باحث لبناني: العمليات لن تتوقف ما لم تستعد الدولة زمام المبادرة السيادية على كامل أراضيها
تاريخ النشر: 22nd, November 2025 GMT
قال الدكتور ميشيال الشماعي، الكاتب والباحث السياسي اللبناني، إن المشهد في الجنوب اللبناني لا يزال حتى اللحظة «خارج إطار المؤسسات الشرعية للدولة»، مشيراً إلى أن العمليات الإسرائيلية التي تُشنّ على الأراضي اللبنانية تستهدف قيادات ومستودعات وتحركات تابعة لمنظمة حزب الله.
وأضاف «الشماعي» خلال مداخلة مع الإعلامية أمل الحناوي في برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي» المذاع عبر شاشة القاهرة الإخبارية، أن هذه العمليات لن تتوقف ما لم تستعد الدولة اللبنانية زمام المبادرة السيادية على كامل أراضيها.
وأوضح أن الأمر لا يتعلق بجنوب نهر الليطاني فحسب، بل «يتعلق بلبنان كله»، مؤكداً أنه «إما أن تكون الدولة دولة بكل ما للكلمة من معنى، أو لا تكون».
توزيع السلطة وممارسة السيادةوأشار الباحث السياسي إلى أن الواقع الراهن يعكس خللاً عميقاً في توزيع السلطة وممارسة السيادة، وهو ما يجعل الجنوب ساحة مفتوحة للتصعيد وعمليات الاستهداف المتكررة، في غياب القرار الوطني الموحد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجنوب اللبناني لبنان العمليات الإسرائيلية الجنوب اللبناني المؤسسات الشرعية
إقرأ أيضاً:
هل تكون الهيئة العليا للرئاسات الفصل الأخير لحل أزمة الحكم بليبيا؟
طرابلس- في ليبيا، كُلما تيسّر الحل أو تعسّر، استُحدثت أجسام سياسية جديدة لتضاف إلى سجلٍ طويل من الهياكل القائمة بالفعل. بعضُ هذه الأجسام قد يُقرأ كخطوة لتعقيد المشهد، وبعضها يُرفض لتضارب المصالح، والآخر يوظَّف لتمديد الولاية أو ربما لتضييع بوصلة الحل.
وفي تطور سياسي بالغ التعقيد أعلن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة والمجلس الأعلى للدولة عن تشكيل الهيئة العليا للرئاسات في ليبيا.
وأوضح وزير الدولة في حكومة الوحدة وليد اللافي أن هدف الهيئة هو توحيد المواقف الوطنية وتحقيق التكامل في الملفات الإستراتيجية، ووجه دعوة مفتوحة للبرلمان للانخراط في هذا المسار.
ترحيب مشروطغير أن هذه الخطوة قُوبلت بالرفض القاطع من الحكومة الليبية المشكّلة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، التي لوحت بخيار الحكم الذاتي ودعت إلى سرعة إنجاز الاستحقاقات الانتخابية.
وأمام ذلك، تبرز التساؤلات حول دلالات تشكيل هذه الهيئة، والمتطلبات البنيوية والظروف الميدانية التي فرضت تشكيلها، وعن الإطار القانوني أو المرجع دستوري تستند إليه، وعما إذا كانت تتناقض مع مسار البعثة الأممية في ليبيا أم تتسقُ معه، وكيف تردد صداها شرق وغرب البلاد، وعن مدلول الحكم الذاتي الذي لوحت به حكومة حماد.
ورحّب عضو مجلس النواب صالح فحيمة، خلال حديثه للجزيرة نت، بكل مبادرة يمكن أن تسهم بإنهاء الانقسام شريطة أن تكون واضحة الأساس القانوني ومحسوبة المخرجات وغير متعارضة مع الاختصاصات الدستورية القائمة.
وبدوره، رأى عضو مجلس الدولة أحمد لنقي أن خطوة تشكيل الهيئة العُليا للرئاسات تمثل محاولة لاستعادة تماسك الدولة إذا ما أُحسن توظيفها سياسيا.
ويقول لنقي للجزيرة نت، إن استحداث الهيئة مع افتتاح الباب أمام انضمام البرلمان إليها يطرح فرصة جادة لإنتاج موقف وطني موحد تجاه مختلف القضايا التي طال تعطيلها واستُنزف خلالها الوقت والمال العام دون معالجة جذرية.
إعلانومن ناحيته، وصف مقرر مجلس الدولة بلقاسم دبرز الخطوة بأنها إيجابية، لأنها ستعالج الأزمة السياسية بالتنسيق والتشاور وتوحيد الخطاب، مع تحميل المسؤولية كاملة لمن يتسبب في تأخير قيام الدولة، حسب تصريحه للجزيرة نت.
كما رحبت عضو مجلس الدولة أمينة المحجوب بخطوة تشكيل الهيئة، التي اعتبرتها تصب في مسار توحيد الموقف السياسي تجاه الانتخابات وخريطة الطريق الأممية.
وأضافت -في تصريح للجزيرة نت- أنه في "حال مباركة هذه الخطوة من قبل البعثة الأممية أو الاتحاد الأوروبي والدول الفاعلة في ليبيا فسيبقى البرلمان في موقف حرج".
من ناحيته، يعتبر المحلل السياسي من طرابلس، محمد محفوظ، أن ما يحدث في ليبيا حاليا يمثل استباقا للعملية السياسية التي تقودها البعثة الأممية وإعلانها إطلاق الحوار المقرر أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. و"بالتالي، تسعى بعض الأطراف المحلية والدولية إلى عرقلة العملية السياسية بما يتماشى مع مصالحها"، وفق تصريحه للجزيرة نت.
ويتفق المحلل السياسي من بنغازي، محمد مطيريد، مع هذا الطرح ويؤكد للجزيرة نت أن هذه الخطوة جاءت استباقية لقطع الطريق أمام أي مسار قد يُفضي إلى تغيير حكومة الوحدة.
وفيما يتعلق بتلويح الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان بمسار الحكم الذاتي، أوضح مطيريد أن هذا التلويح لا يتجاوز كونه رسالة ضغط سياسية لا مشروعا انفصاليا.
وعن توقيت الطرح، يرى النائب صالح فحيمة أن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الراهنة أوجدت ضرورة للبحث عن صيغ جديدة للتقارب، ولكن السؤال الأهم لا يتعلق بلماذا الآن، وإنما بكيف وبأية شرعية، وبأي ضمانات؛ فـ"التجارب السابقة أثبتت أن إنشاء أجسام موازية دون غطاء دستوري صريح قد يُعمّق الأزمة عوضا عن حلها".
من جانبه، يُرجع أستاذ القانون العام، مجدي الشبعاني، للجزيرة نت، أسباب تأسيس الهيئة في هذا الوقت تحديدا إلى 3 عوامل متداخلة، أولها:
تشتت مركز القرار غرب البلاد بين المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة ومجلس الدولة. تصاعد خطاب الحكم الذاتي شرق البلاد؛ الأمر الذي دفع قيادات طرابلس لبعث رسالة مفادها: امتلاك قيادة موحدة قادرة على التعامل مع الضغوطات. الضغوط الأممية والدولية لإعادة صياغة المسار السياسي تحت إشراف مبعوث جديد.وفي هذا السياق، لا يتفق المحلل السياسي محمد محفوظ مع إمكانية أن تحول الهيئة سلطات طرابلس إلى كتلة سياسية موحدة، مستشهدا بأن المجلس الرئاسي الذي قد يظهر متماسكا أمام الرأي العام إلا أنه في الواقع منقسم داخليا.
مهام وأولويات
وفي محاولة لاستقراء وتوقع ماهية مهام الهيئة، يشير مطيريد إلى أنها لن تمارس صلاحيات تنفيذية فعلية وإنما ستنشط سياسيا عبر 3 محاور:
التحكم في وتيرة الحوار السياسي ومنع تجاوز دور شرق البلاد في أي عملية تغيير. تقديم نفسها كجسم شرعي بديل ورفع كلفة أي تغيير مفروض خارجيا. توحيد المواقف وضمان خروج الرسائل السياسية بصوت واحد.أما أولوياتها فستكون، بحسب مطيريد:
إعلان العمل على تثبيت حكومة الوحدة. ضبط أي مسار أممي. تنظيم الأدوار داخل الشرق.وفيما يتعلق بدعوة الوزير اللافي البرلمان للانضمام إلى الهيئة، يوضح البرلماني فحيمة أن مجلس النواب ينظر بشكل إيجابي لأي دعوة للتواصل، شريطة أن تكون منضبطة دستوريا وتتوفر فيها هذه المقومات: وضوح الصلاحيات، ومرجعية قانونية معتمدة، ومخرجات لا تكون ملزمة بل استرشادية، وضمان عدم تحول هذا المسار إلى بديل غير دستوري للمؤسسات المنتخبة.
من جهته، يرى عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، في تصريحه للجزيرة نت، أن دعوة اللافي للبرلمان "غير قابلة للتطبيق"؛ إذ يُمثل الأخير حكومة انتهت مدتها ومنزوعة الثقة من قبل البرلمان، وبالتالي لن يكون هناك أي تجاوب معها.
بدوره يبين البرلماني علي السويح، للجزيرة نت، أنه في حال وجود رغبة حقيقية للتعاون بين الأجسام السياسية فلا مانع، لكنه في الوقت ذاته يستبعد أن يحل استحداث جسم جديد أزمة الثقة بين شرق وغرب البلاد، متوقعا أن البرلمان لن يوافق على هذه الدعوة.
سيناريوهاتوفيما يتعلق بالإيجابيات المتوقعة والمخاوف المحتملة نتيجة تشكيل هذه الهيئة يعدد القانوني مجدي الشبعاني الإيجابيات المحتملة في:
قدرتها على ترشيد عملية صنع القرار غرب البلاد تقليص تضارب المواقف بين المؤسسات القائمة منح القرارات السياسية غطاء أوسعغير أنه حذّر من مخاطر تحوّلها إلى جسم مواز يفاقم التعقيد المؤسسي، كما نبه إلى أن استمرار استحداث أطر سياسية خارج قاعدة دستورية مستقرة يُعمّق نمط الهندسة السياسية المؤقتة التي تهدد على الأمد الطويل مبدأ وحدة الدولة.
في حين يُلخص المحلل مطيريد مستقبل المشهد السياسي الليبي في 3 سيناريوهات:
بقاء الوضع على حاله مع خلق أجسام جديدة كلما دعت الحاجة لتجنب التغيير. رفع سقف الخطاب السياسي من الطرفين؛ في الشرق من خلال التلويح بالحكم الذاتي، وفي الغرب باستمرار البعثة الأممية ومحاولة تدوير الأزمة السياسية. اللجوء إلى تسوية اضطرارية في حال وصلت المسارات كافة إلى انسداد كامل.بدورها حذرت عضو مجلس الدولة نعيمة الحامي، في حديثها للجزيرة نت، من أن "تتحوّل الهيئة إلى سلطة موازية تعمق تعقيدات المشهد" ما لم تُضبط صلاحياتها.
ورغم قراءتها لتوقيت إعلانها كرسالة انخراط في خريطة الطريق الأممية، فإن الحامي شددت على أن غياب التوافق التشريعي خاصة من البرلمان قد يقيد حركتها ويُربك موقعها في المسار الأممي ما لم يحدد إطارها القانوني منذ البداية.