موقع 24:
2025-06-20@04:55:58 GMT

أين ستتجه أوروبا المأزومة

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

أين ستتجه أوروبا المأزومة

سؤال صار يطرح بقوة اليوم ويتعلق بمستقبل الحلف الغربي، وتحديداً بالتحالف الاستراتيجي الأمريكي الأوروبي، الذي من أهم أركانه منظمة حلف شمال الأطلسي،الناتو) ومستقبل هذا التحالف بعد الأزمة المتعددة الأوجه التي انفجرت مؤخراً. صاعق التفجير بالطبع تمثل بمستقبل الحرب في أوكرانيا. ما حدث من صدام في القمة الأمريكية الأوكرانية في واشنطن واللغة والتحذيرات التي اتسم بها خطاب ترامب ونائبه مع زيلينسكي، لغة بعيدة كل البعد عن اللغة الدبلوماسية، شكلت صاعق التفجير الذي أشرنا إليه والذي كان منتظراً مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض.


وتبع ذلك القمة الأوروبية التي استضافتها لندن على عجل لتعبئة الموقف الأوروبي دعماً لأوكرانيا في وجه سياسة الصدمات التي يمارسها بشكل متزايد "الأخ الأكبر" الأمريكي تجاه ما يفترض أن يكون استراتيجية غربية مشتركة في مواجهة الخطر الروسي. يمثل ذلك أحد أوجه الصدام المتزايد في البيت الغربي الذي بدأه الرئيس ترامب في الاقتصاد والتجارة والسياسة، والأولويات في المصالح والعلاقات والمقاربات المتصادمة تجاه ما يفترض أن تكون مصالح حيوية أو قضايا استراتيجية مشتركة في البيت الغربي. البيت الذي صارت التشققات في جدرانه تهدد بسقوطه. من الأمور المثيرة للاهتمام أن بريطانيا كانت قد تركت الاتحاد الأوروبي لأسباب اقتصادية وسياسية وتجارية بشكل خاص. ساهم بذلك سبب أساسي وهو انتماؤها الأولي إلى "البيت الأطلسي" على حساب انتمائها الأوروبي، بسبب العلاقة الخاصة ذات الطابع المتعدد الأبعاد مع واشنطن.
بريطانيا هذه لم تحتمل صدمة ترامب في المسألة الأوكرانية فوجدت نفسها بعيدة عن واشنطن وملتصقة بـ"الأسرة الأوروبية" في مواجهة ما تعتبره أحد التحديات الأمنية، بالمفهوم الشامل للأمن، لأمنها المباشر وأمن محيطها الغربي، والمتمثل بالحرب الروسية ضد أوكرانيا. أحد أوجه رد الفعل الأوروبي أيضاً أو الاستنفار الأوروبي، بعد توجه واشنطن لعقد صفقة ثنائية مع موسكو لتسوية الأزمة الأوكرانية، دون أن يعني ذلك بالطبع الوصول إلى نتيجة في وقت قريب، العودة إلى نفض الغبار عن السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي.
السياسة التي تشكل أحد أهم أركان عملية البناء الأوروبي، والتي تم تهميشها وسقطت من جدول الأولويات الأوروبية الفعلية. وفي هذا السياق دعت رئيسة المفوضية الأوروبية من بروكسل إلى زيادة الإنفاق العسكري الأوروبي إلى حدود 800 مليار يورو سنوياً مع ما يحمله ذلك من ضغوطات على عدد من الاقتصادات المنهكة في أوروبا. في السياق نفسه بدأت أصوات أوروبية وخاصة من طرف فرنسا تتحدث عن ضرورة البحث في إقامة «مظلة نووية أوروبية»، وهو ما يعكس بشكل واضح تراجع أو اهتزاز الثقة بالدور الأمريكي في هذا الخصوص وفي إطار حلف الناتو. ما يزيد من مرارة الأوروبيين أن واشنطن تتعامل معهم وكأن مستقبل أوكرانيا لا يعني الأمن الأوروبي، حتى يشارك الأوروبيون إلى جانب واشنطن في مسار دبلوماسية التسوية وشروط تحقيقها.
والمثير للاهتمام أن اليمين الأوروبي المتشدد، الذي يزداد قوة وانتشاراً في أوروبا بسبب الأزمات متعددة الأوجه والدرجات بين بلد وآخر، التي يتغذى عليها هذا اليمين من خلال خطابه التبسيطي والاختزالي والشعبوي، يبدي تفهماً أو تأييداً أو تعاطفاً بدرجات مختلفة مع سياسة ترامب بسبب التقارب معه في الرؤية للمشاكل القائمة وفي الحلول المطلوبة لمعالجتها.
فإذا كانت أوكرانيا تشكل الأولوية الاستراتيجية للأمن الأوروبي في مواجهة روسيا العائدة بقوة لتعزيز نفوذها في القارة القديمة، حيث أن تسوية هذه الأزمة ستحكم دون شك ميزان القوى في تلك القارة، فإن تراجع الاهتمام الأمريكي مع ترامب في المسرح الاستراتيجي الأوروبي لمصلحة إعطاء الأولوية للخطر الذي تشكله الصين الشعبية في "مسرح المحيطين" وفي العالم، يشكل أهم أوجه الخلاف في البيت الاستراتيجي الغربي بين واشنطن من جهة، وحلفائها الأوروبيين من جهة أخرى. ويرى أكثر من مراقب أن هذه الأزمة قد تشكل حافزاً أساسياً وضاغطاً لإعادة إحياء «الاستقلالية الاستراتيجية» الأوروبية، التي كانت تشكل دائماً أحد أهم أهداف عملية البناء الأوروبي.
قد تذهب أوروبا في هذا الاتجاه، الذي دونه الكثير من العوائق، إذا ما توفر توافق الحد الأدنى العملي المطلوب في البيت الأوروبي، الذي بقدر ما توسع بقدر ما ازدادت تحدياته الداخلية في مجالات مختلفة، وكذلك تكاليف مواجهة هذه التحديات. أوروبا اليوم على مفترق طرق، والمستقبل غير البعيد سيدل على الطريق الذي ستسلكه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية ترامب فی البیت

إقرأ أيضاً:

موقع إيطالي: الإعلام الغربي يتجاهل فشل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية

سلّط موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي الضوء على تجاهل الإعلام الغربي هشاشة منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية وفشلها غير المسبوق في صد الهجمات الصاروخية الإيرانية خلال الأيام الماضية.

وقال الكاتب جوزيبي غاليانو في التقرير إن الأمر اللافت في الحرب الجديدة التي اندلعت في الشرق الأوسط ليس الهجوم الإسرائيلي على إيران، بل عجز إسرائيل عن الدفاع عن نفسها أمام الضربات الإيرانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب بريطاني إسرائيلي: الهدف الخفي لهجوم إسرائيل على إيرانlist 2 of 2كاتبة بريطانية: إسرائيل دمرت سمعتها بغزة وتحاول ترميمها عبر حرب إيرانend of list

واعتبر الكاتب أن العالم يشهد تحولا تاريخيا، إذ تبدو دولة إسرائيل للمرة الأولى منذ نشأتها عرضة للخطر في عقر دارها، بينما تستمر رسائل الطمأنة في وسائل الإعلام الغربية وتلميع القدرات الدفاعية الإسرائيلية.

ويُعد هذا التطور من أبرز الأحداث على المستوى الجيوسياسي في الفترة الأخيرة، ومع ذلك لا يحظى بالتغطية الكافية، إذ لا يشير الإعلام الغربي إلى أن الصواريخ الإيرانية الدقيقة تجاوزت بسهولة نسبية الدفاعات الإسرائيلية وسببت أضرارا مادية جسيمة، وخلفت قتلى وجرحى، وأدت إستراتيجيا إلى انهيار مصداقية "التحصن" الإسرائيلية.

أسطورة القبة الحديدية

أوضح الكاتب أن القبة الحديدية هي نظام طوّرته شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة بالتعاون مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وموّلته بشكل كبير الولايات المتحدة.

وتتمثل مهمته المعلنة في اعتراض الصواريخ القصيرة المدى وقذائف المدفعية ضمن نطاق يبلغ نحو 70 كيلومترا.

ومنذ دخوله الخدمة عام 2011، تم تقديم نظام القبة الحديدية كإنجاز تكنولوجي عسكري إسرائيلي، قادر على تحييد الصواريخ التي تُطلق من غزة.

ويلفت الكاتب إلى أن وسائل الإعلام الغربية تتجاهل معطى جوهريا، وهو أن القبة الحديدية فعالة ضد التهديدات البسيطة نسبيا، مثل صواريخ القسام أو غراد، التي تفتقر إلى أنظمة التوجيه وتسير في مسارات يمكن التنبؤ بها.

أما في مواجهة الصواريخ الباليستية، أو صواريخ كروز القابلة للمناورة، أو الصواريخ الفرط صوتية، فالقبة الحديدية لم تُصمم للتعامل معها، وفقا للكاتب.

إعلان

المنظومة الدفاعية الإسرائيلية

ذكر الكاتب أن إسرائيل قامت تدريجيا ببناء نظام دفاعي متعدّد الطبقات لمواجهة التهديدات الأكثر تعقيدا، يضم:

مقلاع داود: مصمم لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى (بين 70 و300 كيلومتر) والصواريخ الجوالة المتقدمة، لكن هذا النظام بدوره أظهر حدودا في قدرته على التمييز بين التهديدات المتزامنة.

آرو 2 وآرو 3: تم تصميم النظامين لاعتراض الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، لا سيما تلك التي تطلق من اليمن أو إيران.

وحظي نظام آرو 3 بإشادة واسعة، لكن قدراته الحقيقية في خضم حرب معقدة بقيت غير معروفة.

وعانت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية بشكل واضح في التصدي للهجوم الإيراني الأخير الذي شاركت فيه طائرات مسيّرة انتحارية من طراز "شاهد"، وصواريخ باليستية، وصواريخ جوّالة.

وتم اعتراض بعض الصواريخ بفضل الدعم الحاسم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لكن صواريخ أخرى أصابت أهدافًا مدنية وبُنى تحتية حساسة.

تكرار تغذية الوهم

هذا العجز، وفقا للكاتب، كان ينبغي أن يثير نقاشات جدية حول فاعلية منظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية وقدرة إسرائيل على الاعتماد على نفسها، لكن وسائل الإعلام الغربية ما زالت تروّج لصورة الحصن التكنولوجي المنيع، وتتجاهل الثغرات البنيوية في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

وقال غاليانو إن هذه الرواية ذاتها كانت قد غذّت وهم التفوق الأوكراني في مواجهة روسيا، وهي الآن تتكرر مجددا، وتسعى إلى التأكيد أن الغرب لا يُخطئ أبدا، ومن يقول العكس فهو انهزامي أو عدو.

ويتابع قائلا إن ما يثير القلق ليس الإخفاق الجزئي لمنظومة القبة الحديدية فحسب، بل حقيقة أن إسرائيل لم تتمكن من التصدي بالشكل المطلوب لهجوم صاروخي منسّق رغم كل الدعم العسكري والتكنولوجي الأميركي.

ويتساءل الكاتب: إذا كان هذا حال تل أبيب -إحدى أكثر الدول تطورا عسكريا في العالم- فماذا سيكون مصير روما أو ميلانو أو نابولي إن تعرضت لهجوم من قوة كبرى مثل روسيا؟

وختم بأن المشكلة الحقيقية ليست فاعلية القبة الحديدية، بل عجز الإعلام الغربي عن نقل الواقع من دون فلاتر أيديولوجية، وذلك ما يُبقي المواطن الغربي أسير سردية تتجاهل الحقائق وتُخفي الفشل وتصوّر عالما بالأبيض والأسود، وقد يكون الثمن أمن أوروبا ذاتها.

مقالات مشابهة

  • هل أوروبا مستعدة للدفاع عن نفسها دون أمريكا؟ المفوض الأوروبي يجيب
  • البيت الأبيض: ترامب يعلن استعداد واشنطن للدفاع وسط أزمة إيران
  • وزير الحكم المحلي يلتقي عمداء بلديات الساحل الغربي
  • الأرصاد: طقس مستقر نسبيًا في البلاد باستثناء الشمال الغربي الذي يشهد اضطرابات
  • استعادة الريادة التكنولوجية الأوروبية
  • ماذا لو دخلت أميركا الحرب مباشرة؟ وما الأهداف التي لا تتنازل عنها؟
  • المفوضية الأوروبية تؤكد أن أوروبا لن تعود أبدًا إلى الغاز الروسي
  • موقع إيطالي: الإعلام الغربي يتجاهل فشل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية
  • القرآن الأوروبي: ما حقيقة هذا المشروع الذي يهاجمه اليمين المتطرف؟
  • البيت الأبيض والبنتاجون ينفيان مشاركة الطائرات الأمريكية في ضرب إيران.. تقارير القناة الإسرائيلية "كاذبة"