لماذا كتبتُ بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي لكتابي؟
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
«من أين تجد الوقت؟» - لسنوات طويلة، عندما كنتُ أُعلن لأصدقائي عن صدور كتاب جديد لي، كنتُ أستقبل هذا السؤال كوسام فخر.
خلال الأشهر الماضية، أثناء الترويج لكتابي الجديد عن الذكاء الاصطناعي «إلهيّ الملامح* (God-Like)، حاولتُ ألّا أسمع في الكلمات ذاتها نبرة اتهام خفيّة: «من أين تجد الوقت؟» -أي أنّك لا بدّ استعنتَ بـ ChatGPT، أليس كذلك؟
الواقع أنّ مقاومة المساعدة من الذكاء الاصطناعي أصبحت أصعب فأصعب.
عملي في مؤسسة بحثيّة تستكشف آثار الذكاء الاصطناعي في سوق العمل البريطاني يجعلني أقرأ يوميا عن تبعات هذه الثورة التقنيّة على كل مهنة تقريبا. وفي الصناعات الإبداعيّة، يَظهر الأثر بالفعل بصورة هائلة.
لهذا السبب، وبعد أن انتهيتُ من الكتاب، أدركتُ أنّ أصدقائي كانوا مُحقّين: يجب أن أواجه السؤال الحتمي مباشرة وأُقدّم إفصاحا كاملا. احتجتُ إلى «بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي» يُطبع في صدر كتابي.
بحثتُ في الإنترنت متوقعا أن أجد نموذجا جاهزا؛ فلم أجد شيئا. فكان عليّ أن أضع قالبا بنفسي. قرّرتُ أن يشمل الإفصاح أربع نقاط رئيسيّة:
1- هل وُلد أي نصّ باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
2- هل جرى تحسين أي نصّ عبر الذكاء الاصطناعي؟ - مثل اقتراحات «غرامرلي» لإعادة ترتيب الجمل.
3- هل اقترح الذكاء الاصطناعي أي نص؟ ـ على غرار طلب مخطَّط من ChatGPT أو استكمال فقرة استنادا إلى ما سبق.
4- هل صُحِّح النصّ بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ وإذا كان كذلك، فهل قُبلت الاقتراحات اللغوية أم رُفضت بعد مراجعة بشرية؟
بالنسبة لكتابي، جاءت الإجابات: 1) لا، 2) لا، 3) لا، 4) نعم – مع اتخاذ قرارات يدوية بشأن ما أقبله أو أرفضه من تصحيحات إملائية ونحويّة. أعترف بأنّ هذا النموذج ليس كاملا، لكنّي أقدّمه أساسا يمكن تطويره، على غرار رخصة «كرييتف كومونز» في عالم الحقوق الرقمية.
أردتُ أن أضمّنه لتعزيز نقاش صريح حول الأدوات التي يستخدمها الناس، لا سيّما أنّ الأبحاث تبيّن أنّ كثيرا من استعمالات الذكاء الاصطناعي تتمّ خِفية. ومع تصاعد ضغط العمل، يخشى البعض إبلاغ رؤسائهم أو زملائهم أنّهم يعتمدون أدوات تُسرِّع بعض المهام وتمنحهم فسحة للتنفّس.. وربّما وقتا للإبداع. فإذا كان ما يدّعيه إيلون ماسك صحيحًا ـ بأنّ الذكاء الاصطناعي سيُحلّ «مشكلة العمل» ويُحرّرنا لنزدهر ونبدع ـ فنحن بحاجة إلى الشفافية منذ الآن.
لكن، بصفتي كاتبا يعتزّ بمهنته، أردتُ كذلك بيان الشفافية بسبب لقاء ترك في نفسي قلقا عميقا. اجتمعتُ مع شخص يعمل لدى جهة تنظّم ورشا وملتقيات للكتابة، وسألتُه: كيف تفكّرون في التعامل مع شبح الكتابة التوليدية؟ فأجاب: «أوه، لا نرى أنّ علينا القلق من ذلك».
وأنا أعتقد أنّنا بحاجة ماسّة للقلق. إلى أن نمتلك آلية حقيقية لاختبار أصل النص ـ وهو أمر بالغ الصعوبة ـ نحتاج على الأقل وسيلة تُمكّن الكتّاب من بناء الثقة في أعمالهم بالإفصاح عن الأدوات التي استخدموها.
ولكي أكون واضحا: هذه الأدوات مدهشة ويمكن أن تُصبح شرارة شراكة إبداعيّة. ففي أغسطس 2021 نشرت فاوهيـني فـارا مقالة في مجلة The Believer كتبتها بمساعدة نسخة مبكرة من ChatGPT، فجاءت قطعة عميقة ومبتكرة عن وفاة شقيقتها. بيان الشفافية الخاص بها سيختلف عن بياني، لكن ذلك لا ينتقص من عملها، بل يفتح أفقا لإمكانات خَلّاقة جديدة.
عندما نستثمر وقتا في قراءة كتاب، فإنّنا ندخل علاقة ثقة مع الكاتب. والحقيقة أنّ قلّة من أصحاب شركات التقنية تلاعبوا بفعل بروميثيوس ومنحوا هدية اللغة للآلات مجانًا، وهو ما قوّض تلك الثقة التاريخيّة. لا أشك أنّ ذكاء اصطناعيا سيؤلّف عمّا قريب كتابًا «رائعًا» – لكن هل سيهتمّ أحد؟ سيكون التصفيق فاتِرًا. سيُشبه ألماسة مختبرية بلا شوائب: حيلة مُتقنة، نعم، لكنها ليست فنا.
