لجريدة عمان:
2025-05-09@04:01:26 GMT

«لحظات كوداك» والاستباقية في الابتكار

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

في عام (2012م)، تقدمت شركة (كوداك) رسميا بطلب الحماية من الإفلاس، وتُعدُّ هذه الخطوة بمثابة الفصل الأخير من سلسلة تراجع هيمنة هذه الشركة على صناعة التصوير الفوتوغرافي لأكثر من قرن من الزمن، وهذا ما جعل من قصتها مادة ثرية للبحث والقراءة الاستراتيجية العميقة، وكأنها قصة تحذيرية لشركات التكنولوجيا، والسؤال: ما الدروس المستفادة من الأخطاء المصيرية التي أزاحت ابتكارات كوداك عن المشهد التنافسي في صناعة التصوير الفوتوغرافي؟

في البدء لا بد من الإشارة إلى أنه ومع توالي الثورات العلمية والتكنولوجية، لم يعد الابتكار خيارًا، بل ضرورة حتمية للبقاء في محيط الأعمال، والابتكارات التي تفشل في تبني التقنيات الجديدة، ومواكبة متطلبات التغيير، وإعادة ابتكار نفسها باستمرار تكون الأكثر عرضةً للزوال، حيث أن الوتيرة المتسارعة للتطورات التقنية تفرض على المبتكرين وشركات الابتكار ضرورة مراقبة المشهد التنافسي، والوقوف على التقنيات والاتجاهات الناشئة التي قد تُحدث تغييرًا جذريًا في الصناعة، ثم تحليل أدوات ومسارات التكييف معها بشكل مستدام، وذلك مع الانفتاح على التغيير، وهي جميعها مهارات حاسمة تتطلب الحس الاستراتيجي والتكتيكي معا.

فإذا قرأنا تاريخ شركة (كوداك)، سنجد بأن فكرة الابتكار قد ظهرت في عام (1888م) عندما أحدث رائد الأعمال (جورج إيستمان) ثورة في صناعة التصوير الفوتوغرافي، وكان ذلك مع طرح أول كاميرا فيلمية ناجحة تجاريًا، والذي أسماه (كوداك براوني). كان الدافع الحقيقي وراء هذا الابتكار التحويلي آنذاك هو شغف المؤسسين بوجوب تعميم التصوير الفوتوغرافي، وإتاحته لأكبر شريحة ممكنة من المستهلكين، وكان الداعم الأساسي الذي دفع هذا الابتكار الرائد إلى الصعود؛ هو تفوق (إيستمان) في وضع استراتيجيات تسويقية ثاقبة، ومن بينها حملة «لحظات كوداك» الشهيرة، التي استثمرت في الرابط العاطفي الذي يجمع الناس بذكرياتهم عبر التصوير الفوتوغرافي، ولاقت صدىً عميقًا لدى المستهلكين، ما ساهم في تعزيز انتشار الابتكار، وصعود الشركة إلى الصدارة في صناعة التصوير الفوتوغرافي.

واصلت الشركة نجاحاتها في منتصف سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولكن أدت ابتكارات التصوير الرقمي في أواخر التسعينيات إلى نشوء حقبة تحولية في هذه الصناعة، حيث بدأت وحدات البحث والتطوير في الاستثمار في مختلف الأفكار الابتكارية ذات الصلة بالتصوير الرقمي، وظهرت الكثير من المقالات العلمية التي تستشرف مستقبل التصوير، ما شكّل فرصةً سانحة لدخول العديد من المنافسين إلى عالم الصناعة التي كانت لعقود طويلة تحت هيمنة (كوداك). ومع كل هذا الحراك، تباطأت شركة (كوداك) في إدراك إمكانات التقنية الناشئة، بل تمسكت بمنتجاتها التقليدية القائمة على التصوير بالأفلام، وأحجمت عن الاستثمار في الابتكار الرقمي، وعوَّلت على إسهامها التاريخي في ابتكار التصوير الفوتوغرافي الحديث، وتوثيق الأحداث والمناسبات والذكريات، وكان ذلك هو الخطأ الاستراتيجي الأول الذي كلفها موقعها في صدارة الصناعة.

أما الخطأ الثاني - الذي قد يقع فيه أي مبتكر أو شركة ابتكارية - فهو البحث عن مسارات بديلة وسريعة، حيث قررت شركة (كوداك) بأن الحل الأسرع لتآكل حصتها السوقية سيكون عن طريق تنويع أعمالها لتشمل قطاعات إنتاجية أخرى، مثل صناعة الكيماويات، وتقديم خدمات الرعاية الصحية، ولكن في الواقع، لم يكن هذا القرار صائبا استراتيجيا، بل كان تشتيتا مكلفا من الناحية التمويلية، وكذلك على مستوى السمعة الخارجية للشركة، إذ حوّل هذا القرار الموارد الأساسية من التركيز على خط الإنتاج، وعملياته الأساسية إلى خطوط أخرى جديدة، ومزدحمة بالمنافسين الذي لا يحتاجون في الأصل للميزة التنافسية، كما هو الحال في صناعة التصوير الفوتوغرافي.

ويأتي ملف إدارة الملكية الفكرية الذي فشلت فيه إدارة شركة (كوداك)، حيث لم تتمكن الشركة من إدارة محفظة ملكيتها الفكرية بفعالية، ففي الوقت الذي كانت فيه بحاجة إلى اتخاذ قرارات حاسمة بشأن ترخيص تقنياتها الحاصلة على براءات اختراع؛ لم تتخذ الشركة قرارات واضحة، وكانت هذه الجزئية مهمة ومصيرية، ولو أنها قد وفقت في هذا الشأن لكان بالإمكان تدارك قيمتها السوقية ولو بشكل جزئي، ولكن التردد الطويل في حسم ترخيص براءات الاختراع أعاق قدرتها على التكيف مع مشهد السوق المتغير، وأدى في نهاية المطاف إلى اكتساب المنافسين ميزة تنافسية مكنتهم من الاستحواذ على نصيبها الصناعي، وكان ذلك هو الخطأ الاستراتيجي الثالث والحاسم.

وعلى الرغم من تراجعها، إلا أن إرث شركة (كوداك) لا يخلو من الدروس والمزايا. فإذا نظرنا إلى ابتكارها الأول، سنجد بأن الشركة التي كانت رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي لم يقتصر أثرها على تخليد الذكريات أو اللحظات، ولكنها شكلت بطريقة ابتكارية تجارب المستهلكين في التقاط اللحظات التي تخلد ذكرياتها، ومع غياب شركة (كوداك) عن المشهد التنافسي الراهن؛ إلا أن مساهماتها في مجال التصوير الفوتوغرافي لا تزال بالغة الأهمية، وهي محل دراسة الباحثين والمهتمين. والدرس الأكبر من صعود وانهيار ابتكارات (كوداك) هو أن البقاء داخل النجاح الأول هو أكثر خطرا على الابتكار من المنافسين الخارجيين، وأن الوصول إلى مرحلة الرضا بالذات هو أولى خطوات التراجع، ويستوجب على المبتكرين وشركات الابتكار الناشئة الإدراك الواعي بهذه المخاطر الساكنة، فتراجع شركة (كوداك) لم يكن بسبب فشلها في مواكبة الثورة الرقمية وحسب، ولكن في سلسلة الأخطاء الاستراتيجية التي رافقت عملية اتخاذ القرارات في المرحلة التي بدأت فيها الشركة باستشعار صعود المنافسين.

وبذلك فإن متطلبات البقاء في عالم الأعمال تتجاوز مسألة النجاح الأول في الابتكار والوصول للقيمة السوقية، ما يستوجب على المبتكرين وشركات الابتكار الناشئة تطوير مهارات عديدة أخرى، وفي مقدمتها مهارات صناعة واتخاذ القرار، وكذلك مهارات الاستجابة الذكية للمتغيرات، فالطبيعة الديناميكية للابتكارات العلمية لا تدع مجالا للتردد والتريث أو انتظار الأحداث، بل يجب الوصول إلى درجة عالية من الاستعداد لتكييف الاستراتيجيات، والعمليات للاستجابة للعوامل الخارجية المتغيرة، وهذا بدوره يتطلب ثقافة الاستعداد لتجربة أفكار جديدة، والتعامل مع التغيير بمنظور إيجابي وتطويري، وتعزيز ثقافة الاقتناع بأهمية الحفاظ على الاستباقية في السعي نحو الابتكار.

د. جميلة الهنائية باحثة فـي سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قمة التحول في التجارة والخزانة بالدوحة تناقش الابتكار الرقمي

الدوحة – ناقش خبراء محليون ودوليون في العاصمة القطرية الدوحة أمس الثلاثاء، أحدث الاتجاهات والرؤى في قطاع التجارة والخزانة، إلى جانب التحول الرقمي في مجال المعاملات المصرفية، ودور هذا التحول في تقديم حلول مبتكرة وذكية في مجالي النقد والدفع، ضمن أعمال قمة قطر للتحول في التجارة والخزانة 2025، التي تهدف إلى تعزيز الابتكار والتطور الرقمي في دولة قطر.

وأكد المشاركون في القمة، أن دمج التحول الرقمي مع ريادة الأعمال والأنظمة المالية والمصرفية من شأنه، أن يُسهم في بناء قاعدة قوية للاستثمارات الجريئة وتوسيع آفاق الشراكات العالمية، مشددين في الوقت نفسه على أهمية التعاون الإقليمي في تعزيز القدرة التنافسية لقطر على المستوى التجاري.

وقد افتتح فعاليات القمة، التي تُعقد للمرة الأولى في قطر، الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، رئيس غرفة قطر ورئيس غرفة التجارة الدولية–قطر، بحضور نخبة من كبار رجال الأعمال، وعدد من الخبراء والمتحدثين البارزين من مختلف أنحاء العالم.

وفي كلمته الافتتاحية، أشار الشيخ خليفة إلى أن انعقاد القمة يعكس التزام دولة قطر بالاستثمار في اقتصاد المعرفة، ويضعها في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال، بإستراتيجية تقوم على الابتكار والكفاءة والمرونة.

الشيخ خليفة آل ثاني: القمة منصة للحوار المفتوح والنقاشات الصريحة في مستقبل التجارة والتمويل (الجزيرة)

وأكد أن القمة تمثل منصة للحوار المفتوح والنقاش الصريح في مستقبل التجارة والتمويل، حيث تتجاوز الجوانب النظرية لتتناول الجوانب التنفيذية، بما يحقق فائدة ملموسة للمؤسسات والمجتمعات، ويُعزز من قناعة أن القطاع الخاص هو الأقدر على وضع معايير عالمية للأعمال تسهم في تطوير القطاعين المالي والتجاري.

إعلان

وعلى مدار يوم كامل، تناولت القمة في جلسات نقاشية محاور رئيسية عدة، منها:

مستقبل التمويل التجاري التمويل الإسلامي الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الخزانة المستدامة المدفوعات عبر الحدود البنية التحتية التكنولوجية

من جهته، أكد محمد العبيدلي، عضو مجلس إدارة غرفة قطر، أن دمج التحول الرقمي مع ريادة الأعمال والأنظمة المصرفية والمالية يمثل ركيزة مهمة لبناء قاعدة استثمارية قوية، وشراكات عالمية واعدة. ولفت إلى أن التعاون الإقليمي يلعب دورًا مهمًا في تعزيز قدرة قطر التجارية التنافسية.

وأضاف أن دولة قطر استطاعت ترسيخ مكانتها كمركز تجاري عالمي مؤثر، وزادت من فعاليتها الاقتصادية بوصفها شريكا رئيسيا في التجارة والاستثمار الدوليين، بعدد من الآليات، أبرزها:

الإصلاحات التشريعية والتنظيمية. تبني سياسات تنويع مصادر الطاقة. تعزيز الاستدامة. تطوير البنى التحتية واللوجستية.

وأشار العبيدلي إلى التقدم الملحوظ الذي أحرزته الدولة في مجالات البنية التحتية التكنولوجية، وتطوير قطاع الاتصالات، واستخدام تقنيات الإنترنت للأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI)، واعتماد تقنية البلوكتشين في المعاملات التجارية اللامركزية الآمنة وإدارة سلاسل الإمداد، إلى جانب التركيز على الريادة والابتكار وإستراتيجيات البحث والتطوير، بما يتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030.

قمة قطر للتحول في التجارة والخزانة 2025 تناقش كيفية بناء أساس قوي للاستثمارات الجريئة والشراكات العالمية (الجزيرة) التشريعات والقوانين

بدوره، تحدث مبارك السليطي، رئيس مجلس إدارة شركة السليطي للمحاماة والاستشارات القانونية، عن البيئة القانونية والتشريعية للأعمال في قطر، مؤكدًا أن القوانين والتشريعات تمثل جزءًا أساسيًا من منظومة التجارة والأعمال، وتسهم مباشرة في تحفيز النشاط الاقتصادي.

التجارة الفيزيائية وحركة الأموال

وفي تصريح خاص لموقع الجزيرة نت، قال فهد عبد الرحمن بادار، المدير العام التنفيذي ورئيس قطاع الخدمات المصرفية الشاملة والدولية بالبنك التجاري في قطر، إن العالم اليوم يشهد تسارعًا غير مسبوق في حركة التجارة وتطور الاقتصاد الرقمي، مما يجعل العلاقة بين التجارة الفيزيائية وحركة الأموال أكثر ترابطًا وتأثيرًا من أي وقت مضى.

إعلان

وأوضح أن نجاح أي بيئة تجارية معاصرة يتطلب وجود منظومة مالية مرنة وسريعة الاستجابة لمتطلبات السوق العالمية، مشددًا على أن تسهيل التدفقات المالية، وتوفير أدوات تمويل التجارة، وتقديم الخدمات المصرفية المتقدمة لم يعد مجرد عنصر داعم، بل أصبح مكونًا جوهريًا في العملية التجارية.

وأشار بادار إلى أن هذا التحول يفرض ضرورة تطوير التشريعات الاقتصادية في تسارع يتماشى مع وتيرة التغيرات في الأسواق، معتبراً أن هناك حاجة ملحّة لآليات مرنة وفعالة تتيح مراجعة القوانين وتحديثها بما يلائم متطلبات التجارة الحديثة، مع أهمية إشراك القطاع الخاص كشريك أساسي في صياغة هذه التوجهات لضمان تطبيقها عمليا وواقعيا.

رقمنة الإجراءات

وأضاف أن تعزيز بيئة الأعمال في قطر يستوجب رقمنة شاملة للإجراءات التجارية والمالية، لما لذلك من دور في تقليص المدد الزمنية، وخفض التكاليف، وزيادة الشفافية، وهي عناصر جوهرية لتعزيز التنافسية الاقتصادية الوطنية.

ونوّه إلى أن قطر قطعت شوطًا متقدمًا في هذا المجال، ما يجعلها في مصاف الدول المتقدمة التي تركز على التحول الرقمي والتكنولوجي، وتضع الأطر التشريعية المناسبة لذلك.

وأوضح أن حجم الاقتصاد القطري وإدارته المركزية يتيحان سهولة التفاعل بين الجهات الحكومية وبين القطاعين العام والخاص، وهو ما انعكس في تسهيل تنفيذ الخدمات الرقمية، مشيرًا إلى أن التحدي المقبل يكمن في تسريع وتيرة التغيير، وتهيئة بيئة متكاملة تواكب النمو وتحوّل حركة الأموال إلى قوة دافعة للاقتصاد، وليس عائقًا له.

محمد العبيدلي: قطر استطاعت تعزيز مكانتها كمركز تجاري عالمي رئيسي (الجزيرة) قطاع التكنولوجيا الذكية

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا فادي أبو داوود، إن قطر تُعد من القوى الكبرى في قطاع الطاقة، لا سيما في مجالي النفط والغاز، لكنها باتت تركّز اليوم على زيادة أكثر في تعزيز قطاع التكنولوجيا المالية (FinTech) والمدفوعات الذكية، والتي تشكّل ركيزة أساسية من ركائز التحول الرقمي عالميًا.

إعلان

وأشار إلى أن هذا المجال أصبح عنصرًا محوريًا في البنية الاقتصادية الحديثة، ويمنح قطر فرصة إستراتيجية لترسيخ مكانتها كمركز مالي وتكنولوجي متقدم في المنطقة. وأوضح أن حلول الدفع الذكي تساهم في تسريع المعاملات المالية، وتقليل الاعتماد على النقد، وتعزيز الشفافية والأمان، ما يحسن تجربة المستهلك، ويدعم قطاع الأعمال، ويُشجّع دخول شركات التكنولوجيا المالية العالمية إلى السوق القطرية، مستفيدة من البنية الرقمية المتقدمة والإطار التنظيمي الداعم للابتكار.

كما أشار إلى أن الجامعات في قطر بدأت تولي اهتمامًا متزايدًا بتعليم التكنولوجيا المالية، نظرًا إلى كون هذا القطاع يُمثل مستقبل الاقتصاد الرقمي، لافتًا إلى أن التطورات التكنولوجية الحالية تمكّن الشركات من النمو والتوسع على نطاق عالمي، من خلال ربط الأسواق والشبكات بأسلوب لم يكن ممكنًا من قبل.

مقالات مشابهة

  • ننشر صورا جديدة من موقع حريق مقر الشركة القابضة بوسط البلد
  • اللقطات الأولى من حريق الشركة القابضة للأدوية بوسط البلد
  • الحماية المدنية تسيطر على حريق الشركة القابضة للأدوية بالأزبكية
  • غرفة صناعة الجلود تشارك بـ 13 شركة في معرض الصين الدولي.. يونيو المقبل
  • باكستان تدعي اسقاط 12 درون هاروب التي تصنعها شركة إسرائيلية
  • قمة التحول في التجارة والخزانة بالدوحة تناقش الابتكار الرقمي
  • وزير الصناعة يبحث الفرص المشتركة في صناعتي الطيران والأقمار الصناعية مع قادة شركة «إيرباص»
  • الشركة الوطنية للإسكان توفر وظائف شاغرة
  • وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث الفرص المشتركة في صناعتي الطيران والأقمار الصناعية مع قادة شركة “إيرباص” في مدينة تولوز الفرنسية
  • جينفير أنيستون تعيش لحظات رعب واقعية.. سبعيني يقتحم منزلها بسيارته