سوريا الجديدة تقرع أبواب الغرب.. هل تنجح استراتيجية الشرع؟
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
انخرطت دمشق على مدى الأشهر الماضية في حراك دبلوماسي مكثف بهدف مد جسور التواصل مع المجتمع الدولي من جديد، مركزة على تقديم سوريا جديدة غنية بالفرص إلى الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وهو ما تجسد في زيارة الرئيس أحمد الشرع الأولى إلى أوروبا.
وتحمل دمشق، التي تعاني من إرث الأسد المخلوع من العقوبات الدولية، معها إلى الغرب عددا من الفرص من بينها سوريا صديقة في الشرق الأوسط ومجالا استثماريا واعدا في بلد يحتاج لإعادة الإعمار وإنعاش اقتصاده المنهك، حسب مراقبين تحدثوا لـ"عربي21".
على وقع ذلك، أجرى الشرع رفقة وفد رسمي زيارته الأولى إلى القارة الأوروبية من خلال البوابة الفرنسية، التي شرعت أبوابها أمام حاكم دمشق الجديد.
والتقى الشرع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وأجرى الزعيمان مؤتمرا صحفيا في قصر الإليزيه، شدد فيه الرئيس السوري على ضرورة رفع العقوبات الغربية عن بلاده بعدما زالت مسبباتها بزوال نظام الأسد.
كما لوح الشرع بما قدمته الثورة السورية إلى الغرب من خلال الإطاحة بنظام الأسد الذي حول البلاد على مدى عقد ونصف من الزمان إلى بؤرة لتصدير الأزمات، قائلا "أنقذنا المنطقة بأسرها من إرهاب محتم كان يجثم على صدور السوريين وعلى صدور المنطقة، وأثر الإرهاب الذي كان يمارسه النظام في سوريا كان يصل إلى أوروبا".
من جهته، بدا ماكرون الذي وقف إلى جانب الشرع في المؤتمر الصحفي على وفاق مع الطرح السوري بشأن ضرورة التعاون الغربي مع سوريا الجديدة من خلال رفع العقوبات.
وأوضح الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعمل على رفع تدريجي لعقوبات الاتحاد الأوروبي عن سوريا، موضحة أن باريس ستضغط أيضا على الولايات المتحدة لاتباع هذا المسار كذلك.
ويرى مدير قسم التحليل السياسي في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، سمير العبد الله، أن زيارة الشرع إلى فرنسا "مهمة في السياق الذي تعيشه سوريا، ليس فقط لكونها أول زيارة إلى دولة غربية بعد سقوط النظام السابق، بل كخطوة رمزية واستراتيجية خلال مرحلة انتقالية حساسة".
ويوضح العبد الله في حديثه لـ"عربي21"، أن "القيادة الجديدة تتحمل مسؤولية إعادة بناء علاقات سوريا الدولية، ورأب العزلة والتشرذم العميقين اللذين أفرزتهما سنوات الحرب والاستبداد والتهميش".
وبحسب الباحث، فإن هذه الزيارة "حملت ثقلا سياسيا ورمزيا قويا"، ودلت على "رغبة واضحة، لا سيما من أوروبا، في الانخراط مع الواقع الجديد في دمشق، وإتاحة الفرصة للقيادة الانتقالية لإظهار جديتها في بناء مسار سياسي تعددي وشامل ومنفتح، مشروط بإصلاحات حقيقية واستعادة الثقة الداخلية والخارجية".
وكانت زيارة الشرع الأولى إلى أوروبا نتيجة سلسلة من التواصلات الحثيثة التي قادتها دمشق، حيث استقبل قصر الشعب بالعاصمة السورية العديد من الوفود الغربية رفيعة المستوى منذ سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي.
كما اضطلع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بمهمة جسر الفجوات مع الغرب عبر سلسلة من الجولات المكوكية التي حطت عبرها رحاله في دول فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
ومنذ سقوط الأسد، بدا أن دمشق تسعى إلى رسم خارطة تحالفات وعلاقات دولية مغايرة لما كان عليه الوضع على عهد النظام المخلوع الذي اتخذ من دول معادية للغرب مثل روسيا وإيران حلفاء رئيسيين له.
وقد بدأ الشرع من خلال الزيارة الفرنسية بقطف ثمار جهود إدارته الدبلوماسية الرامية إلى تقديمه كزعيم جديد لسوريا، حسب الباحث السياسي محمود علوش.
وأوضح علوش في حديثه مع "عربي21"، أن الزيارة إلى باريس كشفت عن "اندفاعة فرنسية قوية في التعامل مع الرئيس الشرع، خاصة وأن فرنسا دولة صانعة قرار داخل الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن موقفها سيكون مؤثرًا في صياغة السياسة الأوروبية تجاه سوريا".
وشدد على أن "هناك هامشا واسعا من الدبلوماسية أمام الرئيس الشرع للتفاعل مع المجتمع الدولي"، لافتا إلى أن دمشق "تدرك الحاجة إلى إقامة علاقات جيدة مع الدول الغربية، ليس فقط من أجل تجاوز معضلة العقوبات، بل أيضا لمعالجة التحديات الكبرى، وعلى رأسها التحدي الإسرائيلي".
هوية جيوسياسية جديدة
يعمل الشرع على مد جسور التواصل مع الولايات المتحدة بشكل رئيسي من أجل تمهيد الطريق أمام رفع العقوبات المفروضة على دمشق، كما يأمل أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى لجم جماح الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، والتي بلغت ذروتها قبل أيام باستهداف محيط القصر الرئاسي.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مصادرها، عن سعي الرئيس السوري إلى لقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب خلال جولة الأخير المرتقبة إلى المنطقة، من أجل مشاركة رؤيته لإعادة الإعمار على غرار خطة مارشال.
وأوضحت الصحيفة أن خطة الشرع تضمن تفوق الشركات الغربية والأمريكية على نظرائها في الصين، كما لفتت إلى أن الشرع أبدى استعدادا لإبرام اتفاقات تسمح للشركات الأمريكية بإجراء عمليات تجارية في مجالي النفط والغاز.
ويرى علوش أن الإدارة السورية الجديدة تدرك أهمية انخراط الغرب في إعادة إعمار سوريا، مبينا أن سوريا الجديدة ليست جديدة فقط داخليًا، بل على مستوى الهوية الجيوسياسية كذلك.
وبحسب الباحث، فإن الرئيس الشرع يسعى إلى تذكير الغرب بأن التحول الحاصل في البلاد يشكل فرصة كبرى، وأن سوريا يمكن أن تصبح حليفا وصديقا للولايات المتحدة والغرب في الشرق الأوسط.
من جهته، يرى العبد الله كذلك أن القيادة الانتقالية "تبدو عازمة على تبني سياسة خارجية مختلفة عن سياسة سوريا ما قبل عام 2024، ويشمل ذلك تقليل الاعتماد على التحالفات الجيوسياسية الضيقة، وفتح قنوات متنوعة للتواصل مع الجهات الفاعلة الرئيسية، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة".
وكانت تقارير أشارت إلى أن سياسية إدارة ترامب تجاه سوريا لا تزال قيد المعالجة، بينما تسعى العديد من دول المنطقة من بينها تركيا والسعودية إلى الضغط على واشنطن من أجل معالجة ملف العقوبات الضاغط على دمشق.
وقبل أيام، كشفت وكالة رويترز عن سماح واشنطن للدوحة بتمويل رواتب القطاع العام في سوريا، بما يمنح دمشق القدرة المالية لدعم مساعيها الرامية لإعادة بناء الدولة.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر أن التمويل القطري سيسمح بزيادة الرواتب تدريجيا بنسبة تصل إلى أربع مئة بالمئة، في حين أوضح مصدر سوري أن المبادرة القطرية تشمل الموظفين المدنيين فقط دون وزارتي الداخلية والدفاع.
ويرجح علوش أن تقدم الولايات المتحدة في المرحلة القادمة مزيدا من المبادرات المحدودة على غرار مبادرة التمويل القطري، بما يسمح للشركاء العرب بتمويل مشاريع استثمارية داخل سوريا، مشددا على أن "كل ما يتعلق بإعادة الإعمار مرهون بالعقوبات الأمريكية".
ويبين العبد الله بدوره أن دمشق الجديدة "تقدم نفسها كشريك محتمل في جهود إعادة الإعمار، مُشيرة إلى نواياها في الانفتاح الاقتصادي وتنفيذ إصلاحات تدريجية في هيكل السوق ومناخ الاستثمار - تحت إشراف دولي لضمان الشفافية".
التحدي الإسرائيلي
تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي من جهتها التصعيد ضد سوريا منذ سقوط نظام الأسد، وهو ما يضع دمشق تحت تحديات ضاغطة في المرحلة الانتقالية.
وبعد أيام من بلوغ التصعيد الإسرائيلي ذروته عبر استهداف محيط القصر الرئاسي بدمشق، كشف الشرع خلال زيارته باريس عن إجراء بلاده مباحثات غير مباشرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الرئيس السوري إن المباحثات مع إسرائيل تهدف إلى "تهدئة الأوضاع وعدم فقدان السيطرة"، مشددا على أن "تصرفات إسرائيل عشوائية، وعليها التوقف عن التدخل في الشأن السوري".
وكانت مصادر رويترز كشفت أن الإمارات فتحت قناة اتصال بين الجانبين تقتصر فقط على القضايا الأمنية وملفات مكافحة الإرهاب، نافية أن تكون المسائل العسكرية أو الأنشطة الإسرائيلية في سوريا ضمن نطاق النقاش الحالي.
ويرى علوش أن "الهدف الأساسي من هذه القنوات هو التعامل مع التهديد الخطير الذي تمثله إسرائيل في هذه المرحلة"، معتبرا أن هذا التواصل "يعزز من هوامش الدبلوماسية لإنتاج حلول لهذا التحدي، وقد يمهّد لاحقا لسياق سوري-إسرائيلي أوسع".
وأشار الباحث إلى أن "العلاقة غير المضطربة مع إسرائيل تعد بوابة لعلاقات جيدة بين دمشق والغرب، وهذا ما يدركه الرئيس الشرع جيدا".
بينما يرى العبد الله أن الاتصال غير المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي يأتي "في إطار تحول براغماتي يقر بالديناميكيات الإقليمية المعقدة"، لافتا إلى أن “التوصل إلى اتفاق رسمي يبدو بعيد المنال".
لكن حتى الاتصالات الأولية بين الجانبين تشير إلى استعداد جديد لتجاوز الأعمال العدائية المتجذرة والسعي إلى تفاهمات أوسع نطاقا تخدم مصالح سوريا الإقليمية والأمنية، حسب العبد الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية دمشق سوريا الشرع فرنسا ترامب سوريا فرنسا دمشق الشرع ترامب المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الرئیس الشرع العبد الله من خلال إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
الرئيس الشرع خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي: لا مبرر لبقاء العقوبات بعد إسقاط النظام.. ماكرون: فرنسا ستساعد في رفعها
باريس-سانا
أكد رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا جراء ممارسات النظام البائد، مشيرا إلى أنه لا مبرر لبقائها بعد إسقاطه، لأنها ستكون عقوبات على الشعب، وأمام سوريا مهام كبيرة واستقرارها مرتبط بالاستقرار الاقتصادي وبالحالة الأوروبية وبالعالم.
وقال الرئيس الشرع خلال مؤتمر صحفي اليوم مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بباريس: أتوجه بالشكر الجزيل للسيد الرئيس وللشعب الفرنسي على استقبال السوريين اللاجئين خلال سنوات الحرب الماضية، وعلى حفاوة الاستقبال والكرم الذي حظوا به، كما أشكر الرئيس ماكرون على الدعوة الكريمة وحفاوة الاستقبال، هذه ليست مجرد زيارة دبلوماسية، بل لحظة اعتراف بقدرة الشعب السوري في حقه بتقرير مصيره وطاقته على إعادة إعمار ما تم تدميره.
وأضاف الرئيس الشرع: لقد ارتبط اسم سوريا خلال عقد من الزمن بظلال الحرب والنزوح والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والجوع والحصار والموت، وعندما نهض الشعب السوري عام 2011 ضد نظام الأسد لم نكن نتوقع أن تمر ثورتنا بمراحل عدة، ولا أن يتعرض شعبنا لأقصى درجات العنف، في عهد من الرعب مارسه النظام السابق، وسط غياب شبه تام للمساءلة من قبل كثيرين في المجتمع الدولي، ما دفع بالسوريين إلى أوضاع لا يتمنى أحد أن يمر بها، لكن سوريا ليست مجرد ماض موجع، إنها شعب رفض أن يمحى، ورفض الخضوع لحكم الاستبداد، وفعل كل ما يلزم للبقاء، رغم الإهمال والتقاعس والأحكام المسبقة من العالم، وفعل ذلك دون أن يتنازل.
وتابع الرئيس الشرع: فرنسا كانت من أوائل الدول الأوروبية التي طردت بعثات النظام الدبلوماسية، إثر المجازر المروعة التي ارتكبها، وأول دولة أوروبية تعترف بالمعارضة السياسية، واستثمرت فرنسا في الجهود الإنسانية والسياسية وفي ملفات المساءلة، في وقت قل فيه من يفعل ذلك، لتضمن أن ألم السوريين لم يمح ولن ينسى، ونحن نثمن لها ذلك، ويكفي أن تمتلك دولة ذات رؤية مثل فرنسا تاريخا من تشكيل ملامح الدولة الحديثة لتدرك وتقدر هذا الحق في دولة أخرى.
وقال الرئيس الشرع: ناقشت اليوم مع الرئيس ماكرون سبل التقدم بين سوريا وفرنسا في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكما أشار الرئيس ماكرون في كلمته، نحن ندرس آفاق التعاون في مجالات الأمن وإعادة الإعمار والتنمية إضافة إلى العدالة والمساءلة، مؤكدا أن أمن سوريا واستقرارها هو استقرار للمنطقة بأكملها بل والعالم، حيث واجهت ولاتزال تهديدات أمنية خطيرة ونعمل بلا كلل على مواجهتها.
وأضاف الرئيس الشرع: إن سلامة المواطنين السوريين هي أولويتنا القصوى، ولقد أكدنا ذلك للرئيس ماكرون اليوم، وكما أنه لا أحد أحرص على فرنسا من الفرنسيين أنفسهم، فإن الأمر ذاته ينطبق على سوريا، ونحن ندرك أن هذه الفترة صعبة كما هي كل فترة ما بعد الثورة وما بعد الحرب، حيث تتلاطم في النفس السورية مشاعر الحزن والغضب والخوف والأمل، ونحن نحاول بشكل جماعي وفردي أن نستوعب انتهاء حكم استبدادي دام 54 عاما، واستخدمت فيه الطائفية والرعب كسلاح ضد المجتمع السوري.
وتابع الرئيس الشرع: لقد شهدنا في الأشهر الأخيرة أحداثا مأساوية افتعلتها عناصر مسلحة من فلول النظام الساقط، تسعى لخلق الفوضى وإشعال الفتن مستغلة هشاشة الوضع، حيث استغل بعض المسلحين هذا الواقع ليبثوا الفوضى، فيما ضاعفت شبكات التضليل الإعلامي من خطورة الموقف بصناعة الروايات المشوهة محملة بالعنف السياسي، فتحركنا بسرعة لمعالجة الوضع، واعتقلنا الخارجين عن القانون وشكلنا لجنتين الأولى للتحقيق في الأحداث، والثانية لاستعادة السلم الأهلي والتواصل مع المجتمعات المتضررة، وأقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإجماع بجهودنا، وفتحنا الأبواب أمام لجنة التحقيق الدولية التي أثنت على تعاوننا الكامل معها.
وقال الرئيس الشرع: ناقشنا التعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية، مع تقييم مساهمة فرنسا في هذا الشأن، والنظر في أطر جديدة للدعم الدولي، أما فيما يتعلق بتجارة الكبتاغون غير المشروعة التي فتك فيها النظام السوري بالمنطقة، فقد أظهرنا أننا شريك جاد في مكافحة المخدرات، كما تعاونا مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي زارت سوريا مرات عدة، وقدرت شفافية تعاملنا وتيسيرنا لمهامها، في تأكيد على التزامنا الكامل بمعالجة كل أثر لاستخدام السلاح الذي كنا ضحاياه.
وأضاف الرئيس الشرع: ناقشنا كذلك الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، مدركين أن فرنسا تتعاون معهم منذ فترة في ملف مكافحة داعش، كما تناولنا قضية المقاتلين الأجانب الفرنسيين في سوريا، والخطوات التالية في هذا الصدد، وتطرقنا إلى أمن حدودنا والتهديدات الإسرائيلية المستمرة، حيث قصفت إسرائيل سوريا أكثر من عشرين مرة خلال الأسبوع الماضي فقط، ما أدى إلى ارتقاء أربعة مدنيين وجرح ستة آخرين تحت ذريعة حماية الأقليات، كما ناقشنا الوضع الحدودي مع لبنان.
وتابع الرئيس الشرع: لقد ورثنا بنية تحتية مدمرة ومنهارة في سوريا، وكثير منكم رأى مقاطع فيديو لسوريين عادوا إلى منازلهم لأول مرة منذ أكثر من عقد ليجدوها أطلالا، هناك بلدات سرقت أسطح بيوتها، ومدن بلا كهرباء، ومخيمات تؤوي مليوني سوري، وسدود وجسور بحاجة إلى إصلاح، لهذا فإن إعادة الإعمار من أولوياتنا القصوى، ونقوم حاليا بتقييم احتياجات كل شبر من البلاد، لضمان حصول كل مواطن على حياة كريمة وخدمات أساسية ومكان آمن ليعود إليه بعد 14 عاما من التهجير، وبحثنا مع الرئيس ماكرون مساهمة فرنسا في جهود إعادة الإعمار.
وقال الرئيس الشرع: ندرك أن التحديات جسيمة وإعادة البناء ليست مجرد مسألة ميزانيات وإسمنت فحسب، إنها إعادة بناء الثقة ومواجهة للآثار النفسية العميقة، وضمان بألا يحكم السوريون مجددا بالخوف أو الصمت، فلا مكان مستقبلا للفتن الطائفية ولا للسماح بانتهاك سيادتنا من أطراف خارجية، ومستقبل سوريا لن يصاغ في الغرف المغلقة أو يفرض من عواصم بعيدة، بل سيبنى في العلن بأيدي المعلمين العائدين إلى صفوفهم، والمزارعين الذين يفلحون الأرض من جديد، والصحفيين والقضاة والشباب الذين يناقشون ويعبرون عن آرائهم بحرية وشفافية.
وأضاف الرئيس الشرع: العقوبات بالنسبة لسوريا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاتحاد الأوروبي، وسوريا ليست على هامش الخريطة اليوم، والاستقرار الأمني مرتبط بالنمو الاقتصادي، وهذه التحديات تعوقها العقوبات، وتحدثت مطولا مع الرئيس ماكرون، وشرحنا تداعيات استمرار العقوبات على سوريا، والتي فرضت على النظام السابق، وبعد زواله يجب أن تزول معه، وليس هناك أي مبرر لبقائها، لأنها ستكون عقوبات على الشعب وليس على النظام الذي قام بالمجازر، وكان الرئيس ماكرون متفهما جيداً لذلك، وأعتقد أن هناك بشائر جيدة بعد هذا الاجتماع، حيث سيبذل الرئيس ماكرون كل جهوده لرفع العقوبات عن الشعب السوري.
ورداً على سؤال بشأن المقاتلين الأجانب، قال الرئيس الشرع: هناك من جاء إلى سوريا لمساعدة السوريين في محاربة النظام المجرم أثناء الثورة المباركة، وظلوا إلى جانبنا حتى وصلنا إلى التحرير، وأكدنا لجميع الدول التزام هؤلاء المقاتلين بالقانون السوري، وبأنهم لن يشكلوا تهديدا لأي دولة، أما فيما يتعلق بحصولهم على الجنسية السورية، فإن من يحدد ذلك هو الدستور بعد صياغته.
وبخصوص أحداث الساحل، أكد الرئيس الشرع أن من قام بها مجموعة من فلول النظام البائد، تسببوا بالمقتلة التي حصلت، وقال: شكلنا لجنتين إحداهما للحفاظ على السلم الأهلي ولإجراء جلسات للمصالحة بين الناس، والثانية لتقصي الحقائق تضم نخبة من الخبراء القانونيين والمحققين، وحددنا لها مدة شهر لإنجاز عملها، لكنها طلبت التمديد لستة أشهر، ووافقنا على ثلاثة أشهر غير قابلة للتمديد، ويجب أن تقدم تقريرها إلى الدولة في الموعد المحدد.
وأضاف الرئيس الشرع: الدولة ملتزمة بمحاسبة ومعاقبة كل من قام بقتل مدني أو الاعتداء على أملاك الناس أو على دمائهم أو على أرواحهم وفق القانون، كائنا من يكون، سواء كان من الجهات المنتسبة للدولة أو من غير المنتسبين للدولة، أو حتى من فلول النظام الساقط، فالدولة تتحمل مسؤوليتها أمام كل ما يجري في سوريا الآن، لكن بعد إجراء التحقيقات المناسبة، وتحديد من المتسبب ومن المسؤول عن هذه الأعمال.
وعن دور سوريا في مكافحة الإرهاب، أكد الرئيس الشرع تضامن سوريا مع كل ضحية سقطت من خلال العبث الإرهابي، وخاصة أنها أكثر من تعرض للإرهاب من خلال ممارسات النظام المجرم، عبر القصف بالبراميل والسلاح الكيميائي ما اضطر الكثير من السوريين إلى ركوب البحر حيث غرقت أعداد كبيرة، في طريقهم إلى أوروبا هربا من هذا الإرهاب.
وقال الرئيس الشرع: ليس لنا أي علاقة ولا نؤيد أي عمل إجرامي في أوروبا أو في غيرها، وهدفنا كان النظام المجرم ومارسنا أعمالنا القتالية لتحرير سوريا بكل شرف وأمانة، وغلبنا حالة العفو والمسامحة، وأصبح الشعب السوري كله آمنا، وأنقذنا المنطقة من إرهاب كان يجثم على صدور السوريين والمنطقة، ووصل إلى أوروبا ومن ضمنها فرنسا.
وفيما يتعلق بما تداوله الإعلام حول مفاوضات مع إسرائيل، قال الرئيس الشرع: هناك مفاوضات غير مباشرة تجري عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاصها، حتى لا تصل الأمور إلى حد يفقد فيه الطرفان السيطرة، فالتدخلات الإسرائيلية عشوائية وتخرق اتفاق عام 1974، والإدارة السورية الجديدة أكدت لكل الجهات المعنية الالتزام بهذا الاتفاق، وأنه على قوات الاندوف العودة إلى الخط الفاصل، حيث زارت قيادة هذه القوات دمشق مرات عدة، ونحن نحاول أن نتواصل مع كل الدول التي لديها اتصال مع الجانب الإسرائيلي للضغط عليه، للتوقف عن التدخل في الشأن السوري، واختراق أجواء سوريا وقصف أراضيها.
من جانبه قال الرئيس الفرنسي: إن 14 عاما من وحشية نظام الأسد دمرت سوريا، وسقوطه لاقى ارتياحا لدى الجميع، وتطرقنا خلال المباحثات إلى الانتقال السلمي، والتأكيد على وحدة الأرض السورية، والمساواة في الحقوق بين جميع مكونات الشعب السوري، مشيرا إلى أن سوريا تمر الآن بمرحلة جديدة، وتشهد أحداثا خاصة في مناطق الأقليات، ما يستوجب على السوريين أن يتحدوا لتحقيق السلام والاستقرار والوصول إلى كل طموحاتهم.
وأوضح ماكرون أن سوريا تواجه صعوبات كبيرة وعلى المجتمع الدولي التعاون معها للتغلب على هذه الصعوبات، وفرنسا مستمرة بدعم الشعب السوري وحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية، لافتا إلى أن بلاده ستساعد سوريا من أجل عدم تجديد العقوبات الأوروبية ورفعها تدريجيا، لأن استقرار سوريا ووحدتها مهمان جدا لأمن فرنسا وأوروبا، داعيا الإدارة الأمريكية إلى رفع عقوباتها عن سوريا، لأن ذلك سيسهم بإعادة الإعمار وتسهيل عودة اللاجئين.
وقال ماكرون: نحيي الخطوات التي قام بها الرئيس الشرع للاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية وضمان السلم الأهلي، وأبدينا استعداد فرنسا للتعاون في جميع المجالات ومنها محاربة داعش لما فيه مصلحة البلدين، وأكد الرئيس الشرع إصراره وحرصه على محاربة كل المجموعات الإرهابية التي تهدد سوريا ودول الجوار وهذا مهم جدا، كما تطرقنا إلى جهود سوريا في التخلص من الأسلحة الكيميائية التي خلفها نظام الأسد، ومن تجارة وصناعة الكبتاغون التي مول بها اقتصاده.
وأكد الرئيس الفرنسي أن اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية ممارسة سيئة وانتهاك لسيادة ووحدة سوريا، وقال: أتمنى أن يكون هناك حوار مع إسرائيل فيما يخص الأمن، لأن المنهجية التي تتبعها في هذا الشأن مرفوضة، ويجب اتباع منهجية جديدة قائمة على التعاون المتزايد، ونتحدث هنا عن عملية انفتاح فيما يخص المفاوضات، فسوريا دولة مهمة جدا لاستقرار المنطقة.
وأشار ماكرون إلى أنه بعد حرب دموية في سوريا حان الوقت لإصلاح الأوضاع فيها، وقال: أرى قائدا موجودا في مكانه، قضى على نظام متوحش كافحناه مع السوريين، وهو مستعد للعمل من أجل بناء دولة تكون سيدة قرارها، لا تتبع إيران ولا غيرها ولا تدعم حزب الله اللبناني، والخطوات الأولى أدت إلى نتائج واضحة من خلال العمل على محاربة الحزب على الحدود مع سوريا، ومنع إعادة تسليحه، معربا عن أمله بأن تكون الأعوام القادمة أفضل بكثير من الأعوام السابقة من أجل مستقبل سوريا وفرنسا.
الرئيس الشرع الرئيس ماكرون 2025-05-07bdrossmanسابق بحث سبل تعزيز التعاون في مجال النقل البري بين سوريا والأردن والعراقالتالي غرفة تجارة دمشق تبحث فرص التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتعزيز الاستثمار ودور القطاع الخاص في سوريا انظر ايضاً وصول الرئيس الشرع مطار شارل دي غول في باريس في أول زيارة رسمية له إلى أوروباباريس-سانا أعلنت رئاسة الجمهورية وصول رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع إلى مطار شارل …
آخر الأخبار 2025-05-08وزير الأوقاف يبحث مع القائم بأعمال سفارة أذربيجان تعزيز التعاون في الشؤون الإسلامية 2025-05-08وزير المالية: نشكر قطر على المنحة الكريمة المقدمة لتسديد جزء من فاتورة الأجور والرواتب الحالية والبالغة 29 مليون دولار أمريكي شهرياً 2025-05-07غرفة تجارة دمشق تبحث فرص التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتعزيز الاستثمار ودور القطاع الخاص في سوريا 2025-05-07الرئيس الشرع خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي: لا مبرر لبقاء العقوبات بعد إسقاط النظام.. ماكرون: فرنسا ستساعد في رفعها 2025-05-07بحث سبل تعزيز التعاون في مجال النقل البري بين سوريا والأردن والعراق 2025-05-07وزير الإعلام يبحث مع وزير التنمية الإدارية وصحفيين وفنانين تطوير المؤسسات الإعلامية ودور الفن في المجتمع 2025-05-07وزارة التنمية الإدارية تنظم ورشة تدريبية لتعزيز التنظيم المؤسسي 2025-05-07وزيرا الصحة والتنمية الإدارية يناقشان آليات تطوير الهيكل الإداري للقطاع الصحيّ 2025-05-07الرئيس الشرع يلتقي مع باسكال جولنيش رئيس منظمة عمل الشرق في باريس 2025-05-07الرئيس الشرع يلتقي وزير الدولة الفرنسي في باريس
صور من سورية منوعات تطبيق موبايل يوصل صوت الصم للحصول على خدمات الإسعاف 2025-04-27 صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |