صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-23@20:09:55 GMT

تحالفات تكسير العظام

تاريخ النشر: 23rd, May 2025 GMT

تحالفات تكسير العظام

 

تحالفات تكسير العظام

عصام الدين عباس

في منطق التحالفات، لا تُوزَّع الأدوار على قاعدة المبادئ، بل على تراتبية المصالح، حيث تُقدَّم مرحلة وتُؤجَّل أخرى وفق ما يخدم أهداف كل طرف على حدة. وفي المشهد السوداني المنكوب بالحرب، تتجلى هذه القاعدة بأوضح صورها في صراع القوى المسلحة، التي تدّعي جميعها أنها تقاتل من أجل الوطن، بينما تتنازع في الواقع على مفاصل السلطة والنفوذ.

قوات الدعم السريع، من جهتها، تضع في مقدمة أولوياتها تفكيك الجيش السوداني. وهي تدرك أن هزيمة الجيش تعني إسقاط الحصن الأكبر الذي يقف بينها وبين الاستفراد الكامل بالسلطة. وتراهن على أن خصومها من الإسلاميين والحركات المسلحة لن يجرؤوا على مواجهتها منفردين اذا انهار الجيش. الدعم السريع صنيعة الحركة الإسلامية يعلم ان الاسلاميين والحركات المسلحة يميلون نحو البراغماتية، وانهم على استعداد للتحالف دون خوض معارك مكلّفة.

أما الإسلاميون، فهم يرون أن المعركة الحاسمة الآن هي ضد الدعم السريع. يسعون لتصفيته أولاً، حتى يتفرغوا لاحقاً لخصومهم التقليديين من القوى المدنية. وهم يعتبرون الحركات المسلحة خطراً يمكن تطويقه واحتواؤه بسهولة عبر صفقات أو تسويات كما حدث في الماضي.

وفي الاتجاه ذاته، تتبنى الحركات المسلحة ذات الرؤية: التخلص من الدعم السريع أولاً، باعتباره العقبة الكبرى أمام طموحاتها القديمة المتجددة في الوصول إلى السلطة. ولعل الشعار الذي يتردد على ألسنة قادتها يُلخّص هذا التوجه بوضوح: “دعونا ننهي الدعم السريع أولاً، ثم يُفتح لنا الطريق لتحقيق حلمنا في حكم البلاد، منفردين أو بتحالفات جديدة.”

وفي تقديري، فإن مقاربة الحركات المسلحة هي الأذكى والأكثر قابلية للتحقق. فمنذ تأسيسها في مطلع هذا القرن، كانت هذه الحركات محاصرة في جيوب ضيقة بدارفور، غير قادرة حتى على السيطرة على القرى النائية. وقد عانت من فقر التمويل، وشُح السلاح نتيجة الحظر المفروض على الإقليم، ما جعل قدرتها على تجنيد وتسليح المقاتلين محدودة للغاية.

لكن الصورة تغيرت تماماً اليوم. فتحالفها مع الجيش وهيمنتها على مؤسسات الدولة مكّنها من الوصول إلى موارد ضخمة، سواء من خزائن الدولة أو من خلال السيطرة على مناجم الذهب في الشمال والشرق. هذا التحول منحها قدرة استثنائية على الحشد والتسليح، وفتح أمامها أبواب أسواق السلاح الدولية، فبنت خلال سنوات الحرب ترسانة متقدمة تضم مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

عند مقارنة هذا الواقع بما كانت عليه في الماضي، نجد أنفسنا أمام مشهد مقلق. فهذه الحركات التي لم تنجح سابقاً سوى في عمليات محدودة، مثل الهجوم على الفاشر وعملية الذراع الطويل، كانت قادرة رغم ضعفها على زلزلة الخرطوم، وجرّ قادتها إلى أروقة المحكمة الجنائية الدولية، والتسبب في فرض عقوبات دولية على السودان ووصمه بدولة الإبادة الجماعية.

فلك أن تتخيل الآن، في ظل هذه التحولات، ما الذي يمكن أن تفعله وهي في أوج قوتها السياسية والعسكرية. المؤشرات لا تبشر بخير، بل تنذر بكارثة.

يا سادتي،
لن تنقذ هذا البلد تحالفات القوة ولا حسابات المصالح، بل وحده حوار جامع يضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار. نحن بحاجة إلى لحظة صدق تاريخية، نجتمع فيها كسودانيين، لا كخصوم، نطوي بها صفحات الدم، ونفتح صفحة جديدة نحو وطن يسع الجميع.

الوسومالجيش الدعم السريت تحالفات تكسير العظام حكم البلاد عصام الدين عباس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش تحالفات تكسير العظام حكم البلاد

إقرأ أيضاً:

اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور

نفذت قوات الدعم السريع أمس الأربعاء سلسلة هجمات ممنهجة استهدفت قرى غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وتهجير مئات المدنيين، بحسب مصادر محلية وشهود عيان.

ووفقا للشهادات، أقدمت القوات على إحراق 3 قرى بالكامل ونهبت ممتلكات السكان، إلى جانب الاعتداء على العشرات من المدنيين، وإطلاق نار عشوائي على أعيان تلك القرى وتدمير البنية التحتية، مما أجبر مئات المواطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانا.

وقال المتحدث الرسمي باسم نازحي مخيم زمزم محمد خميس دودة للجزيرة نت إن الهجمات أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، فضلا عن موجة نزوح كبيرة. وأوضح أن القرى المتضررة هي "قولو" و"قرني" و"حلة شريف".

كذلك، أشار خميس دودة إلى حادثة أخرى وقعت قبل يومين، حيث اختطف عناصر من الدعم السريع فتاتين وقتلوا 3 أشخاص في "حلة دبة النور" المجاورة لـ"قولو"، وتم نقل الجثث إلى الفاشر لتشييعها.

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح العقيد أحمد حسين مصطفى للجزيرة نت إن هذه الاعتداءات تأتي في إطار سلسلة من الهجمات ذات الدوافع العرقية، وتهدف إلى تهجير السكان الأصليين.

إعلان

وأكد أن القوات المشتركة ستستمر في عملياتها العسكرية ضد قوات الدعم السريع ومن يساندها في جميع أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الغربية من الفاشر.

وأضاف أن النصر "أصبح وشيكا"، مشددا على أن دارفور ستكون النقطة الحاسمة في مواجهة هذه المليشيات.

تهجير قسري

وبحسب الناشط محمد آدم، اجتاحت قوات الدعم السريع 3 قرى غربي الفاشر أمس الأربعاء، وأضرمت النيران فيها، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وتشريد المئات من السكان، من بينهم والد الصحفي السوداني عبد العظيم قولو.

وأشار آدم إلى أن عمليات التهجير القسري جعلت الفارين يواجهون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة في الوديان والجبال.

وتشير تقارير محلية إلى أن هذه الهجمات تأتي ضمن إستراتيجية ممنهجة تتبعها قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر لإحراق القرى. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفّذت عمليات مشابهة أدت إلى تدمير نحو 11 قرية في منطقة أبو زريقة جنوب الفاشر، في حين شهد أكتوبر/تشرين الأول الماضي إحراق 45 قرية شمال غرب الفاشر، من بينها "بريدك" و"أنكا" و"أمراي" و"دونكي بعاشيم"، إضافة إلى قرى أخرى.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسّعت قوات الدعم السريع عملياتها إلى 4 ولايات في دارفور، شملت الجنوب والشرق والغرب والوسط، ضمن محاولة للسيطرة على المنطقة، مما أدى إلى ارتكاب مجازر واسعة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، تخلّت الحركات المسلحة في الفاشر عن حيادها، وأعلنت دعمها للجيش السوداني، مما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة المدينة ومهاجمة مخيم زمزم المجاور.

وتشهد مدينة الفاشر حاليا قصفا مدفعيا عنيفا من قبل قوات الدعم السريع، التي تستهدف الأسواق والمرافق الصحية وأماكن تجمع المدنيين.

وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عبر صفحتها على فيسبوك بأن التدمير ما زال مستمرا ليلا وصباحا، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني أصبح مزريا ولا يحتمل.

إعلان

وأضافت "رغم كل هذا الدمار والألم والمعاناة والقصف، سنبقى هنا مهما اشتدت الأزمات ومهما حاولوا كسرنا. سنظل ثابتين وصامدين لأن هذه الأرض تشبهنا ونحن نشبهها".

مقالات مشابهة

  • والي شمال كردفان: اعلان خلو ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض من مليشيا الدعم السريع المتمردة يعد حدثا وطنيا في ملحمة العزة والكرامة
  • الجيش السوداني يسيطر على الدبيبات ومهلة لخروج الدعم السريع من الفاشر
  • أعلن انتهاء المعركة ضد الجيش.. هل يتجه الدعم السريع لتأسيس دولة جديدة؟
  • الجيش السوداني يعلن العثور على مقابر جماعية في معتقل للدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور
  • الجيش السوداني : العثور على مقابر جماعية في مناطق جنوب أم درمان
  • لينا يعقوب: الجيش هزم وأبعد الدعم السريع عن العاصمة
  • خريطة سيطرة الجيش السوداني.. هذه المناطق متبقية مع الدعم السريع
  • الجيش السوداني يسحق قوات الدعم السريع ويعلن إكمال سيطرته على مناطق استراتيجية مهمة