إحدى الشخصيات الدينية السورية البارزة لدى الطائفة الدرزية، تولى منصب شيخ عقل الطائفة عام 2012، خلفا لابن عمه الراحل الشيخ حسين جربوع. وبفضل مكانته الدينية والاجتماعية أصبح شخصية ذات نفوذ كبير بين مشايخ العقل الثلاثة في البلاد، إلى جانب حكمت الهجري وحمود الحناوي، ويمثل الثلاثة مرجعيات روحية لدروز سوريا.

المولد والنشأة

ولد يوسف جربوع عام 1970 في محافظة السويداء السورية، وهو من أسرة تولت مشيخة العقل في جبل العرب لأكثر من ثلاثة قرون.

و"شيخ العقل" هو الزعيم الديني الأول في طائفة الدروز، وهو منصب ديني رفيع، يحتفظ صاحبه بأسرار الطائفة، ويجري توارثه من جيل إلى جيل بشكل تقليدي.

تولى جربوع مشيخة العقل عقب وفاة ابن عمه حسين عام 2012، والذي تسلم المشيخة عام 1965 خلفا لوالده الشيخ أحمد جربوع حتى وفاته.

الفكر والتوجه الأيديولوجي

تبنى الشيخ يوسف جربوع توجها سياسيا ودينيا ممالئا لنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، فقد ظل ثابتا في دعمه له، متجاهلا مطالب الحراك الشعبي في السويداء.

وانعكس موقفه بشكل واضح أثناء الثورة السورية برفضه المشاركة في أي حراك معارض، على عكس بعض القيادات الدينية الدرزية الأخرى، مثل الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي، اللذين أيدا مطالب المحتجين بالإصلاح والتغيير.

وفي 17 يوليو/تموز 2021، وبعد إعلان فوز الأسد بفترة رئاسية رابعة في انتخابات شابتها انتقادات واسعة، صرّح جربوع بأن هذا الاستحقاق هو "إثبات لانتصار سوريا على الإرهاب والتطرف".

كما دافع عن التحالف السوري مع روسيا وإيران وقال في تصريح صحفي عام 2021 "كان لهذا التحالف دور أساسي في ثبات الدولة السورية ومكافحة الإرهاب".

يوسف جربوع (وسط) أثناء اجتماع الطائفة الدرزية تضامنا مع ضحايا هجوم في مجدل شمس عام 2024 (الفرنسية) التجربة الدينية

يُعد الشيخ يوسف جربوع أحد أبرز الشخصيات الدينية للطائفة الدرزية في سوريا، شغل منصب شيخ عقل الطائفة منذ عام 2012، خلفا لابن عمه الراحل الشيخ حسين جربوع. وبفضل مكانته الدينية والاجتماعية، أصبح الشخصية الأكثر نفوذا بين مشايخ العقل الثلاثة في البلاد.

إعلان

لم يقتصر دوره على الجانب الديني التقليدي، بل تجاوز ذلك ليشمل متابعة الشؤون الخدمية والاجتماعية والسياسية للطائفة الدرزية. ومن هذا المنطلق أصبح أحد الوجوه البارزة التي تحافظ على العلاقة بين الطائفة والدولة، مما جعله يحظى بدعم النظام السوري السابق ومؤسساته المختلفة.

عمل جربوع على الإشراف على الشؤون الروحية للطائفة، وحرص على الحفاظ على العادات والتقاليد الدرزية، والتأكيد على القيم الدينية والاجتماعية التي تُشكل هوية الطائفة.

كما عُرف بتواصله الدائم مع المراجع الدينية الدرزية في سوريا ولبنان، لضمان وحدة الطائفة في ظل الأوضاع المضطربة التي عاشتها البلاد حينها.

حظي جربوع بدعم من مؤسسة "الأمانة السورية للتنمية"، التابعة لإدارة أسماء الأسد، والتي كانت تنفذ مشاريع إنسانية وخدمية في محافظة السويداء، بهدف تعزيز ارتباط المجتمع الدرزي بمؤسسات الدولة السورية.

سعى جربوع إلى ترسيخ دور مشيخة العقل في السويداء، في ظل تراجع سلطة الأسد هناك، فقد ساهمت المشيخة بقيادته في حل عدد من النزاعات بين العائلات من مختلف الشرائح، مما منحها ثقلا اجتماعيا عوّض غياب الدولة.

حكمت الهجري أحد مشايخ العقل إلى جانب يوسف جربوع وحمود الحناوي (مواقع التواصل) أداة بيد نظام الأسد

لطالما عُرف بمواقفه المتوافقة مع سياسات نظام الأسد، فقد دأب على إطلاق تصريحات تعكس توجهات الحكومة.

ففي عام 2016 قال في مقابلة له مع إحدى الصحف "إن ما تتعرض له سوريا من قتل وتدمير وتجييش طائفي ومحاولات لإسقاط الدولة ليس ثورة، بل هو حرب تهدف إلى تدمير المجتمع".

