يمانيون/ تقارير

في ظل العدوان المستمر والجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة وما خلفه من كارثة إنسانية غير مسبوقة، تتسم بوقوع أعداد هائلة من الضحايا والمجاعة والنزوح الواسع النطاق، والتي تُدان على نطاق واسع كجرائم حرب وحتى إبادة جماعية، في ظل هذا الوضع الكارثي يسعى العدو الإسرائيلي لتنفيذ خطته الأكثر دموية ووحشية والتي تعرف بخطة “عربات جدعون” فعقب إقرار ما يُسمى “الكابينت” الإسرائيلي للخطة التصعيد الجديدة والهادفة -عبر التجويع الممنهج، والمجازر المكثفة، ومنع دخول الغذاء والدواء، لإعادة تقسيم قطاع غزة إلى معازل صغيرة تدفع الفلسطينيين نحو منطقة أُطلق عليها “غزة الصغرى”، تمهيدًا لتهجيرهم القسري خارج القطاع.

جرائم ممنهجة لتنفيذ المخطط الديمغرافي الكبير

يمثّل الوضع في قطاع غزة مستوى غير مسبوق من الدمار والمعاناة، يتسم بعشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين.

ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 52,653 فلسطينياً وأصيب 118,897 بين 7 أكتوبر 2023 و7 مايو 2025.4 وبحلول 4 مايو 2025، أشار خبراء الأمم المتحدة إلى استشهاد أكثر من 52,535 شخصاً وإصابة 118,491.5 ويشمل ذلك حصيلة مروعة من الأطفال، حيث استشهد أكثر من 16,278 طفلاً منذ أكتوبر 2023.4

لقد أدت جرائم العدو الإسرائيلي إلى نزوح واسع النطاق، فقد نزح 90% من سكان غزة (2.1 مليون شخص)، ويفتقرون إلى المأوى الكافي والغذاء والخدمات الطبية المنقذة للحياة والمياه النظيفة والتعليم وسبل العيش، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1.9 مليون شخص نازحون داخلياً، وكثير منهم أجبروا على التنقل عدة مرات، ويعيشون في ملاجئ مؤقتة غير كافية.

أحد الجوانب الحاسمة للأزمة الإنسانية هو الحصار المتعمد للمساعدات من قبل العدو، لأكثر من شهرين (منذ 2 مارس 2025)، تم منع جميع الإمدادات من دخول غزة، مما أدى إلى توقف شبه كامل للجهود الإنسانية لحماية المدنيين ومساعدتهم، بدون مواربة وبكل تبجّح أعلن مسؤولون صهاينة رفيعو المستوى صراحة عن نيتهم في استخدام التجويع كتكتيك للضغط على المقاومة في غزة وهو انتهاك واضح للقانون الدولي، نددت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة بالخطط الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات على أنها غير متوافقة مع المبادئ الإنسانية، خوفاً من أنها قد تؤدي إلى مزيد من النزوح القسري، ويفيد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بأن غالبية كبيرة من تحركات المساعدات المخطط لها التي يتم تنسيقها مع العدو الإسرائيلي يتم رفضها أو تواجه عقبات، ما يؤكد إصرار العدو على تنفيذ خطة التهجير عنوة وتحت تهديد القوة بالنار أو بالتجويع.

في أرقام الضحايا خلفت جريمة الحصار لوحدها أكثر من 70,000 طفل في المستشفيات يعانون من سوء التغذية الحاد، و1.1 مليون يفتقرون إلى الحد الأدنى اليومي من المتطلبات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، وكانت اليونيسيف قد حذرت في مايو 2025 من أن الأطفال في غزة يواجهون خطراً متزايداً من التجويع والمرض والموت مع كل يوم يمر من حصار المساعدات، كما إن بيانات سوء التغذية ودخول الأطفال إلى المستشفيات لا تمثل مجرد إحصائيات وحسب بل تشير إلى نتيجة سياسة متعمدة، مما يدعم تأطيرها القانوني الذي أقرت به عدة أطراف قانونية دولية كـ”جريمة إسرائيلية” صنف الـ “إبادة الجماعية” كما يصفها خبراء الأمم المتحدة أنفسهم، ما يعيد تسليط الضوء على استراتيجية محسوبة وممنهجة ومتعمّدة يقوم بها العدو ووفق المجريات المتتابعة لها فهي أبعد من أن تكون نتيجة جانبية غير مقصودة

بالنسبة للدمار الذي ألحقه العدو بالبنية التحتية فهو هائل، واعتباراً من مايو 2024، تضررت معظم المباني السكنية وسويت الأحياء بالأرض، وبحلول مايو 2025، تعرض 95.4% من المدارس في قطاع غزة لمستوى معين من الأضرار في مبانيها، ما يعني أن ما يقوم به العدو هو ضمن مخطط لاستهداف مستقبل المجتمع الغزي ونسيجه الاجتماعي، وهي إشارة أخرى تعزز فكرة أن العدو يعمل على استراتيجية تهدف إلى تعطيل المجتمع الغزي على المدى الطويل، وليس فقط تحقيق أهداف عسكرية، مما يتناسب مع رواية العقاب الجماعي و”الجريمة الإسرائيلية”.

صنفت قوات العدو الإسرائيلي 70% من غزة كمنطقة عسكرية أو منطقة تخضع لأوامر النزوح، مما يقيد بشدة وصول المدنيين والصيادين والمزارعين، 100% من رفح، 84% من شمال غزة، و78% من مدينة غزة هي مناطق محظورة أو مناطق نزوح، وهنا يبدو الأمر متعلقاً بتقييد الوصول إلى سبل العيش (الصيد والزراعة) وتركيز السكان، أكثر منه عملاً بأهداف عسكرية بحتة، مما قد يسهل المزيد من السيطرة أو النزوح

يشير خبراء الأمم المتحدة صراحة إلى أن العدو الإسرائيلي يواصل تدميره المتواصل للحياة في غزة وأن استنزافها المتعمد للمستلزمات الأساسية ودفع غزة إلى حافة الانهيار يؤكد مسؤوليتها الجنائية لكن دعوات المسؤولين الأمميين لإنهاء الإبادة الجماعية المتكشفة لا تجد آذاناً صاغية ولا تلقى أدوات تنفيذية تعمل على الضغط على العدو الإسرائيلي لوقف جريمته.

وللتذكير فإن مخطط العدو الإسرائيلي لتهجير أهل غزة هو ينبعث من عقيدة صهيونية تاريخية و بالتالي هو يحدث في سياق تاريخي من الجريمة بحق الفلسطينيين أهل الأرض، و التي رافقها التجريد من الملكية وصنوف التنكيل وا لتعذيب ومنع الحقوق وحرمانهم من ممارسة حياتهم الطبيعية و وصولاً لتحقيق مخطط النزوح الفلسطيني، وهو ما اتسمت به أكثر من 77 عاماً من الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين من بينها ما اختٌصت به غزة من حصار مشدد و مطبق لأكثر من ربع عقد من الزمن

تفيد التقارير بأن خطة العدو الإسرائيلي الحالية في غزة تستلزم نزوح معظم السكان إلى الجنوب، مع احتفاظ جيش العدو بوجوده، وتكرار هذا النموذج في أماكن أخرى، البديل للبقاء في “المناطق الإنسانية” مما يجعل هذه المغادرات تحصل قسراً في ملاحقة مفرغة بحثاً عن الأمان وعن المساعدات الإنسانية ما يُمكّن العدو من تحقيق التهجير، عملياً ويضع الفلسطينيين أمام الأمر الواقع يعمل عليه العدو كجزء من نمط طويل الأمد من السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى السيطرة بالنار والحديد

الخطة المقترحة لتحريك السكان داخل غزة، والتي تم تأطيرها على أنها إنشاء “مناطق إنسانية”، ينظر إليها بشكل نقدي وتُحذّر منها مجموعات الإغاثة باعتبارها ستسوق الى النزوح القسري تحت ستار العمل الإنساني والمناطق الآمنة مع أنها تخفي أجندة نزوح دائم أو تهجير جماعي، بمعنى أن أعمال العدو الإسرائيلي في غزة قد تهدف عمداً إلى تغيير المشهد الديموغرافي، وإخلاء القطاع من سكانه وهو ما يعني تنفيذاً عملياً لمخطط المجرم ترامب الذي بدا أنه تراجع عنه بينما تشير الوقائع اليومية الى تطبيقه بصمت تحت ذرائع إنسانية ولوافت عسكرية، ويبقى أن أكثر ما يُشجّع العدو على إيغاله في تدمير غزة وتفكيك مجتمعها وتهجير سكانها هو الصمت العربي والإسلامي، الذي مع الو قت يبدو أنه يتعوّد يوميات الجرائم الصهيونية في غزة، ويتعايش مع مخططات العدو الصهيوني الجارية بوتيرة عالية بل والممولة من خزائن أمريكا التي امتلأت للتو من أموال الأعراب.

 

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی الأمم المتحدة مایو 2025 أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

أطفال غزة يدفعون ثمن الحرب الأكثر دموية في العصر الحديث

بعد قرابة 19 شهراً من الحرب، تؤكد التقارير أن أكثر من 17,500 طفل قد قُتلوا، وأصيب أكثر من 34,000 طفل آخرين، فيما تعرّض نحو مليون طفل للنزوح المتكرر، وجرى حرمانهم من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك التعليم، والغذاء، والرعاية الطبية. اعلان

منذ استئناف إسرائيل هجماتها العسكرية المكثفة على قطاع غزة أواخر مارس/آذار الماضي، تعكس الأرقام ارتفاعا مطردا في عدد الضحايا من الأطفال. وفقًا لإحصائية صادرة عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بلغ عدد الصغار الذين قُتلوا جراء القصف الإسرائيلي 927 طفلاً، بينما تعرض مئات آخرون لإصابات بالغة.

وتكشف التقارير الميدانية أن انهيار وقف إطلاق النار والتصعيد في القصف الجوي والعمليات البرية أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين بمعدلات مُروّعة. فخلال عشرة أيام فقط، على سبيل المثال، قُتل ما يزيد عن 322 طفلاً وأُصيب 609 آخرون، بمتوسط يقترب من 100 طفل يوميًا بين قتيل وجريح.

أطفال ينتظرون توزيع وجبة ساخنة في دير البلح بقطاع غزة، 14 مايو أيار 2025يورونيوز

هذه الأرقام تؤكد مرة أخرى التداعيات الكارثية للتصعيد العسكري على المدنيين، وخاصة الأطفال، الذين يشكلون النسبة الأكبر من الضحايا في ظل استمرار العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر. معظم هؤلاء هم من الأطفال النازحين الذين يعيشون في خيام مؤقتة أو منازل مدمّرة تفتقر إلى أبسط مقومات الأمان.

ومع تجدّد القصف العشوائي العنيف، فإن الحظر الكامل على دخول الإمدادات الإنسانية، والذي يدخل شهره الثالث، يُفاقم من تدهور الأوضاع، ويُعرّض نحو مليون طفل في غزة إلى خطر جسيم.

وفي هذا السياق، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، كاثرين راسل: "كان وقف إطلاق النار في غزة شريان حياة ضرورياً لأطفال غزة وأملاً في طريق للتعافي. لكنهم يجدون أنفسهم مجدداً في قلب دوامة الحرمان والعنف المميت. يجب على جميع الأطراف إعمال التزاماتها بحماية الأطفال التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني".

لا غذاء ولا تعليم

وبعد قرابة 19 شهراً من الحرب، تؤكد التقارير أن أكثر من 17,500 طفل قد لقوا مصرعهم، وأصيب أكثر من 34,000 طفل آخرين، فيما تعرّض نحو مليون طفل للنزوح المتكرر، وجرى حرمانهم من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك التعليم، والغذاء، والرعاية الطبية.

أما فيما يخص التعليم، فقد أُجبر أكثر من 625,000 طفل على التوقف عن الدراسة، بعد أن تحولت 88% من المدارس إما إلى أنقاض أو ملاجئ تأوي النازحين. ولم تعد هناك بيئة تعليمية آمنة.

من جانبها قالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، عبير عطيفة إن أكثر من 90% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، فيما سُجلت بالفعل حالات وفاة بين الأطفال نتيجة الجوع ونقص الحليب والماء الصالح للشرب

أطفال بنتظرون تعبئة المياه في دير البلح بتاريخ 14 مايو أيار 2025يورونيوزأطفال غزة بين النزوح والحرمان: "نريد أن نعيش كبقية الأطفال"

يتحدث الطفل عبد الله الشخريت (12 عاماً) بحرقة عن معاناته اليومية بعد نزوحه من رفح إلى خيمة وسط قطاع غزة، حيث يروي كيف تحولت حياته إلى صراع من أجل البقاء.

يقول الشخريت: "قبل الحرب، كانت حياتنا طبيعية، دون مشاكل تذكر. أما الآن، فأبدأ يومي مع الفجر بجمع الحطب والأوراق لإشعال النار، ثم أقطع أكثر من كيلومتر لجلب مياه الشرب، وحدي دون مساعدة أحد".

ويضيف: "أقف ساعات طويلة أمام مراكز الإغاثة لأحصل على وجبة لا تكفي عائلتي، غالباً ما تكون أرزاً أو فاصولياء، إن توفرت أصلاً".

بمرارة، يستذكر الشخريت حياته السابقة وعلاقاته بأقرانه، ويتمنى أن تنتهي الحرب ليعود إلى طفولته الضائعة: "كل ما أريده هو حياة طبيعية، كأي طفل في عمري".

بدوره يصف محمود الزهار (13 عاماً) النازح من منطقة المغراقة، ليحكي بمرارة عن طفولة ضائعة بين النزوح المتكرر ومهام البقاء اليومية التي لا تناسب عمره. يقول: "قبل الحرب، كانت حياتي طبيعية، لا ينقصها شيء سوى أحلام الطفولة. أما اليوم، فأركض طوال النهار بحثاً عن الماء والحطب، وأقف ساعات طويلة أمام مراكز الإغاثة للحصول على وجبة لا تكاد تسد جوعنا".

اعلان

ويضيف الزهار، الذي اضطر لاستخدام البلاستيك كوقود لإشعال النار، أنه تعرض لتسمم أدخنة أدخله المستشفى بسبب أزمة تنفسية حادة: "لم أعد أتحمل رائحة الدخان، لكن ما الخيار؟ لا يوجد غاز ولا كهرباء".

أطفال ينتظرون لتعبئة المياه في دير البلح 14 مايو أيار 2025يورونيوزمدرسة الصلاح ملجأ بلا تعليم

في خيمة مجاورة بمدرسة الصلاح، يقاسم إسماعيل أبو حسان (12 عاماً) الزهار ذات المعاناة. يروي أبو حسان، وهو يغالب دموعه، كيف تحول منزله في المغراقة إلى ركام خلال العملية العسكرية الإسرائيلية: "أتذكر كل تفصيل في بيتنا، النوافذ، الفراش، صورنا على الجدران... كلها انتهت بقصف واحد".

وعن واقعه الحالي، يقول: "النزوح صعب، لكن الأصعب أنني لا أستطيع الدراسة. أيام المدرسة أصبحت ذكرى، والكتب تحت الأنقاض". رغم ذلك، يرى أن وضعه "تحسن نسبياً" بعد عودة بعض النازحين إلى منازلهم، بينما هو لا يجد مكاناً يعود إليه: "البعض لديهم بيوت مدمرة يمكن إصلاحها، أما أنا فلا أعرف حتى أين سأنام غداً".

اعلانواقع مرير وأرقام صادمة

تبقى شهادات الزهار وأبو حسان نموذجاً مصغراً لواقع مئات آلاف الأطفال النازحين في غزة، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة. حيث تحولت المدارس إلى ملاجئ مكتظة، وفقد 80% من الأطفال انتظامهم الدراسي، بينما يعاني 90% من انعدام الأمن الغذائي.

يقول عبد الرحمن جبر، مسؤول الإغاثة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا): "هؤلاء الأطفال يحملون أعباء تفوق عمرهم بعشرات السنين. الحرب لم تسرق منهم منازلهم فحسب، بل سرقت براءتهم ومستقبلهم".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يعلن بدء حملة «عربات جدعون» في غزة وتونس تستعد لإطلاق «قافلة الصمود»
  • عربات جدعون.. الجيش الإسرائيلي يعلن بدء هجوم واسع النطاق على غزة مع نهاية جولة ترامب الخليجية
  • الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية عربات جدعون في غزة
  • عربات جدعون .. ماذا تعرف عن خطة الاحتلال الأكثر بشاعة في غزة؟
  • بمعدل غارة كل أربع دقائق على قطاع غزة.. مقتل أكثر من 250 فلسطينيًا في 48 ساعة
  • أطفال غزة يدفعون ثمن الحرب الأكثر دموية في العصر الحديث
  • شاهد بالفيديو.. (جيب ليك سان في الصن انهددت) اللاعب السوداني جون مانو يوجه زميله أبو عاقلة من المدرجات بلغة “الراندوك” السوداني ويثير استغراب الجمهور الليبي.. تعرف على معنى الجملة التي قالها
  • “عربات جدعون” وصواريخ الحوثي
  • يابانيون يتظاهرون ضد زيارة وزير خارجية العدو الإسرائيلي