علماء خلّدهم التاريخ.. كيف وصلنا القرآن كما أنزل؟
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
وناقشت حلقة 2025/3/20 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، رحلة انتقال القرآن الكريم من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا الحالي، مستعرضة جهود علماء القراءات والتجويد في الحفاظ على كتاب الله، وذلك من خلال استضافة أستاذ علم التجويد والقراءات القرآنية الدكتور أيمن رشدي سويد.
وأوضح الدكتور سويد أن القرآن الكريم انتقل من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الصحابة الكرام عن طريق التلقين والمشافهة، حيث كان النبي يتلقى القرآن من جبريل عليه السلام، ثم يلقنه للصحابة صوتيا وكتابيا.
وأشار إلى أن اللحن (أي الميل عن الصواب في النطق) بدأ يظهر بعد دخول غير العرب في الإسلام، مما استدعى جهودا كبيرة من العلماء لضبط ألفاظ القرآن بدقة، إذ تغير اللفظ يؤدي إلى تغير المعنى.
وأكد الدكتور سويد أن أول من وضع ضوابط لضبط القرآن الكريم هو أبو الأسود الدؤلي، الذي كان يضع نقطة حمراء فوق الحرف للفتحة، ونقطة أمام الحرف للضمة، ونقطة تحت الحرف للكسرة، ونقطتين للتنوين، وذلك حرصا على عدم اختلاط الضبط بالنص القرآني الذي كان يُكتب بالحبر الأسود.
ثم جاء بعده الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي ضبط مخارج الحروف العربية وصفاتها، وبدأ يصف الحروف من جهة مخارجها وصفاتها، ووصفه تلميذه سيبويه بأنه "ذاق الحروف"، في إشارة إلى دقته العالية في هذا المجال.
إعلان
شروط قبول القراءات
وشرح الدكتور سويد الشروط الثلاثة التي وضعها العلماء لقبول القراءات، وهي: موافقة خط المصحف، موافقة قواعد اللغة العربية ولو بوجه، وأن تكون منقولة عن طريق الاستفاضة والتواتر.
وتطرق إلى دور الإمام الشاطبي (المتوفى سنة 590 هـ) صاحب منظومة "حرز الأماني ووجه التهاني" البالغة 1173 بيتا في القراءات السبع، والتي وُصفت بأنها من أرقى النظم اللغوي، حيث ابتكر طريقة للرمز إلى القراء ورواتهم بالحروف.
كما تحدث عن الإمام ابن الجزري (المولود في دمشق) وكتابه "النشر في القراءات العشر" الذي ضبط فيه ألف سلسلة قرائية باشتراط المعاصرة واللقاء (شرط البخاري)، ومنظومته "طيبة النشر" التي نظم فيها كتابه في ألف بيت.
واستعرض الدكتور سويد أبرز القراء في بلاد الشام، بدءا من أبي الدرداء الصحابي الذي انتقل إلى الشام ونشر القراءة فيها، مرورا بعبد الله بن عامر، وهشام بن عمار، وعبد الله بن ذكوان، وصولا إلى أسرة الحلواني في القرن الـ13 الهجري.
وأكد على الدور الريادي لمصر في نشر القراءات عبر العصور، موضحا أن "مصر هي التي توزع القراءات على العالم الإسلامي"، مستشهدا بأن قراءات الهند وباكستان كلها تعود إلى شيخ مصري هو محمد المنوفي، وأن قراءات تركيا ترجع إلى شيخين مصريين هما علي المنصوري وأحمد المسيري.
التكنولوجيا الحديثة
وتطرق الدكتور سويد إلى كيفية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في نشر علم القراءات والتجويد، موضحا أنه في الماضي كان من يريد أن يتعلم القراءات يتحتم عليه أن يرحل إلى الشيوخ، بينما الآن يمكن الاستفادة من التسجيلات الصوتية والمرئية والاتصال المباشر عبر الإنترنت.
ومع ذلك، شدد على أهمية المشافهة المباشرة خاصة في الإجازة، حيث لا بد من لقاء الشيخ وتلميذه في مكان ما وقراءة جزء من القرآن على الأقل، حفاظا على سلسلة الإسناد والتلقي.
إعلانوأشار الدكتور سويد إلى أن هناك قراءات لاقت انتشارا واسعا بين عموم المسلمين، خاصة رواية حفص عن عاصم التي يقرأ بها أغلب العالم الإسلامي، ورواية قالون وورش عن نافع في شمال أفريقيا، والدوري عن أبي عمرو البصري في حضرموت والسودان.
وأوضح أن باقي القراءات المتواترة لا يقرأ بها إلا المتخصصون، منبها إلى ضرورة تنبيه المصلين قبل الصلاة إذا أراد الإمام القراءة برواية غير مشهورة، تفاديا لسوء الفهم.
وفي ختام الحلقة، أكد الدكتور سويد على أهمية الاهتمام بعلم القراءات ونشره بين الناس، والاستفادة من التقنيات الحديثة مع الحفاظ على ركن المشافهة، ودعا إلى تعظيم القرآن وإجلال أهله الذين قدموا حياتهم في خدمته.
الصادق البديري20/3/2025المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار
الاستغفار من أعظم الأذكار التي يحتاج إليها الإنسان في كل لحظة من حياته، لما فيه من خير عظيم في الدنيا والآخرة، ومن بين المواضع التي شُرع فيها الاستغفار بعد الصلاة مباشرة، حيث أوصى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبيّن لنا أن ترديده ثلاث مرات بعد التسليم من الصلاة من السنن المستحبة.
تكمن أهمية هذا الاستغفار في كونه وسيلة لتحقيق الأماني وقضاء الحوائج، وقد يكون بابًا تُفتح منه الخيرات وتُرفع فيه الكروب، فهو وصية نبوية تجمع بين الطاعة والرجاء، وتمنح المسلم فرصة لمراجعة نفسه وشكر ربه على نعمة العبادة.
ولهذا فإن سؤال "لماذا نستغفر بعد الصلاة ثلاث مرات؟" ليس مجرد فضول بل هو مدخل لفهم فضل هذا الذكر ومكانته في المنهج النبوي، وطريق من طرق الفلاح والنجاة.
الشيخ عويضة عثمان من كبار علماء دار الإفتاء المصرية أوضح أن المسلم يطلب منه الاستغفار عقب كل عبادة وليس بعد الصلاة فقط وهذا يشمل حتى عبادات كبرى كالحج كما جاء في قوله تعالى: “ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم” البقرة ١٩٩ ، فإذا كان الاستغفار مطلوبا بعد عبادة عظيمة كالحج فمن باب أولى أن يكون مطلوبا بعد الصلاة.
وقد جاء عن النبي ﷺ في حديث رواه ثوبان رضي الله عنه أنه كان يستغفر ثلاث مرات بعد التسليم ثم يقول :"اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام "، وهذا يدفع المسلم لمراجعة قلبه ونية عمله ويساعده على المداومة على ذكر الله بشكر وتسبيح.
ابن القيم رحمه الله أشار إلى أن هذا الاستغفار يعكس إدراك المسلم لتقصيره في تأدية الطاعة بالشكل الذي يليق بجلال الله تعالى لذا فإن تكرار الاستغفار بعد الصلاة يعد وسيلة لتطهير العمل وتعظيم الأمل في قبول العبادة.
فوائد الاستغفار لمن واظب عليه
ومن جهة أخرى فإن الإكثار من الاستغفار له أثر مبارك على حياة المسلم فمن داوم عليه نال الرحمة الإلهية واتسعت له أبواب الرزق وسترت ذنوبه وفرجت كروبه وقد ربط القرآن بين الاستغفار والرحمة في آيات عدة منها قول الله تعالى:"لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون" النمل ٤٦ .
كما أن الاستغفار يمنح العبد فرصة متجددة ليكون أقرب إلى استجابة الدعاء لأن من أكثر الاستغفار ابتعد عن الذنوب التي تمنع الدعاء من الوصول وفي الحديث النبوي
من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب.