الذهب في غرب أفريقيا.. الثروة المنهوبة
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
عبر مئات الآلاف من السنين ظلت منطقة غرب أفريقيا مركزا للكثير من المعادن النفيسة على أديم صحرائها الكبرى وفي باطن أرضها المتنوعة.
توجد العديد من مناجم الذهب التي اشتهرت بها تلك المنطقة منذ تاريخ إمبراطورية غانا القديمة، ومملكة مالي المعروفة بـ"مملكة الذهب" والمشهورة بقصص منسى بن موسى (ملك الذهب) الذي أحدثت رحلته إلى الحج قصصا غريبة من عالم الروايات والسرد، بسبب ما كان يملك من المعدن النفيس.
ومنذ تلك القرون البعيدة، ظلت المنطقة عنوانا للتنقيب عن الذهب، ومركزا لتجارته عبر طرق القوافل السالكة لطريق الصحراء الكبرى.
وفي العصر الحالي تحتوي منطقة غرب أفريقيا على مخزون كبير من احتياطات الذهب، ويصل إنتاجها إلى 10% من مجموع الإنتاج العالمي.
كيف وجد الذهب بالمنطقة؟
في إجابة له على سؤال لموقع "محادثة أفريقيا" حول كيفية وجود الذهب، يقول الجيولوجي رايموند كازابوي إن هذا المعدن مثل جميع العناصر تشكل من خلال تفاعلات طاقة شديدة وقعت في بيئات كونية وفضائية مختلفة مع بداية تشكل الكون قبل 13 مليار سنة.
ويقول رايموند إنه توجد نظريتان لتشكل المعدن الأصفر وبداية وجوده، إحداهما تسمى التكتونيات التراكمية، وتقتضي أن كميات كبيرة من الذهب ترسبت في أماكن معينة حيث كانت القارات تتوسع ويتغير نمطها قبل 3 مليارات سنة.
إعلانوالنظرية الأخرى تشير إلى أنه تشكل مع بداية عصر الفانروزويك عندما امتلأت الأرض بالأوكسجين، وخلال هذه المرحلة تسببت العمليات الجيولوجية والتغيرات في الحرارة والضغط إلى تشكيل رواسب من الذهب يمكن استخراجها.
وفي منطقة غرب أفريقيا تكونت رواسب الذهب في مناطق "كراتون" الذي يتألف من أجزاء ثابتة من داخل الأرض ويضم الصخور ومنصات الدروع الموجودة على سطح اليابسة.
وتشكلت رواسب الذهب في صخور"كراتون" الواقعة في غرب أفريقيا من حوالي 2.3 إلى 2.4 مليار سنة، وذلك عبر درجات الحرارة والظروف التكتونية.
ويوجد الذهب الواقع في غرب أفريقيا وخاصة غانا ومالي وموريتانيا والسنغال وساحل العاج وبوركينافاسو، ومعظم هذه الدول، تشكل 50% من أرضها مكانا لرواسب هذا المعدن.
وتعد مالي وغانا من أكثر دول غرب أفريقيا ثراء بالذهب، إذ يشكل إنتاجهما حوالي 57% من مجموع الإنتاج والموارد للمنطقة.
ويعتقد أن غانا تمتلك احتياطا من الذهب يصل إلى 1000 طن متري، وتنتج منه سنويا ما مجموعه 90 طنا متريا.
أما مالي فإن إنتاجها لسنة 2023 وصل إلى 67.7 طنا، لكنه تراجع في عام 2024 إلى 51 طنا بسبب الخلاف مع الشركات الأجنبية، وتقدر احتياطاتها بحوالي 800 طن.
وتبقى أرقام الإنتاج هذه متواضعة مقارنة مع ما تنتجه الصين وأستراليا المصنفتان في طليعة الدول المنتجة للذهب على مستوى العالم.
فقد وصل إنتاج جمهورية الصين الشعبية عام 2023 إلى 370 طنا متريا، كما وصلت عتبة الإنتاج في أستراليا إلى 310 أطنان.
التنقيب البدائيقديما، كانت الوسيلة الأشهر في العثور على الذهب هي التنقيب عن طريق مجاري الأنهار والسيول وآثار المياه قرب سفوح الجبال للحصول على جزئيات صغيرة.
وقد أدى التقدم العلمي والتكنولوجي إلى تبسيط عمليات التنقيب وخفض الكلفة الإنتاجية والزمنية في عمليات الاستخراج.
إعلان
ورغم التطور الكبير في وسائل الإنتاج، فإن مجموع دول منطقة غرب أفريقيا ما زالت تعتمد على وسائل تنقيب قديمة وبدائية، حيث يمارس المواطنون عمليات الحفر وصهر الحجارة لاستخراج الذهب، وغالبا ما تتسبب هذه الطرق التقليدية في حدوث كوارث بيئية وإنسانية.
وفي مالي وموريتانيا وغينيا تكثر حوادث انهيار آبار التنقيب التي تتسبب في مقتل وإصابة العديد من الناس، ولم تتخذ الحكومات إجراءات صارمة في منع التنقيب الأهلي، كما أنها لم تؤسس شركات تنقيب وطنية تمتلك وسائل حديثة لاستخراج الثروة.
الثروة المنهوبةوفي المناجم الكبيرة والغنية بالذهب، تلجأ الحكومات إلى الاستعانة بشركات أجنبية غالبا ما تكون العقود معها مجحفة إلى حد كبير.
ففي موريتانيا التي أصبحت واحدة من مصدري الذهب، لا تتجاوز حصة الدولة 6.5% من منجم تازيازت الذي أنتج 622 ألفا و394 أونصة في عام 2024، وهو الأمر الذي تسبب سابقا في سجال كبير في الساحة السياسية، واتهمت فيه المعارضة النظام بإجراء صفقات فساد وعقود من تحت الطاولة.
وفي سنة 2020 ارتفعت أصوات من داخل البرلمان الموريتاني تطالب بتأميم منجم تازيازت الذي تديره شركة "كينروس غولد" الكندية، معتبرين أنها تنهب ثروة البلاد دون مقابل.
أما في منطقة الساحل التي حكمتها مؤخرا مجالس عسكرية، فإنها بدأت في التفاوض من أجل رفع نسبها مع الشركات الأجنبية، وهو الأمر الذي أثار أزمة بين الحكومة المالية وشركة "باريك غولد".
وأقرت الحكومة في باماكو سنة 2023 قانونا للتعدين يقضي برفع نسبة الدولة إلى 30% في كل عمليات الاستخراج الجديد، كما ألغت قانون رفع الضرائب التي كانت تستفيد منه شركات تعدين الذهب.
وفي السياق ذاته، أممت السلطات في مالي بداية 2024 منجم ياتيلا في منطقة كايس التي كانت تديره شركتان من جنوب أفريقيا وكندا، وأصبح خاصا بالدولة.
إعلانومع بداية 2024 أعلن رئيس المرحلة الانتقالية في بوركينافاسو النقيب إبراهيم تراوري إلغاء بعض الرخص الممنوحة لشركات تعدين الذهب في بلاده، كما قامت حكومته بمصادرة 200 كيلوغرام من شركة تابعة لمجموعة "إندفور ماينينغ" الكندية بحجة البحث عن مصالح الدولة.
وفي طريق العمل على استعادة ثروة الذهب، قامت الحكومة في بوركينافاسو في فبراير/شباط 2024 بالاستحواذ على مخزون شركة "سيمافو بوركينافاسو لتعدين الذهب".
وتهدف الحكومات العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي من ضغوطها على شركات التعدين الأجنبية إلى أن تجد توزيعا عادلا لثروة الذهب لتسهم في التخفيف من معاناة السكان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات منطقة غرب أفریقیا الذهب فی فی منطقة
إقرأ أيضاً:
لجنة الطاقة النيابية تستعرض خطة تعزيز أمن الطاقة وتطوير قطاع الثروة المعدنية
صراحة نيوز- بحثت لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية، خلال اجتماع عقدته اليوم الأحد برئاسة النائب الدكتور أيمن أبو هنية، آلية عملها وخطتها للمرحلة المقبلة.
وأكد أبو هنية أن قطاع الطاقة يعد من الأعمدة الرئيسة للأمن الاقتصادي الوطني، ما يتطلب تبني نهج يقوم على التخطيط والرقابة، وإشراك جميع الجهات المعنية لضمان تعزيز أمن الطاقة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، بما ينسجم مع متطلبات التحديث الشامل وتوجيهات جلالة الملك المتعلقة بتطوير القطاع ورفع كفاءة أدائه.
وأشار إلى أن اللجنة ستعمل وفق منهجية واضحة تشمل الجانبين التشريعي والرقابي، بما يضمن متابعة ملفات الطاقة والثروة المعدنية في المملكة، وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
وأكد أن اللجنة ستعمل بروح الشراكة والتكامل مع الحكومة والقطاع الخاص والخبراء، بهدف تطوير قطاع الطاقة والثروة المعدنية ورفع كفاءته، وضمان تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
واستعرض أبو هنية وأعضاء اللجنة النواب: المهندس جمال قموه، والمهندس طلال النسور، والمهندسة راكين أبو هنية، والمهندسة نسيم العبادي، والدكتورة إسلام العزازمة، أبرز مشاريع القوانين المحالة إليها، وفي مقدمتها مشروع قانون الغاز لسنة 2025، ومشروع قانون التصديق على الاتفاقية التنفيذية لتقييم وتطوير واستغلال النحاس والمعادن المصاحبة في منطقة أبو خشيبة بين وزارة الطاقة وشركة وادي عربة للمعادن.
وأكدت اللجنة أنها ستعقد سلسلة من الاجتماعات الاستشارية تستضيف فيها الجهات المختصة والمعنيين وأصحاب الخبرة قبل الشروع في مناقشة أي مشروع قانون، لضمان صياغة تشريعات تعزز الأمن الطاقي وتدعم الاستثمار في التعدين.
وأقرت اللجنة برنامجاً يشمل عقد اجتماعات دورية مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، إضافة إلى تنظيم زيارات ميدانية للمحافظات والمؤسسات المعنية بقطاعي الطاقة والتعدين، بهدف الاطلاع على واقع العمل عن قرب ومناقشة التحديات والمعوقات في المواقع الميدانية.
وأشارت اللجنة إلى أن خطتها للمرحلة المقبلة ستركز على تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها: تعزيز أمن الطاقة من خلال ضمان تنويع المصادر وتحقيق استدامة التزويد، وتطوير البنية التحتية الكهربائية لتحسين كفاءة الشبكات وتوزيعها، وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لزيادة مساهمتها في مزيج الطاقة الوطني، واستغلال الثروات المعدنية وتفعيل الصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة، وتعزيز موقع الأردن على خارطة الهيدروجين الأخضر إقليمياً ودولياً، ومراجعة وتحديث التشريعات المرتبطة بالطاقة المتجددة وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع الطاقة المتجددة.
وتطرقت اللجنة إلى أهمية رفع كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف القطاعات، ومعالجة الفاقد الكهربائي، وتعزيز التعاون الإقليمي في مشاريع الربط الكهربائي، خصوصاً في ظل المتغيرات الإقليمية الجديدة.
وأكدت اللجنة أنها ستبحث خلال اجتماعاتها المقبلة عدداً من الملفات والمحاور، منها: الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة 2020–2030 وخطة عملها التنفيذية، ومشاريع الطاقة المتجددة، والمصادر الطبيعية، والمشتقات البترولية، ومشروع ميناء الغاز النفطي المسال في العقبة، وتطورات التنقيب عن النفط والصخر الزيتي وغاز الريشة.
وأشارت إلى بحث التنقيب عن النحاس في وادي عربة، والتشريعات الناظمة للتعدين، وتنظيم قطاع الطاقة والمعادن، واستخدامات الطاقة النووية، وفرص الربط الكهربائي مع سوريا والدول المجاورة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص والنقابات والمؤسسات البحثية في التحول الطاقي، وتحديث تشريعات التعدين لمنع تصدير الخامات الاستراتيجية بصورتها الخام، وبحث استراتيجية الأردن في الهيدروجين الأخضر والاتفاقيات الموقعة في هذا المجال.