غزة.. تأييد الأزهر لفتوى اتحاد العلماء ورد لبيان المفتي
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
أخرج الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى منذ أيام تتعلق بما يجري في أرض غزة، حث فيها المسلمين على واجب القيام نحو العدو المحتل، ولم تخرج الفتوى ولا البيان الذي صدر فيما بعد أيضا عن الاتحاد، عما صدر عن الأزهر الشريف طوال تاريخه، حول نفس المواقف، إلا فيما تحول فيه الموقف وقادته الرؤية السياسية المحلية فقط، وهو النادر في تاريخه، بينما الأصل هو ما حفظ عبر مؤتمراته وبياناته.
المفتي يرد على نفسه:
وبعد صدور موقف الاتحاد، خرج بيان عن مفتي الديار المصرية الدكتور نظير عياد، يهاجم ما ذهب إليه اتحاد العلماء، في بيان سياسي بامتياز، يكاد يشك أن يكون كاتبه مفتي يعلم يقينا الموقف الشرعي مما أعلنه الاتحاد بغض النظر عن التوافق أو الاختلاف المؤسسي بين الاتحاد ودار الإفتاء، فلم يكن البيان ولا الفتوى متعلقة بأمر حزبي أو سياسي متحزب، بل متعلق بقضية من أهم قضايا الأمة، وهي قضية فلسطين وغزة، وما يجري فيها من الاحتلال الصهيوني.
العجيب أن المفتي كان منذ شهور أمينا عاما لمجمع البحوث، والتي لو رجع إلى بياناته ومؤتمراته، فلن يجد أي خلاف بين ما ذهب إليه الاتحاد والمجمع والأزهر كذلك، والأعجب أن المفتي نفسه حين كان أمينا عاما لمجمع البحوث، أخرج كتابا في أربعة أجزاء بعنوان: (الأزهر والقضية الفلسطينية) جمع فيه البحوث التي تحدثت عن فلسطين، والواجب نحوها، وكتب لكل جزء مقدمة، يؤيد ما جاء فيها ويدعمه، وقد عرضنا لهذا الكتاب هنا على موقع عربي21 منذ عام تقريبا.
الأزهر يرد على المفتي
ولو رجع المفتي لهذه الكتب، ولمؤتمرات مجمع البحوث، سيجد اتحاد العلماء أقل درجة من الموقف الفقهي، وأنه أخف في العبارات والتوجه من هذه البيانات الأزهرية، ولذا سوف أنشط ذاكرة المفتي بما أشاد به، لقد جمع أربعة أجزاء من بحوث المؤتمر الرابع لمجمع البحوث، والذي عقد في القاهرة في 13 من رجب 1388هـ - 6 أكتوبر 1968م، فقد نشر المفتي حين كان أمينا عاما بحوثه، ولكن لم ينشر توصياته، وسوف أذكر هنا بعض هذه التوصيات، وليقارن القراء والباحثون والمفتي نفسه، بينها وبين ما صدر عن اتحاد العلماء، يقول مجمع البحوث في هذا المؤتمر:
بعد صدور موقف الاتحاد، خرج بيان عن مفتي الديار المصرية الدكتور نظير عياد، يهاجم ما ذهب إليه اتحاد العلماء، في بيان سياسي بامتياز، يكاد يشك أن يكون كاتبه مفتي يعلم يقينا الموقف الشرعي مما أعلنه الاتحاد بغض النظر عن التوافق أو الاختلاف المؤسسي بين الاتحاد ودار الإفتاء، فلم يكن البيان ولا الفتوى متعلقة بأمر حزبي أو سياسي متحزب، بل متعلق بقضية من أهم قضايا الأمة، وهي قضية فلسطين وغزة، وما يجري فيها من الاحتلال الصهيوني.(إن أسباب وجوب القتال والجهاد التي حددها القرآن الكريم، قد أصبحت كلها متوافرة في العدوان الإسرائيلي، بما كان من اعتداء على أرض الوطن الإسلامي، وانتهاك لحرمات الدين أقدس شعائرها وأماكنها، وبما كان من إخراج المسلمين والعرب من ديارهم، وبما كان من قسة ووحشية في تقتيل المستضعفين من الشيوخ والنساء والأطفال.
لهذا كله صار الجهاد بالأموال والأنفس فرضا عينيا في عنق كل مسلم يقوم به على قدر وسعه وطاقته مهما بعدت الديار.
يحيي المؤتمر طلائع الفدائيين والمرابطين على خطوط القتال، ويقدر نضالهم، وصمودهم، وإصرارهم على النصر.
يدعو المؤتمر إلى دعم الكفاح الذي يخوضه أبناء الشعب الفلسطيني وإمداده بكل أسباب القوة التي تضمن له الصمود والتصعيد، وتحقق له هدفه وغايته. كما يدعو إلى دعم الجبهات العسكرية العربية وبخاصة الجبهة الأردنية.
يوصي المؤتمر بحشد كل الطاقات المادية والمعنوية للأمة العربية والإسلامية، وتدريب جميع القادرين على حمل السلاح واستعماله.
يدعو المؤتمر جميع الحكومات الإسلامية أن تقطع كل علاقة لها مع إسرائيل أيا كانت هذه العلاقة، ويقرر أن التعامل مع العدو في أية صورة من صور التعامل طعنة موجهة للمسلمين جميعا، ومخالفة لتعاليم الإسلام.
يعلن المؤتمر استنكاره الصارخ لمساندة بعض الدول لإسرائيل، وتأييدها لعدوانها، ويعتبر تلك المساندة وذلك التأييد تحديا وعداء للأمة الإسلامية، واستهانة بمشاعر المسلمين.
يعلن المؤتمر أن المسلمين في مختلف بلادهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الأطماع الصهيونية العنصرية في العالم العربي والإسلامي، ولن يتوانوا عن بذل النفوس والأرواح في سبيل الدفاع عن أوطانهم ومقدساتهم، واسترداد أرضهم السليبة).
هذه بعض الفقرات التي وردت في مؤتمر من مؤتمرات عدة للأزهر سواء في فتاوى مستقلة، أو مؤتمرات لمجمع البحوث، وهي خير رد على رفض المفتي فتوى وبيان اتحاد العلماء، وقد كان يمكنه نقاش الفتوى والبيان بشكل آخر، دون هذه الصياغة التي لا تمت للغة العلمية الفقهية بصلة، بل هي بعيدة تماما، وهي بيانات تساند سلطة أو موقفا سلطويا، قد يصح أو يخطئ أحيانا، ولكن في ظل هذا الخذلان لغزة وأهلها، وتجبر من المحتل، فكان يسعه الصمت.
هناك نواحي أخرى يمكن التعليق عليها في بيان الاتحاد، أو الردود التي تمت عليه، وهو ما قام بتغطيته بعض من كتبوا، أو علقوا، لكني أردت التذكير بهذا الجانب الذي ربما يغيب عن البعض، بحكم ندرته، كوثائق الأزهر ومجمع البحوث.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة المواقف فلسطين الاحتلال العدوان احتلال فلسطين غزة مواقف عدوان قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لمجمع البحوث کان من
إقرأ أيضاً:
هل فرملَ قيس سعيد قيادة اتحاد الشغل؟
ظل الاتحاد العام التونسي للشغل منذ تأسيسه قوة فاعلة في المستوى الاجتماعي كما في المستوى السياسي، وظل محافظا على استقلاليته ورمزيته وعلى "شرفه النضالي"، معتزّا بتاريخ مؤسسيه ومردّدا كلمة الشهيد فرحات حشاد: "أحبك يا شعب".
شارك اتحاد الشغل في معركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي وقدم زعيمه شهيدا، كما خاض معركة العدالة الاجتماعية وقدم تضحيات في مواجهة سلطة بورقيبة، سواء في مواجهات 1978 أو فيما يُعرف بـ"أحداث الخبز" سنة 1984.
ظلت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل في مختلف مستويات الهيكلة تحظى بصفة "النضال"؛ لكون مهمتها الأساسية هي الدفاع عن حقوق العمال في وجه رأس المال، وأيضا عن حقوق الأجراء سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.
لم يكن قادة اتحاد الشغل يأخذون مواقف قيس سعيد من الأحزاب والمنظمات مأخذ الجد، فقد كان واضحا في حملته التفسيرية أثناء رئاسية 2019، بكونه لا يؤمن بالأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات، ولا يرى العلاقة إلا مباشرة مع الشعب الذي يعرف كل شيء ويخط دستوره على الجدران
تحولت العلاقة بالسلطة بعد مجيء ابن علي في 1987 إلى علاقة تعاقدية، حيث يتم اتفاق بين السلطة والقيادة النقابية على نسبة في الزيادة تتجدد كل ثلاث سنوات، فلم تشهد العلاقة مواجهات ولا إضرابات مؤثرة في قطاعات حيوية.
بعد 2011 تحول قادة اتحاد الشغل إلى ما يشبه قوة معارضة للسلطة، مارست الضغط في أقصى مستوياته وانتزعت زيادات مهمة وخاضت إضرابات قوية في مختلف القطاعات استطاعت شلّ حركة الاقتصاد وتحدي السلطة، بل وإذلالها أمام الشعب في مناسبات عدة. وقد بدا واضحا للمراقبين أن قيادة الاتحاد تحولت من مهمتها الاجتماعية إلى مهمة سياسية، حتى أضحت أشبه ما تكون بحزب عقائدي في مواجهة سلطة ضعيفة وعاجزة.
وقد شهد الأمين العام السابق للمنظمة حسين العباسي في كتابه "تونس والفرص المهدورة" بكون قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل ومنذ البداية؛ أقامت علاقتها مع حكومة حمادي الجبالي على التوجس والعداوة، وقد جاء في كتابه بالصفحة 157: "كانت هناك مؤشرات كثيرة على تقدم الإسلام السياسي الذي لم يكن يخفي العداوة لبعض الأحزاب وبعض المنظمات ومن ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل. وعلى الرغم من أن الاتحاد لم يكن طرفا في انتخاب المجلس التأسيسي، فقد كانت هناك هجومات على قيادات الاتحاد، وكانت كل الدلائل تشير إلى أن الاتحاد سيمر بفترات صعبة في مواجهة الإسلام السياسي".
وفي تناسل الفعل ورد الفعل، تعرض قادة اتحاد الشغل إلى حملات على صفحات الفيسبوك ثم تعرضت مقراته إلى إلقاء فضلات المنازل، قبل أن يكون الحدث الكبير يوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2012 حين هاجم عدد من الشباب الغاضب ساحة محمد علي الحامي، حيث مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، ورُفعت شعارات منددة بممارسات القيادة المركزية للاتحاد بسبب دعواتها المستمرة للإضرابات.
لقد ضيّق قادة اتحاد الشغل على الحكومة يومها الخناق حتى تداعت للانهيار، ليكون الاتحاد طرفا رئيسا في تنظيم عملية "السقوط" تحت عنوان "الحوار الوطني"، بل وتسلم الأمين العام حسين العباسي يومها جائزة نوبل للسلام ضمن الرباعي الراعي للحوار.
لقد شجع أغلب قادة المركزية النقابية قيس سعيد على إيقاف مسار التدرّب الديمقراطي ثم باركوا تفعيله للفصل 80 من الدستور يوم 25 تموز/ يوليو 2021، كانوا يظنون أنه سيكتفي بإزاحة الإسلام السياسي من المشهد وأنه سيتخذ منهم شركاء في المرحلة الجديدة.
لم يكن قادة اتحاد الشغل يأخذون مواقف قيس سعيد من الأحزاب والمنظمات مأخذ الجد، فقد كان واضحا في حملته التفسيرية أثناء رئاسية 2019، بكونه لا يؤمن بالأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات، ولا يرى العلاقة إلا مباشرة مع الشعب الذي يعرف كل شيء ويخط دستوره على الجدران.
شعر قادة الاتحاد بالإهانة حين لم يُدعَوا إلى حوار اجتماعي لتدارس الأوضاع الاجتماعية وللتحاور حول الأجور لمواجهة تدني القدرة الشرائية لطبقة واسعة من التونسيين، ولعلهم أرادوا أخيرا اختبار جدّية موقف قيس سعيد منهم حين دعوا إلى إضراب في وسائل النقل العمومي لثلاثة أيام تعطلت فيها مصالح الناس، وكانت فرصة لأنصار الرئيس لتنظيم وقفة احتجاجية في ساحة محمد علي يوم 07 آب/ أغسطس الجاري، رفعوا فيها شعارات مهينة لأولئك "القادة".
وعلى الرغم من المساندة الواسعة لاتحاد الشغل من عدة أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية، فإن قيس سعيد أبدى بكل وضوح مساندته للمحتجين؛ مدافعا عنهم ونافيا أن تكون لهم نوايا اعتداء على منظمة حشاد، ولم يتردد في مهاجمة قيادات الاتحاد؛ موجها إليهم عبارات مسيئة مفادها أنهم لا يبالون بمشاكل الناس المعيشية وأنهم يجتمعون في النزل الفاخرة، بل ومهددا بوجود ملفات فساد لن يتأخر في فتحها وفي تفعيل القانون دون محاباة.
ردود فعل قيادة اتحاد الشغل كانت واضحة في اعتبار "الهجوم" ناتجا عن حملات تحريض وتشويه، وهو ما جاء في بيان صادر عن المكتب التنفيذي في نفس يوم الحادثة جاء فيه أنه "يُدين هذه الجريمة النكراء التي جاءت نتيجة حملات التجييش والتحريض التي يقوم بها أنصار الرئيس".
الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي، وفي حوار إذاعي، نسب الهجوم إلى من اعتبرهم "غوغائيين" و"غرباء" عن الاتحاد، واعتبر تصريح قيس سعيد بخصوص الحادثة "خاطئا"، معتبرا أن الهجوم على الاتحاد كان سببه عبر التاريخ هو وجود أزمات اجتماعية، وحمّل وزارة الشؤون الاجتماعية والحكومة مسؤولية غياب حوار اجتماعي، مؤكدا أن اتحاد الشغل لن يتخلى عن دوره في الدفاع عن حقوق العمال في ظل ارتفاع الأسعار.
القيادي البارز في المركزية النقابية سامي الطاهري كان أكثر وضوحا في تحميل المسؤولية للخطاب الرسمي، وقد نشر نصا مطولا على صفحته جاء فيه:
موقف قيس سعيد من القيادة النقابية يجد أيضا دعما واسعا في أوساط عموم الناس، لا فقط بسبب تقصير قيادة الاتحاد في خوض المعركة الاجتماعية، وإنما أيضا بسبب انخراط تلك القيادات في حسابات سياسية على حساب مهمتها الحقيقية
"الاعتداء الهمجي اليوم على مقر الاتحاد كان معلوما سلفا وكانوا يعدون له العدة منذ أيام ويحشدون عبر "اللايفات" ليلا نهارا ويوم الأحد، ورغم ذلك فشلوا ذريعا، ومن أقدم على الاعتداء هم "أنصار الرئيس" وفي رواية أخرى "أنصار المسار" كما يصرحون ويتبجحون، والوجوه معروفة ومكشوفة ومعلنة وموثقة. وإذا لم يكن ذلك كذلك فعلى السلطة بكل مستوياتها أن تتبرأ منهم وأن تتخذ الإجراءات القانونية لتتبعهم على الجرائم التي اقترفوها بهذا الاعتداء الجبان؛ لأن ما قاموا به مخطط ومنهج وممول ولم يكن لا عفويا ولا تلقائيا. المعتدون لا صلة لهم بالعمل النقابي ولا بهياكل الاتحاد.. الاعتداء جاء نتيجة تحريض وتجييش وبث إشاعات وتزييف أخبار وترديد خطاب سياسي رسمي يجرم الإضراب ويصنف المضربين خونة وعملاء يخدمون أجندا أسيادهم".
وكما وجد اتحاد الشغل مساندة واسعة بعد حادثة "الخميس الأسود" كما أطلق عليها "المحتجون"، فإن موقف قيس سعيد من القيادة النقابية يجد أيضا دعما واسعا في أوساط عموم الناس، لا فقط بسبب تقصير قيادة الاتحاد في خوض المعركة الاجتماعية، وإنما أيضا بسبب انخراط تلك القيادات في حسابات سياسية على حساب مهمتها الحقيقية، وأيضا لكون قيس سعيد استطاع أن يظهر أكثر حرصا في المسألة الاجتماعية سواء في مراجعة قانون التشغيل والدعوة إلى إلغاء التشغيل الهش، أو بالشروع في تسوية الوضعيات العقارية لمئات آلاف المساكن، أو بقرار ترسيم المتعاقدين وقتيا في مجال التعليم.
والسؤال هو: هل ينجح قيس سعيد في سحب الملف الاجتماعي من بين يدي قادة اتحاد الشغل؟ وهل يقدر على تقديم رؤية مجدية عمليا دون حاجة لمكاتب الدراسات المتخصصة داخل هياكل اتحاد الشغل؟
وفي الجانب الآخر، إلى أي حدّ سيصمد قادة الاتحاد أمام أشغال "التجريف" التي بدأها قيس سعيد مع الأحزاب وبعض الهيئات ولن يستثني منها منظمات عريقة لا يُخفي عدم اعتقاده بجدواها؟
x.com/bahriarfaoui1