صحيفة التغيير السودانية:
2025-07-05@03:39:03 GMT

فصل الجيش عن الحزب والحركة

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

فصل الجيش عن الحزب والحركة

حيدر المكاشفي

خلال زيارته للمملكة العربية السعودية في اطار جولته الخليجية التي شملت الى جانب المملكة كل من دولتي الامارات وقطر، وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كانتا من الرعاة الرئيسيين لمبادرة جدة لوقف الحرب في السودان، إلا أن زيارة ترامب لم تتضمن أي تصريحات أو مبادرات جديدة بخصوص الأزمة السودانية.

لم يُذكر السودان في الخطابات الرسمية أو المؤتمرات الصحفية، فيما عدا تلك الاشارة المعممة التي وردت على لسان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والتي جاء فيها (سنواصل جهودنا  لإنهاء الأزمة في السودان من خلال منبر جدة والذي يحظى برعاية سعودية أميركية)، فهل بناءً على ما سبق، يمكن القول إن زيارة ترامب إلى الخليج تجاوزت فعلياً ملف الحرب في السودان، حيث لم يتم التطرق إليه بشكل علني أو ضمن جدول الأعمال المعلن مما يشير إلى أن الأزمة السودانية لم تكن ضمن أولويات هذه الجولة الدبلوماسية..شخصياً و بعدد من الشواهد لا اعتقد أن إدارة ترامب تجاهلت تماماً وكلياً أزمة حرب السودان الكارثية، فادارة ترامب في فترة رئاسته الاولى هي من قدمت قانون (حماية الانتقال الديمقراطي)، الذي تضمن عدداً من الحوافز، في سياسة يمكن وصفها بسياسة العصا والجزرة، ومعلوم أيضاً ان سياسة ترامب منذ ولايته الاولى تعمد الى تجاهل المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتحويل السياسة الأميركية في المنطقة إلى تحالفات مع دول معينة مثل السعودية، مصر، والإمارات وقطر لتدير هي ملفات، منها مثلاً ملف السودان الموكل الى المملكة العربية السعودية بحسب تصريحات ولي العهد السعودي، كما أن نهج إدارة ترامب الممتد حتى الآن منذ ولايته الأولى واتضح جليا في زيارته الحالية للدول الخليجية، انها تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية هي تعزيز العلاقات الاقتصادية، وضمان فعالية المساعدات الأميركية من خلال تقليص الإنفاق غير الفعّال، ومكافحة التشدد والتطرف وإنهاء الحروب، وطالما ان ملف حرب السودان أوكل تماماً للمملكة  العربية السعودية لم يعد ترامب بحاجة للاشارة اليه وترك أمره لولي العهد السعودي الذي أشار اليه في حديثه الذي نقلناه عنه، ولكن هب ان ترامب تدخل مباشرة في ملف حرب السودان وملأ الميديا بالتصريحات، فما عساه ان يفعل غير محاولة حمل الطرفين المتقاتلين للتفاوض، فمن المستبعد جداً ان يتدخل بصورة سافرة لانهاء الحرب كأن يفرض حظر على الطيران أو ارسال قوات للفصل بين المتقاتلين أو اي إجراء عسكري آخر..

المشكلة اذن ليست هي عدم اشارة ترامب لحرب السودان، وانما المشكلة في طرفي الحرب انفسهم وبالذات في قيادة الجيش التي يمكن ان نستلف لقب (مستر نو) من السيد عبدالواحد محمد احمد النور ونخلعه على قيادة الجيش التي صارت بالفعل (مستر نو)، برفضها لكل المنابر التي اتيحت للتداول حول الازمة، بل حتى المنبر الذي شاركت فيه وتوصل لتفاهمات مبدئية بين الفريق كباشي وعبدالرحيم دقلو في العاصمة البحرينية المنامة، تنصلت عنه قيادة الجيش ووأدته في مهده، والملاحظ هنا ان قيادة الجيش مرتهنة تماماً للوبي البلابسة وعلى وجه الخصوص جماعة الكيزان، فكلما تسربت اخبار عن لقاء يجمع طرفي الحرب، تجد هذه الجماعة سارعت لشن حملة شعواء ضده، فتسارع بدورها قيادة الجيش ليس لنفي التسريب فحسب بل والتأكيد على استمرار الحرب حتى القضاء على المليشيا، ولا تفسير لذلك سوى ان قيادة الجيش واقعة تماماً تحت تأثير وقبضة الكيزان ولا تملك الارادة الحقيقية للمضي في أية فرص تفاوض تلوح في الافق، وما لم تتحرر قيادة الجيش من الهيمنة والسيطرة الكيزانية وتمتلك ارادة نفسها سيظل الحال كما هو عليه، وبالطبع لن تتحرر قيادة الجيش من قبضة الكيزان مالم يتم فصل الجيش عن الحزب والحركة ونعني بهما حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، ومعلوم ان هذين (الحاءين) الحزب والحركة ما فعلاه بالدولة منذ استلام الاخيرة للسلطة عبر انقلابها المشؤوم، فهما لم يسيطرا على الجيش فقط بل جعلوا من الحزب والحركة والدولة شيئاً واحداً، تماهت السلطة في الحزب وتمدد الحزب في السلطة، ووضع الدولة في خدمة الحزب، رئيس الدولة هو رئيس الحزب، ومساعد الرئيس في القصر هو نائب الرئيس في الحزب، والوالي هو رئيس الحزب في الولاية، ووزير الوزارة الفلانية هو أمين القطاع العلاني في الحزب وهكذا دواليك، كل الدولة في جوف الحزب بما في ذلك الــ… والــ… والــ… مما تعدون وتعرفون من مؤسسات وهيئات يتشكل منها قوام أي دولة، وباختصار وضع الحزب الدولة رهينة له ورهن إشارته من قمة جهازها التنفيذي وإلى أصغر وحدة محلية، وأحكم عليها الخناق تحت إبطه، لا فاصل بين الانتماء السياسي للحزب والحركة والانتماء العام للمنصب، ذاك هو هذا، وهذا هو ذاك، فلا تدري ما الذي يفعله من أجل الحزب، وما الذي يفعله من أجل المنصب، فقد اختلط حابل الدولة بنابل الحزب، حتى صار السودان كله من أقصاه إلى أقصاه رهينة بين يديه، وجعل ما فيه ومن فيه مثل خادم الفكي كلهم مجبورون قسرا على خدمته، يسوقهم حيث ما شاء ويطبق عليهم ما يشاء بالقوة والقهر والجبروت حيناً ولا يريهم إلا ما يرى، ولا يسمع إلا ما يطربه، وبالجزرة والإغراء والملاطفة حيناً آخر، ورغم ان لجنة ازالة التمكين التي تكونت بعد ثورة ديسمبر سعت لتعديل هذا الوضع المقلوب والصورة الشائهة للدولة، بإنهاء دولة الحزب لصالح دولة الوطن بفصل الحزب عن الدولة وتخليص رقبتها من تحت إبطه، إلا ان انقلاب اكتوبر2021 الذي نفذته قيادتي الجيش والدعم السريع قبل ان تكتشف الاخيرة نوايا الانقلاب الحقيقية وتتبرأ منه، حيث وضح ان الهدف الرئيس للانقلاب كان القضاء على الثورة وإعادة الكيزان للسلطة، وهذا هو المشهد الماثل حتى الآن منذ انقلاب اكتوبر اذ ماتزال قيادة الجيش تحت إبط الحزب والحركة..

 

 

 

الوسومحيدر المكاشفي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العربیة السعودیة قیادة الجیش

إقرأ أيضاً:

لكنها الحرب !!

إن كان للحرب نقطة واحدة إيجابية حتما ستكون أنها كشفت لنا حجم التحالفات المعلنة والمستترة وأطماع و (أحلام) الكثيرين في خيرات وثروات بلادنا، وأسقطت أقنعة الخونة والمأجورين ، ووثقت مواقف دول ومنظمات منها ما كان متوقع ومنها مالم يكن متوقعاً ،، لكنها الحرب !!

هناك مَن دعم القوات المسلحة والشعب السوداني ووقف إلى جانب خياراته دعما للشرعية وإحقاقاً للحق ، ومنها من دعم المليشيا بالسلاح والعتاد والمرتزقة والمال ، وعمل على استمرار الحرب مما يعد دعما واضحاً وتأييداً مباشراً لجرائم المليشيا الإرهابية .

على كل نتفق أن النزاع في السودان يصنف نزاعاً مسلحاً غير دولي ، و بغض النظر عن حدة العنف وحجم الجرائم التي ارتكبتها المليشيا الإرهابية ، إلا أن المؤسف حقاً فضح أمر دويلة الشر وأجندتها الصهيونية تجاة المنطقة كلها وليس السودان فقط ، دويلة الشر والتي يفترض أنها عضو في المنظومة الدولية وتحترم القانون الدولي وتعرف مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، و أن هناك مبدأ في القانون الدولي يعطي الحق للدولة المتضررة الدفاع عن سيادتها وأراضيها ومواطنيها وهذا المبدأ يمثل حقاً أساسياً وليس منحة من أحد ولا امتياز ، وبالتالي لها أن تسلح جيشها الوطني بكل أنواع الأسلحة لأنه هو الذي يدافع عن سيادة الدولة وهو مكلف بذلك دستوريا ، ضد أي عدوان خارجي أو تمرد داخلي ، أو عمليات إرهابية و الأخيرة اتفق العالم أجمع على محاربتها ومحاكمة مرتكبيها ومن يمولها أو يدعمها سواء كان دول أو منظمات أو أفراد .

وقد وضع العالم سمات معينة وواضحة لتصنيف المنظمات أو الجماعات أو المليشيات بأنها (ارهابية) ؛ أولها اتباع أيدولوجيا متطرفة بغيضة إقصائية عنيفة، عبر نشر إفكار عنصرية بغيضة بتفوق عنصر علي آخر وهو ما اتبعته المليشيا الإرهابية بالضبط بسعيها إلى إيجاد وطن لعرب الشتات في السودان..

ثانياُ امتداد عابر للحدود وهذا ما تمتلكة المليشيا الإرهابية بصلاتها القبلية الممتدة بقبائل في دول الجوار والعمل على هذة النقطة تحديداً لاستجلاب المرتزقة من تلك الدول للانضمام لصفوفها تحقيقا لحلمهم بـ”وطن” واتباع نمط تطهير عرقي ممنهج .

ثالثاً العشوائية والوحشية وارتكاب جرائم بشعة تجاه المواطنين المدنيين (أصحاب الأرض الأصليين) لإرهابهم ومن ثم هروبهم، والجرائم هنا لا حصر لها والفظائع لا حد لها.

لكن الشعب السوداني أثبت بالفعل أنه أقوى من كل ذلك وأن القوات المسلحة السودانية هي علامة بارزة وبصمة مشرفة في التاريخ العسكري في العالم كله ، وأن ما قدمته من بطولة وجسارة وإقدام يدرس للعالم بأسره.

بناءً عليه فإن عودة السلام للسودان تتطلب العديد من المطلوبات أولها القضاء على هذة المليشيا المجرمة وإدانة جرائمها ومعاقبة قادتها أو بالأدق (الأحياء) منهم ، ومعاقبة مموليها ومسانديها و الدول المتورطة معها.

الجميع يعرف أنه إن لم تجد المليشيا المتمردة المال والسلاح والعتاد والمرتزقة لما استمرت في الحرب يوماُ واحداً.

ولو طبق المجتمع الدولي الاتفاقية الدولية لقمع وتمويل الإرهاب لعام 1999م وقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001م ، والقرار 2462 للعام 2019 والذي يدعو دول العالم إلى منع وقمع تمويل الإرهاب وتجريم توفير الأموال أو جمعها عمداً لأغراض الإرهاب ويحثها لإنشاء آليات لتجميد أموال الأشخاص المتورطين في دعم الإرهاب أو أصولهم المالية أو مواردهم الاقتصادية.

وهناك القرار 2178 للعام 2014 والذي دعا فيه مجلس الأمن الدول الأعضاء لإيقاف أنشطة تمويل الإرهاب المرتبطة بسفر المرتزقة وتجنيدهم وتمويلهم، لكن المؤسف أن آليات القانون الدولي أصبحت مسيسة وأن المصالح المشتركة هي التي تحكم وليس العدالة الدولية.

علي المجتمع الدولي أن يخرج عن صمته المخزي ويصنف مليشيا الدعم السريع بالإرهابية ويجرم أفعالها ويجبرها على وقف جرائمها ضد الشعب السوداني والتي ظهرت بشكل جديد في ولاية شمال دارفور حيث انهيار الوضع الانساني والصحي وقلة الغذاء ومياه الشرب للمواطنين وزيادة حركة النزوح من الولاية في ظل حصار قاس فرضته المليشيا المتمردة ، ثم رفضها للهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة وعدم اهتمامها بما يحدث للمواطنين المدنيين فهي لا تزال في ضلالها القديم ، فالفاشر اليوم هي تحدي أممي لا يقتصر فقط علي جسر جوي إنساني إغاثي قادم من أوروبا بل إلى سعي الأمم المتحدة إلى عودة السلام للسودان، خاصة بعد انتصارات القوات المسلحة وبعد تعيين رئيس وزراء وبعد الشروع في تشكيل حكومة مستقلة وبداية عودة الحياة لطبيعتها في الولايات المحررة ، الكثير من العوامل والأحداث تضع الأمم المتحدة في موقف الداعم والمؤيد لخطوات السودان نحو الانتقال السياسي للبلاد ونحو الاستقرار وبداية مرحلة الإعمار وهذا بالتالي تناهضه المليشيا الإرهابية ومن يساندها ويدعمها .

كان علي الأمم المتحدة قبل أن ترسل إغاثتها لدارفور ، أن تمنع من يرسل الأسلحة والعتاد والمرتزقة للمليشيا، هذا هو الأجدى لإنهاء الحرب ، إن كانت الأمم المتحدة جادة فعلاً في مساعيها.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وداعًا يوسف الشيمي.. ناشئ طلائع الجيش الذي أوجع القلوب برحيله في حادث قطار بطوخ
  • لكنها الحرب !!
  • ترامب يترقب رد حماس حول مقترح الاتفاق والحركة تجري مشاورات مع الفصائل
  • الرجل الذي يريد أن يصبح ملكا.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة ابن سلمان
  • الرجل الذي يريد أن يصبح ملكاً.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة بن سلمان
  • مرفق: منشور معمر الذي يتواجد مع الجيش ويشجع ويشيد بالدعم السريع
  • ⛔️ هل تخلى الجيش عن الفاشر ؟
  • هل دفع التحرك الدولي للسلام بالسودان لتشكيل قيادة لتحالف تأسيس؟
  • لمطالبتهم بإنهاء الحرب.. الاحتلال يعتقل متظاهرين قرب مقر قيادة الجيش في تل أبيب
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!