ومن أبرز مواقفه أيضا هجومه على تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، فقد وصف مبررات أنقرة لدخول الأراضي السورية بذريعة محاربة الإرهاب بأنها "عذر واهٍ وقبيح".

في المقابل، استخدم النظام السوري جربوع لضبط الأوضاع في السويداء، كما كُلف بمهمة تعطيل أي محاولات لتنظيم تحركات سياسية أو عسكرية خارج سيطرة الدولة، والعمل على تقليص حجم الاحتجاجات المناهضة للنظام.

فعندما أُعلن عن تشكيل ما عرفت بـ"قوات مكافحة الإرهاب" في منتصف عام 2021، والتي رافقها إطلاق الجناح السياسي "حزب اللواء السوري"، سارع جربوع إلى مهاجمتها، واصفا إياها بأنها "حركة غريبة عن المجتمع"، في خطوة للتأكيد على ولائه للنظام.

إعلان

لم يكتفِ جربوع بدوره وسيطا بين النظام والطائفة، بل شارك عام 2021 في محاولات إنشاء تشكيل عسكري جديد داخل السويداء، وذلك بالتعاون مع النائب اللبناني الدرزي وئام وهاب وحزب الله اللبناني، تحت إشراف الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد.

وكاان هذا التشكيل يهدف إلى فرض سيطرة أمنية مشددة على المحافظة، وضمان عدم خروجها عن قبضة الدولة.

يوسف جربوع تبنى توجها سياسيا ودينيا يتماشى مع نظام الأسد ورفض المشاركة في أي حراك معارض (رويترز) موقفه من الاحتجاجات في السويداء

على الرغم من دوره الديني، لم يكن الشيخ جربوع بعيدا عن المشهد السياسي، خاصة أثناء الاحتجاجات التي شهدتها محافظة السويداء في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2022 بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.

ردا على ذلك، اتخذ جربوع موقفا داعما لنظام الأسد، واتهم المحتجين بالعمالة لجهات خارجية، وقال "هناك جهات خارجية استغلت الشباب غير الواعي في السويداء، ووظفتهم لتحقيق مصالح سياسية تخدم أجندات خارجية، ما أدى إلى نتائج سلبية".

حينها أطلق جربوع إلى جانب الشيخ حمود الحناوي، وثيقة بعنوان "عهد وميثاق شرف"، وحملت شعار "قتيل العار لا دية ولا ثأر".

كانت الوثيقة تهدف إلى سحب الغطاء الديني والاجتماعي عن المجرمين الذين يمارسون الخطف والقتل وتجارة المخدرات، ولكنها قوبلت بانتقادات كبيرة من أهالي السويداء، الذين اعتبروا أنها مجرد خطوة شكلية، متهمين الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بالوقوف وراء معظم هذه الجرائم لإضعاف المحافظة من الداخل، ومن ثم دفعها نحو الاستنجاد بالدولة لاستعادة السيطرة.

ومع استمرار النظام في محاولاته لاستعادة السيطرة الكاملة على السويداء، لعب جربوع دورا رئيسيا في دعم جهود الحكومة. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2022، حضر مراسم افتتاح مركز تسوية أوضاع المطلوبين في المدينة، وهو المركز الذي أُنشئ لاستقطاب الفارين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، إضافة إلى المطلوبين أمنيا.

إعلان

ظهر جربوع حينها إلى جانب اللواء حسام لوقا مدير إدارة المخابرات العامة، وبرفقة عدد من ضباط الأمن وأعضاء مجلس الشعب، في رسالة واضحة تدل على توظيف مكانته الدينية للتأثير على شباب السويداء، ودفعهم نحو الخضوع لسلطة النظام بعد سنوات من التمرد والرفض.

موقفه من زيارة دروز سوريا لإسرائيل

في يوم 14 مارس/آذار 2025، عبر وفد مكون من نحو 60 شخصية دينية من الطائفة الدرزية السورية خط الهدنة في مرتفعات الجولان المحتل إلى إسرائيل، في زيارة لمقام النبي شعيب في بلدة جولس بالقرب من طبريا.

وتعقيبا على الزيارة، أكد الشيخ يوسف جربوع أن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 1973، وهي "زيارة دينية بحتة".

وأشار إلى أنها قد تكون مبادرة من زعيم الدروز في فلسطين الشيخ موفق طريف، بهدف "إعادة الروابط واستئناف الزيارات الدينية، لتعزيز اللحمة الوطنية وتحقيق التوافق والمحبة بين أبناء الوطن من الجانبين".

وأضاف أن الاعتراض على الزيارة جاء بسبب عوامل عدة، أبرزها "عدم ملاءمة التوقيت السياسي الحالي في ظل التحديات التي تواجه سوريا بشكل عام، ومنطقة جبل العرب والطائفة الدرزية بشكل خاص، إضافة إلى عدم وجود سلام بين سوريا وإسرائيل" على حد تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الطائفة الدرزیة فی السویداء إلى جانب

إقرأ أيضاً:

القيادات الدينية الفلسطينية يتضامنون مع مصر في وجه الحملة المغرضة

توجه وفد رفيع المستوى من القيادات الدينية الإسلامية الفلسطينية، اليوم الخميس إلى السفارة المصرية في رام الله، في زيارة تضامنية إلى مقر إقامة السفير إيهاب سليمان للتأكيد على عمق ومتانة العلاقة الفلسطينية المصرية الأخوية والتاريخية.

مبعوث ترامب إلى المنطقة يزور غزة للتأكد من وجود مجاعةالسعودية ترحب بإعلان البرتغال عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية

وضم الوفد عددا كبيرا من القيادات الدينية على رأسهم قاضي قضاة فلسطين ونائب الرئيس محمود الهباش، يرافقه كل من المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، ووزير الأوقاف والشؤون الدينية محمد نجم، ولفيف من العلماء ورجال الدين وقضاة الشرع الحنيف من محافظات الوطن كافة.

وأكد الوفد الفلسطيني الدعم الكامل لمصر قيادة وشعبا في وجه الحملة المغرضة التي تتعرض لها لتشويه مواقفها الثابتة والتاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني في نضاله المشروع حتى زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وثمن الدكتور محمود الهباش الدور القومي والتاريخي الذي تضطلع به مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن موقف مصر يشكّل صمام أمان للقضية الفلسطينية، وركيزة أساسية في مواجهة المؤامرات التي تستهدف الوجود الفلسطيني وحقه في الحرية والاستقلال.

تعليمات عاجلة من ملك المغرب لإرسال مساعدة إنسانية للشعب الفلسطينيبن غفير: ألمانيا تعود إلى النازية مجددًا

وقال الهباش إن هذه الزيارة تأتي في سياق الرد الوطني والديني الفلسطيني على الدعوات غير المسؤولة التي أطلقتها جهات هامشية للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، وهي دعوات مرفوضة شعبيا ورسميا، لما تمثله من إساءة لمكانة مصر ولدورها الريادي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتخدم أجندات مشبوهة تتعارض مع الثوابت الوطنية والإجماع الفلسطيني وتتقاطع أو تخدم مشروع الاحتلال الإسرائيلي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية.

من جهته، شدد المفتي، على أن الموقف المصري يُجسّد أصالة الانتماء العربي والإسلامي تجاه فلسطين، مؤكدا أن المؤسسة الدينية الفلسطينية تقف بكل مكوناتها إلى جانب الشقيقة الكبرى مصر في تصديها للمؤامرات الإسرائيلية الهادفة إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه وتهويد الأرض الفلسطينية.

بدوره، أعرب وزير الأوقاف والشؤون الدينية، عن تقدير القيادة الدينية الفلسطينية للمساعي السياسية والإنسانية التي تبذلها مصر على مختلف الأصعدة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذه المواقف المشرّفة تبرهن على الثبات المصري في دعم الحقوق الفلسطينية، ورفض كل محاولات فرض حلول قسرية أو إملاءات تتنافى مع قرارات الشرعية الدولية.

وزير الدفاع الإسرائيلي: هاجمنا أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة لحزب اللهواشنطن تبلغ مجلس الأمن بضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في هذا الوقت

من جانبه، رحب السفير المصري بالوفد الفلسطيني، معبرا عن تقديره لهذه اللفتة الأخوية التي تعكس متانة العلاقات بين الشعبين الشقيقين، ومؤكدا على استمرار مصر في القيام بدورها التاريخي في دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حريته وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

طباعة شارك القيادات الدينية الفلسطينية مصر السفارة المصرية في رام الله السفارة المصرية السفير إيهاب سليمان العلاقة الفلسطينية المصرية محمود الهباش

مقالات مشابهة

  • بعد زيارته القرى الدرزية.. معاريف: أفيخاي استقبل كالملوك في جنوب سوريا
  • الشيخ ليث البلعوس: أبناء السويداء متمسكون بوحدة سوريا بعيداً عن أي أجندات خارجية
  • فيديو.. لص حاول سرقة هاتف مراسلة في البرازيل
  • بلغراد تندد بتثبيت حكم على زعيم صرب البوسنة
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 275 (أحمد الشيخ يوسف)
  • القيادات الدينية الفلسطينية يتضامنون مع مصر في وجه الحملة المغرضة
  • الشيباني من موسكو: لا خطة أو نية لـإبادة الدروز.. وحمايتهم مسؤولية الدولة
  • الجيش يضبط شخصا حاول اجتياز الحدود من الواجهة الشمالية
  • ما الذي يخطط له الاحتلال في السويداء؟ ممر إنساني أم فخ عسكري؟
  • انقراض الطائفة اليهودية في اليمن برحيل بدرة يوسف إلى إسرائيل