نزار معروف للجزيرة نت: هذه أسباب مشاركة ألمانيا الكبيرة في قمة الويب بقطر
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها ألمانيا تسعى الشركات المتوسطة والصغيرة إلى استكشاف أسواق جديدة لتعزيز استدامتها ونموها.
ورأى مكتب الأعمال الألماني الفدرالي للشركات المتوسطة والصغيرة في قمة الويب بقطر فرصة لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستفادة من البيئة الاستثمارية المتطورة في المنطقة.
وفي هذا السياق، أجرينا حوارا مع نزار معروف المدير الإقليمي للمكتب الألماني الفدرالي للشركات المتوسطة والصغيرة لدول مجلس التعاون في قطر، للحديث عن الدوافع وراء مشاركة المكتب في قمة الويب، والفوائد التي يمكن أن تحققها الشركات الألمانية من هذا التوسع نحو الأسواق العربية.
ما العوامل التي دفعت الشركات الألمانية المتوسطة والصغيرة للتوجه نحو أسواق الشرق الأوسط والمشاركة في قمة الويب بقطر؟شهدت ألمانيا في السنوات الأخيرة تحديات متعددة أثرت على بيئة الأعمال، من أبرزها:
شح الطاقة وارتفاع تكاليفها: أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى اضطرابات في إمدادات الطاقة، مما أثر على الصناعات الألمانية التي كانت تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية.
وهذا الوضع دفع الشركات إلى البحث عن أسواق جديدة ومستقرة لتوسيع أعمالها.
إعلانشح الأسواق الخارجية التقليدية: مع تباطؤ النمو في بعض الأسواق الأوروبية والآسيوية بات من الضروري استكشاف أسواق ناشئة وواعدة لتعويض هذا النقص.
سياسات الحكومة الألمانية الجديدة: مع تشكيل حكومة جديدة في ألمانيا لا يزال هناك ترقب لكيفية تعاملها مع الملف الاقتصادي، خصوصا فيما يتعلق بتشجيع تنويع الشراكات الاقتصادية وتعزيز وجودها في أسواق جديدة مثل الشرق الأوسط.
الفرص المتاحة في قطر: بفضل مؤسسات مثل جهاز "استثمر في قطر" ومركز قطر المالي وهيئة قطر للمناطق الحرة أصبحت الدولة مركزا رئيسيا لجذب الشركات الأجنبية، مما يجعلها بيئة جاذبة لرواد الأعمال والشركات المتوسطة والصغيرة الألمانية.
وبناء على ذلك قررنا في المكتب الألماني للشركات الصغيرة والمتوسطة تعزيز وجودنا في قطر والمشاركة بفاعلية في قمة الويب لربط الشركات الألمانية بفرص جديدة في المنطقة.
هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الألماني تحولات ديمغرافية بارزة، وأصبح مديرو العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة من أصول مهاجرة، إذ ينتمي عدد كبير منهم إلى عائلات انتقلت إلى ألمانيا خلال العقد الماضي.
وهذا التنوع داخل المجتمع الاقتصادي الألماني يمنح الشركات فهما أعمق للأسواق العالمية والثقافات المختلفة، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
"الحرب على العقول".. لماذا تتجه ألمانيا إلى قطر؟هناك "حرب عالمية على العقول المبدعة"، إذ تتنافس الدول على جذب الكفاءات والموهوبين في مجالات الابتكار وريادة الأعمال.
واليوم، تشهد الأسواق العالمية تنافسا شرسا على استقطاب العقول المبتكرة ورواد الأعمال المتميزين، وهو ما يدفع الشركات الألمانية إلى البحث عن بيئات داعمة توفر فرصا حقيقية للنمو.
إعلانوفي هذا السياق، برزت قطر كوجهة جاذبة، ليس فقط للاستثمار، ولكن أيضا كمركز عالمي لريادة الأعمال بفضل ما توفره الدولة من دعم للشركات الناشئة والبنية التحتية المتطورة.
لماذا تُعد ألمانيا الشريك المناسب لقطر في هذا المجال؟ألمانيا لديها واحدة من أقوى البنى التحتية في العالم فيما يتعلق بالتكنولوجيا والتعليم، كما أن لديها نظاما تعليميا قويا يفرز رواد أعمال ومبتكرين على مستوى عالمي، ومدن مثل برلين وميونخ ودوسلدورف أصبحت مركز جذب للشركات الناشئة، خاصة في مجالات التكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي وهندسة البرمجيات.
وهذا التنوع في المهارات والابتكارات يجعل ألمانيا شريكا إستراتيجيا مثاليا لقطر، إذ يمكننا أن نوفر التكنولوجيا المتطورة والخبرات اللازمة لدفع بيئة ريادة الأعمال في المنطقة إلى الأمام.
ويعزز هذا التعاون الاستثمارات القطرية الكبيرة في ألمانيا، والتي تتجاوز 25 مليار يورو موزعة على قطاعات متنوعة تشمل صناعة السيارات والتكنولوجيا والمصارف والطاقة المتجددة والشحن والبنية التحتية.
وهذه الاستثمارات تعكس عمق ومتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مما يعزز فرص التعاون في مجالات الابتكار وريادة الأعمال.
لم يقتصر دور المكتب الألماني للشركات المتوسطة والصغيرة على تعزيز وجودها في قطر من خلال قمة الويب، بل لعب أيضا دورا محوريا في تسهيل عقد العديد من الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص القطريين والشركات الألمانية في مختلف المجالات والصناعات.
ومنذ أن بدأنا نشاطنا كمركز إقليمي في قطر قبل عامين استطاع المكتب أن يسهم في تطوير علاقات قوية بين الشركات الألمانية ونظرائها في قطر، سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص.
إعلانوقد عززت مشاركتنا الأخيرة في قمة الويب هذا الدور، إذ تم توقيع اتفاقيات تعاون عدة بين مؤسسات قطرية وشركات ألمانية، وهو ما يعكس أهمية وجودنا في المنطقة وحضورنا كجهة فاعلة في دعم هذه الشراكات.
وقد نجحنا في جلب أكثر من 100 شخصية ألمانية للمشاركة في قمة الويب بقطر، مما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الشركات الألمانية بالفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة.
ولا يقتصر التعاون بين الجانبين فقط على مجال التكنولوجيا، بل يمتد أيضا إلى قطاعات أخرى، مثل الصناعة والتعليم والبحث والتطوير، مما يفتح آفاقا واسعة للتعاون المستقبلي.
وتشكل مبادرة مكتب الأعمال الألماني خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا والشرق الأوسط، في وقت تسعى فيه الدول إلى تعزيز الابتكار والاستفادة من الفرص الناشئة.
ويبقى السؤال مفتوحا بشأن مدى تأثير هذه الشراكات على مستقبل ريادة الأعمال في المنطقة، وما الذي يمكن أن تقدمه الشركات الألمانية لدعم التحولات الرقمية والصناعية في أسواق الخليج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الشرکات الألمانیة المکتب الألمانی فی المنطقة فی مجالات فی قطر
إقرأ أيضاً:
خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
بيروت ـ في لحظة إقليمية حرجة، شنت إسرائيل هجوما جويا واسع النطاق، على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، أطلقت عليه اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة ما وصفتها بـ"عشرات المواقع النووية والعسكرية"، من أبرزها منشأة نطنز، ومقرات تابعة للجيش والحرس الثوري.
ومع إعلان طهران، أنها سترد بقوة على الهجوم الإسرائيلي تتجه الأنظار إلى "محور المقاومة"، لا سيما إلى حزب الله اللبناني، الحليف الإستراتيجي لطهران، وسط تساؤلات متزايدة: هل سيكون الحزب جزءا من الرد الإيراني، أم سيكتفي بالمراقبة في ظل توازنات داخلية وإقليمية معقدة؟
ويرى محللون تحدثوا للجزيرة نت، أن الوضع الحالي، رغم تصعيده اللافت، لا يستدعي تدخلا عسكريا مباشرا من حزب الله، مشيرين إلى أن طبيعة الصراع لا تزال ديناميكية ولم تبلغ حد التهديد الوجودي للنظام الإيراني.
وبحسب هؤلاء، فإن إيران، رغم المساس بسيادتها، تسعى -انطلاقا من منطق الدولة- إلى تولي الرد بنفسها لإثبات قدرتها على الردع، والحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية. فـ"أي رد يصدر من خارج مؤسسات الدولة، أو ينفذ من حلفائها، قد ينظر إليه كعلامة ضعف، ويفقد قيمته الاعتبارية"، بحسب ما أكد أكثر من خبير.
الكاتب والمحلل السياسي علي حيدر اعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن قراءة المشهد الإقليمي تتطلب فهما لطبيعته المتغيرة، فهو ليس مسارا خطيا بل تطور دائم التأثر بمتغيرات داخلية وخارجية.
ويرى حيدر، أن التدخل العسكري من حزب الله "غير مطروح في الوقت الحالي"، مضيفا أن "المعطيات لا تفرض على الحزب أن يزج بنفسه في مواجهة مباشرة، خاصة أن الهجوم، رغم خطورته، لا يشكل تهديدا وجوديا فوريا لإيران".
إعلانوعن موقف طهران، أوضح حيدر أن إيران نفسها، رغم تعرض أراضيها لهجوم مباشر، لا تحتاج إلى دعم حلفائها في هذه المرحلة، قائلا "الرد الإيراني المباشر هو الخيار الطبيعي والمنطقي، كونه يعكس قدرة الدولة على حماية سيادتها، كما يؤكد مركزية القرار الإيراني".
واستشهد حيدر بمواقف سابقة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، الذي كان يشدد دوما على أن إيران سترد بنفسها في حال تعرضت لعدوان مباشر، معتبرا أن "الاستعانة بالحلفاء في هذه الحالة قد تفسر على أنها نقطة ضعف".
وخلص حيدر إلى أن "مرحلة تهديد النظام الإيراني، إن حصلت، ستشكل مستوى مختلفا من التصعيد، وقد تفتح الجبهات على مصراعيها، بما فيها الجبهة اللبنانية. أما حتى اللحظة، فلا مؤشرات على نية إسرائيل استهداف حزب الله مباشرة، وعليه لا تبدو هناك ضرورة لتغيير تموضع الحزب الحالي".
عاجل | رويترز عن مسؤول في #حزب_الله: الحزب لن يبادر بمهاجمة إسرائيل ردا على غاراتها على #إيران pic.twitter.com/82zvNxKTVR
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 13, 2025
الرد الحتميمن جهته، رأى المحلل السياسي توفيق شومان، أن الهجوم الإسرائيلي يعد "اعتداء سافرا على دولة ذات سيادة لها حضور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي"، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت، أن "الرد الإيراني الحتمي يجب أن يصدر من الدولة نفسها، لا من وكلائها أو حلفائها".
ويؤكد شومان أن "القيمة المعنوية والسياسية لأي رد، لا تتحقق إلا إذا جاء من مؤسسات الدولة الإيرانية، بما يُظهر قدرتها الذاتية على الردع"، موضحا أن الرد من حلفاء، مثل حزب الله قد يُضعف الرسالة السياسية التي تسعى طهران إلى توجيهها، خاصة للمجتمع الدولي.
ويضيف "منطق الدولة يحتم أن تكون الجهة المعتدى عليها هي المسؤولة عن الرد، وهذا ما ينطبق على إيران الآن. فالمسألة لم تعد تتعلق بتقديرات ميدانية أو تكتيكية، بل بهيبة الدولة ومكانتها الإستراتيجية".
إعلانوفي تقديره، فإن إيران ستسعى إلى تنفيذ رد محسوب، يردع إسرائيل دون أن يؤدي إلى انفجار إقليمي شامل، في الوقت ذاته لن تُفرط في صمت قد يُفسّر على أنه تراجع.
بيان حزب اللهبين الرد المباشر والمراقبة المحسوبة، يجد حزب الله نفسه في موقع حساس. فمن جهة، يشكل جزءا من "محور المقاومة"، ومن جهة أخرى، يرزح لبنان تحت أعباء اقتصادية وأمنية قد لا تحتمل مزيدا من التصعيد.
وفي بيان له، وصف حزب الله الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه يشكل تصعيدا خطيرا في "مسار التفلت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ورعاية أميركيتين كاملتين"، مؤكدا أن إسرائيل لا تلتزم بأي منطق أو قوانين، ولا تعرف إلا لغة القتل والنار والدمار.
ودعا بيان الحزب شعوب المنطقة ودولها إلى أن "تعي أن هذا العدوان إذا لم يواجه بالرفض والإدانة والوقوف إلى جانب إيران وشعبها، سيزداد هذا الكيان المجرم عدوانية وجبروتا وسيعزز مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة والإضرار بمصالح شعوبها وسلب ثرواتها".
وأشار الحزب إلى أن مثل هذه الاعتداءات لن تضعف إيران، بل ستزيدها قوة وصلابة في مواجهة الأخطار، وإصرارا على الدفاع عن سيادتها وأمنها.