كييف- أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول أمس هدنة جديدة، وهذه المرة لا تستمر 30 ساعة كما كانت "هدنة الفصح" قبل أيام بل 72 ساعة، بالتزامن مع احتفالات البلاد -أيام 8 و9 و10 مايو/أيار المقبل- بالذكرى الـ80 للنصر على "ألمانيا النازية" ونهاية الحرب العالمية الثانية.

ورغم وعيده برد حاسم إذا ما خرقت الهدنة، يبدو أن أوكرانيا لن تلتزم بها، فهي لم تقبل بها أصلا متمسكة بوقف فوري لإطلاق النار يستمر ما لا يقل عن 30 يوما.

بمناسبة "عيد النصر".. #بوتين يعلن هدنة مؤقتة للحرب في #أوكرانيا pic.twitter.com/eh80wiK1TE

— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 28, 2025

تلاعب أو احتفال

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إعلان بوتين بمثابة "تلاعب جديد" يريد من ورائه صمتا يضمن نجاح الاستعراض العسكري في ذلك النصر.

وشكك وزير خارجيته أندريه سيبيغا بنوايا روسيا، وقال إن عليها وقف إطلاق النار فورا إذا كانت تريد السلام حقا، مجددا التأكيد على أن بلاده مستعدة لدعم وقف إطلاق نار طويل وموثوق وشامل.

ويربط آخرون إعلان الهدنة بحاجة بوتين إلى هدوء يسود احتفالات بلاده بـ"يوم الاستقلال" الذي يعتبر أبرز عيد تحييه البلاد سنويا، ويكتسب أهمية استثنائية العام الجاري، لكونه يوافق الذكرى رقم 80، والروس يعظمون المناسبات عندما تبدأ بـ0 أو 5 كما هو معروف.

إعلان

وبهذا الصدد -وفي حديث مع الجزيرة نت- اعتبر فولوديمير فيسينكو رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" أن بوتين يريد الظهور كرمز لانتصار سابق، ومنتصر في الحرب الراهنة أمام جنوده وشعبه، وأثناء مسير الدبابات والآليات في الساحة الحمراء، دون أن تعكر المسيرات الأوكرانية وصفارات الإنذار استعراضه العسكري واحتفالات بلاده "فتفسد مخططاته وبرنامجه مع الضيوف الكبار الذين دعاهم".

الرئيس الأوكراني زيلينسكي اعتبر إعلان بوتين هدنة بمثابة "تلاعب جديد" (غيتي) الكلمة الفصل

ويربط الخبير فيسينكو هذا الهدف بآخر، فهو يرى أن بوتين يريد الظهور أمام شعبه والعالم كمسيطر على عملية التفاوض ومتحكم بمسارها، ومالك مفاتيح إنهاء الحرب وداع إلى السلام، يقول ما يقول فتلتزم أوكرانيا "الضعيفة" ويمدح العالم مبادرته.

ويضيف بهذا الصدد "هذا أسلوب بوتين الكلاسيكي. رأيناه بعد اتفاقيات مينسك قبل سنين، ومرارا خلال الحرب الراهنة. يقول ما يقول، ويفعل عكس ذلك. أعتقد أن لا أحد يصدقه في أوكرانيا".

وفيما يتعلق برد الفعل الأوكراني، قال فيسينكو "أقترح على السلطات إعلان الأول من مايو هدنة تستمر يومين أو ثلاثة أيضا، الالتزام الروسي بها سيكون شرطا رئيسا لقبول هدنة بوتين. وهذا سيضع الأخير في موقف محرج، وسيفسد كل خططه وأهدافه".

جنود أوكرانيون يشاركون في قداس عيد الفصح (الفرنسية) استعداد للتصعيد

ولأن التشكيك بالنوايا سيد الموقف، خاصة بعد "هدنة الفصح" التي قال الأوكرانيون إنها كانت ساعات ساعدت الروس على رص الصفوف وتكثيف الهجمات، ترى فئة أن روسيا تحتاج إلى "ذرائع" للتصعيد وتجديد الهجمات.

ويقول أندري كوفالينكو رئيس مركز مكافحة التضليل الإعلامي بوزارة الدفاع إن "كل شيء عدا وقف إطلاق النار الشامل مجرد تلاعب روسي يحمل أهدافا إعلامية وعسكرية، ومحاولة لإخفاء نوايا مواصلة الحرب".

إعلان

وكتب في مقال على موقع "نوفا فريميا" أن القوات الروسية تلقت تعليمات واضحة بالاستعداد لهجوم صيفي كبير في مايو/أيار، وإذا كانت 30 ساعة من هدنة الفصح قد مكنت تلك القوات من التحرك والاستعداد بأمان "فـ3 أيام من هدنة النصر القسرية التي يريد فرضها ستكون بالنسبة لهم أفضل".

وقال إيفان ستوباك الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل" والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري بالبرلمان -للجزيرة نت- إن هذا وارد جدا ومتوقع "ولكن بعد اختلاق ذرائع أو جمعها. هدنة بوتين سلاح ذو حدين، وعلى أوكرانيا أن تستعد للاسوأ، تماما كما حدث في 24 فبراير/شباط بعد عيد وهدنة الفصح".

الموقف الأميركي

وفي سياق متصل، قال رئيس مركز "بنتا" إن بوتين مضطر للتصعيد "إذا تغير الموقف الأميركي فعلا أمام التصلب الروسي وانحاز إلى أوكرانيا في جهود الوساطة أو انتقل إلى التصعيد مع موسكو حتى" في إشارة إلى ما ألمح إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأضاف فيسينكو موضحا "الروس يناقضون أنفسهم علنا بشكل يغضب الأميركيين. المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يعلن أن روسيا مستعدة لمحادثات سلام دون شروط مسبقة، ثم يطرح وزير الخارجية سيرغي لافروف قائمة طويلة من الشروط والمطالب الصعب، ثم يعلن بوتين "هدنة مثيرة جديدة".

ويرى أنه "في النهاية. انسحاب الولايات المتحدة من الوساطة يعني فشلها، وترامب سيرى في ذلك فشلا شخصيا وانتصارا لبوتين عليه، لاسيما وأنه تباهى دوما بالقدرة على تفهمه وإقناعه والضغط عليه. وخلال الأيام الماضية لمسنا فعلا تحولا بالموقف الأميركي، وهذه المرة لصالح أوكرانيا (ووجدنا) تفهما وتعاطفا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هدنة الفصح

إقرأ أيضاً:

6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع إسرائيل خلال الحرب على غزة

كشفت صحيفة واشنطن بوست أن ستة دول عربية (الأردن السعودية مصر البحرين الإمارات قطر) وسعت تعاونها العسكري مع الاحتلال خلال السنوات الثلاث الأخيرة نقلا عن مصادر مطلعة.

وقالت الصحيفة، إنه "على الرغم من الإدانة العلنية الشديدة لإسرائيل من قبل الحكومات العربية خلال حرب غزة ، فإن العديد من تلك البلدان نفسها حافظت سرا على تعاون عسكري واستخباراتي وثيق مع إسرائيل".

وبحسب وثائق أمريكية مسربة حصلت عليها الصحيفة والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، شاركت ست دول عربية على الأقل في إطار دفاعي إقليمي سري يُعرف باسم "البناء الأمني الإقليمي". وتم إدراج الكويت وسلطنة عمان كشركاء محتملين في المستقبل.

وذكرت الصحيفة، أن الآلية التي أنشئت بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، عملت كشبكة سرية لتبادل المعلومات والتدريبات المشتركة والتنسيق العملياتي بهدف مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني وتعزيز العلاقات العسكرية مع إسرائيل.



كما صُنفت جميع الاجتماعات على أنها "مدعومة وسرية"، مع أوامر صارمة تمنع التصوير أو التواصل مع وسائل الإعلام، حتى أن مذكرات داخلية حددت تقديم الطعام الحلال (الكوشير) والقيود الغذائية الدينية، ومنعت تناول لحم الخنزير والمحار في التجمعات بحسب الصحيفة.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أفادت التقارير أن الشبكة نظمت سلسلة من القمم الأمنية الإقليمية والتدريبات - من البحرين والأردن إلى قاعدة العديد الجوية في قطر وفورت كامبل في كنتاكي - حضرها ضباط كبار من إسرائيل والدول العربية والجيش الأمريكي.

وتناولت إحدى الوثائق تدريبات دولية مفصلة حول كشف الأنفاق وتدميرها، وهي نفس التقنية التي تستخدمها حماس في غزة، ووصفت وثيقة أخرى تدريبًا مشتركًا عُقد في مصر في أيلول/ سبتمبر، وشاركت فيه قوات من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والأردن ومصر واليونان والهند وبريطانيا وقطر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف المعلن للمبادرة هو إرساء تنسيق آني في مجالات الاستخبارات، وربط الرادارات، والاتصالات السيبرانية، وأنظمة الدفاع الصاروخي.

ومنذ عام 2022، دَمجت الدول المشاركة بيانات رادارها وأجهزة استشعارها مع الشبكة الأمريكية لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.

ولفتت الوثائق إلى أن دولتين عربيتين لم يتم تسميتهما تقاسمتا المعلومات الاستخباراتية بشكل مباشر مع سرب من القوات الجوية الأمريكية، ويستخدم جميع المشاركين الآن منصة دردشة مشفرة للتواصل المباشر مع واشنطن والعواصم الحليفة.

وتصف إحاطات القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) المذكورة في الوثائق إيران ووكلائها الإقليميين بـ"محور الشر"، حيث تُظهر خرائط تُشير إلى التهديدات الصاروخية في غزة واليمن.

وتنظر واشنطن إلى هذا الهيكل كوسيلة لتعزيز رواية "الازدهار والتعاون الإقليميين" ودحض ادعاء طهران بالدفاع عن الفلسطينيين.
كما وُزِّعت المعلومات على أعضاء تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي - الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا - مما يُبرز البعد العالمي للمبادرة.

وتشمل الخطط المستقبلية إنشاء "مركز سيبراني للشرق الأوسط" و"مركز دمج معلومات" إقليمي لتسهيل تبادل البيانات آنيًا وتدريب الخبراء الإسرائيليين والعرب على الدفاع الرقمي.

وأفادت التقارير أن السعودية لعبت دورا فاعلا بشكل خاص، حيث زودت إسرائيل وجيرانها العرب بمعلومات استخباراتية حول سوريا واليمن ونشاط داعش.

وتضمن اجتماع رئيسي عُقد في كانون الثاني/ يناير في قاعدة فورت كامبل بولاية كنتاكي تدريبات على تحديد الأنفاق الهجومية وتحييدها، وهو تكتيك شائع في حرب غزة.

وفي إحاطة أخرى، قدم مسؤولون سعوديون وأمريكيون لمحة عامة عن النشاط الروسي والتركي والكردي في سوريا، إلى جانب تحديثات حول التهديدات الحوثية في اليمن وعمليات داعش في العراق وسوريا.

وأشارت الصحيفة، إلى أن العلاقات داخل الحركة شهدت أزمة خلال الشهر الماضي بعد غارة جوية إسرائيلية في الدوحة استهدفت مسؤولين كبارا في حماس حيث فاجأ الهجوم واشنطن وأثار غضب قطر، الوسيط الرئيسي مع حماس والشريك الرئيسي في الآلية السرية.



وبحسب التقرير، ضغط الرئيس دونالد ترامب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاعتذار في مكالمة هاتفية من المكتب البيضاوي، والالتزام بعدم تكرار مثل هذا الفعل.

وذكرت مصادر عسكرية أمريكية أن أنظمة الرادار الأمريكية لم ترصد الطائرات الإسرائيلية، لأنها صُممت أساسًا لمراقبة إيران.

وأكدت الوثائق المسربة صراحة، أن هذا التعاون "لا يُشكل تحالفا جديدا"، وأن جميع الاجتماعات يجب أن تبقى سرية، إلا أن القادة العرب واصلوا إدانة إسرائيل علنًا في المحافل الدولية: فقد وصف أمير قطر عملية غزة بأنها "حرب إبادة"، بينما اتهمت المملكة العربية السعودية إسرائيل بـ"تجويع الفلسطينيين والتطهير العرقي".

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إن الوثائق تُظهر أن الدول العربية لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في ضماناتها الأمنية، بينما لا تزال حذرة من قوة إسرائيل.

وصرح البروفيسور توماس جونو من جامعة أوتاوا قائلا: "تخشى دول الخليج من إسرائيل المتفلتة، لكنها تعتمد على الولايات المتحدة، وتخشى من تنامي قوة إيران".

مقالات مشابهة

  • محمد عبد الله عضو “الموسيقيين” بعد قمة شرم الشيخ: العالم ينظر إلى مصر نظرة البطل
  • الكرملين يستبعد اتصالاً بين بوتين وترامب حالياً
  • هل سيُمنح الأوكرانيون مقاعد في البرلمان البولندي قريباً؟
  • "طوفان الأقصى".. معايير النصر والهزيمة
  • مهددًا بوتين.. ترامب يلوح بإمداد أوكرانيا بصواريخ توماهوك
  • ترامب: صواريخ توماهوك رسالتي إلى بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا
  • هدنة جديدة وليست إيقافا للحرب
  • نصر الصمود.. لا نصر الأرقام
  • نصر بعد إبادة
  • 6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع إسرائيل خلال الحرب على غزة