صرّح الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، بأن كل القضايا الكبرى المتعلقة بالشأن الاقتصادي لها أساس ضريبي واضح، سواء تعلق الأمر بتحفيز الاستثمار، العدالة الاجتماعية، العدالة الجغرافية، التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الصحة، التعليم، أو حتى الفن والثقافة. وأكد أن السياسة الضريبية في أي دولة تعبّر عمليًا عن اختياراتها وانحيازاتها، سواء كانت واعية أو ضمنية.

 

وضرب د. بهاء الدين مثالين لتوضيح الفكرة:


أولًا، الاستثمار، حيث أوضح أنه مهما بلغ حماس الدولة ورغبتها في زيادة حجم الاستثمارات، فإن المناخ الضريبي السائد، وما إذا كان مشجعًا للإنتاج والتشغيل والمخاطرة أو مثبطًا لها، هو العامل الذي يحدد ما إذا كانت البيئة جاذبة للمستثمرين أم طاردة لهم.


ثانيًا، العدالة الاجتماعية، إذ شدد على أنه لا يكفي الاعتماد فقط على زيادة الإنفاق الاجتماعي من أجل تضييق فجوة التفاوت الكبيرة في المجتمع؛ لأن الدعم والمنح والمعونات تستهدف الحد من آثار الفقر، لكنها لا توفر الفرصة الحقيقية للخروج منه. وهنا، تأتي أهمية اقتران تلك الأدوات بسياسات ضريبية وسياسات إنفاق عام تساهم في تحقيق الحراك الاجتماعي المنشود.

 

وأشار نائب رئيس الوزراء الأسبق إلى أن السياسة الضريبية، وما يتصل بها من إنفاق عام، تمثل المدخل السليم لمناقشة أسس الإدارة الاقتصادية في أي بلد، وللإجابة على التساؤلات حول مدى سعي الحكومة لتحقيق الأهداف التي يتفق عليها المجتمع، أم الاكتفاء برفع شعارات نظرية تنتهي إلى نتائج مغايرة تمامًا.

 

وأضاف د. بهاء الدين أنه يتابع باهتمام المبادرات الضريبية المهمة التي أطلقتها وزارة المالية مؤخرًا، وعلى رأسها تيسير المعاملة الضريبية للمشروعات الصغيرة، والتصالح مع الأوضاع غير المقننة، وتسهيل تقديم الإقرارات الضريبية، وكذلك إطلاق حملة إعلامية لتشجيع المواطنين على التعامل بشفافية مع مصلحة الضرائب. كما أشاد بالحرص الذي يبديه وزير المالية وفريقه المحيط به على التأكيد بأن الهدف لا يقتصر على زيادة الحصيلة الضريبية، وهو هدف مشروع بحد ذاته، وإنما يشمل أيضًا بناء الثقة المفقودة بين الدولة والممولين.

 

وأكد د. بهاء الدين أن معرفته الجيدة بشخصية الوزير وكفاءته، إلى جانب خبرته الطويلة في العمل الحكومي، تجعله واثقًا في صدق الوزير وحماسه لبناء هذه الثقة. لكنه في الوقت نفسه نبّه إلى أن حجم التحدي كبير ومعقد، إذ يمتد وراءه تاريخ طويل من التوجس والملاحقة من جهة، ومن التهرب والتستر من جهة أخرى. وشدد على أن الحديث عن «إعادة الثقة» قد لا يكون دقيقًا؛ لأنها ثقة لم تكن موجودة أصلًا ثم ضاعت، بل هي ثقة يجب بناؤها من الأساس، ما يجعل مهمة الوزير أكثر صعوبة وتعقيدًا، لكنها في الوقت ذاته مهمة تستحق الاحترام والدعم.

 

وفي ختام تصريحه، دعا د. بهاء الدين إلى استغلال اللحظة الحالية لفتح حوار مجتمعي واسع حول قضايا السياسة الضريبية والإنفاق العام، مشيرًا إلى أن هدفه ليس الوصول إلى نتائج مسبقة أو فرض آراء جاهزة، بل العمل على توفير المعلومات الأساسية للمواطنين حول هذا الملف، الذي يبدو للكثيرين وكأنه «مغارة سرية» لا يفهمها سوى الخبراء، بينما هو في جوهره بسيط، لأنه يتعلق بما يدفعه المواطنون للدولة وما يحصلون عليه في المقابل من خدمات.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التسهيلات الضريبية الضرائب وزير المالية تسهيلات بهاء الدین

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: برامج الإصلاح الاقتصادي توازن بين النمو والحماية الاجتماعية

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الإنتوساي برهنت على قدرتها على تنمية أجهزة الرقابة الدولية وتعزيز التواصل بينها، مشيرًا إلى أن مصر تضع جميع إمكانياتها وخبراتها خلال رئاستها للمنظمة لدعم تبادل الخبرات وتحسين الأداء الرقابي.

مدبولي: تمكين الجهاز المركزي للمحاسبات أولوية لضمان الشفافيةمدبولي: "الإنتوساي" ترصد القصور وتقيم الأداء العام لتصحيح المسار

وأضاف رئيس الوزراء أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بـ الجهاز الأعلى للمحاسبات، باعتباره أحد ركائز النزاهة والشفافية في إدارة المال العام، مؤكّدًا تمكين الأجهزة الرقابية وتعزيز استقلاليتها لضمان الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة المالية والإدارية.

إصلاح مالي وإداري يرسخ دعائم الاقتصاد الوطني

وخلال فعاليات المؤتمر الدولي الـ25 للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، أكد مدبولي أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة عملية إصلاح مالي وإداري غير مسبوقة تهدف إلى تحقيق الانضباط المالي وتطوير الأداء الحكومي.

وأضاف أن هذه الإصلاحات أسهمت في بناء منظومة مالية أكثر كفاءة وشفافية، مما مكن الدولة من مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو مستدامة.

مدن ذكية وشبكة طرق تدعم التنمية

وأوضح رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على إنشاء مدن ذكية متكاملة تُدار بأحدث النظم التكنولوجية لتواكب التطور العالمي وتوفر جودة حياة تليق بالمواطن.

كما أشار إلى إعادة بناء شبكة واسعة من الطرق والكباري، تُعد من الأكبر في الشرق الأوسط، لربط المحافظات والمدن الجديدة وتحفيز التنمية الاقتصادية في مختلف المناطق.

مبادرة "حياة كريمة": نهضة الريف المصري

وأكد مدبولي أن مبادرة "حياة كريمة" تمثل مشروعًا قوميًا ضخمًا لتغيير واقع الحياة في الريف، من خلال تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، بالإضافة إلى تأسيس شبكة شاملة من الرعاية والحماية الاجتماعية لضمان حياة كريمة لكل مواطن.

رعاية صحية شاملة ومبادرة "100 مليون صحة"

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة وضعت صحة المواطن على رأس أولوياتها، عبر مبادرة "100 مليون صحة" التي حققت نجاحًا كبيرًا في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وتقديم العلاج، مؤكدًا استمرار الدولة في بناء منظومة رعاية صحية متكاملة تلبي احتياجات جميع المواطنين.

إدارة رشيدة لأصول الدولة وتعظيم العائد الاقتصادي

وشدد مدبولي على أن الحكومة تعمل على وضع أسس واضحة لإدارة وملكية أصول الدولة لضمان الاستخدام الأمثل وتعظيم العائد الاقتصادي، ضمن جهود الدولة لتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة وتعزيز كفاءة المؤسسات العامة.

طباعة شارك الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الجهاز الأعلى للمحاسبات

مقالات مشابهة

  • المجلس الرئاسي يواصل اجتماعاته اليومية لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في ظل استمرار توقف صرف الرواتب
  • تركيا.. ارتفاع مؤشر الثقة الاقتصادية خلال أكتوبر
  • الأمن الوطني الذي صار عقيدةَ الخوف
  • أجواء باردة في 6 محافظات وتنبيهات للمزارعين والمواطنين
  • رئيس الوزراء: برامج الإصلاح الاقتصادي توازن بين النمو والحماية الاجتماعية
  • هل يقود ارتفاع الدين الداخلي العراق نحو أزمة مالية خطيرة؟
  • بحضور رئيس الحكومة.. المجلس الرئاسي يواصل اجتماعاته لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والأمنية
  • مجلس القيادة يبحث مستجدات الأوضاع الاقتصادية والأمنية ويؤكد التزامه بتنفيذ الإصلاحات الشاملة
  • مصلحة الضرائب تصدر دليلًا توضيحيًا شاملاً لخدمات المقاولات وأعمال التشييد والبناء لتبسيط المعالجة الضريبية
  • إخلاء سبيل 10 متهمين بنشر شائعات ضد الدولة بضمان محل الإقامة