أكد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خلال كلمته اليوم بالمؤتمر العلمي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن بناء الأوطان لا يتحقق إلا ببناء أركان البنيان، وهو الإنسان، وذلك عبر تعزيز الجوانب العقدية والأخلاقية والعقلية، محذرًا من مخاطر الانسياق وراء المادية المُفرطة وتجاهل القيم الروحية.

 

وحدد الجندي ثلاثة مسارات رئيسية لتحقيق هدف بناء الإنسان، أولها «المسار العقدي والإيماني»، مشيرا إلى دور الأزهر التاريخي في ترسيخ العقيدة الصحيحة، مستشهدًا بجهود علماء كبار مثل السنوسي والحفني والغزالي، مؤكدًا أن منهج الأزهر العقدي يحصن الفرد من محاولات الهدم الفكري، واصفًا تلك المحاولات بـأنها "أوهن من بيت العنكبوت".  

وأوضح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن ثاني مسارات بناء الإنسان هو «المسار الروحي والأخلاقي»، محذرًا من التحديات المعاصرة التي تستهدف القيم، مثل الترويج للشذوذ وهدم كيان الأسرة،
قائلا «لا أعرف زمانًا واجهت فيه الأخلاق والقيم تحديات كهذا الزمان الذي لا تخجل فيه بعض الفئات من التصريح بالشذوذ والعوج، وغير ذلك من الدعوات الهدامة التي تستهدف القيم والأخلاق والأسرة واللغة والعادات والتقاليد»، مشيدًا بمنهج الأزهر في الربط بين العقيدة والسلوك عبر تراث علمائه، ومنهم العز بن عبد السلام وابن حجر العسقلاني، الذين رسخوا مفهوم تهذيب النفس.  

وأضاف الجندي أن «المسار العقلي والمعرفي» هو ثالث مسارات بناء الإنسان، مشددًا على أهمية بناء العقل كأداة لفهم الدين ومواجهة التحديات الفكرية، مستندًا إلى أقوال أئمة الأشاعرة مثل الجويني والفخر الرازي، الذين أكدوا أن العقل "نور يُهتدى به إلى الحقائق"، داعيًا إلى ضرورة تعزيز الابتكار العلمي، مستذكرًا إسهامات علماء مسلمين مثل ابن الهيثم والخوارزمي.  
 
وربط الجندي بين تفكك المجتمعات وإهمال بناء الإنسان، قائلًا: "هدم الإنسان نتيجة حتمية لإهمال الأخلاق والروح"، مستشهدًا بقصة قوم لوط وعقابهم الإلهي،  مشيدًا بدور الأزهر بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ووكيله الدكتور محمد الضويني، في دعم مشاريع بناء الإنسان عبر برامج تعزز الوعي الديني والأخلاقي والتكنولوجي، داعيًا إلى تعاون عالمي لإرساء السلام ومواجهة محاولات زعزعة الاستقرار الإقليمي.  

واختتم الجندي كلمته بتأكيد أن حماية الأوطان مرتبطة بصناعة أجيال تحفظ القيم وتتمسك بالعلم، قائلًا: "أجيال تجسّد عطاء ابن حيان والخوارزمي، وتواجه تحديات العصر بعقل واعٍ وإيمان راسخ".  

وينعقد المؤتمر العلمي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، اليوم برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تحت عنوان "بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة"، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين، للتباحث حول رؤى مبتكرة تعزز بناء الإنسان وتصنع الحضارة في مواجهة تحديات العصر، وإبراز دور المنظومة التشريعية في تحقيق مقتضيات بناء الإنسان وتفعيل خطط التنمية المستدامة، إضافة إلى محاولة استخلاص حلول نوعية ومبتكرة قادرة على تحقيق حياة كريمة للإنسان نابعة من رؤية الدولة المصرية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مجمع البحوث الاسلامية الامين العام لمجمع البحوث الاسلامية أمين البحوث الإسلامية العادات والتقاليد دور الازهر جامعة الأزهر الأمين العام كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بناء الإنسان

إقرأ أيضاً:

في تقرير لافت.. الاستخبارات التركية توصي ببناء ملاجئ وأنظمة إنذار وتطوير الدفاع الجوي

أوصت الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية في تقرير جديد وصفته وسائل إعلام تركية باللافت باتخاذ إجراءات عاجلة ذات أهمية قصوى، بينها بناء ملاجئ تحت الأرض في المدن الكبرى، وذلك بعد تقييم أجرته للحرب الإسرائيلية على إيران.

وذكرت وسائل إعلام تركية -من بينها صحيفة حرييت- أن الأكاديمية الوطنية للاستخبارات نشرت تحليلا لافتا للحرب التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، والتي هزت التوازن في المنطقة، حسب وصفها.

وتوقف التقرير -الذي يحمل عنوان "حرب 12 يوما والدروس المستفادة تركيا"- مع الإجراءات التي يجب على تركيا اتخاذها، خاصة في مجالي الدفاع والأمن الداخلي، مقدما توصيات عاجلة للسلطات التركية المعنية.

ومن بين التوصيات التي قدمها التقرير:

أنظمة الدفاع الجوي

يرى التقرير أن الحرب الأخيرة أظهرت فيها إسرائيل سيطرة جوية مطلقة، وينطلق من ذلك للتأكيد على أهمية بناء نظام دفاع جوي متعدد الطبقات.

ويشدد التقرير على أنه من المهم إعطاء أهمية خاصة لأنظمة الدفاع الجوي منخفضة الارتفاع، ولا سيما بشأن المنشآت الإستراتيجية التي تحتاج إلى الحماية، خصوصا مقار الأجهزة الأمنية.

أنظمة الدفاع ذات الأولوية

ويتوقف التقرير عند المجالات التي ينبغي لتركيا منحها الأولوية في صناعة الدفاع، مشيرا إلى أنه على الرغم من قوة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وتعددها فإنها لم تكن كافية لمواجهة الصواريخ الإيرانية "الفرط صوتية"، وهو ما يعني بالضرورة زيادة وتسريع الاستثمارات التركية في الصواريخ الباليستية والصواريخ الفرط صوتية.

الحرب الإلكترونية

كما يوصي التقرير بإعطاء الأولوية للأنظمة المسيّرة وتقنيات الحرب الإلكترونية، منتقدا في الوقت ذاته ما وصفها بعدم فاعلية استثمارات إيران طويلة الأمد في الدفاع التقليدي بمواجهة الحرب الإلكترونية.

ملاجئ تحت الأرض

اقترح التقرير أيضا على الحكومة التركية إنشاء ملاجئ مزودة بالمتطلبات التقنية اللازمة في منشآت إستراتيجية، وبناء ملاجئ جماعية يسهل الوصول إليها، خاصة في المدن الكبرى.

أنظمة إنذار مبكر

كما حث التقرير على ضرورة وجود أنظمة إنذار مبكر ضد أي هجمات جوية محتملة.

إغلاق نوافذ التسلل داخليا

وتوقف التقرير أيضا بالتحليل عند الدور الكبير الذي قامت به العناصر المجندة داخليا في الهجمات الإسرائيلية على إيران، منطلقا من ذلك للتأكيد على أهمية إعطاء عناية خاصة للعوامل المؤثرة على الأمن الداخلي، مثل الصعوبات الاقتصادية والمشاكل السياسية والاجتماعية الداخلية، لإغلاق الباب أمام عمليات مماثلة.

تعزيز عناصر الوحدة والتآخي

وفي توصية أخرى تبدو مرتبطة بالتوصية السابقة، ذكر التقرير أنه يتعين على تركيا أن تعمل على تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية والأخوة، وأن تتخذ التدابير اللازمة لمعالجة المشاكل الاقتصادية المحتملة، وجعل التوافق الاجتماعي أكثر شمولا من خلال مشاريع مثل "تركيا بلا إرهاب".

إعلان

وكانت إسرائيل شنت فجأة وبدعم أميركي حربا على إيران بدأت في 13 يونيو/حزيران الماضي واستمرت 12 يوما، وطالت الهجمات مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية وأدت إلى اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وأسفرت عن 606 قتلى و5332 مصابا، وفق السلطات الإيرانية.

وردّت طهران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، مما خلف دمارا وذعرا غير مسبوقين، فضلا عن 28 قتيلا و3238 جريحا، حسب وزارة الصحة والإعلام الإسرائيلي.​​​​​​​

ولاحقا، هاجمت الولايات المتحدة منشآت نووية في إيران، فردّت طهران بقصف قاعدة العديد الجوية بقطر، قبل أن تعلن واشنطن في 24 يونيو/حزيران الماضي وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران، وسط إعلان كل من إسرائيل وإيران انتصارهما في "حرب الـ12 يوما".

مقالات مشابهة

  • في تقرير لافت.. الاستخبارات التركية توصي ببناء ملاجئ وأنظمة إنذار وتطوير الدفاع الجوي
  • الأوطان مسؤولية من؟
  • لو جه أجلي محدش يصلي عليّ هل تعد قطيعة رحم؟..أمين الفتوى يرد
  • محدش يصلي عليّ.. أمين الإفتاء يعلق: الجنازة حق لأهل الميت وليس له
  • أدعو الله كثيرا ولا يستجاب لي فماذا أفعل؟.. يسري جبر: المشكلة فيك
  • هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر
  • البحوث الإسلامية: خريجو الأزهر قدوة في المجتمع .. ويحملون أسمى رسالة
  • ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟.. أمين الفتوى يجيب
  • “فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية