ترحيل زوجين عاشا 35 عاماً في الولايات المتحدة
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
أصبحت زيارة روتينية لسلطات الهجرة الأميركية نقطة تحول لعائلة غونزاليس في الولايات المتحدة، إذ أنهت قصة الزوجين غلاديس ونيلسون في البلاد، بعد 35 عاماً قضياها فيها، وذلك بعد أن طالتهما آلة الترحيل التي أطلقتها إدارة الرئيس، دونالد ترامب، بعد توليه السلطة، ولم يكن مهماً أن يكون لنيلسون وغلاديس تاريخ طويل في كاليفورنيا، وثلاث بنات أميركيات، وسجل جنائي نظيف.
الآن، يجب عليهما البدء من الصفر في كولومبيا، البلد الذي غادراه منذ عقود، لبدء حياة في لاغونا نيغويل، جنوب لوس أنجلوس، وقالت إحدى بنات الزوجين، وتدعى ستيفاني غونزاليس (27 عاماً): «لقد وصل أبي وأمي إلى كولومبيا معاً، وهما بخير»، وقد تابعت هي وشقيقتاها (غابي – 23 عاماً)، و(جيسيكا – 33 عاماً) عن كثب محنة أهلهن في مراكز احتجاز إدارة الهجرة والجمارك، وقالت ستيفاني: «نشعر بالراحة لانتهاء هذا الكابوس، وفي الوقت نفسه نحزن على حقيقة أن والدينا لن يعودا إلى المنزل قريباً».
وبدأت رحلة عائلة غونزاليس الطويلة في 21 فبراير، وهو اليوم الذي احتُجز الزوجان فيه ونقلا إلى سجن هجرة خاص في سان برناردينو، وصرّحت ستيفاني للتلفزيون المحلي: «لقد قيدوا معصميهما وكاحليهما بالأصفاد، كما لو كانا مجرمين».
ووفقاً لستيفاني، فإن غلاديس ربة منزل تبلغ من العمر 55 عاماً، ونيلسون موظف مختبر يبلغ من العمر 59 عاماً، ذهبا إلى مكاتب إدارة الهجرة والجمارك الأميركية للتأكد من وضعهما في الولايات المتحدة، وهو أمر كانا يفعلانه بشكل دوري.
وأضافت ستيفاني: «الشيء الوحيد الذي قيل لهما هو أنهما استنفدا مدة إقامتهما، هذا على الرغم من أنهما تمكنا من تمديد تصريحهما للإقامة في البلاد كل عام، وأنهما مواطنان ملتزمان بالقانون، ولم يختبئا قط من السلطات»، لم تسمع البنات الثلاث أي أخبار عن والديهن لأسبوعين، حتى سُمح لهما أخيراً بالتواصل، وحينها علمن أن غلاديس ونيلسون قد نُقلا إلى مركز احتجاز.
وكتبت ستيفاني على موقع «حملة الدعم الجماعي» المساندة لمثل هذه الحالات: «بغض النظر عن مكان والديّ، فهما بأمان في مركز الاحتجاز».
ومع مرور الوقت، بدأت عائلة غونزاليس تتقبل حقيقة أن لمّ شملهم مرة أخرى سيكون صعباً، إن لم يكن مستحيلاً. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب وعدت بالتركيز على اعتقال أعنف المجرمين، إلا أن الواقع مختلف تماماً، فقد استهدف عملاء دائرة الهجرة والجمارك أي شخص دخل البلاد بشكل غير نظامي، تقريباً، بغض النظر عن خلفيته الإجرامية.
هذه هي حالة عائلة غونزاليس، التي دخلت الولايات المتحدة براً عام 1989 عبر معبر «سان يسيدرو» الحدودي بين سان دييغو وتيغوانا بالمكسيك، وانتهت مدة تأشيراتهما. وفي عام 2000، حكم قاض بعدم وجود أساس قانوني لبقاء عائلة غونزاليس في الولايات المتحدة، وعرض عليها خيار الرحيل الطوعي.
وتؤكد العائلة أنها، على مدى عقود، بذلت قصارى جهدها للاستئناف وتسوية وضعها، لكنها لم تفلح.
وقالت ستيفاني في تحديث على موقع «حملة الدعم الجماعي»، الذي حشد أكثر من 500 متبرع وأكثر من 62 ألف دولار: «بعد التحدث إلى أكثر من 30 محامياً، فإن أفضل ما يمكننا فعله الآن، هو مساعدة وأبي وأمي على بدء حياة جديدة في كولومبيا». عن «إل باييس»
بعد سجن سان برناردينو، نُقل الزوجان غلاديس ونيلسون غونزاليس، بشكل منفصل إلى مركز آخر بأريزونا، في وقت سابق من الشهر الجاري، وأقاما هناك لفترة وجيزة.
وانقطع الاتصال بين الزوجين وبناتهما الثلاث، وكان الافتراض أن السلطات قد نقلتهما مرة أخرى، وكان ذلك صحيحاً.
وفي 13 مارس، وصل نيلسون وغلاديس إلى وجهتهما النهائية في الولايات المتحدة، وهي مركز الاحتجاز في لويزيانا، الذي أصبح المركز الرئيس للترحيلات.
في غضون ذلك، استنكرت منظمات الحقوق المدنية احتجاز العديد من المهاجرين بسبب عرقهم أو لون بشرتهم، حتى لو كانوا مواطنين أميركيين، ولا يقتصر هذا على اللاتينيين فقط، فقد صرح رئيس قبيلة نافاغو، بوو نيغرين، لمحطة إذاعية محلية، بأنه تلقى تقارير عن لقاءات «سلبية وأحياناً مؤلمة»، بين إدارة الهجرة والجمارك الأميركية ومواطني مجتمع نافاغو الأصليين.
وبالنظر إلى جميع الأوامر التنفيذية المناهضة للهجرة التي أقرتها الحكومة، يرى المنتقدون أن نية الإدارة الأميركية ليست إعطاء الأولوية لطرد المجرمين، كما أكدت ذلك في السابق.
صحيفة الامارات اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة الهجرة والجمارک
إقرأ أيضاً:
طالبو اللجوء بين رغبات ترامب بالترحيل وقرارات القضاء الأميركي
واشنطن- أوقفت دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية التابعة لوزارة الأمن الداخلي جميع قرارات اللجوء "إلى حين التأكد من خضوع كل طالب لجوء لعمليات تدقيق وفحص بأقصى درجة ممكنة" حسب توضيحها.
وجاء ذلك بعد منشور للرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصة "تروث سوشيال" قال فيه إنه سيُنهي جميع المزايا والإعانات الفدرالية "لغير المواطنين" ويجرّد "المهاجرين الذين يُقوضون الأمن الداخلي من جنسيتهم" ويرحّل "أي مواطن أجنبي يشكل عبئا على الدولة، أو يشكل خطرا على الأمن، أو لا يتوافق مع الحضارة الغربية".
ورغم أن عمليات الترحيل التي تطال المهاجرين غير النظاميين، وبعض النظاميين أيضا، تسير بوتيرة سريعة، إلا أنها لم تقترب من معدلات الترحيل التي قامت بها إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما الذي رُحل خلال سنوات حكمه ما يقرب من 4 ملايين شخص.
وتشير تقديرات محايدة إلى أن ترامب قد رحّل منذ وصوله الثاني للحكم في 20 يناير/كانون الثاني الماضي ما يقرب من 340 ألف مهاجر، رغم تضافر جهود كل وكالات إنفاذ القانون لتنفيذ رغبات الرئيس.
الحكم للقضاءتحمل الإعلانات الأخيرة للرئيس الأميركي مزيدا من التشديد في موقفه تجاه المهاجرين خلال فترة رئاسته الثانية، وخاصة أصحاب حالات اللجوء، سواء لأسباب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أمنية.
ويقدم سنويا ما يقرب من نصف مليون شخص طلبات للحصول على وضع اللجوء في الولايات المتحدة، وهو إجراء يستغرق ما بين عامين و6 أعوام للبت فيه. وتشير بيانات رسمية إلى أنه خلال عام 2023 حصل 54 ألفا و350 شخصا على حق اللجوء.
ومن جهتها خففت خبيرة قانونية أميركية -تحدثت للجزيرة نت متحفظة على ذكر اسمها لأسباب تتعلق بجهة عملها- من وطأة هذه القرارات. وقالت إن "ترامب سبق أن تعهد بأكثر من ذلك خلال سنوات حكمه الأولى، سواء منع دخول مواطني عدة دول، أو ترحيل 11 مليون مهاجر غير نظامي، أو تشجيع الهجرة من دول أوروبا الإسكندنافية".
إعلانوأضافت أن ترامب يستغل حادثة إطلاق النار -التي وقعت مؤخرا في واشنطن وقُتل فيها عنصر وأصيب آخر من الحرس الوطني- لخدمة أهدافه السياسية بصفة عامة "لكن نحن ندرك استحالة تنفيذ كل تهديداته، هو يقول ما يقول، لكن هناك قانونا ومحاكما لها القول الأخير، وليس رغبات الرئيس".
وضربت الخبيرة القانونية للجزيرة نت مثالا بالمهاجر الشاب محمود خليل الذي قاد حراك الطلاب الاحتجاجي ضد دعم واشنطن لعدوان إسرائيل على قطاع غزة، وطالب ترامب بترحيله، وأصدر وزير الخارجية ماركو روبيو قرارا بإلغاء إقامته الدائمة، واحتفى الرئيس على موقع البيت الأبيض بالقبض عليه "لكنه لا يزال في الولايات المتحدة حرا طليقا بسبب عدالة موقفه أمام القضاء الأميركي".
وقد تحدثت الجزيرة نت مع لاجئ سياسي من أصول ليبية، يُشار إليه باسم عبد العزيز، وحصل مؤخرا على بطاقة الإقامة الخضراء الدائمة، حيث يقول "في الحقيقة بدأت أشعر أن ترامب يريد أن يأخذ حريتي التي غادرت بلدي من أجلها، نعم أشعر بالخوف لأنني مهاجر عربي مسلم، ولست أبيض".
وتساءل "هل أستطيع الجهر برأيي؟ أو الكتابة بسهولة على منصات التواصل الاجتماعي؟" وأضاف "أشعر كل يوم أنني مراقب، وأعيش هذا الصراع بين حريتي وخوفي، وهو وضع لا أحبه".
وردا على سؤال حول رأيه بما ينوي ترامب اتخاذه من قرارات متشددة تجاه المهاجرين واللاجئين على خلفية حادثة إطلاق النار الأخيرة، قال عبد العزيز "إن ما جرى غير مبرر، لكن ترامب يستغل سلطته وجبروته لإرهابنا. نشهد حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة يوميا، لكن ترامب هاجمنا لأن القاتل مهاجر ومسلم وليس أبيض معتبرا أن جميع المهاجرين قتلة ومجرمين ومرضى. هذا عار على ترامب وحزبه".
واتفق مع ذلك لاجئ سياسي من أصول مصرية -فضل عدم الكشف عن اسمه- وقال إنه "لا يوجد رابط أو مبرر، فحالة القاتل الأفغاني الذي نفذ عملية إطلاق النار، والذي جاء من بلاده عبر بوابة الاستخبارات الأميركية تركت كثيرا من علامات الاستفهام حول دوافع ما أقدم عليه، كما أن التعميم بصفة عامة شيء خاطئ ولا فائدة منه، بل يؤدي إلى الظلم والاستقطاب في تلك القضايا".
وأضاف أن "حوادث إطلاق النار بين الأميركيين أنفسهم هي الأعلى عالميا مقارنة بمن يطلق النار من المهاجرين من كافة الخلفيات. وإن شئنا الإنصاف فالتشديد يجب أن يكون في تأمين الحدود، والتأكد من أهلية المتقدمين للجوء والهجرة بما يؤدي لتكافؤ الفرص، مع عدم الانتقاص من الحقوق الإنسانية لكافة الراغبين في الحصول على اللجوء أو الهجرة".
عقاب جماعي
وكان ترامب قد أعلن أن إدارته أمرت بوقف فوري لمعالجة طلبات الهجرة من أفغانستان، رغم عدم انتهاء التحقيقات حول دوافع المهاجم الأفغاني، وأنها ستقوم بمراجعة شاملة لوضع الإقامة الدائمة للمهاجرين من 19 دولة صنفت على أنها "مثيرة للقلق" بينها أفغانستان وإيران وليبيا والسودان واليمن، كما وجه إدارته لاتخاذ خطوات لوقف الهجرة إلى الولايات المتحدة.
إعلانوقد أصدر وزير الخارجية قرارا بوقف إصدار التأشيرات لجميع المسافرين بجوازات سفر أفغانية، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات الأولية أن المشتبه به في إطلاق النار هو لاكانوال الذي جاء إلى الولايات المتحدة عام 2021، ضمن برنامج يوفر حماية خاصة للأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية قبل انسحابها وعودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان.
وفي مقال رأي نشرته هيئة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال" على موقع "إكس" قالت إنه "يجب ألا يلقى اللوم على كل الأفغان نتيجة فعل عنيف لرجل واحد" ورد ستيفن ميلر، كبير مستشاري ترامب لشؤون الهجرة، بالقول إن هذا الرأي يمثل "كذبة الهجرة الكبرى".
وأضاف ميلر على الموقع نفسه أنه "لا يتم استيراد الأفراد فقط، بل المجتمعات أيضا" وقال "إن المهاجرين وذريتهم يعيدون إنتاج الظروف والمخاوف التي كانت في أوطانهم الممزقة".
تهديدات سابقةطبقا لتقديرات مركز "بيو" للأبحاث، يوجد بالولايات المتحدة ما يقرب من 14 مليون مهاجر غير نظامي، غالبيتهم من المكسيك ودول أميركا الوسطى، إضافة لعدة ملايين آخرين ينتظرون القرار النهائي بما يتعلق بطلبات اللجوء الخاصة بهم، وأغلبهم دخل البلاد بطرق غير نظامية.
وكان ترامب قد تعهد بترحيل هذه الأعداد خلال فترة حكمه الأولى، وعاد وكرر تعهداته ذاتها بعد وصوله للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويمثل ترحيل المهاجرين غير النظاميين عُرفا سارت عليه كل الإدارات السابقة، إلا أن ترامب استخدم قضية الهجرة بصفة عامة كأساس هام لحملاته للانتخابات الرئاسية الثلاث، إضافة لتبنيه سياسات متشددة لم تعرفها البلاد من قبل.
غير أن تقارير مختلفة خرجت لتشكك في قدرة وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك على ترحيل هذا العدد الكبير لنقص الإمكانات المادية والبشرية، في حين تتصور إدارة ترامب أن التشدد تجاه خطاب الترحيل الجماعي لطالبي اللجوء قد يكون رادعا لآخرين يرغبون في دخول البلاد بالطريقة ذاتها.