في عالم السياسة السودانية، حيث تتكرر الأزمات وتُعاد إنتاج الأخطاء، يبدو التقدُّم كحلم معطّل، أو ربما كذبة تُسَوَّق في كل مرحلة باسمٍ جديد. فكلما ظنّ الناس أنهم تجاوزوا الماضي، عاد إليهم بأقنعة مختلفة.
منذ الاستقلال، كانت معركة السودان الكبرى مع التقدُّم، لكنه ظلَّ مؤجلاً، إما بسبب القادة الذين استبدلوا الولاء للوطن بولاءات أخرى، أو بسبب الأحزاب التي جعلت الديمقراطية شعارًا دون أن تمارسها داخليًا، أو بسبب الحركة الإسلامية التي قادت السودان لعقود، لكنها لم تستطع خلق مشروع يوازن بين الدين والسياسة دون أن يتحوّل إلى أداة تسلطية.
الإسلاميون بين الأيديولوجيا والسلطة
الحركة الإسلامية السودانية، التي حملت شعار "الإصلاح والتغيير"، وجدت نفسها في مأزق مزدوج: بين منطق الدعوة ومتطلبات الحكم، بين خطاب المبادئ وحسابات المصالح، وبين خطاب "التمكين" الذي انتهى إلى عزلة سياسية ومجتمعية. كانت قيادة الترابي للمؤتمر الشعبي مثالًا على هذا التخبّط، فبينما أراد أن يكون مجددًا، أدار الأمور أحيانًا بعاطفية أقرب إلى الرغبة في الانتقام ممن خاصموه سياسيًا.
أما الإسلاميون الذين بقوا في السلطة، فقد تورطوا في الدولة العميقة التي صنعوها بأنفسهم، ولم يعد السؤال: "هل هم جزء من الحل؟" بل: "هل يمكنهم الخروج من كونهم جزءًا من المشكلة؟"
الأحزاب التقليدية... ديمقراطية بالخطابات فقط!
الحديث عن غياب الديمقراطية داخل الأحزاب السودانية ليس جديدًا. منذ الأربعينيات، كانت الأحزاب تُدار بعقلية "الزعيم الملهم"، وكلما تغيّر الزمن، لم تتغير العقليات. لا تزال الزعامات تُورَّث، والخلافات لا تُحسم بالتصويت، بل بالانشقاقات والتكتلات.
كيف لحزب أن ينادي بالديمقراطية في الدولة، وهو لا يمارسها داخله؟ كيف لحزب أن يتحدث عن التجديد، وهو يعيد إنتاج نفس القيادات التي ظلت في الواجهة لعقود؟
الولاء المزدوج... بين الخارج والداخل
من أكبر معضلات السياسة السودانية أن كثيرًا من الفاعلين السياسيين لا ينتمون للسودان وحده. بعضهم يدين بالولاء لتنظيمات عابرة للحدود، وبعضهم يرتبط بقوى خارجية تموّله، وبعضهم يوازن بين "الخطاب الوطني" والعلاقات الخاصة التي لا تُقال في العلن.
هذا الولاء المزدوج يجعل التقدُّم مستحيلاً، لأن القرارات تُصنع بناءً على حسابات خارجية، لا على ما يحتاجه الشعب. كيف يمكن الحديث عن استقلالية القرار الوطني، إذا كانت بعض القوى السياسية تنتظر الإشارة من الخارج قبل أن تتحرك؟
ما بعد العيد... هل سنفكر؟
نعود بعد كل أزمة إلى نقطة الصفر، نعيد نفس النقاشات، ونحاول أن نصلح ما فسد، ثم تتكرر الأخطاء، وكأن السودان محكوم بلعنة الدوران في نفس الحلقة.
لكن إذا كان هناك شيء واحد بقي للفقراء في هذا البلد، فهو الضحك. إنها النعمة الوحيدة التي نجت من الخراب، والتي سنحملها معنا من فجر التاريخ إلى نهايته. وسأظل أنا، الضاحك الأعزب الفقير، أرى جيلاً قادمًا من الرجال سيعيش هذه المتناقضات في نموذج أكثر تطورًا، كأنهم "الفقير الروبوت" في عصر الذكاء الاصطناعي!
أما السياسة؟ فستبقى تدور في دوائرها، حتى نجد لحظة حقيقية لنسأل أنفسنا: هل كل تقدُّم هو تقدُّم حقيقي؟ أم أننا فقط نتحرك... في المكان؟
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بعد تركيبها لرموش اصطناعية… مضاعفات بعين زبونة تجر صاحبة محل تجميل للعدالة
تابعت محكمة الشراقة اليوم الإثنين صاحبة محل تجميل و حلاقة بتهمة تعريض السلامة الجسدية. وحياة الغير للخطر. وذلك على خلفية شكوى قيدتها ضدها إحدى زبوناتها تتهمها بالتسبب لها في مضاعفات خطيرة على مستوى العين. بعد عملية لتكريب الرموش الاصطناعية التي خضعت لها بمحلها.
وقيدت الضحية شكواها أمام مصالح الأمن تفيد أنها خضعت لعملية تركيب لرموش الصناعية. بمحل تجميل و حلاقة غرب العاصمة،. غير انها أصيبت بمضاعفات خطيرة صاحب ذلك أدى لاحمرار حاد في عينها اليسرى. ورجحت في استخدام مواد منتهية الصلاحية أدى لتلك المضاعفات وتحصلت على شهادة طبية تثبت العجز لمدة 5 أيام.
كما وجهت أصابع الاتهام لصاحبة المحل، هاته الأخيرة التي حضرت جلسة المحاكمة لمعارضة الحكم الغيابي الصادر ضدها و القاضي بادانتها بعام حبسا نافذة مع 50 ألف دج غرامة مالية. عن تهمة تعريض السلامة الجسدية وحياة الغير للخطر .
في حين، أشارت في فحوى تصريحاتها أنها لم تستطع التعرف على الضحية المزعومة التي غابت عن المحاكمة اليوم. وأكدت أن العديد من الزبونات خضعن لعملية تركيب الرموش الاصطناعية في تلك الفترة. وأنها لم تتلقى ولا شكوى من أي واحدة منهن.
كما أشارت أنه من غير المعقول أن تستعمل مواد منتهية الصلاحية في عملية تركيب الرموش على العين. بحكم ان العين عضو جد حساس بجسم الانسان. وأشار دفاعها أن موكلته لا تستطيع أن تغامر بسمعة محلها ومستقبلها المهني باستعمال مواد غير صالحة. وأكد أن الضحية أصيبت باحمام في العين الأسرى فقط. وأن ذلك يشير لتعرضها لحساسية فقط، ولا يمكن أن تكون المواد منتهية الصلاحية. وطالب بافادة موكلته بالبراءة.
وكيل الجمهورية من جهته التمس توقيع عقوبة عام خبسا نافذة مع 50 ألف دج غرامة مالية.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور