ماليزيا – أحمد الجهوري

تقف مدينة ملقا الماليزية شامخة كواحدة من أكثر المدن غنى بالتاريخ والتراث الثقافي في جنوب شرق آسيا. تمتزج في أرجائها ثقافات متعددة، بدءًا من الملايو الأصيلة إلى الصينية والهندية، وصولًا إلى التأثيرات البرتغالية والهولندية والبريطانية التي مرت عبرها على مر العصور. هذه المدينة الساحرة، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، تجسد نموذجًا فريدًا للتعايش بين القديم والحديث.

في كل زاوية من شوارعها، تجد قصة تحمل عبق الماضي وأصداء الحاضر، مما يجعلها وجهة لا غنى عنها لعشاق السفر واستكشاف الجذور الثقافية، من العمارة التقليدية التي تُبرز إبداع الأجداد إلى الأسواق الصاخبة التي تُضفي على المدينة حيوية خاصة، ومن المسارح الحديثة التي تعيد سرد تاريخها بطرق مبتكرة إلى الرحلات النهرية التي تكشف جمالها الطبيعي، تقدم ملقا تجربة فريدة تُلبي تطلعات كافة الزوار. إنها ليست مجرد مدينة، بل بوابة لاستكشاف غنى ماليزيا الحضاري في أبهى صوره.

مسرح إنكور ملقا

مسرح إنكور ملقا ليس مجرد وجهة لعروض مسرحية؛ إنه تجربة بصرية تحفز الحواس وتترك انطباعًا دائمًا لدى الزوار. المسرح مُصمم ليكون منصة تعليمية وثقافية أيضًا، حيث يقدم قصصًا عن التاريخ الماليزي بطرق مبتكرة. يُستخدم المسرح أيضًا لعروض دولية، مما يجعله نقطة جذب للمسافرين من جميع أنحاء العالم.

بالإضافة إلى تقنياته المتطورة مثل المنصة الدوارة، يضم المسرح أنظمة صوتية متقدمة تجعل الجمهور يشعر وكأنه جزء من العرض. يشارك الزوار في عروض تفاعلية تروي قصصًا عن نشأة ملقا وتأثيرها كميناء تجاري استراتيجي في العصور الوسطى.

بعد العروض، يمكن للزوار قضاء بعض الوقت على شاطئ المسرح الذي يُطل على مضيق ملقا. الأجواء هنا مثالية لتناول مشروب مثل "مانجو شيك" أو "جوز الهند المثلج" أثناء مشاهدة الأفق الذهبي عند غروب الشمس.

 

شارع جونكر ووك

لا يمكن زيارة ملقا دون التجول في شارع جونكر ووك، الذي يُعد رمزًا للمدينة القديمة ووجهة تجمع بين التسوق، الطعام، والتاريخ. يعود تاريخ هذا الشارع إلى العصر الاستعماري الهولندي، حيث كان يضم منازل تجارية تُستخدم كمراكز تجارية وأماكن إقامة.

اليوم، يتحول الشارع إلى وجهة سياحية رئيسية تجذب الآلاف من الزوار أسبوعيًا. يُقام السوق الليلي في نهايات الأسبوع، حيث تُباع المنتجات اليدوية مثل المجوهرات المصنوعة يدويًا والمنسوجات التقليدية. يُمكنك تذوق مجموعة متنوعة من الأطباق مثل "الساتيه"، و"نودلز لاكسا"، و"آيس كريم تشينغ دول" المحلي.

لا يقتصر الأمر على التسوق والطعام فقط؛ الشارع يضم أيضًا معارض فنية صغيرة تعرض أعمال فنانين محليين تعكس الثقافة الماليزية بطريقة معاصرة.

 

نهر ملقا

الرحلة البحرية على نهر ملقا ليست مجرد نشاط ترفيهي؛ بل هي وسيلة للتعرف على تاريخ المدينة من منظور جديد. يُعتبر النهر شريانًا حيويًا لعب دورًا مهمًا في ازدهار ملقا كمركز تجاري في الماضي. أثناء الرحلة، تمر القوارب بجانب مبانٍ تاريخية تحمل تفاصيل معمارية مذهلة مثل النقوش الخشبية والألوان الزاهية.

الرحلة مثالية  للأزواج والعائلات على حد سواء، حيث توفر أجواء هادئة ومشاهد ليلية ساحرة عندما تُضاء الجسور والمباني المحيطة بألوان متوهجة. تُقدم الرحلة أيضًا تعليقًا صوتيًا يشرح تاريخ المواقع التي تمر بها القوارب، مما يجعلها تجربة تثقيفية ممتعة.

 

استوديوهات التراث الماليزي

تأخذ استوديوهات التراث الماليزي زوارها في رحلة فريدة عبر الثقافات المختلفة التي تشكل النسيج الاجتماعي للبلاد. المكان مصمم بطريقة تجعل الزائر يشعر وكأنه جزء من الماضي، حيث يُمكنه زيارة نماذج دقيقة للمنازل التقليدية التي تعكس أسلوب حياة الولايات الماليزية المختلفة.

تشمل الأنشطة التفاعلية ورش عمل مثل صناعة الفخار، والخط الماليزي التقليدي، وصنع الباتيك. كما تُقام عروض ترفيهية تُعيد إحياء الرقصات الشعبية والعادات القديمة. المتاهة السحرية تُضيف عنصر المغامرة للأطفال والكبار، حيث يتعلم الزوار عن الأساطير الماليزية بطريقة مسلية.

 

بيت بابا ملقا

عند دخولك بيت بابا ملقا، تجد نفسك غارقًا في عالم البيراناكان الثقافي الذي يُجسد مزيجًا من التقاليد الماليزية والصينية. الفندق هو أكثر من مجرد مكان للإقامة، فهو نافذة إلى التراث العريق لهذا المجتمع الذي اشتهر بأسلوب حياته الفريد. يتميز الفندق بغرفه التي تحمل تصميمًا تاريخيًا مع مراعاة التفاصيل الدقيقة، بدءًا من الأثاث الخشبي المنحوت يدويًا وحتى البلاط المزخرف الذي يعكس أنماطًا فنية تقليدية.

في مطعم "مار تشياك"، لا يمكنك فقط الاستمتاع بوجبات نيونيا الأصيلة، بل يمكنك أيضًا التعرف على تاريخ الأطباق التي تمتد جذورها إلى أجيال. يقدم المطعم ورش عمل طهي، مما يتيح للزوار فرصة تعلم أسرار الطهي البيراناكاني. يُعد الفندق أيضًا قاعدة مثالية لاستكشاف أبرز معالم ملقا، فهو يقع على بعد خطوات من شارع جونكر ووك المليء بالحياة ومعبد تشنغ هون تنغ، أقدم معبد صيني في ماليزيا.

 

منتجع بارك رويال أفاموساهو

واحد من أبرز الوجهات السياحية في ماليزيا، ويقع في ولاية ملاكا التاريخية. يتميز المنتجع بكونه وجهة شاملة للترفيه والاستجمام، حيث يجمع بين الطبيعة الخلابة والأنشطة الترفيهية المتنوعة التي تناسب جميع الأعمار، وهو خيار رائع لمن يبحث عن الفخامة والخدمات الفندقية الفاخرة والبعيدة عن صخب المدينة.

 

إن زيارة مدينة ملقا ليست مجرد رحلة إلى مكان سياحي، بل هي مغامرة ثقافية تأخذك عبر قرون من التاريخ وتُحيي أمام عينيك حضارات تألقت على مر العصور. هذه المدينة تمنحك فرصة لتذوق أطباق تقليدية تحمل نكهات محلية أصيلة، ومشاهدة عروض مسرحية وفنية تروي قصصًا مستوحاة من ماضيها العريق، والتجول بين شوارعها وأسواقها النابضة بالحياة.

ملقا ليست فقط وجهة سياحية، بل هي وجهة للذكريات. إنها مدينة تعكس روح ماليزيا بكل تنوعها وتاريخها وجمالها. ستغادرها وأنت تحمل في ذاكرتك تفاصيل لا تُنسى؛ من غروب الشمس على مضيقها الساحر، إلى ضحكات الأطفال في أسواقها، وأصوات المياه التي تتهادى على ضفاف نهرها. إنها مكان يُشعرك بأنك لم تزر مكانًا فحسب، بل عشت تجربة سترافقك إلى الأبد.

 








 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التی ت الذی ی

إقرأ أيضاً:

ولي العهد السعودي يُطلق مشروع «بوابة الملك سلمان» بجوار الحرم المكي لتحويل مكة إلى وجهة عالمية

أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وليّ العهد، رئيسُ مجلس الوزراء، رئيسُ مجلس إدارة شركة رؤى الحرم المكي إطلاقَ مشروع "بوابة الملك سلمان" بوصفه وجهةً متعددة الاستخدامات في مكة المكرمة.

وتمتد "بوابة الملك سلمان" على إجمالي مسطحات بناء تبلغ مساحتها نحو 12 مليون متر مربع بجوار المسجد الحرام.

ويهدف المشروع إلى تحقيق نقلة نوعية في تطوير البنية التحتية لمدينة مكة المكرمة، ولا سيما المنطقة المركزية، لتصبح نموذجًا عالميًا للتطوير العمراني، بما يسهم في دعم الجهود المبذولة لتطوير المنطقة وتسهيل الزيارة، وتقديم خدمات ذات جودة عالية لقاصدي بيت الله الحرام، وإثراء رحلتهم الدينية والثقافية، بما يتماشى مع مستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن.

ويتميز مشروع "بوابة الملك سلمان" بموقعه الإستراتيجي بجوار المسجد الحرام، ويُعد وجهةً متعددة الاستخدامات تهدف في المقام الأول إلى الارتقاء بمنظومة الخدمات المقدَّمة، وتوفير مرافق سكنية وثقافية وخدمية محيطة بالمسجد الحرام. كما يضيف المشروع طاقة استيعابية تتسع لما يقارب 900 ألف مصلٍّ في المصليات الداخلية والساحات الخارجية.

ويرتبط المشروع بوسائل النقل العامة لتسهيل الوصول إلى المسجد الحرام، ويمثّل مزيجًا استثنائيًا متناغمًا بين الإرث المعماري الغني لمكة المكرمة وأرقى أساليب الحياة العصرية، بما يضمن أعلى مستويات الراحة. كما يهدف المشروع إلى الحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي لمدينة مكة المكرمة من خلال تطوير وإعادة تأهيل مساحة تقارب 19 ألف متر مربع من المناطق الثقافية والتراثية، لإثراء تجربة زائريها، والإسهام في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 على صعيد التنويع الاقتصادي، من خلال استحداث أكثر من 300 ألف فرصة عمل بحلول عام 2036م .

ويُنفَّذ مشروع "بوابة الملك سلمان" بواسطة شركة رؤى الحرم المكي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، دعمًا لتنفيذ استراتيجيته الهادفة إلى رفع مستوى التطوير العمراني في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام، لتكون من أفضل نماذج التطوير العالمية.

وتركّز شركة رؤى الحرم المكي على الإدارة المستدامة للموارد عبر توظيف الحلول المبتكرة، بما يسهم في تحقيق أثر إيجابي ملموس على السكان وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزائرين، مع الحفاظ على النسيج الثقافي لمكة المكرمة. كما تلتزم الشركة بمراعاة المعايير والممارسات العالمية في عمليات التطوير العقاري، وتوفير تجربة استثنائية متكاملة.

طباعة شارك تطوير عقاري معايير

مقالات مشابهة

  • ولي العهد السعودي يُطلق مشروع «بوابة الملك سلمان» بجوار الحرم المكي لتحويل مكة إلى وجهة عالمية
  • 45 جهة تمويلية في بيبان
  • شريف الجبلي يفتتح الجناح الماليزي بمعرض مصر للطاقة 2025
  • عُمان.. وجهة الاستثمار الآمن
  • سفيرة المكسيك بالقاهرة: مصر مهد الحضارات تقدم للعالم إرثًا أثريًا منقوشًا في ذاكرة البشرية
  • افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي" بمكتبة الإسكندرية
  • الغردقة تستعد لاستقبال 18 ألف سائح على متن 101 رحلة طيران
  • تقرير استقصائي: ألبانيا تتحول إلى وجهة للنفط المهرب من روسيا وليبيا
  • جوهرة جديدة بأكاديمية برشلونة تخطف الأضواء
  • على دروب الصخر والملح.. جيجل جوهرة جزائرية بين الجبل والبحر