تواجه شبح الاندثار.. «الأسبوع» داخل أقدم ورشة لصناعة الحُصر في الإسكندرية
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
لا تزال محافظة الإسكندرية تحتضن العديد من المهن التقليدية التي تواجه شبح الاندثار ففي منطقة الكيلو 21 بحي العجمي، تجد في أحد الأزقة غرفة صغيرة، يقف داخلها رجل في الثلاثينات من عمره، يعمل على نول يدوي لصناعة الحصر هذه المهنة التي ورثها عن أجداده تمثل له مصدر رزق، كما تسهم في الحفاظ على تراث ثقافي مهدد بالانقراض.
يقول محمود الألفي، صاحب ورشة لصناعة الحُصر في الإسكندرية، إنه ورث هذه المهنة عن جده الذي كان يعتبر أحد أبرز التجار في هذا المجال وبعد وفاته، استمرت العائلة في الحفاظ على هذا التراث، حيث كانت عمته أيضًا تعمل في هذا المجال وتُعد من أشهر الأفراد الذين يجمعون الزرع نتولى عملية تصنيعه فيما بعد للفصوص، ونمتلك عدة محلات خاصة ببيع الحصير.
أضاف لـ «الأسبوع» أن النبات الذي ينتج الزرع يسمى السمار، ويتميز بأنه ينمو في الملاحات، حيث يكون موجودًا في الأماكن الرطبة ذات نسبة ملوحة عالية، عادةً ما تكون هذه المواقع بعيدة عن العمران والمناطق السكنية، إذ تقع في مناطق نائية مضيفاً أننا نبدأ في جمع السمار في موسم محدد، يبدأ من بداية الربيع ويستمر حتى نهاية شهر أغسطس خلال هذه الفترة، نقوم بعملية قطع السمار وإجراء تخفيف له، وهي خطوة هامة لضمان الحفاظ عليه وعدم تلفه لاحقًا.
و أكد أن هذه العملية تُعد معالجة طبيعية، حيث يتم فرد المادة على الأرض وتعريضها لحرارة الشمس، مما يؤدي إلى تغيير لونها مع مرور الوقت بعد ذلك، تبدأ المادة في التحول حتى تجف تمامًا، وبذلك تصبح عملية تخفيفها كاملة بنسبة 100% و يمكن تخزينها لفترة تمتد من سنة إلى أكثر، حسب مدة المعالجة المطلوبة، مشيراً أن عملية فرز المواد تستغرق وقتًا نظرًا لضرورة تصنيف المقاسات المختلفة، بالإضافة إلى فرز نوعية المادة نفسها و أن عملية التصنيع ليست بسيطة، إذ تتضمن طريقتين رئيسيتين: الطريقة التقليدية، مثل تصنيع حصر الجبنة أو الستائر، التي تُعد سهلة ولا تتطلب وقتًا طويلاً إذ يمكن لأي شخص، حتى الأطفال، العمل فيها بسهولة. هذه الطريفة توفر فرصة لمن يرغب في قضاء وقت فراغه بشكل ممتع ومفيد.
و تابع أنا الطريقة الثانية هي تُعتبر الأكثر تحديًا في مجال عملنا، هي تقنية الحصير تُستخدم هذه التقنية في صناعة المفارش، وتغطية الأرضيات، وأيضًا في الديكورات الجدارية تتطلب هذه العملية وقتًا طويلًا ودقة عالية، حيث يتعين علينا ضبط المواد المستخدمة بدقة يجب أن نقوم بتعديل النسيج و الخيوط بطريقة متقنة لضمان الحصول على الرسمة أو الشكل المطلوب بشكل كامل.
فيما يتعلق بصعوبة المهنة، أوضح أنها تتسم بالتحديات الكبيرة، حيث إنها ليست سهلة على الإطلاق تقتضي هذه المهنة جهودًا مضنية، خاصةً عند العمل في ظروف تتسم بارتفاع درجات الحرارة، و في أماكن يصعب العيش فيها، مثل الحقول و النباتات البرية، التي غالبًا ما تكون بعيدة عن مناطق الاستقرار.
اختتم حديثه بالإشارة إلى مشاركته في عدد من المعارض، حيث شارك في معرض مصري و بس الذي يُعتبر من أهم المعارض التي شارك فيها موضحاً أنه وجد دعمًا وتقديرًا من قبل المنظمين، وهو شعور افتقده لفترة طويلة، وأعرب عن شوقه لوجود مثل هذه الفعاليات التي لم يعد يشهدها أو أنها كانت موجودة في السابق لكنها أصبحت نادرة الآن.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية حي العجمي الكيلو 21 صناعة الحصر
إقرأ أيضاً:
تحليل أقدم حمض نووي فرعوني يكشف مفاجأة
في سابقة علمية نادرة، نجح باحثون دوليون في فك الشيفرة الجينية الكاملة لأول مرة لبقايا إنسان مصري قديم عاش قبل نحو 4,800 عام، في وقتٍ تزامن مع بناء أول الأهرامات.
ونشرت النتائج، في مجلة Nature العلمية، كشفت عن أن 80 بالمئة من الحمض النووي للرجل تعود أصوله إلى شمال إفريقيا، بينما تعود النسبة المتبقية، 20 بالمئة، إلى غرب آسيا ومنطقة بلاد الرافدين، ما يسلط الضوء على روابط وراثية بين مصر القديمة وحضارات الهلال الخصيب.
وتم العثور على رفات الرجل داخل جرة فخارية مغلقة اكتشفت عام 1902 في منطقة النويْرات جنوب القاهرة، ويعتقد أنه توفي خلال فترة انتقالية بين العصر العتيق وبداية الدولة القديمة، أي قبل نحو 4,500 – 4,800 سنة، حيث يعد هذا الجينوم الأقدم على الإطلاق الذي يستخرج من رفات مصري قديم بحالة جيدة تسمح بالتحليل الكامل.
واستخدم الباحثون تقنية "التسلسل الشامل" (shotgun sequencing) على أحد أسنان الهيكل العظمي، وتمكنوا من استخراج الحمض النووي رغم التحديات التي يفرضها المناخ المصري من حرارة ورطوبة، والتي لطالما منعت محاولات سابقة من النجاح، بينها محاولات رائدة للعالم الحائز على نوبل سفانتي بابو في ثمانينيات القرن الماضي.
وكشفت الدراسة، التي قادتها الدكتورة أدلين موريس جاكوبس من جامعة ليفربول جون مورس، أيضاً أن الرجل عاش طفولته في وادي النيل، حيث أظهرت التحليلات الكيميائية لأسنانه أنه استهلك طعاماً محلياً مثل القمح والشعير والبروتين الحيواني، مما يعزز فكرة أنه نشأ في مصر، رغم وجود جذور وراثية جزئية من غرب آسيا.
ومن الناحية البيولوجية، تشير العظام إلى أن الرجل كان في الأربعينات أو الستينات من عمره عند الوفاة، وهو عمر طويل نسبيًا في تلك الفترة، وقد ظهرت عليه علامات واضحة على إرهاق جسدي شديد ناتج عن عمل يدوي مضنٍ، بما في ذلك تقوس في العمود الفقري، وتضخم في الحوض، وآثار خشونة في مفاصل القدم اليمنى. الباحثون رجّحوا أنه كان صانع فخار ماهر وربما استُخدم في صنع الفخار بعجلة دوّارة، والتي دخلت مصر تقريبًا في تلك الفترة.
لكن اللافت أن الرجل دفن في جرة فخارية داخل قبر محفور في الصخر، وهو ما يعتبر طقس دفن مخصص لطبقة اجتماعية أعلى من الحرفيين، مما دفع الباحثين لافتراض أنه ربما كان حرفيًا بارعًا حاز احترام مجتمعه أو ترقى في مكانته الاجتماعية.
وعلق البروفيسور يوسف لازاريديس من جامعة هارفارد، والذي لم يشارك في الدراسة، قائلاً: "لأول مرة نمتلك دليلاً وراثيا يثبت أن المصريين القدماء الأوائل كانوا في غالبيتهم من شمال إفريقيا، لكن مع مساهمات جينية من منطقة بلاد الرافدين، وهو أمر منطقي جغرافيًا وتاريخيًا".
وبينما لا تمثل هذه النتائج إلا شخصًا واحدًا، إلا أنها تفتح الباب أمام أبحاث أوسع قد تعيد رسم خريطة الأصول الجينية للحضارة المصرية القديمة، خاصة أن ممارسات التحنيط لاحقًا أعاقت الحفاظ على الحمض النووي، ما يجعل العثور على رفات غير محنطة كنزًا علميًا حقيقيًا.
الدراسة تمثل نقطة تحول في علم الأصول السكانية في مصر القديمة، وتدعو إلى توسيع البحث في رفات بشرية أخرى قد تحمل دلائل أوفى على حركة البشر بين إفريقيا وآسيا في العصور القديمة.