تمكن علماء منطقة قوانغشي تشوانغ ذاتية الحكم في جنوب الصين من إعادة بناء مظهر إنسان ما قبل التاريخ عاش قبل 16 ألف عام، وذلك باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد، حيث بدا وجهه مستديرا، وعيناه ضيقتان، وشفتاه ممتلئتان نسبيا، وأنفه مسطحا، وذلك بحسب مجلة "Journal of Archaeological Science".

وقال الباحث شيه قوانغماو من معهد قوانغشي لحماية الآثار الثقافية، إنه تم العثور على جمجمة هذا الإنسان خلال عمليات الحفر في كهف ياهواي في قرية بولان بمحافظة لونغان أعوام 2015 - 2018، لافتا إلى أن هذا الكهف يعد موقع الدفن الثاني من العصر الحجري القديم الذي يكتشف في الصين.

وأكمل فريق مشترك من العلماء من قوانغشي وبكين ولندن ومراكز علمية أخرى إعادة بناء الجمجمة في عام 2023، تحت إشراف شيه قوانغماو باستخدام أساليب الكمبيوتر والنمذجة ثلاثية الأبعاد.

كما استخدم الباحثون أيضا القياسات الهندسية للمقارنة بين شكل الجمجمة والأشكال الحديثة؛ إذ أظهر التحليل أن الجمجمة أكبر من جماجم الإناث الحديثة، ولكنها أصغر من جماجم الذكور، وأن شكلها أقرب إلى جماجم الإناث ذات عظم جبهي عالي.

أخبار ذات صلة الصين: مستعدون لأداء "دور بناء" لإنهاء الأزمة في أوكرانيا لافروف: اللقاء مع وانغ يي يمهد لقمة روسية صينية في مايو

وتوفر منطقة قوانغشي، باعتبارها نقطة رئيسية بين شرق وجنوب شرق آسيا، فرصا فريدة لدراسة الهجرات وتطور البشر القدماء، ويقول شيه إن دراسة جمجمة كهف ياهواي تقدم معلومات قيمة عن الخصائص الجسدية للإنسان المبكر في جنوب الصين وحركاته.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الجمجمة هي الوحيدة المحفوظة بالكامل في منطقة جنوب الصين، ما يسمح بتحديد عمرها وطبقة وجودها بشكل دقيق. لذلك يعتبر هذا الاكتشاف مهما لدراسة تنوع البشر الأوائل، وهجراتهم، وتفاعلاتهم، وعادات الدفن الخاصة بهم.

ووفقا للباحثين يوفر هذا العمل أدوات ومواد منهجية مهمة لدراسة الخصائص الجسدية للبشر القدماء، وتطور ملامح وجوههم.

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: العلماء الصين الآثار

إقرأ أيضاً:

نظرة بعين أخرى.. الإنسان قبل الاسم والقبيلة

إسماعيل بن شهاب البلوشي

منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وجعله خليفة في الأرض، ارتبطت هويته الأولى بكونه "إنسانًا" قبل أن تُلصق به أسماء أو تُرسم حوله حدود أو تُنزل عليه أديان ومذاهب وجنسيات. وحين نجرّد البشر جميعًا من هذه التصنيفات، يبقى الأصل واحدًا: بشرية مشتركة تبدأ من آدم وتتفرع إلى أمم وشعوب وقبائل، لكن حقيقتها أنها تعود إلى جوهر واحد.

هذا الإدراك البسيط -أن الإنسان هو أولًا إنسان- كفيل بأن يغيّر الكثير من مفاهيمنا الراسخة. لكن، ما إن يبدأ الفرد أو الأمة بالاعتقاد بأنهم مختلفون عن غيرهم أو متميزون بامتياز إلهي مطلق، حتى تبدأ العثرات التاريخية وتتوالى الانكسارات.

العرب بين الشعور بالخصوصية والوقوع في المطبات التاريخية

الأمة العربية، ومن بعدها الأمة الإسلامية، وقعت منذ قرون في مطبات متكررة جعلت تاريخها أشبه بسلسلة من النهوض والانكسار. والسبب -في رأيي- هو تضخيم الفكرة القائلة بأنها "الأمة المختارة"، أو أن الله عز وجل خصّها دون غيرها بالتكريم والجنة والخطاب المباشر.

هذا الاستحسان الذاتي ولّد شعورًا خطيرًا: أن العمل لم يعد ضروريًا، وأن مجرد الانتماء يكفي. فتحولت الرسالة السماوية من دين عمل وجهد وإعمار للأرض إلى دين شعارات وقشور. وغاب عن الأذهان أن الإسلام -كما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم- كان دين حركة وعمل وفعل، لا دين جدل وفرقة وتشدد.

ومن هنا تبنّى المتعصبون والمتشددون فكرة أن هذه الأمة في تقاطع دائم مع البشرية، وأنها معزولة عن العالم، بينما الحقيقة أنها جزء أصيل من هذا العالم، تشعر كما يشعر الآخرون، وتنجح وتفشل كما ينجح الآخرون ويفشلون.

القراءة الكاملة للإنسانية في القرآن

من يقرأ القرآن الكريم قراءة شمولية، سيجد أن الخطاب موجّه للبشرية جمعاء. وخير شاهد على ذلك سورة الزلزلة التي هي بهذا الوضوح: {إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها * يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} صدق الله العلي العظيم.

هذه السورة وحدها تكفي كدراسة متكاملة لبيان أن الحساب والثواب والعقاب مرتبط بالإنسان -أي إنسان- وليس بفئة أو عرق أو مذهب. الجميع مخاطب، والجميع محاسب، والجميع مشمول برحمة الله وعدله.

القبول قبل الاختلاف

لذلك، على الأمة العربية والإسلامية أن تعيد التفكير في موقعها بين الأمم، وألا تظن أنها مختلفة عن البشر اختلافًا جوهريًا. الاختلاف الحقيقي هو في مقدار العمل، في الإبداع، في الصدق، في الإخلاص، وفي إعمار الأرض.

علينا أن نقبل أنفسنا أولًا: ألواننا، أشكالنا، أعمارنا، تنوعنا، قبل أن نتحدث عن قبول الآخرين. فالبشرية ليست نسخًا متطابقة، وإنما لوحة ملونة عظيمة أرادها الله كذلك لحكمة.

كما أن كثرة الممنوعات والتحريمات الشكلية لن تصنع إنسانًا كاملًا، بل ستقوده إلى وهم الكمال دون جوهره. الكمال يتحقق بالعمل، بالصدق، بالعدل، وبالمشاركة الإنسانية لا بالانعزال أو بادعاء الأفضلية.

العودة إلى الجوهر الإنساني

إن إعادة القراءة التاريخية، وإعادة التفسير الإنساني للرسالات السماوية، ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية. فالبشرية اليوم تواجه تحديات مشتركة: الفقر، الحروب، التغير المناخي، الظلم الاجتماعي، وكلها لا تفرق بين عربي وأعجمي، بين مسلم وغير مسلم.

 

إذا كان الإسلام قد جاء ليكون رحمة للعالمين، فإن أعظم خيانة لهذه الرسالة أن نحصرها في جماعة ضيقة أو مذهب أو جنسية. ولو أدرك المسلمون هذه الحقيقة، لما كانوا في عزلة فكرية، ولما ظلوا يتنازعون على الفروع وينسون الأصول.

وأخيرًا.. إن المطلوب اليوم أن نعيد ترتيب أولوياتنا: أن نفكر كجزء من البشرية، لا كأمة متفردة. أن نقرأ القرآن بعيون الإنسانية لا بعيون العصبية. أن نفهم أن "من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره" تعني كل إنسان، أيًا كان لونه أو لغته أو دينه.

حينها فقط يمكن أن ينهض العرب والمسلمون من مطبات التاريخ المتكررة، ويتحولوا من أمة شعارات إلى أمة عمل، ومن أمة ترفع الأصوات إلى أمة تصنع الأفعال. فالله سبحانه وتعالى لا يميز إلا بالعمل، ولا يكافئ إلا بما قدمت الأيدي، أما الأسماء والشعارات والقبائل فهي تفاصيل عابرة أمام عدل الخالق عز وجل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • نظرة بعين أخرى.. الإنسان قبل الاسم والقبيلة
  • الإيجابية السامة وفن التخلي
  • بعوضة «شيكونغونيا» تثير القلق جنوب الصين… والسلطات تتدخل بقوة
  • جنوب سيناء خلال 24 ساعة.. آلاف الحضور في حفل جنيفر لوبيز بشرم الشيخ.. وتفاصيل مقترح منطقة حرة
  • إنشاء منطقة حرة بشرم الشيخ لدعم الصادرات الزراعية في جنوب سيناء | تفاصيل
  • أصل الأنواع.. إنسان أحمد عبد اللطيف!
  • الصين.. 60 قتيلاً ودمار واسع في بكين وخبي وسط فيضانات هي الأعنف منذ عقود
  • عشرات القتلى إثر أمطار غزيرة في الصين
  • ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة شمال الصين
  • وزيرة الشؤون الخارجية في جامايكا تشيد بمبادرة المملكة لنقل التوأم الجامايكي الملتصق “أزاريا وأزورا” إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية