عربي21:
2025-12-03@11:08:10 GMT

ترامب بين أوكرانيا وغزة

تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT

لا شيء طبعا يجمع بين غزة وأوكرانيا. لا شيء عدا شيء واحد هو أن ترامب الذي فرض ما سمي بخطته للسلام في القطاع، وانتزع لها من التأييد العربي والدولي ما أصبغ عليها شرعية دولية من مجلس الأمن، هو نفسه من يسعى حاليا لتسوية في أوكرانيا محاولا أن يجعلها خطة مقبولة دوليا هي الأخرى.

المشترك بين ما فُرض في غزة وما يُعمل عليه في أوكرانيا هو في النهاية مجازاة المعتدي بحيث لا يخرج هذا المعتدي من أية تسوية، وقد يمُنّ على العالم أنه قبلها، إلا وقد نجح من خلالها في تحقيق ما عجز عنه بقوة السلاح، خلال عامين في غزة وزهاء الأربع سنوات في أوكرانيا.



لنلق نظرة عما يقال حاليا عن مخطط ترامب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية لنرى كيف أن الكثير مما يقال حولها يتقاطع في الكثير من أوجهه مع غزة، التي تعيش حاليا «هدنة» هي في الحقيقة استمرار لنفس حرب الإبادة بضجة دولية أقل.

يقول موقع «ذي إنسايدر» الأمريكي إن خطة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا هي خطة روسية معاد تدويرها، وقد اطّلعت عليها قبل عدة أشهر من خلال مصدر مقرب من الحكومة الروسية. أما صحيفة «وول ستريت جورنال» فرأت أن الشروط الواردة في هذه الخطة «بدت منحازة لموسكو»، فيما اعتبر تحليل لشبكة «سي أن أن» أن «ترامب منح روسيا كل ما تريده تقريبا» وأن أجواء التفاؤل التي تشاع حولها «مقصودة ومخطط لها» وذلك في محاولة لاستغلال الزخم الذي تخلقه لفرض تسوية لا تبدو عادلة.

لكل ذلك، لا يبدو مستغربا أن تنقل «واشنطن بوست» عن مسؤول سابق في الكرملين قوله إن «الخطة منحازة لروسيا التي هي الأقوى الآن بحيث أن هذا الانحياز يبدو الأكثر واقعية»، فيما لم يتردد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين من القول «نحن مهتمون بتحقيق أهدافنا عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية ولم يتغيّر موقفنا إطلاقا ونحن متمسكون به دائما».

لو وضعنا على ما سبق اسم غزة عوض أوكرانيا ووضعنا إسرائيل عوض روسيا فسنرى أن الأمور تكاد تكون نفسها، بمعنى أن القوي استطاع أن يفرض ما يريده، ربما بنسبة أقل مما كان يسعى إليه بالكامل، وأن توقف أصوات المدافع والغارات، بحصيلة مكاسب لا يستهان بها، يظل في النهاية بالنسبة إليه أفضل من استمرارها دون الحسم النهائي المأمول.
في نهاية المطاف، ما تريده واشنطن تستطيع فرضه في «المناطق الرخوة» من هذا العالم وأصحابها المنهكين المستسلمين لـ«القدر الأمريكي
ما يدفع أكثر في هذا الاتجاه هو تقاطعه أصلا مع ما يؤمن به الرئيس الأمريكي ويردّده دائما وهو «السلام عبر القوة» الذي لا يعني في النهاية سوى فرض الاستسلام على الضعيف، بعيدا عن معايير العدالة أو الانصاف، وبعيدا حتى عن مقتضيات القانون الدولي الذي أرسى قواعده الغرب نفسه بعد الحرب العالمية الثانية للحيلولة دون سيادة قانون الغاب بعد فظاعات تلك الحرب.

الفرق هنا هو أن أوكرانيا تبدو متحفظة في القبول بكل ما يريده ترامب إلى درجة إشارة الرئيس زيلنسكي أن الملايين من شعبه «يستحقون سلاما كريما»، لا يوفّره ضمنيا المعروض عليهم حاليا، وخاصة تنازلها على ما يعادل خمس أو ربع أراضيها بحكم «الأمر الواقع». والفرق كذلك أن أوكرانيا وجدت في معظم الدول الأوروبية سندا لها في مواجهة حماسة ترامب الشديدة لتحقيق إنجاز شخصي له، حتى أن الرئيس الفرنسي قال إن المراد هو «سلام وليس استسلاما»، دون أن ننسى أن أوكرانيا قضية أمن أوروبي في الصميم تستدعي مثل هذا الموقف.

للأسف لم يكن الطرف الفلسطيني في وضع يسمح له برفض وقف الحرب بالنظر إلى الفاتورة الإنسانية الفظيعة التي دفعها أهالي القطاع، رغم الألغام المختلفة المتضمنة في خط ترامب بمراحلها المختلفة التي تسمح لإسرائيل بالالتفاف على ما لا ترغب فيه. وللأسف أيضا لم تجد المقاومة في غزة، لا خلال حرب الإبادة ولا خلال البحث عن وقفها، أي حزام عربي أو إسلامي يشد من أزرها، ولو بالمعنى الانساني والإغاثي البحت، بحيث لم يكن بإمكانها في نهاية المطاف سوى مسايرة هذا التمشي الجارف الذي وصل حد الاحتفاء المبالغ فيه في قمة شرم الشيخ.

نقطة الاختلاف الجوهرية هو أن التحفظ الأوكراني تجاه خطة ترامب، رغم الكلام الدبلوماسي المعسول الذي يراد من خلال اتقاء شر غضب رجل انفعالي خطير، وكذلك التحفظ الأوروبي، المعبّر عنه بجرأة تختلف عنه من دولة إلى أخرى، يمنعان وصول المسعى الأمريكي الحالي إلى تتويج نهائي من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي كما حصل مع غزة. وبطبيعة الحال، لا يمكن لهذا التتويج أن يحدث إذا كانت روسيا تعارضه، وربما الصين، فيما يظل الموقفان الفرنسي والبريطاني رهيني ما ستؤول إليه الصيغة النهائية للتسوية.

في نهاية المطاف، ما تريده واشنطن تستطيع فرضه في «المناطق الرخوة» من هذا العالم وأصحابها المنهكين المستسلمين لـ«القدر الأمريكي» لكنها تعجز، أو على الأقل تتعثّر، عندما تصبح المسألة مع مناطق وأطراف ليسوا كذلك.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة ترامب غزة اوكرانيا ترامب خطة السلام مقالات مقالات مقالات رياضة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أوکرانیا من خلال

إقرأ أيضاً:

أمين الناتو يرحب بجهود أمريكا لإنهاء الحرب في أوكرانيا

رحب أمين عام حلف شمال الأطلسي ناتو مارك روته بالجهود الجارية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معربا عن ثقته بأن تفضي هذه الجهود في نهاية المطاف إلى إحلال السلام.


وقال روته - خلال مؤتمر صحفي في بروكسل اليوم الثلاثاء - "فيما يتعلق بأوكرانيا، فإننا نعلم أن أمننا مرتبط ببعضه البعض، ونحن نعمل جميعا على إنهاء الحرب على أوكرانيا من خلال التوصل لسلام عادل ودائم". 


وأضاف روته "ونرحب الجهود الجارية التي تقودها الولايات المتحدة لتحقيق هذا الغرض، وأنا واثق من أن هذه الجهود المستدامة ستسفر في نهاية المطاف إلى استعادة السلام في أوروبا".


وأوضح أمين عام حلف الناتو أنه في الوقت الذي يجري العمل فيه على إحلال السلام، فلا يمكن غض الطرف عن الانتهاك الروسي الممنهج للبنية التحتية المدنية لأوكرانيا؛ مما يحرم الأوكرانيين من الدفء والضوء في بداية فصل الشتاء.


وأشار روته إلى أنه منذ الأيام الأولى للصراع الروسي - الأوكراني، أظهر الحلفاء التزاما راسخا تجاه دعم أوكرانيا، مضيفا أن الحلفاء الأوروبيين، بالإضافة إلى كندا، قدموا خلال الأشهر الأخيرة مليارات الدولارات من المعدات الأساسية الأمريكية إلى أوكرانيا.


وأكد الأمين العام أن "هذا الدعم يعد جزءا مهما من جهودنا المستمرة لضمان توفير ما تحتاج إليه أوكرانيا لصد أي عدوان حالي وردع أي عدوان مستقبلي"، معربا عن توقعه بأن يعلن الحلفاء عن المزيد من الإسهامات لدعم أوكرانيا خلال الأيام المقبلة.


ولفت روته إلى أن الحلفاء في الناتو أظهروا استعدادهم وقدرتهم على معالجة أجندة التحديات التي تواجه التحالف العسكري.


جاء هذا المؤتمر الصحفي قبيل اجتماع لوزراء خارجية الناتو المزمع عقده غدا في مقر الحلف ببروكسل حيث من المنتظر أن يتم مراجعة نتائج قمة الحلف في لاهاي التي عُقدت في يونيو الماضي، وتبادل الآراء بين وزراء الخارجية بشأن التحضيرات للقمة المقبلة في أنقرة خلال يوليو 2026.
 

طباعة شارك أمين عام حلف شمال الأطلسي ناتو مارك روته الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء الحرب في أوكرانيا إحلال السلام

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: واشنطن حققت بعض التقدم في المحادثات مع روسيا بشأن أوكرانيا
  • الخارجية الأمريكي: ترامب يتولى ملف الحرب في السودان شخصيا
  • وزير الخارجية الأمريكي: وقف الحرب في أوكرانيا بيد بوتين وحده وليس مستشاريه
  • هل اقترب السلام في أوكرانيا؟.. الكرملين يحسم الجدل وزيلينسكي يعلق
  • واشنطن: متفائلون بإمكان إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • بوتين يجتمع مع مبعوثي ترامب لمناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • أمين الناتو يرحب بجهود أمريكا لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • بوتين يلتقي ويتكوف وكوشنر لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • عقل: “ترامب هذا الذي يزعم أنه زعيم العالم يهدد الجميع.. ويجب أن يتوقف عند الأردن “