سيكون لهذا القرار وقع كبير في عواصم الخليج العربي، حيث ستُقرأ الخطوة بوصفها مكافأة سياسية من الحليف الأميركي، ورسالة ضمنية إلى الآخرين، من الصين إلى روسيا، بأن ترامب مستعد للذهاب بعيدًا في معركة تثبيت النفوذ. اعلان

في لحظة مفصلية تعكس هشاشة التوازنات في الشرق الأوسط، كشفت تسريبات من الإدارة الأميركية عن نية الرئيس دونالد ترامب اعتماد التسمية العربية للخليج، معلنًا انحيازًا صريحًا إلى حلفائه العرب في معركة رمزية عمرها قرون.

فما الذي يعنيه أن يُعاد رسم حدود التاريخ بالكلمات؟ وهل الاسم مجرد وصف جغرافي، أم أنه صار أداة صراع ناعم لا يقل خطورة عن المدافع والصواريخ؟

اسم من زمن هيرودوت

تبدأ قصة هذا الخليج مع كتب هيرودوت، وهو أبو التاريخ الإغريقي، في القرن الخامس قبل الميلاد، حين أعطاه اسم الخليج الفارسي. وظل الاسم متداولًا في خرائط الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية، واستمر في الأدبيات الإسلامية، حتى لدى الجغرافيين العرب مثل الإدريسي وابن خلدون، الذين أشاروا إلى المسطح المائي باسم "بحر فارس". لكن عبر العصور، لم يكن للاسم قوة سياسية كالتي يحملها اليوم.

لم يبدأ الخلاف حول الاسم بالأمس. منذ صعود القومية العربية في منتصف القرن العشرين، بدأ الترويج لمصطلح "الخليج العربي"، بدافع "مقاومة الهيمنة الإيرانية" على السردية التاريخية.

وقد لعبت الصحافة القومية في العراق ومصر دورًا كبيرًا في تكريس هذا الاستخدام، في وقت كانت فيه الممالك الناشئة على الساحل الغربي للخليج تبحث عن تثبيت حضورها وهويتها.

في المقابل، كان لإيران، خصوصًا بعد الثورة الإسلامية، موقف صارم: أي مساس باسم "الخليج الفارسي" يُعتبر مساسًا بهويتها الوطنية، بل جزءًا من معركة ضد ما تصفه بـ"المؤامرة" لعزلها إقليميًا.

ترامب يدخل اللعبة

حين تقول إدارة ترامب إنها تفكر في تغيير الاسم، فهذا ليس مجرد تصحيح خريطة في غرف البنتاغون. بل هو إعلان موقع: انحياز كامل لمعسكر الخليج العربي ضد إيران، في توقيت حساس يجري فيه تفاوض نووي خلف الكواليس، ووسط محاولات أميركية لإعادة ترتيب تحالفاتها في المنطقة بعد عقدين من الحروب.

تصريحات ترامب، حين قال إنه "لا يريد جرح مشاعر أحد"، تبدو سطحية، لكنها تعكس حسابًا سياسيًا بالغ الدقة. لا يتوقف الخلاف عند السياسيين. في كل مرة تنشر فيها قناة أو مجلة خريطة تكتب عليها "الخليج العربي" أو "الخليج الفارسي"، تثار زوبعة من الاحتجاجات.

Relatedاجتماع مجلس التعاون الخليجي في السعودية بحضور مصر وسوريا والأردن والمغربتغير الشرق الأوسط كثيرًا بعد ولاية ترامب الأولى.. فهل تبقى دول الخليج وفيّة لعرّاب اتفاقيات التطبيع؟

في 2010، هددت إيران ناشيونال جيوغرافيك بطردها من البلاد بعد استخدام المصطلح العربي. وفي 2005، انسحب وفد إيراني من دورة الألعاب الآسيوية في الدوحة لأن شعار البطولة حمل تعبير "الخليج العربي". حتى في التعليم، تُلقّن الأجيال هذه الأسماء كحقائق راسخة: ففي طهران، هو الخليج الفارسي، وفي الرياض وأبو ظبي والمنامة، هو الخليج العربي.

البُعد القانوني والدولي

الأمم المتحدة لا تزال تعتمد رسميًا اسم "الخليج الفارسي" في وثائقها، بناءً على مذكرة أصدرها فريق خبراء الأسماء الجغرافية عام 2006. لكن واشنطن، كما تُظهر تجربة "خليج المكسيك" — الذي أعيد تسميته مؤخرًا في الخرائط الأميركية إلى "خليج أمريكا" — أظهرت استعدادها لتجاوز الأعراف الدولية متى رأت في ذلك مصلحة سياسية.

الجمهوريون في الكونغرس يدفعون الآن نحو قوْننة هذه التغييرات، حتى لو استدعى الأمر مواجهة مع وكالات دولية أو حتى حلفاء في أوروبا.

قرر ترامب في فبراير الماضي تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركاAP Photo

وهنا تكمن خطورة الموقف. ففي زمن لم تعد فيه الحروب تُخاض بالدبابات فقط، صارت الرموز، ومنها الأسماء، أدوات تعبئة جماهيرية وإشارات استراتيجية. إذا أعلن ترامب تبني اسم "الخليج العربي"، فإن ذلك سيكون رسالة مباشرة إلى طهران: واشنطن لم تعد تكتفي بسياسة الضغط الأقصى، بل تدخل في حرب سرديات، تطعن في صميم الرواية التاريخية الإيرانية.

في المقابل، سيكون لهذا القرار وقع كبير في عواصم الخليج العربي، حيث ستُقرأ الخطوة بوصفها مكافأة سياسية من الحليف الأميركي، ورسالة ضمنية إلى الآخرين، من الصين إلى روسيا، بأن ترامب مستعد للذهاب بعيدًا في معركة تثبيت النفوذ.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: باكستان فرنسا كشمير دونالد ترامب سوريا جنوب أفريقيا باكستان فرنسا كشمير دونالد ترامب سوريا جنوب أفريقيا إيران السعودية الولايات المتحدة الأمريكية الخليل باكستان فرنسا كشمير دونالد ترامب سوريا جنوب أفريقيا سياحة روسيا تكنولوجيا الاتحاد الأوروبي البابا فرنسيس عنصرية الخلیج الفارسی الخلیج العربی

إقرأ أيضاً:

"عُمان من نافذة صلالة".. قراءةٌ فارسيّةٌ لطبيعة وتاريخ وثقافة ظفار

 

 

 

طهران- العُمانية

صدر حديثًا عن دار "ايشتار" للطباعة والنشر في العاصمة الإيرانية طهران كتاب "عُمان من نافذة صلالة" ويتناول السياحة والثقافة والتاريخ في محافظة ظفار.

وحمل الكتاب الذي يقع في 400 صفحة من تأليف الكاتب الإيراني حسين ملا حسني، دعوة إلى رحلة استكشافية في محافظة ظفار وتحديدًا مدينة صلالة.

ووصف المؤلف في مقدمة الكتاب المناظر الطبيعية الخلابة بما في ذلك الطرق الخضراء الوارفة وأشجار جوز الهند والموز وضباب الجبال ورائحة اللبان التي تقدم مدينة صلالة ككنز خفي وأرض ساحرة، يمتزج فيها التاريخ مع الثقافة.

وذكر الكاتب أن الهدف الرئيس من الكتاب هو الكشف عن جمال الطبيعة والفرص الاقتصادية الواعدة لمحافظة ظفار ومدينة صلالة، وتشجيع القارئ على اكتشاف هذه الوجهة الملهمة التي لا تُنسى.

ويشير ملا حسني إلى أن الكتاب يساعد المغامرين باكتشاف وجهات جديدة، فالأوصاف المفصلة والصور الحية التي يقدمها تثير شغف القارئ وتشجعه على خوض هذه الرحلة الشيقة.

وسيجد المهتمون بالثقافة والتاريخ العُماني حيزًا بارزًا من الجوانب التاريخية والثقافية لصلالة وظفار، ويعدّ هذا الكتاب عملاً قيّمًا ومفيدًا لكل من يبحث عن الإلهام لاستكشاف الثقافات العريقة والوجهات السياحية الخلابة.

مقالات مشابهة

  • عُمان من نافذة صلالة..قراءةٌ فارسيّةٌ لطبيعة وتاريخ وثقافة ظفار
  • "عُمان من نافذة صلالة".. قراءةٌ فارسيّةٌ لطبيعة وتاريخ وثقافة ظفار
  • بين النفاق الغربي والهوان العربي.. بدائل المقاومة تضيق
  • الفارسي بحر العلوم يرفض تصريحات السفير البريطاني بشأن انتفاء الحاجة للحشد
  • عندما يطير الدخان.. الحبس سنة و6 أشهر لمتعاطى حشيش في المعصرة
  • مستشار خامنئي: نعارض نزع سلاح حزب الله وسنمنع "ممر القوقاز"
  • تحنيط الحيوانات في العراق.. حين يتحوّل الموت إلى ذكرى أبدية (صور)
  • موجات شرقية ماطرة.. توقعات بمنخفضين في خليج البنغال ينعشان الرياح الموسمية
  • قرار لبناني بنزع سلاح حزب الله.. ترحيب يمني عربي ورعب حوثي
  • أول تعليق عربي على إتفاق أذربيجان وأرمينيا.. تعزيز الأمن بالقوقاز