حمود بن سعيد البطاشي

 

لا شك أن العدالة في الرواتب والمزايا بين الموظفين الحكوميين تُعدّ أحد ركائز الاستقرار الوظيفي والإنتاجية العالية. ولكن ما نراه على أرض الواقع في مؤسساتنا ويلاحظه الجميع، هو وجود فارق شاسع وغير مُبرَّر في الرواتب بين مؤسسات الدولة الحكومية، رغم أن الوظيفة واحدة، والمؤهلات متماثلة، والتدريب متقارب!
مثلًا: تجد موظفًا في وزارة يعمل بمسمى "أخصائي موارد بشرية" يحصل على راتب أساسي لا يتجاوز 700 ريال، في حين أن زميله في جهة حكومية أخرى (هيئة أو شركة حكومية) يتقاضى ضعف هذا الراتب أو أكثر، مع نفس المؤهل، ونفس المهام تقريبًا.

ما الرسالة التي توصلها هذه الفجوة للعاملين في القطاع العام؟ إنها ببساطة تقول: "العدالة ليست أولوية".
هذا التفاوت لا يُضعف فقط من الروح المعنوية للموظف؛ بل يُغريه لترك موقعه والبحث عن فرص في الجهات الأعلى دخلًا؛ مما يخلق حالة من النزيف الوظيفي، والتكدّس في جهات معينة، وندرة الكفاءات في أخرى.
ويرجع سبب هذا التفاوت إلى غياب إستراتيجية وطنية موحدة للرواتب والمزايا في القطاع الحكومي؛ حيث تتبع كل جهة جدولها الخاص، بناءً على وضعها القانوني أو استقلالها المالي. وبعض الهيئات تستند إلى أنظمتها الخاصة، وشركات حكومية أخرى تعتمد على لوائح مُنفصلة تشبه القطاع الخاص، في حين تبقى الوزارات الخدمية مقيدة بنظام الخدمة المدنية الموحد.
لكن السؤال: هل من العدالة أن يعمل موظفان لنفس الحكومة، ويحملان نفس الشهادة، ويؤديان نفس المهمة، ويتقاضيان راتبين مختلفين؟ بالطبع لا!
وهذا التفاوت في الرواتب يؤثر سلبًا على الإنتاجية، ويخلق شعورًا بالغبن والإجحاف. فالموظف الأقل راتبًا قد يشعر بعدم التقدير، مما ينعكس على أدائه. كما أنه يقوّض الجهود الحكومية لتحفيز الشباب على الانخراط في الوظائف العامة، ويشجع على التسرب إلى القطاع الخاص أو الهجرة الخارجية.
المطلوب اليوم من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة العمل، إجراء مراجعة شاملة لهيكل الرواتب في القطاع الحكومي، ووضع إطار عادل ومنصف يراعي المؤهل، وسنوات الخبرة، والمهام الفعلية. كما يجب إنشاء قاعدة بيانات مركزية لمقارنة الرواتب، ونشرها بشفافية لتوضيح الفوارق، ومعالجتها تدريجيًا.
وفي الختام.. العدالة في الرواتب ليست رفاهية؛ بل ضرورة لخلق بيئة عمل صحية، ورفع الإنتاجية، وتحقيق الرضا الوظيفي، ولا يمكن لحكومة أن تُطالب موظفيها بالولاء والانضباط، بينما تُفرّق بينهم في الأجور لأسباب غير منطقية.. وقد آن الأوان لردم الفجوة، وإعادة بناء الثقة في هذا الجانب.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بمناسبة انطلاق أعمال الدورة الثانية عشرة له.. أمير المنطقة الشرقية يستقبل مجلس إدارة غرفة الأحساء

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، في مكتبه اليوم، رئيس مجلس إدارة غرفة محافظة الأحساء محمد بن عبدالعزيز العفالق، يرافقه أعضاء المجلس، وذلك بمناسبة انطلاق أعمال الدورة الثانية عشرة للمجلس.

وهنأ سموه رئيس وأعضاء مجلس إدارة غرفة الأحساء على هذه الثقة، متمنيًا لهم التوفيق في أداء مهامهم، مؤكّدًا أهمية الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص في تعزيز النمو الاقتصادي، وضرورة تعزيز التكامل والتعاون بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ودفع مسيرة التنمية في محافظة الأحساء.

من جانبه، أعرب العفالق عن شكره لسمو أمير المنطقة الشرقية على دعمه المتواصل وتوجيهاته السديدة، مؤكّدًا حرص مجلس إدارة الغرفة على مواصلة العمل بما يعزز دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد المحلي، وتحقيق التنمية المستدامة في المحافظة.

مقالات مشابهة

  • الشرقية.. خطّة لتأهيل الأصول البلدية بالشراكة مع القطاع الخاص
  • " لمياء كامل " تعلن بدء اجتماعات ربع سنوية لتحويل "قمة صوت مصر" إلى مشروع مستدام
  • برلماني: الدولة تتحمل جزءًا من تأمينات العمالة غير المنتظمة بقانون العمل الجديد
  • وزيرة التنمية المحلية: نهتم بتشجيع الاستثمار ودعم دور القطاع الخاص
  • الجديد يبحث أوضاع القطاع التعليمي في زلة
  • مناقشة الإجراءات الحكومية والحوافز الممنوحة للقطاع الاقتصادي لدعم الصناعات الوطنية
  • بمناسبة انطلاق أعمال الدورة الثانية عشرة له.. أمير المنطقة الشرقية يستقبل مجلس إدارة غرفة الأحساء
  • «المشاط»: ترفيع العلاقات المصرية الفرنسية إلى الشراكة الاستراتيجية خطوة محورية تجسد قوة العلاقات بين البلدين
  • المشاط تشارك بمنتدى الأعمال لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا