بقلم : هادي جلو مرعي ..
هي هكذا ولادة، ولايصيبها العقم، تلك الجزائر بلد المليون شهيد وملايين الثائرين، التي قدمت للعالم المرأة الفولاذية جميلة بوحيرد صاحبة الموقف الأسمى في الدفاع عن القضية الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي البغيض، وقبل ذلك هي بلد عبد القادر الجزائري الثائر الذي لم يترجل من فرسه حتى إطمئن الى شعبه وثورته، هي بلد الزيتون المتوسطي والجبال الندية الشامخة، أولادها الذين أبدعوا في القتال والغناء والموسيقى ولعب كرة القدم، وأخيرا هي بلد هشام بوزرقون المراسل الحربي الذي قدمته قناة الشروق الجزائرية ليكون سفيرها في الشرق حيث القتال المحتدم بين القوات العراقية والتنظيمات العنفية الشرسة التي كادت رصاصاتها أن تصيب هشام في قلبه، أو في رأسه، بينما كان يحمل كاميرته، ويجول في الجبهات في الشمال والشرق، ويرى المقاتلين الأكراد يصطدمون بداعش، وحين يفاجأ بسقوط مقاتل من البيشمركة الكردية صريعا برصاص قناص ويسيل دمه على الأرض، وحين فوجئ بصديقه المراسل الحربي العراقي أحمد البياتي يصاب بإطلاقة في صدره ويكاد يموت لو لم يتم الإسراع بنقله في الطائرة الى مستشفى خاص في العاصمة بغداد.
أختير هشام بوزرقون مراسل قناة الشروق الجزائرية ضمن مجموعة من أبرز وأشهر المراسلين الحربيين الذين قدموا تغطية متوازنة حيث كرم من قبل نقابة الصحفيين العراقيين بقلادة مطلية بالذهب إضافة الى هدايا وجوائز من جهات عدة إطلعت على تغطياته المهمة والفاعلة في مختلف الجبهات التي زارها، وكان حرفيا ودقيقا غير هياب للمخاطر التي تعترضه، وتكاد تسبب له الهلاك المحتوم لولا أن المشيئة حكمت بغير ذلك.
يقول هشام بوزرقون الذي قضى في العراق مدة شهرين كاملين، وزار النجف وكربلاء وجلولاء والسعدية واليوسفية وغيرها من مناطق ساخنة وباردة، إنه سعيد للغاية لماقابله في العراق من مواطنين يواجهون المصاعب بإرادة وقوة تذكرني بشعب الجزائر، وأحسست كم نحن مشابهون لبعضنا البعض في البلدين، وكذلك المعرفة الدقيقة بتفاصيل الحياة الجزائرية وأسماء المدن والفرق الرياضية، وإنجازات المنتخب القومي الجزائري، وأسماء أبطال الثورة الجزائرية وبالجغرافيا والتاريخ والبيئة وشؤون السياسة في بلدي الحبيب.
هشام بوزرقون قام بتغطيات حربية عديدة في العراق، وإلتقى بالمواطنين من مختلف المذاهب والقوميات، وتعرف الى ثقافات عدة في هذا البلد وسبق، ويعمل لحساب تلفزيون الشروق نيوز، وهو حاصل على ماجستير في الإعلام، وفي تقنيات السمعي البصري إختصاص تصوير، ومايزال يدرس في تخصصات الصحافة العليا، ويسكن في قرية دباغة التي تتبع لمحافظة بومرداس شرق الجزائر العاصمة بمسافة خمسين كم وهو عازم على تقديم عطاء أكثر جدية في المرحلة المقبلة لينفع بلده وشعبه.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
صوت السلام الذي ترفعه «شباب عمان»
ليس سهلا أن يتحدث أحد عن السلام في اللحظة التي يكون فيها العالم منشغلا بالحرب وغارقا في الإبادة والتجويع حد الموت، سواء كان هذا العالم مرتكبا لها أو كان داعما لها بطريقة أو بأخرى، فالطفل الذي يموت جوعا لا يهمه إن كان قد مات بسبب من منع عنه الطعام أو من تواطأ معه.
لكن ذلك الصعب لا يمكن التفريط فيه، أو إسكات صوته؛ فمهما كان سواد الليل وحلكته فإن بوارق النور مهما كانت خافتة تبقى مهمة لأنها تحيي ما تبقى من الأمل. والعالم اليوم في أمس الحاجة إلى أي أمل أو بارق نور لينتشله من هذه الظلمة التي ترخي سدلها عليه.
وبوارق الأمل متنوعة، ومساراتها مختلفة. فإذا كانت قمة ترامب وبوتين تحمل رمزية يمكن أن تُبنى عليها بعض الآمال مهما كانت ضئيلة فإن المشاريع الثقافية/ الحضارية التي تنطلق في العالم هنا وهناك تحمل بصيص نور ومصباح أمل يقول للبشرية إنّ في العالم من هم ما زالوا معنيين بالسلام وحريصين على ألا تنقطع خيوط الترابط الإنساني مهما عظمت الكوارث.
ومن بين المشاريع التي تستحق أن نضعها في هذا السياق مشروع سفينة «شباب عمان» التي تطوف موانئ العالم وهي تحمل شعارا ضمنيا مفاده أن البشر يمكن أن يلتقوا على الكثير من القيم إن لم يستطيعوا أن يلتقوا عند منصات السياسة.
وفكرة مشروع سفينة «شباب عمان» تختزل الفكر العماني الذي يصر على أن الكثير من القيم والمبادئ الأخلاقية يمكن أن تجمع بين البشر وتجعلهم يتجاوزون الأحقاد التاريخي منها والآني رغم فداحة الأحداث ورسوخها ولكنّ السلام يمكن أن يجبّ ما قبله، والناس أقرب استئناسا بالسلام عندما يعيشونه منهم إلى السعي وراء الحرب وأحقادها وندوبها.
لا يمكن النظر إلى رحلة «شباب عمان» ومرورها بالموانئ العالمية إلا في هذا السياق، وهو سياق متناغم مع السياسة العمانية كما هو متناغم مع الفكر العميق للمجتمع العماني وهو حصاد تجارب وخبرات طويلة راكمها العمانيون عن معرفة وتجربة بأحوال الدنيا وتقلبات البشر. وما أحوج العالم اليوم إلى مثل هذه المشاريع التي تجمع الناس على مبادئ يتفقون عليها ويميلون إليها أكثر بكثير من تلك التي تفرق بينهم.
والحقيقة أن الشعوب في كل مكان لا تحب الحرب ولا تطربها؛ ولكن الأمر ليس بيدها دائما.. ومن المهم جدا أن تشعر شعوب العالم الغربية بشكل خاص أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقل ميلا للسلام والمحبة منها ولكنها كما تنشده لغيرها فإنها تنتظره لها أيضا. وليت المنظمات الدولية والمؤسسات الثقافية والفكرية في العالم تشتغل في مشاريعها وفي أطروحاتها بتكريس هذه المفاهيم حتى يتجاوز العالم هذه الأحقاد وحتى يستطيع صوت السلام ـ مثل ذلك الذي ترفعه «شباب عُمان» ـ أن يسمع العالم أجمع ليعرفوا كم هو مهم للعالم ولمسارات مستقبلهم.