صحيفة البلاد:
2025-06-29@19:59:17 GMT

الرحمة قبل التعليم

تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT

الرحمة قبل التعليم

من المواقف التي لم أستطع تجاوزها أو نسيانها، موقف واجهته أثناء عملي في الإشراف التربوي في التعليم العام. ففي إحدى زياراتي المعتادة لمدرسة ابتدائية في قرية نائية، وكان من عادتي عند دخولي أي مدرسة في بداية اليوم الدراسي البدء بزيارة الفصول الدراسية مباشرة، قبل الذهاب إلى مكتب مدير المدرسة لاحتساء القهوة أو الشاي، فطلبت من مدير المدرسة أن أرافقه في جولة على الفصول، فبدأنا بالصف الأول الابتدائي، ولفت انتباهي نظافة سبورة الفصل من أي كتابة للمعلم أو الطلاب، فضلا عن هندام وهيئة المعلم، حيث كان شابًا يبدو جديدا على المهنة، أو ربما كانت المهنة لا تزال جديدة عليه، وهذا ما دعاني أن استأذن منه لحضور ما تبقى من الحصة، وطلبت من مدير المدرسة أن يتركني في الفصل مع المعلم وطلابه، ثم أخذت كرسيًّا وجلست في آخر الفصل حيث أستطيع أن أرى ما لا يُرى من المقدمة.


كان المعلم يقف عند السبورة بثوب أبيض جديد وشماغ وعقال في غاية الأناقة، وعطر يفوح في أرجاء الفصل، ولكن بدأت تظهر عليه علامات الارتباك، فخشيت أن يكون وجودي يشكل عبئًا عليه، فقلت له بهدوء : “استمر، أنا هنا لأتعلم منك ومن طلابك”.
وبينما كان يكتب على السبورة كلمة “باب”، كنت أتصفح كراسات الأطفال الذين بجانبي، أبحث في تفاصيل واجباتهم عن أثر يد تربوية، أو عبارات تشجيعية تحفزهم أو تعزز بداياتهم، ولكنني فوجئت بشيء آخر، ففي إحدى صفحات كتاب طفل هزيل الجسد، ثيابه رثة، وجسمه نحيل، وبالكاد يرفع عينيه، وجدت رسالة كتبتها أمه بيد مرتجفة، وقلب مكسور، قالت فيها: “أرجوك يا أستاذ، لا تضرب ولدي فهو كل ما أملك أنا وأختاه، وهو أملنا الوحيد بعد الله تعالى، منذ أن اختطف الموت والده من بيننا. لقد بات يخاف من الليل، يصرخ في نومه، ويتبول على نفسه من شدة الخوف. أناشدك أن ترأف بحاله، فقد أنهكته الحياة بما يكفي، ولم يعد يحتمل قسوة فوق قسوة اليُتم”.
رفعت نظري إلى المعلم، ونهضت من مكاني، فاقتربت منه عند السبورة بهدوء، ثم فتحت الكتاب وأريته الرسالة، وسألته: “هل قرأت هذه الرسالة ؟!”. تفاجأ، وبدا عليه الذهول، وأكد أنه لم يرها من قبل، ثم ساد الفصل صمت ثقيل، ومع ذلك لم أُعنّفه أو ألقي عليه محاضرة، بل اتجهت إلى الطلاب ثم بدأت أسألهم وأطلب منهم الكتابة على السبورة، وتعمّدت أن أسأل بعضهم قبل أن أوجه سؤالي إلى هذا الطفل، وأطلب منه أن يكتب اسمه على السبورة؛ كي أطلب من الطلاب تحيته والتصفيق له، علّي أبعث في نفسه الثقة من جديد.
وعندئذ شعرت أنني لم أعد مشرفا تربويًا فحسب، بل يجب عليّ أن أكون أبًا، وقطعت على نفسي عهدا أن أكون الأب الذي يحتاجه هذا الطفل، حتى تستقيم له الحياة من جديد.
ثم خرجت من الفصل والكتاب في يدي، ولكن قد لا تسمح هذه المساحة لسرد ما تبقى من هذه القصة أو حتى بقية التفاصيل، لكنني أطمئنكم أنه وبفضل الله تعالى، فإنّ نظام وزارة التعليم لدينا يكفل لهذا الطفل ولغيره تعليم آمن مستقر، وأنه بمجرد تطبيق الدليل الإجرائي لقضايا شاغلي الوظائف التعليمية على أي حالة مثل هذه الحالة، فستنام هذه الأم قريرة العين آمنة مطمئنة، وهذا يحسب لوزارة التعليم، وهو ما جعل كثيرا من وزارت التعليم في دول كثيرة تراقب اتجاه بوصلة تعليمنا في مجالات عدة، ومن بينها مجال حفظ حقوق الطلاب والطالبات الإنسانية لتقتدي بها وتتجه معها أينما اتجهت، لكنني أردت أن أقول: إن هذا الموقف ترك في قلبي ألمًا ما يزال يتكرر كلما استحضرت ذاكرتي هذا الموقف، وأعاد إليّ يقيني أن التعليم ليس وظيفة، بل رسالة إنسانية سامية.
ومن هنا، أشيد بقرار وزارة التعليم في إسناد مهمة تدريس الصفوف المبكرة إلى المعلمات، فصبرهن، وفطرتهن الرحيمة هي ما يحتاجه الأطفال في بداياتهم؛ لأن التعليم ليس مجرد كتابة وقراءة الحروف والأرقام فحسب، بل هو أول شعور بالأمان في مدرسة الحياة، التي تتطلب منا أن تكون الرحمة قبل التربية والتعليم.

al_mosaily @

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

حتى نهاية يونيو 2025..كيفية التظلم على نتائج الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية

تواصل الإدارات التعليمية بمحافظة الجيزة استقبال طلبات تظلمات طلاب صفوف النقل والشهادة الإعدادية على نتائج الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2024-2025، وسط اهتمام متزايد من أولياء الأمور والطلاب بحقوقهم في مراجعة أوراق الإجابة والتأكد من درجاتهم الفعلية. 

 

وتأتي هذه المرحلة كجزء مهم من مراحل تقويم العملية التعليمية، حيث تتيح الفرصة للطلاب لتقديم اعتراضاتهم الرسمية في حال شعورهم بوجود ظلم أو نقص في درجاتهم.

ويعد نظام التظلمات وسيلة رسمية وشفافة تعكس التزام وزارة التربية والتعليم بمبدأ العدالة التعليمية وضمان حصول كل طالب على الدرجة المستحقة، لا سيما مع تصاعد أعداد المتقدمين سنويًا نتيجة للوعي المتزايد بين الطلاب وأسرهم بحقوقهم القانونية.

 

خطوات تقديم التظلم على نتيجة الامتحانات

 

تقديم الطلب للإدارة التعليمية:
يتوجه الطالب أو ولي أمره إلى مدير عام الإدارة التعليمية التابع لها لتقديم طلب التظلم، مع تحديد المادة أو المواد التي يرغب في التظلم من نتيجتها.سداد الرسوم المقررة:
يُشترط دفع رسوم التظلم المحددة من قبل الإدارة التعليمية، والتي تختلف حسب المرحلة الدراسية والمادة.الاطلاع على أوراق الإجابة:
بعد قبول الطلب وسداد الرسوم، يُسمح للطالب أو ولي الأمر بالاطلاع على ورقة الامتحان، لتحديد النقاط محل الاعتراض.مراجعة اللجنة المختصة:
يتم فحص الملاحظات من خلال لجنة من التوجيه الفني المختص، وتقرر اللجنة مدى أحقية الطالب في تعديل الدرجة.استرداد الرسوم في حال القبول:
إذا ثبت أحقية الطالب في التظلم وزيادة درجاته، يُعاد له مبلغ الرسوم المدفوع مسبقًا.

 

انتهاء العام الدراسي وبداية موسم التظلمات

أنهى طلاب صفوف النقل في مدارس الجيزة امتحانات الفصل الدراسي الثاني، إيذانًا ببداية العطلة الصيفية، وتفرغ الكثير منهم الآن لتقديم التظلمات، خاصة في المواد التي شهدت شكاوى جماعية من صعوبة الامتحانات أو الغموض في الأسئلة.

وتسعى الإدارات التعليمية إلى تنظيم عملية التظلمات وفق ضوابط واضحة، لتحقيق الشفافية ومنع التكدس، من خلال تحديد مواعيد مسبقة ومراجعة دقيقة من لجان مختصة لضمان الحياد في التصحيح والمراجعة.

 

الثانوية العامة

في الوقت نفسه، يواصل طلاب الثانوية العامة ماراثون الامتحانات، حيث انتهوا من أداء المواد غير المضافة للمجموع، مثل التربية الدينية والتربية الوطنية والاقتصاد والإحصاء واللغة الأجنبية الثانية، وبدأوا في الامتحانات الأساسية.

ويتضمن جدول الامتحانات الأيام المقبلة ما يلي:

الأحد 29 يونيو 2025: امتحان اللغة الأجنبية الأولى.الخميس 3 يوليو 2025: امتحان الكيمياء والجغرافيا.الأحد 6 يوليو 2025: امتحان الرياضيات البحتة.الخميس 10 يوليو 2025: امتحان الرياضيات التطبيقية والإحصاء والأحياء.

ويتوقع أن يزداد زخم التظلمات بعد إعلان نتائج الثانوية العامة لاحقًا، لا سيما مع ارتباطها بمستقبل الطلاب الجامعي وتحديد رغبات التنسيق.

 

 

مقالات مشابهة

  • بالاسماء.. فصل مبرمج للكهرباء عن مناطق في المملكة غدا
  • مرافعة نارية.. كلمات مؤثرة للنيابة بمحاكمة أب قتل طفله بالإسكندرية.. فيديو
  • تعرف على شروط الترشح لعضوية مجلسي النواب وفقا للقانون
  • هاجر أحمد ناعية ضحايا حادث المنوفية: «نجوا من الحياة بأعجوبة»
  • حتى نهاية يونيو 2025..كيفية التظلم على نتائج الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية
  • واقعة عمراني
  • نائب:سيادة العراق ناقصة دون إقرار قانون الهيئة البحرية
  • الحبس وغرامة مليون جنيه ..احذر تقديم خدمات الدفع الإلكتروني بالمخالفة
  • ارتفاع الرواج التجاري بالموانئ بأزيد من 10 في المائة في المائة خلال الفصل الأول من 2025 
  • 3 أشهر مهلة.. موعد الفصل فى قضية الحجر على نوال الدجوى