عربي21:
2025-06-15@12:11:28 GMT

التخلي عن السلاح ووقف الحرب والبديهيات المغيّبة

تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT

أثار تقديم الوسيط المصري عرضا للمقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق النار يتطرق لفكرة تخليها عن السلاح جدلا واسعا، ليس فقط لأن الأمر يطرح لأول مرة بهذا الشكل في سياق المفاوضات، ولكن أيضا لأنه أتى من الوسيط المصري مباشرة، على ما ادعى مسؤولون في دولة الاحتلال ونفاه مصريا رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، وليس مسؤولا رفيع المستوى.



كما دائما، تزامنت مع هذا العرض المستهجن حملة مكثفة ضد المقاومة وتحديدا حركة حماس ضمن مساعي الضغط عليها وتحميلها مرة أخرى مسؤولية الدماء المهراقة؛ من زاوية أن العرض المقدّم هو الفرصة الأخيرة لوقف الحرب، وهي حملة شارك بها كالعادة مسؤولون "إسرائيليون" ووسائل إعلام عربية ونشطاء على وسائل التواصل يدورون في فلك الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

فهل العرض فعلا منطقي وواقعي؟ وهل هو قادر فعلا على وقف إطلاق النار؟

في المقام الأول، وبافتراض أننا تخطينا مسألة كون دول عربية وسيطا بين أشقائها وقاتليهم، فإن العرض الأخير يشكل خروجا تاما عن نسق المفاوضات التي بدأت مع الحرب باتجاه مواضيع خارج إطار التفاوض، ما يعني تأزيم المسار لا تسهيله. كما أن طرح مسألة تعدُّ من المحرمات مثل سلاح المقاومة هو شرط تعجيزي لا يصدر عمن يريد الوصول لاتفاق.

سؤال وجيه وجوهري يرتبط بضمانات وقف إطلاق النار في حال قبلت المقاومة الفلسطينية نقاش مسألة السلاح. وما زال سلوك الاحتلال بعد الاتفاق الأول شاهدا، من عدم الالتزام لإعاقة البروتوكول الإنساني، إلى عدم الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، فضلا عن تأكيد مسؤولين على رأسهم نتنياهو نيّة حكومة الاحتلال استئناف الحرب بعد حصولها على الأسرى
ثم سيكون هناك سؤال وجيه وجوهري يرتبط بضمانات وقف إطلاق النار في حال قبلت المقاومة الفلسطينية نقاش مسألة السلاح. وما زال سلوك الاحتلال بعد الاتفاق الأول شاهدا، من عدم الالتزام لإعاقة البروتوكول الإنساني، إلى عدم الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، فضلا عن تأكيد مسؤولين على رأسهم نتنياهو نيّة حكومة الاحتلال استئناف الحرب بعد حصولها على الأسرى.

وإذا كان هذا أداء الاحتلال في الحرب الحالية، فإن تاريخه حافل بنقض الاتفاقات والتنصل من الالتزامات، وفي خصوصية السلاح تحديدا ما زال التاريخ شاهدا على مجزرة صبرا وشاتيلا التي خططت لها ونفذتها وشكلت غطاء لها قواتُ الاحتلال مع اليمين الانعزالي اللبناني؛ بعد خروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بعد التفاهمات التي أبرمها المبعوث الأمريكي فيليب حبيب في 1982.

وبافتراض تجاوز كل ذلك، على صعوبته، ما هي المعايير العملية لمنطق "تسليم السلاح"؟ وما هو المقصود بالسلاح الذي يُطلب من الفلسطينيين تسليمه، وهم لا يملكون طائرات ولا سفنا ولا دبابات ولا أيا من أنواع السلاح الثقيل بل والمتوسط، وجلُّ ما بيدهم يدرج ضمن السلاح الفردي؟ وعليه، من الذي سيضمن إقرار "إسرائيل" في أي مرحلة من المراحل بأن الفلسطينيين قد سلموا فعلا ما لديهم من سلاح، وهي صاحبة السجل التفاوضي المعروف منذ ما قبل أوسلو وبعده وحتى اليوم؟!!

لذا، بالعودة لمنطق حملات الضغط والبروباغندا ضد المقاومة الفلسطينية، كيف يمكن تحميل الأخيرة مسؤولية عدم وقف الحرب واستمرار الاعتداءات "الإسرائيلية" بسبب رفضها إلقاء السلاح وخروج قيادات المقاومة لخارج غزة وغير ذلك من الشروط التعجيزية التي قد يطرحها الاحتلال لاحقا، كما رفع مرارا سقف الشروط بعد التوصل لتفاهمات خلال هذه الحرب؟

يعيدنا ذلك إلى منطق تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الإبادة الحاصلة لأنها نفذت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ابتداء، وكأن الإبادة رد فعل منطقي ومتوقع على العملية، أو كأن كل ما مارسته "إسرائيل" حتى اللحظة سببه العملية وفقط.

لقد اجتاحت "إسرائيل" لبنان في 1982 بذريعة "محاولة اغتيال" سفيرها في لندن شلومو أرغوف، وشنت حربها على لبنان عام 2006 بعد أسر حزب الله جنديين "إسرائيليين"، أي أنها شنت أكبر عدوانين لها على لبنان في حين لم تسفك نقطة دم واحدة من طرفها!!

أكثر من ذلك، فقد عمّقت دولة الاحتلال حربها على لبنان في الحرب الحالية رغم التزام حزب الله، خطابا وفعلا، بجبهة إسناد لم تكسر التوازن أو المعادلات القائمة فضلا عن أن تهددها بشكل جذري، كما شنت أكبر عملية في تاريخها ضد سوريا بعد سقوط نظام الأسد رغم أن القيادة الجديدة ليست في وارد الدخول معها في صراع من أي شكل حاليا ورغم تأكيداتها المتكررة بهذا الخصوص، فضلا عن حربها المفتوحة في الضفة الغربية المحتلة التي لا تمتلك أي أسلحة كاسرة للتوازن.

ما حال دون إبادة كاملة وتهجير شامل حتى اللحظة ليس إنسانية الاحتلال ولا عجزه ولا الضغط الدولي عليه، وإنما أوراق القوة النسبية القليلة المتوافرة في يد المقاومة، وهي سلاحها والأسرى وصمود حاضنتها الشعبية في القطاع والتفافها حولها. وهذا ما يضغط الاحتلالُ وحلفاؤه والمتعاونون معه عليه بكل قوة في الآونة الأخيرة
بكلام آخر، لقد شنت "إسرائيل" دائما حروبها الأوسع والأكبر والأكثر فتكا وسفكا للدماء وفق أجندتها الذاتية وخططها المسبقة، وإن تذرعت أحيانا بخطوة هنا أو عملية هناك، وهو ما أكدته تصريحات سموتريتش وبن غفير بخصوص الضفة خلال الحرب، وتصريحات نتنياهو في الأمم المتحدة قبلها. فكيف يستقيم لأي تحليل رصين وتقييم موضوعي أن يجزم بأن حرب الإبادة "الإسرائيلية" ضد غزة سببها -وليس ذريعتها- عملية السابع من أكتوبر وأنها لم تكن لتكون في توقيت آخر وسياق مختلف بذريعة أخرى؟ وبالتالي كيف يستقيم إذن تحميل الفلسطينيين مسؤولية الجرائم التي ترتكب ضدهم؟ فضلا عما في ذلك من "تطبيع" للإبادة وتبرير أفعال الاحتلال، ضمنا لا صراحة طبعا.

جزء مما يدفع البعض لسوء التقدير في السياق الحالي هو إغفالهم أن "إسرائيل" قد تغيرت جذريا. أيَّدْتَ عملية طوفان الأقصى أم عارضْتَها، أحببتَ حماس أم كرهْتَها، لا ينبغي عليك أن تغفل أن هذه الحرب قد غيرت كل شيء ووضعت دولة الاحتلال والقضية الفلسطينية والمنطقة برمتها في سياق مختلف تماما، لم تعد تصلح له ومعه التقييمات السابقة على الحرب.

الكل يدعو لوقف الحرب "بأي ثمن"، والمقاومة ليست استثناء في ذلك، فهي أيضا تريد وقف العدوان بأي ثمن، لكن المهم والمؤثر هنا هو "وقف العدوان" أكثر من "الثمن"، لأن الأثمان المقترحة غير قادرة على وقف الحرب. فالعوامل والتطورات التي يمكن لها أن توقف الحرب أو تساهم في ذلك ما زالت على حالها منذ بداية الحرب، وهي تعرُّض "إسرائيل" لخسائر كبيرة تدفع لقرار وقف الحرب من المستوى السياسي أو المؤسسة العسكرية أو بسبب الضغوط الشعبية الداخلية، أو موقف عربي– إسلامي حقيقي ضد الإبادة ومع وقف الحرب وإدخال المساعدات، أو قرار أمريكي بوقف الحرب. وأي من هذه العوامل لم يحدث حتى اللحظة بالدرجة المؤثرة المنشودة.

أما أي مرونة وتنازلات فلسطينية فلم تؤد حتى اللحظة لتغير جوهري في موقف الاحتلال، بل لعلها أدت إلى تصلب موقفه باتجاه استمرار الحرب، وقد استشهد نتنياهو سابقا بكتابات ومناشدات على وسائل التواصل عدَّها مؤشرا على ضعف المقاومة و/أو الشعب، فدعا لتكثيف الحرب ومواصلة الضغط وليس العكس.

وعليه، ينبغي تركيز جهود من يريد وقف الحرب، فعلا وحقا لا مناكفة واستغلالا، على ما يمكن أن يوقفها.

إن ما حال دون إبادة كاملة وتهجير شامل حتى اللحظة ليس إنسانية الاحتلال ولا عجزه ولا الضغط الدولي عليه، وإنما أوراق القوة النسبية القليلة المتوافرة في يد المقاومة، وهي سلاحها والأسرى وصمود حاضنتها الشعبية في القطاع والتفافها حولها. وهذا ما يضغط الاحتلالُ وحلفاؤه والمتعاونون معه عليه بكل قوة في الآونة الأخيرة: السلاح والأسرى والجبهة الداخلية في غزة، بينما ينبغي لأي مخلص وجادٍّ في حرصه على دماء الناس وحريتهم وقضيتهم أن يعزز أوراق القوة هذه وأن يضغط على المعتدي لا الضحية.

يدرك الجميع أن المقاومة لن تسلم سلاحها وأن الشعب نفسه لن يرضى بذلك، وبالتالي فوقف العدوان لا يتأتى بهذه الطريقة، وإنما بإلزام الاحتلال بما اتفق عليه، ولجْمِهِ عن العدوان بكل السبل المتاحة وهي كثيرة بالمناسبة، لمن صدق.

x.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المفاوضات المقاومة إسرائيليون غزة عدوانين إسرائيل مقاومة غزة مفاوضات عدوان مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة وقف إطلاق النار حتى اللحظة وقف الحرب فضلا عن

إقرأ أيضاً:

أبو عبيدة يعلن التضامن مع إيران ويتوعد الاحتلال: ضرباتكم لن تُثبّت كيانكم الهش

 

أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) – تضامن الحركة الكامل مع إيران في مواجهة الهجوم الإسرائيلي الواسع الذي بدأ فجر اليوم الجمعة، مؤكدًا أن هذا العدوان "لن ينجح في كسر جبهات المقاومة أو ترسيخ أركان الاحتلال".

وقال أبو عبيدة في تصريح رسمي إن "العدوان الصهيوني على إيران جاء نتيجة موقفها الواضح والثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمها الكبير للمقاومة الفلسطينية ومقاوميها الشرفاء".

ووجّه أبو عبيدة التعازي إلى إيران قيادة وشعبًا، مشيدًا بما وصفه بـ"تضحيات القادة الكبار والشهداء الذين ارتقوا نتيجة هذا الاعتداء الجبان".

وأشار إلى أن "العدو الصهيوني واهم إن ظن أن الضربات الغادرة يمكن أن تقوض جبهات المقاومة، أو تثبت أركان كيان هشّ يترنح أمام ضربات المجاهدين في كل الساحات".

وأضاف أن "الاحتلال يواصل ارتكاب أخطاء استراتيجية متتالية، ستقوده نحو حتفه وتسارع من زواله المحتوم"، في إشارة إلى أن هذا التصعيد ضد طهران قد يأتي بنتائج عكسية على حساب الاحتلال الإسرائيلي.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شن، في ساعات الصباح الأولى من اليوم الجمعة، غارات جوية على مواقع داخل إيران، قالت إنها استهدفت منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي، ومصانع صواريخ باليستية، وعددًا من القادة العسكريين، في ما وصفته بأنه بداية "عملية واسعة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند أبو عبيدة يعلن التضامن مع إيران ويتوعد الاحتلال: ضرباتكم لن تُثبّت كيانكم الهش ترامب يتوعد إيران بـ"هجمات أكثر وحشية": أسلحة فتاكة في طريقها إلى الكيان الإسرائيلي المرشد الإيراني يعين قادة جدد للحرس الثوري وهيئة الأركان دعاء لابني للنجاح في امتحانات الثانوية العامة نصائح لحماية ضيوف زفافك من الطقس الصيفي الحار Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًأسعار العملات المشفرة مقابل الدولار

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • فعلها ترامب وليس نتنياهو… ونجحت إيران بالرد
  • تقدير استراتيجي: سيناريوهات لمستقبل السلطة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى
  • محلل فلسطيني: الضربة الإسرائيلية ضد إيران لن تؤثر على قضيتنا
  • تنظيم التصحيح: العدوان الصهيوني على إيران محاولة لثنيها عن دعم المقاومة الفلسطينية
  • عاجل | نتنياهو يحذر: نووي إيران يعني نهاية وجودنا بالمنطقة
  • إصابة جنديين إسرائيليين بجروح خطيرة في اشتباكات مع المقاومة شمال غزة
  • الصدر محذراً من اتساع الحرب بين إيران وإسرائيل: العراق ليس بحاجة لصراعات جديدة
  • أبو عبيدة يعلن التضامن مع إيران ويتوعد الاحتلال: ضرباتكم لن تُثبّت كيانكم الهش
  • “حماس”: عملية حرميش رد مشروع على جرائم الاحتلال
  • أول تعليق من حماس على عملية إطلاق النار قرب مستوطنة حرميش