بوابة الفجر:
2025-07-28@00:16:59 GMT

أشرف عباس يكتب: دفاعًا عن حرية النشر

تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT

حين يُواجه صحفي أو مواطن خطر السجن بسبب رأي أو منشور، فإن السؤال لا يجب أن يكون: "ماذا قال؟" بل: "هل تستحق الكلمة القيد؟"، هنا، لا نتحدث عن مضمون ما كُتب أو مدى الاتفاق معه، بل عن وسيلة العقوبة، وتناسبها، ومبدأ دستوري لا يجوز التنازل عنه: لا حبس في قضايا النشر.

هذا المبدأ لم يعُد مجرد مطلب نقابي أو حقوقي، بل أصبح نصًا صريحًا في المادة 71 من الدستور المصري، التي تحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، باستثناء ثلاث حالات فقط هي التحريض على العنف، التمييز، والطعن في الأعراض، ويعززه ما التزمت به الدولة المصرية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر بدوره سلب الحرية بسبب التعبير، إلا في أضيق الحدود.

ومع ذلك، لا تزال هناك أحكام تصدر وتُنفذ في قضايا لا تنطبق عليها هذه الاستثناءات، ما يثير قلقًا مشروعًا بشأن توسع التأويل القانوني، وتحويل الخطأ في التعبير إلى جريمة موجبة للعقوبة الجنائية.

قد يخطئ صحفي في تناول قضية حساسة، أو يسيء مواطن التعبير في منشور، أو يكتب ما يراه دفاعًا عن حق إنساني، فينتهي الأمر إلى تشهير غير مقصود، لكن هل يكون الرد هو السجن؟ وهل الحبس هنا يُحقق رد اعتبار أم يضيف عبئًا جديدًا على المجال العام؟

رفض الحبس لا يعني إعفاء من المسؤولية، بل يُطالب بتطبيقها من خلال أدوات تناسب طبيعة الفعل، فلا أحد فوق القانون، لكن لا يجوز استخدام القانون كأداة لإسكات الرأي أو معاقبة الكلمة، الخطأ في النشر يجب أن يُعالج، لا أن يُقمَع.

ولهذا، فإن العدالة تقتضي تفعيل وسائل محاسبة مدنية ومهنية، مثل: حق الرد، التعويض المدني، الإدانة النقابية، الحجب المؤقت للمحتوى، أو نشر اعتذار بنفس مستوى الانتشار، هذه الوسائل تضمن المحاسبة دون سلب الحرية، وتُراعي التوازن بين حرية التعبير وحقوق الآخرين.

بل إن العقوبة القاسية، حين تُطبّق على فعل رمزي كالنشر، قد تأتي بنتائج عكسية؛ ففي بعض الحالات، يُحوَّل المخطئ إلى ضحية، ويكسب تعاطفًا لا يستحقه، ما يُربك الرأي العام، ويُضعف ثقة الناس في حيادية منظومة العدالة.

فلسفة العقاب في أي نظام عادل تقوم على الإصلاح لا على الانتقام، وعندما تكون وسيلة الفعل هي الكلمة، يجب أن تكون وسيلة الرد عليها في نفس الفضاء، الحبس لا يُصلح الضرر، بل يُولّد الخوف والانكماش، ويهدد المناخ العام للنقاش والإبداع.

ورغم أن الصحفيين يواجهون هذا الخطر بشكل مباشر، فإن القضية لا تخصهم وحدهم؛ فالمواطن، والمعلم، وصانع المحتوى، وأي شخص يكتب على منصة مفتوحة، أصبح مُعرّضًا للمساءلة بقوانين النشر، وأي تضييق هنا لا يُصيب فئة مهنية، بل يطال المجتمع كله.

من الإشكاليات التي تتكرر في هذا السياق، تصاعد نبرة التشفي في الخصوم على حساب النقاش الموضوعي؛ فبدلًا من المطالبة بتطبيق القانون بروح العدالة، تتحول بعض الأصوات إلى استخدام العقوبة كأداة لتصفية الخلافات الفكرية أو الشخصية، حين يُوظَف القانون لتأديب المختلف، لا لتصحيح الخطأ، تتراجع الثقة في العدالة، ويتحوّل العقاب إلى وسيلة إخراس من يتعامل مع هذا النقاش كأنه يتعلق بمكانة الصحفيين أو امتيازاتهم يُخطئ التقدير، نحن لا ندافع عن فئة، بل عن حق عام، وعن حد أدنى من الأمان الفكري في المجال العام، الحبس في قضايا النشر لا يُهدد مهنة، بل يُقوّض الديمقراطية نفسها.

