بقلوب يملؤها الحزن والأسى، أودع اليوم صديقًا عزيزًا لم تسعفني الظروف للقائه رغم دعواته المتكررة لي لحضور موسم أصيلة الثقافي، ذلك الحدث الذي أرسى دعائمه ليكون منارة للحوار والتلاقح الفكري. كان التواصل بيننا يتم عبر الأديبة والشاعرة المغربية فتيحة النوحو، التي كانت صلة الوصل بيني وبين هذا الرجل الذي حمل هم الثقافة كما حمل همّ الدبلوماسية.


محمد بنعيسى لم يكن مجرد دبلوماسي بارع أو وزير خارجية مرموق، بل كان جسرًا حيًا بين المغرب والعالم، رجلًا عشق إفريقيا بعمق، وساهم في ترسيخ حضورها في المشهد الدولي. عمل بلا كلل لتعزيز الدبلوماسية المغربية، وصاغ بحنكته علاقات بلاده مع شركائها الاستراتيجيين، واضعًا بصمته في محافل السياسة العالمية.
لكن محمد بنعيسى لم يكن أسير السياسة وحدها، فقد كان مثقفًا شغوفًا، حمل على عاتقه مسؤولية النهوض بالمشهد الثقافي المغربي. أسس "موسم أصيلة الثقافي"، الذي غدا فضاءً عالميًا يلتقي فيه المفكرون والأدباء والفنانون، مجسدًا بذلك قناعته الراسخة بأن الثقافة هي الوجه الآخر للقوة الناعمة والدبلوماسية الفاعلة.
من أصيلة، مدينته التي أحبها وكرّس عمره لخدمتها، إلى أروقة الأمم المتحدة، ومن وزارة الثقافة إلى وزارة الخارجية، ظل محمد بنعيسى حاضرًا في المشهد المغربي والدولي، مكرسًا حياته لخدمة بلده وقارته التي لم تغب عن وجدانه.
وبرحيله، يفقد المغرب قامة استثنائية، جمعت بين حنكة الدبلوماسي ورؤية المثقف، بين دهاء السياسي ورهافة الأديب. لكنه سيبقى خالدًا في ذاكرة الوطن، رمزًا للالتزام والإبداع والتفاني.
وداعًا محمد بنعيسى... نم قرير العين، فقد تركت أثرًا لا يُمحى.
رثاء محمد بنعيسى
خَزيتُ، وما زالَ في القلبِ وَجْدُ
وفي العينِ دمعٌ بحزنٍ يُعَدُّ
رحَلتَ، ولم نلتقِ يا صَديقًا
دعاني مرارًا، ولكنْ تَبدَّدُ
تُنادينِي أصِيلةُ في اللَّيالِي
وفيها صدى الحلم ما زالَ يُرَدَّدُ
تُنادينِي الذكرى، وشوقُ اللِّقاء
يئنُّ كطفلٍ بليلٍ مُبَدَّدُ
رَحَلتَ، وأنتَ الذي كُنتَ بابًا
لعزِّ البِلادِ ومَجْدٍ يُخَلَّدُ
وزيرًا، سفيرًا، وروحَ الثقافةِ
تُنِيرُ الدروبَ، وتُحيي المُبدِّدُ
أقَمتَ لموسمِ أصِيلةَ مَجْدًا
وفيه التلاقي، وفيه المُسَدَّدُ
جمعتَ القلوبَ، وغذَّيتَ فكرًا
وكانَ الحوارُ صدى لا يُبَدَّدُ
وإن غابَ جِسمُكَ، فالروحُ بَاقٍ
وذكراكَ طيبٌ بنا يَتَجَدَّدُ
سلامٌ عليكَ وأنتَ الرحيلُ
ونجمُكَ في الأفق لا يَتَبَدَّدُ
زهير عثمان حمد

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: محمد بنعیسى

إقرأ أيضاً:

روضة الحاج: يا بلادي أنا بالبابِ وفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَ

كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج” :يا بلاديكل جرحٍ فيكِجرحيكل قرحٍ مس شبراً منكِيا أماه قرحيكل ثكلى نزفتْمن دمعِ قلبيواليتامى افترشوا روحيونامواوأنا سهرانةٌأتلو على الليلِ تراتيليوأستجديهاشراقةَ صُبحِوالدم القاني الذي خضَّبهذي الأرضِ يا أميدميفلمَ استحللتِ يا أماه ذبحي؟يا بلاديربما كنا قساةًفي هوانافامنحينا شرفَ العيشِبجنبيكِ قليلاًمثلماتمنحينا كل يومٍهبةَ الموتِ حزانىوعطاشىوبجنبينا من الأهلينَويحيألفُ رمحِ!يا بلاديأيُّ قبحٍشوَّه الخرطومَفاغبرَّ مُحيَّاها الموشَّى بالأغانيوالأماديحِ وبالأنوارِقولي أيُّ قبحِ؟يا بلاديكل وضاحٍ شفيف الروحوثابٍ مضىكل مجبولٍ على عشقكسمحِوالصبايا السمرغنين (البنيناتِ)وأدلجن حسيراتٍ ينادينعلى صبحك يا خرطوملو يأتي كماتشرق البشرىبفتحِيا بلاديأنا بالبابِوفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَوأشواقٌ وقلبٌظل يشدو باسمكِ الغاليويشدويا بلادي كل جرحٍ فيكِ جرحي!السمراء روضة الحاجرصد وتحرير – “النيلين” إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/12 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة ???? توضيح من شيخ الأمين: أنا أصدق بقال وأجد نفسي معه في حيرة من هذا الجو المليء بالدسائس والأكاذيب والزيف2025/12/12 مي عز الدين تستذكر والدتها الراحلة بكلمات مؤثرة على إنستجرام2025/12/12 ماذا حدث مع الفنان محمد صبحي في دار الأوبرا؟2025/12/11 أرملة المذيع الراحل محمد محمود حسكا تصل القاهرة لتلقي العزاء وتوجه رسالة لكل من يطلبه دين أو أمانة (تصلك لحدي عندك) وتكشف عن مكان العزاء بمصر2025/12/11 شاهد بالصور والفيديو.. عشرات السودانيين بالقاهرة يشيعون المذيع الراحل محمد محمود لمثواه الأخير2025/12/11 شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل وتستعرض بجسمها في وصلة رقص فاضحة داخل منزلها2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق رياضية شاهد بالفيديو.. لاعب المنتخب البحريني: (الجمهور السوداني فاكهة البطولة وأكثر من 20 ألف مشجع حرصوا على مساندة منتخبهم رغم مغادرته البطولة) 2025/12/11

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • أصيلة: حارسة عامة تقتل إبنتها ذات الأربع سنوات وتحاول الانتحار
  • محمد صابر عرب.. المؤرخ الذي حمل الثقافة كذاكرة وطن
  • سلوت يكسر الصمت حول “وداع” صلاح.. مدرب ليفربول يعلق على إمكانية رحيل النجم المصري بعد كأس إفريقيا
  • عام الرحيل الثقافي.. مصر تودّع قامات بارزة من الكتابة والنشر والنقد خلال 2025
  • محمد صلاح يقترب من وداع«»”.. تشكيلة ليفربول المتوقعة لمواجهة برايتون
  • الجزائر تجدّد التزامها بدعم قضايا الشباب الإفريقي
  • أربيل تحتفي بـ يوم الأفندي تكريماً لرواد التربية والثقافة (صور)
  • روضة الحاج: يا بلادي أنا بالبابِ وفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَ
  • محمد بن راشد ومنصور بن زايد يهنئان رئيس وزراء تايلاند بمرور 50 عاماً على العلاقات الدبلوماسية
  • رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي