قرية القناطر .. حارة أثرية تنبض بالتاريخ وتنتظر التطوير
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
تُعد حارة القناطر في ولاية إبراء رمزًا للتاريخ والثقافة العمانية، حيث تتألق بمبانيها الأثرية والتاريخية الفريدة، وتقع هذه الحارة في منطقة مركزية، وتضم بيوتًا فخمة البناء وبتصاميم بديعة، ويُعتقد أن القناطر كانت من أوائل مناطق النشأة البشرية، حيث شهدت حياة بشرية تعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتحتوي الحارة على عدة أحياء متجاورة، لكل منها اسمها ومرافقها الخاصة، مثل كشام ومطرح والمقطورة والصفح والدغشة والحشرية، وتُشير هذه الأسماء إلى ارتباطها بالمكان والأحداث التي شهدتها على مر العصور، أما سبب تسميتها بالقناطر، فيعود إلى كثرة القناطر الموجودة عند مدخل كل زقاق وسكة.
بناء وتاريخ القرية
القناطر منطقة محصنة بسلسلة جبلية تعتليها السواقي والأفلاج، أبرزها فلج «بو منخرين» الذي جاءت تسميته بدلالة المنخرين اللذين يلتقيان في ساقية واحدة ذات مياه دفاقة تسقي البساتين والنخيل، إذ شُقت فيها الأفلاج منذ بنائها الذي يُعد ذو ارتباط وثيق بالوديان والجبال، أما عن طريق الحارة، فهو يقسمها بين دروازتين وطرق فرعية توصل مجموعة من البيوت المتجاورة متناسقة الهندسة، وبحسب التنقيبات الأثرية والدراسات، فقد تم اكتشاف مصاهر لمعادن النحاس ووجود مستوطنات من العصر الحديدي، كما تم اكتشاف أن حارة القناطر من أقدم الأماكن للاستيطان البشري، وذلك حسب التنقيبات الأثرية التي قامت بها بعثة ألمانية في سبعينيات القرن الماضي.
سوق وجامع القناطر
سوق القناطر من الأسواق القديمة في سلطنة عمان، يأتي على المدخل الجنوبي لحارة القناطر، وهو السوق الرئيسي لولاية إبراء وملتقى النشاط التجاري والتجار من مختلف الأقطار حتى عام 1983م بعد إنشاء سوق إبراء الحالي، ويضم السوق 22 دكانًا مبنية من العريش وتُعد وقفًا للجامع، ويعتليه حصن دفاعي في أعلى السوق، وقد تم تجديد السوق في عهد اليعاربة في القرن الحادي عشر الهجري والسابع عشر الميلادي، حسب ما أشارت إليه النصوص الأثرية والنقوشات، وقد أحيا سكان وأهالي حارة القناطر اللقاء في السوق، حيث يُقام على أطلال السوق عصر كل جمعة «قعد فلج بو منخرين»، كما تُقام فيه حركة بيع وشراء على فترات متقطعة بغية تنشيط حركة البيع والشراء.
أما عن جامع القناطر، فله دور تاريخي وعلمي عظيم وأوقاف كثيرة حتى بداية سبعينيات القرن العشرين، وتشير النقوش الموجودة على محراب الجامع إلى أنه قد تم بناؤه عام 177 هجريًا، وبعض النصوص وكتب الفقه تشير إلى أنه وُجد قبل ذلك وأُعيد بناؤه وتجديده من أوقافه في عهد الإمام سلطان بن سيف اليعربي، ويقابله في المكانة مسجد القبلين، شعار ولاية إبراء، الذي يُعد أيضًا من أقدم مساجد عُمان.
أحياء قرية القناطر
وفي الوقت الحالي، يسعى المواطنون من أصحاب الشأن والقرار إلى إحياء حارة القناطر، وذلك باحتضانها للفعاليات والمناشط المختلفة مثل عيود العيد والمحاضرات والهبطات، ويجدر الذكر استضافة المؤتمر الصحفي لنهائي كأس جلالة السلطان لكرة القدم في فبراير الماضي.
واستثمر فيها سالم بن حمود الحارثي مشروعه «قهوة الصفح»، ويقول: بداية مشروع قهوة الصفح جاءت من فكرة ذاتية لإبراز السوق التاريخي بالقناطر، لما يحمله من كثير من التفاصيل والذكريات، والذي تحيط به المزارع والشواهد التاريخية، وإبراز الحارة بأكملها، ولازدهار ولاية إبراء اقتصاديًا في ذلك الوقت، ووجود التبادل الثقافي والتجاري مع مختلف السكان المحليين والسياح والزوار.
ويستكمل الحارثي حديثه بقوله: فكرة المشروع جاءت بهدف إحياء المكان، إذ إنها لم تكن فكرة وليدة اللحظة، فلطالما كانت هاجسًا يرافق كل من عاش وترعرع في هذه البقعة، ويأتي هذا المشروع المتواضع كبارقة أمل للفت النظر نحو حارة القناطر وجعلها محطة جذب للزوار والسياح المهتمين بالتراث والتاريخ الأثري، وإبراز الجوانب الثقافية والتاريخية والاجتماعية لحارة القناطر قبل الجانب التجاري.
ويضيف: اختياري لقرية القناطر كان اختيارًا مدروسًا وموفقًا، حيث إن هذا المكان يضم بين جنباته الكثير من الذكريات والقصص والحكايات التي ظهرت فيها أصالة وعراقة الإنسان العماني وسطّر ملحمة خلدها الزمن لتحكي القصص من الصبر والكفاح، وذلك من خلال توظيف المعالم في مشاريع حديثة، بدءًا من اسم المشروع (قهوة الصفح) الدال على إحدى حارات قرية القناطر، والشعار الخاص بالمشروع، والعديد من الخامات البيئية المحيطة المستخدمة في تصميم وترتيب المكان.
من جانبه، قال سعادة عبدالله بن حمد الحارثي، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إبراء ورئيس لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بمجلس الشورى: بطبيعة الحال، قرية القناطر والسوق القديم وقرية المنزفة والحارات المرتبطة بقرية القناطر جميعها يمكن استغلالها لكي تكون نزلًا أو مقاهي، وبالإمكان أيضًا استغلالها استغلالًا سياحيًا لتجذب الزوار ليس على مستوى سلطنة عُمان فحسب، بل من كافة بلدان العالم، وعلى غرار ما رأيناه في منطقة العقر بولاية نزوى أو في قرى ولاية الحمراء بمحافظة الداخلية، الكثير من الأمور التي تم السعي في بنائها وتشييدها وترميمها لتكون حاضرة للسائح بثوب قشيب، وتذكر السائح والزائر بالماضي التليد، ويربط هذا الحاضر بذاك الماضي، لذلك، وحسب تصريحات مكتب محافظ شمال الشرقية، يُعمل في الوقت الحالي على تأسيس شركات على مستوى الولايات في هذا الجانب، مما سيعزز دور هذه المناطق التاريخية، وهذه الحارات والقرى الأثرية للاستفادة منها سياحيًا واستغلالها بعائد اقتصادي محلي، وستُطرح كأسهم تستطيع فيها الشركة المساهمة الاستثمار والرقي بهذه الأماكن، ولا يخفى أن هناك جهودًا خلال هذه الفترة على المستويين الفردي والجماعي لتذليل هذه الجوانب والبحث عن آليات للمضي قدمًا في استغلال المناطق الأثرية بولاية إبراء، ووجود الحارات والقرى الأثرية هو فرصة ذهبية للمواطن والحكومة أيضًا من خلال استغلالها سياحيًا وتعميرها، وهي فرصة كذلك لتوفير فرص وظيفية وقنوات عمل للباحثين عن عمل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قریة القناطر ولایة إبراء
إقرأ أيضاً:
بيع أربع قطع أثرية يمنية في مزاد بلاكاس
مشيراً إلى أن إحدى هذه القطع تمثل "توأم" لتمثال شهير عُثر عليه سابقاً في وادي بيحان بمحافظة شبوة شرقي اليمن.
وأوضح محسن، في منشور على صفحته بـ"فيسبوك"، أن القطع المعروضة تتصف بحالتها الجيدة وجمالها الفني وندرتها، مع غياب المعلومات الدقيقة حول مصادرها وتواريخ اقتنائها، مما يزيد من الشكوك حول طريقة خروجها من اليمن.
وذكر أن دار المزادات تزعم أن القطع كانت ضمن مجموعة آثار تعود لهواة جمع أوروبيين، حصلوا عليها في ثمانينيات القرن الماضي، وانتقلت ملكيتها لاحقاً عبر الإرث.
ودعا محسن إلى التدخل لاستعادة هذه القطع أو التفاوض على شرائها، نظراً لأهميتها التاريخية وندرتها، مؤكداً أن غياب الإجراءات القانونية الواضحة ساهم في استمرار تهريب وبيع آثار يمنية.
وأشار إلى أن القطعة الأولى عبارة عن رأس أنثوي من المرمر الشفاف، يُعتقد أنه توأم لتمثال محفوظ في المتحف الوطني للفن الآسيوي التابع لمؤسسة سميثسونيان، وقد يعود مصدره إلى مجموعة ويندل فيليبس التي عملت في وادي بيحان منتصف القرن الماضي.
أما القطعة الثانية فهي تمثال أنثوي مزين بقرط من الذهب اليمني القديم، يعود للقرن الثالث قبل الميلاد، ويتميز بجماله الفني والحفاظ على تفاصيل الزينة.
وشهدت العشر السنوات الماضية من العدوان على اليمن نهب وتهريب منظم للأثار اليمنية من قبل عصابات المرتزقة التي تتاجر بالوطن وتاريخه وموروثه الثقتفي.