قد يؤدي إلى:

-تصاعد التوترات مع الدول المجاورة، خاصة إذا كانت تلك الفصائل ذات ارتباطات إقليمية قد تضع العراق في مواجهة غير مباشرة مع دول أخرى.

-استهدافات أمريكية محتملة، حيث سبق أن نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية داخل الأراضي العراقية ضد فصائل مسلحة تعتبرها تهديداً لمصالحها.

-تزايد احتمالية نشوب نزاع داخلي مسلح، في حال نشوب خلافات بين الفصائل المسلحة والقوات العراقية حول السيطرة على مناطق معينة.

2. التداعيات السياسية

القضية تضع الحكومة العراقية في موقف صعب، حيث تواجه ضغوطاً متعددة من الداخل والخارج. فمن جهة، هناك قوى سياسية تدعم فرض سيادة الدولة بشكل كامل على جميع المعسكرات الرسمية، وتطالب الحكومة بإيضاح موقفها من هذه الادعاءات بشكل شفاف وحازم، ومن جهة أخرى، هناك أطراف تحاول التقليل من خطورة الموضوع واعتباره مجرد تضخيم إعلامي لأهداف سياسية.

وفي ظل هذا الانقسام، تواجه الحكومة عدة تحديات، أبرزها:

-الحفاظ على علاقاتها مع القوى السياسية المحلية، خاصة أن بعض الأطراف قد تستخدم هذا الملف كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية أو فرض شروط معينة على الحكومة.

-إدارة علاقتها مع المجتمع الدولي، حيث تسعى بغداد إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي تشدد على ضرورة ضبط أي أنشطة مسلحة غير رسمية داخل الأراضي العراقية.

-منع استغلال الملف لزعزعة الاستقرار الداخلي، حيث قد يؤدي تضخيم القضية إلى إثارة الشارع العراقي وزيادة حالة التوتر السياسي والأمني في البلاد.

3. التداعيات الاقتصادية

الملف قد تكون له تداعيات اقتصادية خطيرة، خاصة إذا قررت بعض الدول اتخاذ إجراءات عقابية ضد العراق بناءً على مزاعم احتضان فصائل أجنبية مصنفة على قوائم الإرهاب. وتشمل التداعيات المحتملة، تقويض الاستثمار الأجنبي، حيث قد يتردد المستثمرون في ضخ أموالهم داخل العراق إذا اعتبروا أن البيئة الأمنية غير مستقرة أو أن هناك مخاطر سياسية مرتبطة بالحكومة، وتعقيد العلاقات التجارية مع الدول الغربية، حيث قد تستخدم بعض الدول هذه القضية كورقة ضغط لتقليل التعاون الاقتصادي أو فرض شروط مشددة على التبادل التجاري مع العراق، مع احتمالية فرض عقوبات اقتصادية، خاصة إذا تصاعدت الضغوط الدولية، مما قد يؤثر على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات النفطية والاستثمارات الأجنبية.


السيناريوهات المحتملة

في ظل هذا الجدل، هناك عدة سيناريوهات قد تتطور خلال الفترة المقبلة:

1. تصعيد سياسي داخلي: قد تستمر هذه القضية في إثارة الخلافات داخل البرلمان العراقي، وربما يتم استغلالها من بعض الأطراف السياسية لتحقيق مكاسب معينة أو ممارسة ضغط على الحكومة.

2. ضغوط أمريكية ودولية متزايدة: إذا استمرت الشكوك حول وجود فصائل أجنبية مسلحة داخل العراق، فقد تواجه بغداد مطالبات غربية بفرض رقابة دولية على بعض المعسكرات، وهو أمر قد يخلق أزمة سياسية جديدة بين العراق وشركائه الدوليين.

3. إجراءات عسكرية أو أمنية وقائية: قد تقوم الحكومة العراقية بحملات تفتيش أو إعادة هيكلة لبعض المعسكرات بهدف إثبات سيطرتها الكاملة ونفي أي وجود غير قانوني.

ويبقى ملف الفصائل المسلحة في العراق واحداً من أكثر القضايا حساسية، خاصة مع استمرار التوترات الإقليمية والدولية. وبين الاتهامات والنفي، تظل الحقيقة غامضة، مما يضع الحكومة العراقية أمام اختبار جديد يتطلب منها تقديم إجابات واضحة وحلول عملية لمنع تفاقم الأزمة.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الحکومة العراقیة الفصائل المسلحة هذه الادعاءات وجود فصائل هذه القضیة فی العراق حول وجود حیث قد

إقرأ أيضاً:

السوق السياسي الليبي أمام اختبار برلين: هل يغيّر اجتماع الجمعة قواعد اللعبة؟

حين يتحول المجال السياسي إلى حلبة صفقات لا مؤسسات، وعندما تُستبدل شرعية الانتخابات بشرعية السلاح، ويغدو العنف لغة التفاوض الوحيدة، يصبح من المشروع توصيف ما يجري في ليبيا اليوم بمفهوم "السوق السياسي"، لا كمجاز أدبي بل كتشخيص نظري لحالة مركّبة تتقاطع فيها المليشيات بالمال، وتتماهى فيها شرعية الدولة مع اقتصاد الفوضى، السوق الذي لا يعترف بالقانون أو المؤسسات، بل بالقوة والتمويل والتحالفات المتبدّلة. هذا المفهوم كما طوّره عدد من المفكرين من تشارلز تيللي إلى فوكو، يرصد المساحات التي تتحوّل فيها الدولة من حَكم إلى سلعة، ومن كيان سيادي إلى مجال مفتوح للاستثمار السياسي في العنف والفساد، تماما كما عبّر تيللي بقوله: "إن صناعة الدولة تشبه إلى حد بعيد الجريمة المنظمة"، وهي الجريمة التي تتخذ اليوم في ليبيا طابعا رسميا تديره شبكات زبائنية محلية وخارجية تحت لافتة السياسة.

في الحادي عشر من حزيران/ يونيو 2025 أعلنت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتة، عن إعادة تفعيل مسار برلين بعد لقائها برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في العاصمة طرابلس، في خطوة حملت دلالات رمزية وسياسية عميقة على صعيد إعادة إحياء المسار الدولي الرامي إلى كسر حالة الجمود الليبي، واستعادة الزخم الدبلوماسي لمسارٍ لطالما اعتُبر الإطار الجامع للفاعلين الدوليين والإقليميين المهتمين بالشأن الليبي؛ إذ إن مسار برلين الذي انطلق لأول مرة في مطلع 2020 برعاية ألمانية وأممية، جمع تحت مظلته دولا وازنة كأمريكا وروسيا وتركيا وقطر ومصر وفرنسا وإيطاليا والإمارات والاتحاد الأفريقي، بهدف فرض وقف لإطلاق النار، وتثبيت حظر السلاح، والتمهيد لمسارات دستورية وانتخابية قادرة على إنتاج شرعية وطنية جامعة.

ووفق هذا الإطار تقرر عقد اجتماع للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا في برلين في العشرين من حزيران/ يونيو، على مستوى السفراء، بتنظيم مشترك بين وزارة الخارجية الألمانية وبعثة الأمم المتحدة، على أن يكون هذا اللقاء الفني محطة تقييم للانسداد السياسي الراهن، وفرصة لمراجعة توصيات اللجنة الاستشارية الأممية المعنية بالإطار الدستوري وقانون الانتخابات، وبحث سبل ترجمتها إلى خطط عملية، تتضمن تحديد الآليات الكفيلة بتنظيم العملية الانتخابية وإنجاز القاعدة الدستورية، إلى جانب طرح قضية انسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة باعتبارها مفتاحا لأية تسوية سياسية مستدامة.

وقد أكدت حكومة الدبيبة مشاركتها الرسمية في اجتماع برلين، مشيرة إلى خطوات أمنية اتخذتها وزارة الداخلية لضبط الوضع في طرابلس، أبرزها إعادة الجماعات المسلحة إلى ثكناتها وتفعيل سلطة الدولة، كما أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي القرار رقم 34 لسنة 2025 القاضي بإنشاء لجنة مؤقتة لترتيبات الأمن، في مسعى لإظهار جدية مؤسسات الدولة في التعاطي مع مقتضيات المرحلة المقبلة، والتأكيد على أولوية التوافق الوطني الداخلي، دون أن يعني ذلك رفض الانخراط في مسارات الرعاية الدولية.

غير أن الإعلان عن إحياء مسار برلين لم يخلُ من تداعيات دبلوماسية، لا سيما مع بروز مواقف روسية متحفظة، تعكس قلق موسكو من تغييب دورها أو تهميش مصالحها، وهو ما يسلط الضوء مجددا على طبيعة التحديات البنيوية التي تعترض مسار برلين، في ظل تباينات المواقف الدولية، وتنافس العواصم الكبرى على النفوذ داخل ليبيا.

وتبدو أهمية اجتماع العشرين من حزيران/ يونيو في كونه ينعقد في لحظة مفصلية، ليس فقط لتقييم الحصيلة الهشة للسنوات الماضية، بل لصياغة رؤية قابلة للتطبيق بشأن العملية السياسية، وتحديد الخطوات القادمة بشكل مشترك، عبر آلية لجنة المتابعة التي تضم فرق عمل متخصصة في المسارات الدستورية والانتخابية، والحقوقية، والاقتصادية، والأمنية، وتتفاعل بشكل دوري مع بعثة الأمم المتحدة واللجنة الدائمة المعنية بالشأن الليبي، ما يجعل الاجتماع المقبل اختبارا حقيقيا لمدى جدية المجتمع الدولي، واستعداد الأطراف الليبية للالتزام بما يتم الاتفاق عليه، خاصة وأن نجاح المسار يرتبط عضويا بمدى القدرة على بناء توافق داخلي صلب، يعكس الإرادة الشعبية، ويضع حدا لواقع الانقسام المؤسساتي، ويضمن بيئة آمنة ومحايدة تنظم فيها الانتخابات وفق أسس واضحة، بما في ذلك تفكيك المليشيات، وإنهاء الوجود الأجنبي، وعودة الدولة إلى موقع الفعل بدل الارتهان للمبادرات.

وإذا كان اجتماع برلين المرتقب يمثل لحظة اختبار سياسي دولي، فإن الأزمة الليبية ذاتها ما زالت تُدار بمنطق السوق، لا بمنطق الدولة، سوق تتحرك فيه الفاعلية السياسية وفق معادلات التمويل والسلاح والولاء الخارجي، لا وفق البرامج أو العقد الاجتماعي، ففي طرابلس كما في بنغازي، أصبحت المليشيات وسطاء السلطة الفعليين، بينما تحوّلت موارد الدولة إلى جوائز حرب تُوزّع حسب منطق الغلبة لا الكفاءة، فحفتر يسيطر على العائدات النفطية في الشرق لتعزيز سلطته، بينما تُدار عوائد الغرب الليبي وفق مصالح تحالفات إقليمية ودولية تتقاطع فيها مصالح أمراء الحرب، في حين تُختزل الدولة الليبية إلى هياكل إدارية تصادق على الأمر الواقع وتُغطيه، لا تملكه ولا تغيّره.

وما زاد الطين بلّة أن بعثة الأمم المتحدة ذاتها، بدل أن تكون طرفا فاعلا في بناء الدولة، أصبحت جزءا من شبكة إدارة الأزمة، تديرها بمنطق التوازن الهش، وتراكم المبادرات بدل تفكيك البنية التي أنتجت الأزمة، فكل إحاطة جديدة لا تضيف شيئا سوى رقم آخر في سجل الاجتماعات العقيمة، وكل لجنة استشارية تُنتج حلا جزئيا هشّا، لا يصمد أمام أول اختبار ميداني، وتزداد القناعة بأن ليبيا لا تُدار بل تُستهلك؛ تُستهلك كمساحة للفوضى المربحة، وكحالة وظيفية تخدم أطرافا لم يعد يعنيها الوصول إلى تسوية، بل إدارة الأزمة بما يطيل عمر نفوذها.

وبالنظر إلى تراكم الأزمات البنيوية العميقة التي تعصف بالعملية السياسية في ليبيا، وغياب الإرادة الحقيقية لدى معظم الأطراف المحلية والدولية لتجاوز منطق السوق السياسي القائم على المصالح الضيقة والهيمنة بالمال والسلاح، فإن سقف التوقعات من اجتماع برلين المقرر الجمعة (20 حزيران/ يونيو 2025) يظل منخفضا بشكل واضح. فالانقسامات المؤسسية، والهيمنة المليشياوية التي ترسخت عبر السنوات، وتعدد دوائر النفوذ الخارجي، تشكل مجتمعة عوائق جذرية تحول دون تحقيق أي اختراق جوهري يُحدث فارقا فعليا في مسار التسوية.

وتُضاعف من هذا الواقع الصعب حالةُ الانكفاء الدولي النسبي على وقع الانشغال المتزايد بالحرب الإسرائيلية-الإيرانية، وما سبقها من استنزاف استراتيجي في الحرب الروسية-الأوكرانية، ما أدى إلى تراجع موقع الأزمة الليبية على أجندات القوى الكبرى، دون أن يُسقط ذلك الحاجة الملحة، من وجهة نظر الفاعلين الإقليميين والدوليين المعنيين بالملف، إلى البحث عن تسوية تُنهي حالة التآكل المستمر وتحد من ارتدادات الفوضى الليبية على محيطها.

غير أن ما يُرجَّح أن ينتجه هذا الاجتماع لا يتجاوز حدود البيان السياسي وتكرار التوصيات المعروفة، دون معالجة للأسباب البنيوية التي كرّست منطق السوق السياسي، ما يؤكد أن الخروج من الأزمة لن يكون ممكنا ما لم يُعد التفكير في أدوات المقاربة ذاتها، من خلال إعادة تعريف الأهداف ووسائل الوصول إليها، في ضوء ما أثبته الواقع من أن تدوير الأدوات القديمة لا ينتج سوى إعادة إنتاج الفشل ذاته.

ويظل السؤال المُعلّق: هل يمكن لاجتماع مثل برلين أن يُنهي السوق ويفرض الدولة؟ أم أنه مجرد حلقة إضافية في مسلسل تدوير الانهيار؟

مقالات مشابهة

  • الجزر المحتلة ومشاريع الهيمنة: اختبار الصدق في زمن الشعارات
  • اختبار طبي للاعب الأهلي لتحديد مشاركته في مباراة بورتو
  • الحكومة العراقية تعرب عن بالغ قلقها وإدانتها لاستهداف منشآت نووية داخل إيران
  • بلدية طرابلس أمام اختبار الشفافية في لجنة التخمين
  • في ثاني اختبار لهما بمونديال للأندية.. الوداد والعين يصطدمان بيوفنتوس ومانشستر سيتي
  • الخارجية العراقية تؤكد إجراء اتصالات مكثفة لوقف العدوان الصهيوني على إيران
  • رايتس ووتش: السودان واليمن أمام اختبار الالتزام بمعاهدة حظر الألغام 
  • الأجانب تضع العملة المصرية أمام اختبار الـ38 مليار دولار رغم تصاعد التوترات
  • السوق السياسي الليبي أمام اختبار برلين: هل يغيّر اجتماع الجمعة قواعد اللعبة؟
  • الطوارئ النووية العراقية في انعقاد دائم للتعامل مع أي طارئ في محطات التخصيب الإيرانية