جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-07@23:37:42 GMT

المتحدث الرسمي وغياب الحقيقة!

تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT

المتحدث الرسمي وغياب الحقيقة!

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

ثقافة تدفق المعلومات من مصادرها بانسيابية وشفافية بعيدًا عن حُرَّاس البوابات الإعلامية وعيون الرقابة، تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية؛ وذلك لأسباب ترجع للقيود التي تفرض من بعض المسؤولين الذين يرغبون بحجب المعلومات وإبعادها عن الرأي العام بحجة المحافظة على الاستقرار الوطني الذي تصيبه الحساسية من انتشار المعرفة بين الناس من وجهة نظر هؤلاء.

بينما نجد عقبة أخرى تتمثل في القوانين الموثقة والمكتوبة من السلطات الرسمية في معظم بلاد العرب؛ والتي تمنع تداول المعلومات من مصادرها الرسمية إلى وسائل الإعلام المحلية أو العابرة للحدود؛ على الرغم من التحولات الجذرية المحيطة بنا؛ مثل ظاهرة المواطن الصحفي الذي أصبح خارج نطاق الرقابة فضلاً عن سرعة وصول المعلومات عبر السماوات المفتوحة بدون قدرة وزارات وهيئات الإعلام على مصادرتها أو حتى منعها من الانتشار الواسع عبر المنصات الرقمية.

صحيحٌ أن من أهم ما جاء في قانون الإعلام الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (58/ 2024) وحملته المادة رقم (3) من خلال العديد من النقاط المُهمة التي نتوقع منها- إذا ما تم تطبيقها بحسن النية من المسؤولين- أن يكون لها الأثر الطيب في حل مشكلة مُزمِنة تتمثل في الحق في الحصول على المعلومات من مصادرها، وتداولها بشكل مشروع، كما إن حرية الرأي والتعبير باستخدام وسائل الإعلام قد أقرها القانون الجديد كحق مكتسب لا لبس فيه، وهذا تطور إيجابي كبير.

والسؤال المطروح الآن: هل بالفعل تحقق طموح الإعلاميين في الحصول على المعلومات من أدراج صناع القرار؟ للإجابة على هذا السؤال ربما نحتاج إلى نظر وتأنٍ حتى يتمكن المنظمون لهذه المواد القانونية من تكييفها ووضع توصيف واضح المعالم لتنفيذ تلك النصوص القانونية التي تحتاج إلى وقت أطول لكي يتم إقناع الأطراف التي تملك المعلومات بالسماح بتداولها خاصة تلك المعلومات المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وليس الأمنية والعسكرية.

لقد استبشرنا خيرًا بإعلان بعض الوزارات الحكومية عن تعيين ناطقين رسميين لتقديم المعلومات والحقائق المتعلقة بتلك المؤسسات بشكل انسيابي ودقيق خاصة في إطار غياب وجود متحدث رسمي مُعلَن عنه باسم الحكومة، لكي يقدم ايجازًا يوميًا في الشأن العام للإعلاميين، خاصة بعد اجتماعات مجلس الوزراء التي يترأس فيها جلالة السلطان الحكومة؛ نظرا لأهمية تلك الاجتماعات، وما تحمله من مشاريع تنموية وتوجيهات سامية لتصويب الأداء الحكومي ودفعه نحو تحقيق الأهداف المرسومة له سوى في الخطة الخمسية العاشرة التي شارفت على الانتهاء أو رؤية "عُمان 2040" التي يحرص الجميع على متابعتها والتعرف على نتائجها وتقدمها نحو طموحات المواطن الذي ينتظرها بفارغ الصبر، لعل وعسى تفرج الأحزان للمنتظرين وتُفرِح الباحثين عن التوظيف، وتنقل سفينة الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، حسب وعود القائمين عليها، الذين يعملون هذه الأيام بجدٍ واجتهاد، وفضلوا الغياب عن الساحة الإعلامية "لأمر في نفس يعقوب".

من المؤسف حقًا أن المؤسسات الحكومية السباقة في تجربة الناطق الرسمي لم تنجح في ذلك؛ والسبب في اعتقادي الشخصي هو عدم تمكين الأشخاص الذين تم تسميتهم للمنصب من المعلومات التي تمثل سلطة مطلقة في النفوذ والجاذبية، فتلك المعلومات إذا ما اتُخذ القرار بنشرها لا تكون بأي حال من الأحوال من نصيب درجات المديرين الذين يحملون صفة المتحدث الرسمي؛ بل يجب أن تُمنح لكبار المسؤولين، خاصةً إذا كانت إيجابية ومبشرة بالخير للعامة؛ والأهم من ذلك كله عدم حصول الناطق الرسمي على التدريب المناسب؛ كون جميع المتحدثين الرسميين المُعلن عنهم لا يحملون شهادات في تخصص الإعلام؛ بل في مجالات الطب والإدارة والمراقبة الجوية والاقتصاد. ومن هنا، أصبح المتحدث الرسمي مع مرور الأيام، وكأنَّه يتحدث إلى نفسه لكونه فقد مصادر القوة المتمثلة في المعلومات.

ولكي نضع الأمور في نصابها، يُمكِن أن نُقسِّم الوزارات التي انتهجت سياسة العمل بالمتحدث الرسمي إلى قسمين؛ تلك التي خلقت ضجة ودعاية بزعم أنه لا توجد زوايا مظلمة في تلك الوزارات؛ فهي بعيدة عن الحقيقة وهي أقرب إلى ذر الرماد في العيون أو التضليل والدعاية الرمادية وأبعد عن تطبيق مبادئ الموضوعية والصدق والتوازن في العمل الإعلامي؛ فالوضع في تلك الوزارات والمحافظات في مكانك سِرْ، ولم يطرأ جديد بتعيين المتحدث الإعلامي.

وعلى الجانب الآخر هناك جهات رسمية وخاصة تؤمن بأهمية الناطق الرسمي وتعمل على تمكينه وتدريبه واطلاعه على ما يجب أن يعرفه المجتمع العُماني دون تردد أو مماطلة، وفي مقدمة تلك الوزارات المتميزة وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة، وكذلك شركة تنمية نفط عُمان التي أعلنت عن تسمية 3 متحدثين كل على حدةٍ؛ في قطاعات الشركة المختلفة انطلاقًا من التخصُّص والخبرة.

وفي الختام.. لقد حان الوقت لضبط ما يُفضِّل البعض تسميته هذه الأيام بالانفلات الإعلامي من بعض المسؤولين، وعلى وجه الخصوص التصريحات النارية التي تستفز الرأي العام بسبب تناقض تلك التصريحات مع التوجه العام للدولة؛ فعدم ضبط إيقاع السياسة الإعلامية ومنع الذين يدعون إلى هجرة المُواطن خارج وطنه تارة والدعوة إلى التوظيف من خلال السجل التجاري؛ فالبُعد عن التصريحات التي تُغضب المجتمع العُماني أصبح من الأولويات الوطنية، وذلك لتجنب الكثير من المتاعب غير الضرورية، وعلى هؤلاء المسؤولين أن يقولوا خيرًا أو ليصمتوا.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس مدينة أشمون يحيل عدداً من المسؤولين للتحقيق بعد رصد 7 حالات تعد على الأراضي الزراعية

أحال طارق أبو حطب رئيس مركز ومدينة أشمون، في محافظة المنوفية ،عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بسمادون للتحقيق وذلك بشأن واقعة تسهيل إجراءات التعدي علي الأرض الزراعية وتقاعسهم عن تنفيذ الازالة الفورية لعدد 7حالات تعدي علي الأرض الزراعية ،مما يُعد مخالفة جسيمة تضر بالصالح العام.

 جاء ذلك بناءً علي مذكرة إدارة المراجعة الداخليه والحوكمة والتي تم عرضها علي  طارق أبو حطب رئيس مركز ومدينة أشمون بعد تكليفة لمدير الإدارة بتشكيل لجنه للمرور علي كافة قري وعزب مركز أشمون وإتضح أثناء المرور ظهور 7 حالات تعدي علي الأرضي الزراعية بقرية سمادون دون إتخاذ أي إجراء لازالتها في المهد .

وعلي أثرها قام أبو حطب بتحويل المذكورين للتحقيق لإتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم ، بعد أن تم إزالة7حالات تعدي علي الأرض الزراعية بقرية سمادون.

من جانبه شدد أبو حطب علي  نواب رئيس المدينة ورؤساء الوحدات المحلية ومسئولي الزراعة بضرورة تنفيذ الإزالات الفورية في المهد لكافة أشكال التعديات المخالفة على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بمختلف قري مركز ومدينة أشمون ، مؤكداً أن ملف التعديات هو خط أحمر لن يتم التهاون فيه ، مشدداً على محاسبة المقصرين بكل قوة والضرب بيد من حديد على أي عنصر فاسد ضمن منظومة العمل ومعاقبة المخالفين حفاظاً على المال العام  .

طباعة شارك محافظة المنوفية المنوفية اخبار محافظة المنوفية ازالة التعديات مخالفات البناء

مقالات مشابهة

  • رئيس ‫هيئة الرقابة ومكافحة الفساد‬ يلتقي بعددٍ من كبار المسؤولين الدوليين
  • وزير الصحة: التنمية البشرية تحتاج إلى تكامل الأدوار بين الوزارات لتحقيق نتائج مستدامة
  • سرايا القدس في مرور عامين على معركة طوفان الأقصى: نتوجه بالتحية إلى يمن النخوة والعزة الذين لا زالوا على العهد
  • مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية يجتمع مع المستشار الأول لرئيس الوزراء الكندي
  • جيروزاليم بوست: الأسرى الـ4 الذين تصر حماس على الإفراج عنهم
  • رئيس مدينة أشمون يحيل عدداً من المسؤولين للتحقيق بعد رصد 7 حالات تعد على الأراضي الزراعية
  • أول تعليق لـ خالد العناني بعد فوزه بـ اليونسكو: أشكر مصر التي أوكلتني بهذه المهمة
  • احتفاءً بذكرى نصر أكتوبر.. تغيير الغلاف الرسمي لصفحات المتحدث العسكري للقوات المسلحة
  • الشاعر واصل المبيضين يكتب في إعادة تدوير المسؤولين
  • اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف تعقد اجتماعها الدوري مع رؤساء اللجان الفرعية في الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية