لبنان ٢٤:
2025-10-15@18:39:53 GMT

الموت يغيب من كان صوت الذين لا صوت لهم

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

الموت يغيب من كان صوت الذين لا صوت لهم

غيّب الموت ناشر صحيفة "السفير" الصحافي طلال سلمان، الذي أراد ان تكون صحيفته "صوت الذين لا صوت لهم"، فعمل طوال عمله الصحافي على أن يكون هذا الشعار واقعًا جسّده في تعاطيه اليومي مع جميع الذين عايشوه، داخل الصحيفة وخارجها.  

بشخصيته الفريدة وبصوته المميز استطاع الراحل، الذي صرعه المرض، أن يحظى باحترام جميع الذين كانوا يؤيدون نظرته السياسة كما الذين لم يكونوا يتفقون معه.

فهو كان ملتزمًا حتى العظام بما كان يؤمن به، وبما كان يجاهد من أجل تحقيقه، فكانت صحيفة "السفير" منبر حوار مفتوح ومن دون شروط، وكانت تحمل ما بين صفحاتها نفسَه، فكانت مميزة في التصويب والتشخيص وحتى الانتقاد. 

لم يكن يعرف طلال سلمان أن يمالق أو يساير. كان يقول رأيه بكل صراحة وجرأة وموضوعية واتزانن ولكن من دون تجريح. عدوه الأوحد كانت إسرائيل وما تمثله من خطر على القضية الفلسطينية ولبنان. حاربها ببسالة بقلم من رصاص، ولم يطلق عليها طلقة واحدة. لكن كلماته و"منشتات" "السفير" كانت كافية لتصيبها في مقتلها. دافع عن القضية الفلسطينية كأنها واحدة من أبنائه، وكان يطالب بأن تكون القضية الوحيدة للعرب. 

حاور الجميع وكان في حواره راقيًا، ولكن من دون مهادنة، حتى ولو أن رأيه لم يكن يعجب كثيرين. 

مات طلال سلمان مرتين: الأولى عندما أجبرته الظروف الاقتصادية على اقفال صحيفة "السفير"، والثانية عندما أطبق عينيه عن عالم أحبّه حتى النفس الأخير، وكانت له فيه بصمات مشرقة.   

ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار عام 1938، والده إبراهيم أسعد سلمان، ووالدته فهدة الأتات، وتزوّج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهما: هنادي وربيعة وأحمد وعلي. 

في أحدث مؤلفاته "كتابة على جدار الصحافة" (دار الفارابي، 2012) وهو أقرب إلى الجزء الأول من سيرة حياة يصف طلال سلمان خطواته على الطريق إلى الصحافة بمقدار ما يصف حال الصحافة اللبنانية وتطوّر مسيرتها لتصير "صحافة العرب الحديثة". أما مسيرته فمسيرة شاقة، بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ "واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة" كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مصحّحاً في جريدة "النضال"، فمخبراً صحافياً في جريدة "الشرق"، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة "الحوادث"، فمديراً للتحرير في مجلة "الأحد". وفي خريف العام 1962 أصدر في الكويت مجلة "دنيا العروبة"، ليعود إلى بيروت ليعمل من جديد في "الصياد" و"الأحد" حتى تفرّغ لإصدار "السفير" في أواخر العام 1973، وهو عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976. اشتهر أيضاً بحواراته العميقة مع غالبية الرؤساء والمسؤولين العرب.  

كان الرأي العام يترقب افتتاحياته اليومية بعنوان "على الطريق"، والتي تميّزت بالوضوح السياسي وصلابة الموقف. ويترقبّه بحماسة مماثلة في "نسمة"، الشخصية التي ابتدعها في "هوامش" يوم الجمعة، وهي شخصية ذات دفء وجداني حميم ترسم "بورتريهات" للمسرح السياسي والثقافي والأدبي، وتصوّر صدق المشاعر الإنسانية وشغفها بالحياة وحماستها لها ولأخلاقيات الذوق الرفيع. 

تميّزت شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرّضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 تموز 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره. 

ومع غيابه يخسر لبنان وجهًا صحافيًا ألمعيًا، ستفتقده الصحافة اللبنانية من بين الأسماء الكبار. 

أسرة "لبنان24" تتقدم من عائلة الراحل بأحر التعازي سائلة المولى أن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله ومحبيه العزاء والصبر والسوان.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هل تخلد جدة اسم الرابغي

رحم الله أستاذنا الكبير والإعلامي المدرّس علي محمد الرابغي (أبو مروان)، ذلك الاسم الذي اقترن بتاريخ الإعلام السعودي، وبذاكرة جدة التي أحبها وعاش من أجلها، وخلّدها في مقالاته وأحاديثه وابتسامته الحاضرة دائمًا. فقدت جدة برحيله أحد أبنائها البررة الذين جمعوا بين الفكر والخلق والوفاء، وأحد أعمدة الصحافة الذين ساهموا في صياغة الوعي الإعلامي الوطني لعقود طويلة.
ولعل من الوفاء الذي يستحقه هذا الرجل أن تحمل أحد شوارع جدة اسمه، تخليدًا لمسيرته الحافلة بالعطاء، وتكريمًا لرمز أعطى للوطن بصدق، وللمجتمع بمحبة، وللمهنة بإخلاص لا يُجارى. إن إطلاق اسم “شارع علي الرابغي” لن يكون مجرد لافتة على طريق، بل سيكون رسالة وفاء من مدينة احتضنها واحتضنته، عرفته مخلصًا لها في كل حرف كتبه، وصوتًا إذاعيًا قدّم من خلاله الكلمة المسؤولة والطرح الهادف.
عاش الرابغي مسيرة حافلة منذ ولادته عام 1939م في مدينة رابغ، حيث نشأ في بيئة متواضعة حفّزت فيه حب العلم والثقافة منذ الصغر. بدأ حياته العملية في سلك التعليم قبل أن ينتقل إلى ميادين الصحافة والإذاعة والتلفزيون، ليصبح واحدًا من أبرز الأسماء التي أسهمت في تأسيس الصحافة الرياضية في المملكة، وفي تطوير المشهد الإعلامي المحلي.
تقلّد مناصب رفيعة في كبريات الصحف السعودية، منها إشرافه على الصفحات الرياضية في جريدة “البلاد”، ورئاسته للقسم الرياضي في صحيفة”عكاظ”، وإشرافه على القسم الرياضي في”الشرق الأوسط”. وظل كاتبًا عموديًا ثابت الحضور في “عكاظ” حتى سنواته الأخيرة، وتميز قلمه بالاتزان والموضوعية، وبقدرته على تناول الشأن الرياضي والاجتماعي والثقافي بوعي المثقف وصدق الإنسان.
وفي الإذاعة والتلفزيون، كان صوتًا مميزًا وقدّم برامج أسهمت في رفع مستوى الوعي الاجتماعي بأسلوب هادئ وحضور متزن. امتدت مسيرته لأكثر من ستة عقود شهدت خلالها المملكة تحولات فكرية وثقافية وإعلامية كان للرابغي فيها بصمته الواضحة.
كان الأستاذ علي الرابغي ـ كما وصفه الأستاذ خالد المالك ـ صاحب خلق وتواضع وتواصل لا ينقطع، عرفه الجميع ببشاشته وإنصاته وحرصه على تقدير الزملاء والجيل الجديد من الإعلاميين. ورغم مرضه في سنواته الأخيرة، بقي متفائلًا مبتسمًا، محاطًا بأسرته وأحفاده الذين نهلوا من قيمه وطيب معدنه.
توطدت علاقتي بالأستاذ علي الرابغي خلال عملي مديرًا للعلاقات العامة والإعلام في أمانة جدة؛ كان أحد الأقلام التي نثق بمهنيتها وموضوعيتها، نتبادل معه الرأي والنقاش بكل ود واحترام. لم يكن مجرد كاتب صحفي يطرق الأبواب بحثًا عن سبق أو خبر، بل كان مفكرًا نبيلاً يكتب بقلبه قبل قلمه، ويبحث في قضايا الناس بروح المسؤول لا بروح المزايدة.
أتذكر عندما كان يذكر اسمي في مقالاته بكل لطف، يُثني على ما يراه من جهد، أحرجني عدة مرات بكرمه اللفظي ونبله الدائم. كنت أقول له ممازحًا: “أبا مروان، خفف من الإطراء”، فيضحك ويقول:”من يستحق الذكر، لا يُنقصه التواضع شيئًا”. تلك الجملة بقيت عالقة في ذهني، مثل بصمته التي لا تُمحى.
جدة التي عاش فيها الرابغي وكتب عنها تستحق أن تكرّم أبناءها الذين خدموها بإخلاص، ولهذا فإن إطلاق اسمه على أحد شوارعها ليس فقط واجب تقدير، بل هو امتداد لثقافة الوفاء التي تليق بهذه المدينة وتاريخها.

مقالات مشابهة

  • مندوباً عن الأمير الحسن .. وزير الأوقاف يفتتح مسجد الفتح “لواء 40”
  • مدير الأمن العام يبحث مع السفير الفرنسي تعزيز التعاون الشرطي والأمني بين الأردن وفرنسا
  • الكاتب والإعلامي “طلال قستي” يثري المكتبة السعودية بـ”نبض الأيام”
  • هل تخلد جدة اسم الرابغي
  • الموت يغيب الفنان السوداني علي كايرو بعد يومين من إعلان توبته والحزن يخيم على مواقع التواصل الاجتماعي
  • المشير “حفتر” يستقبل السفير البريطاني ويؤكد دعم العملية السياسية في ليبيا
  • الموت يغيب شقيق ميادة الحناوي.. و«الفنانين السوريين» تنعيه
  • السفير حسام زكي : نثمن الدور المصري في إدخال المساعدات إلى غزة ونأمل نهاية كاملة للحرب
  • وزير الشؤون الإسلامية يبحث مع «أوقاف طلال» سبل التعاون لتمكين رعاية الأمومة والطفولة
  • توفير تجربة تعليمية تفاعلية لجميع فئات المجتمع.. تدشين مبادرة اكتشاف الشغف وإطلاق القدرات بالعلوم والتقنية