الخطأ في النشر يُحاسب، لكن لا يُسجن، والمساءلة لا تعني العقاب الجنائي، بل الإجراءات المهنية والقانونية التي تضمن الانصاف، لا الردع.

رفض الحبس في قضايا النشر ليس رأيًا سياسيًا، ولا موقفًا عاطفيًا، بل ضرورة قانونية تحترم الدستور، وتُحصّن المجال العام من الخوف والجمود، الكلمة تُجابَه بالكلمة، والخطأ يُرد عليه بالقانون، لا بالقيد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الحقوق المدنية والسياسية الدولة المصرية الدستور المصري منظومة العدالة التحريض على العنف تحريض على العنف الحقوق المدنية دستوري قضايا النشر فوق القانون صانع المحتوى التعويض المدني المناخ العام اشرف عباس فی قضایا

إقرأ أيضاً:

متحدث التعليم: نسبة الخطأ في تصحيح الثانوية العامة تكاد تكون معدومة

قال شادي زلطة، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم إنه تتم مراجعة عملية تصحيح نتائج الثانوية العامة، مرة ومرتين وثلاث مرات، مما يجعل نسبة الخطأ في التصحيح تكاد تكون معدومة، مؤكدًا أن باب التظلمات سيفتح رسميًا صباح اليوم الأحد.

تظلم الثانوية العامة 


أوضح زلطة ، أن إجراءات التظلم تبدأ بسداد الرسوم المقررة، وتحديد المواد المطلوب التظلم عليها، على أن يتم إخطار الطالب لاحقًا بموعد ومكان الاطلاع على أوراقه، مشددًا على أن الطالب سيُمنح الحق في مراجعة ورقة إجابته كاملة، بالإضافة إلى الاطلاع على نموذج الإجابة الرسمي.

متحدث التعليم: تصحيح الامتحانات هذا العام تمت بأعلى قدر من الدقة | تفاصيلالتعليم تعلن بدء تظلمات الثانوية العامة الأحد.. وطمأنة للطلاب بشأن إعادة الدرجات.. تفاصيل100 ألف جنيه لكل طالب ورحلة عمرة لكل ولي أمر.. مستقبل وطن يكرم أوائل الثانوية العامة في حفل ضخم.. ويطلق مبادرة لدعم التعليم

جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى في برنامج «الساعة 6»، المذاع على قناة «الحياة».


وأشار المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، إلى أنه تتم المقارنة وتدوين الملاحظات، مؤكدًا أن أي طالب لديه درجات مستحقة سيحصل عليها، ونحن حريصون على ذلك أكثر من الطلاب.

طباعة شارك التربية والتعليم شادي زلطة الثانوية العامة تظلم الثانوية العامة التظلمات

مقالات مشابهة

  • بالقانون.. حالات استحقاق التعويض عن الحبس الاحتياطي
  • متحدث التعليم: نسبة الخطأ في تصحيح الثانوية العامة تكاد تكون معدومة
  • القانون يتيح لنائب الشيوخ الاحتفاظ بوظيفته الأصلية طوال مدة العضوية
  • الخازن: زياد الرحباني عبقري الكلمة
  • أشرف صبحي يبدأ جولة الجيزة بزيارة الديوان العام
  • زيلينسكي يعلن تأمين مبلغ لشراء ثلاثة أنظمة دفاع باتريوت ويتراجع عن قانون فجّر تظاهرات في البلاد
  • انتخابات الشيوخ 2025 .. الحبس عامين لمستخدمي وسائل الترويع لتهديد عملية الاقتراع
  • قضية إنستالينغو في تونس بين حرية التعبير وأمن الدولة
  • القانون يحصن أعضاء الشيوخ| تفرغ كامل وعودة آمنة للوظيفة بعد انتهاء العضوية
  • ترجمة خاطئة تُعلن وفاة مسؤول هندي.. وميتا تعتذر