في هذا الواقع الجديد، يقع على عاتق الكُتّاب أن يُثَبّتوا ثقة القارئ في «أصالة جواهرهم» عبر الشفافية حيال الكيفيّة التي نُقّبت بها تلك الجواهر. تجاهُل السؤال بدعوى أنّ الكتابة حِرفة نبيلة لا تستدعي إجراءات ثقة هو، برأيي، سذاجة خالصة.
كما أشرح في كتابي، فإنّ الذكاء الاصطناعي ـ شأنه شأن القنبلة الذرية ـ ابتكار بشري فائق القوّة، لا خيار لنا إلا تعلّم التعايش معه. أن نكون صريحين بما في ترسانتنا خطوة صغيرة لتجنّب سباق تسلّح أدبيّ لا يجرّ إلا إلى الارتياب والانقسام.
كيستر بروين كاتب ورئيس قسم الاتصالات في معهد مستقبل العمل.
عن الجارديان البريطانية
تم ترجمة النص باستخدام الذكاء الاصطناعي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يهدد عرش «جوجل».. هل انتهى عصر محركات البحث التقليدية؟
تصاعدت التوقعات حول مستقبل محركات البحث في السنوات الأخيرة، وتحديداً مع بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي، والتي يراها البعض بديلاً محتملاً لمحرك بحث «جوجل»، المسيطر الأكبر على ساحة البحث منذ أكثر من عقدين، وعلى الرغم من هذا الحراك السريع، لا تزال «جوجل» متفوقة بفارق شاسع يصعب تجاوزه حالياً، بحسب تقرير نشره موقع phonearena.
تشير البيانات الصادرة عن شركة NP Digital إلى أن محرك بحث «جوجل» يعالج يومياً نحو 13.5 مليار عملية بحث، فيما لا تزال طلبات البحث عبر شات جي بي تي لا تتجاوز ملياراً واحداً يومياً.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم يُعتبر إنجازاً كبيراً لمنصة لم تتجاوز سنواتها الأولى، إلا أن الفارق الكبير مع «جوجل» يوضح أن المنافسة لا تزال في مراحلها الأولى.
وتحتل شات جي بي تي حالياً المركز الثاني عشر عالمياً في عدد طلبات البحث، متساوية مع تطبيق تيك توك، فيما تحتل المرتبة الثانية بعد «جوجل» منصة إنستجرام بـ6.5 مليار عملية بحث، تليها بايدو الصينية بـ5 مليارات، ثم سناب شات وأمازون بـ4 و3.5 مليار عملية بحث على التوالي.
نمو متسارع لـ شات جي بي تياللافت أن شات جي بي تي حققت مليار طلب بحث يومياً بسرعة تفوق «جوجل» بـ5.5 مرات، ما يعكس نموًا لافتًا في اعتماد المستخدمين عليها.
ورغم ذلك، فإن نحو 60% من عمليات البحث على «جوجل» تنتهي دون أي نقرة، بفضل المقتطفات الذكية والنظرة العامة للذكاء الاصطناعي التي تقدم أجوبة فورية للمستخدم.
وفقاً لتقرير Visual Capitalist، فإن شات جي بي تي يُظهر تفوقاً في بعض المهام، منها:
- التفكير المعقد.
- الكتابة الإبداعية.
- تبسيط المفاهيم.
- تلخيص المحتوى.
- التفاعل مع المشكلات.
هذه المهارات تمنح الذكاء الاصطناعي اليد العليا في حالات تتطلب معالجة لغوية متقدمة أو شرحاً تفصيلياً، في حين يبقى «جوجل» الخيار الأسرع للحصول على معلومات سريعة أو مواقع محددة.
يشير التقرير إلى أن دمج شات جي بي تي في المتصفحات والأجهزة سيكون الخطوة الحاسمة في تعزيز مكانته كمحرك بحث بديل.
فعلى سبيل المثال، بدأت «جوجل» بالفعل باستبدال مساعدها الرقمي بـ جيميني، وهو نموذج لغوي مدعوم بالذكاء الاصطناعي، يستطيع تنفيذ الأوامر اليومية مثل ضبط المنبهات.
أما على أجهزة آيفون، فقد تم دمج شات جي بي تي مع سيري، بحيث يُعرض رد من الذكاء الاصطناعي إذا عجز سيري عن تقديم إجابة ووافق المستخدم على ذلك.
رغم القفزات الكبيرة التي تحققها منصات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي، فإن التحدي الحقيقي يكمن في كسب ثقة المستخدمين التقليديين الذين لا يزالون يعتمدون على «جوجل» كمصدر أول للمعلومة، ولكن، ومع هذا التطور السريع، قد لا يطول الوقت قبل أن تصبح هذه المنصات منافساً حقيقياً لا يُستهان به.
اقرأ أيضاًانطلاق مهرجان أفلام الذكاء الاصطناعي السنوي في نيويورك
الذكاء الاصطناعي يتوقع الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا 2024-2025