الرقابة المالية تصدر معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 163 لسنة 2023 بشأن معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية، ولا يجوز لغير تلك الجهات القيام بأي أعمال تحقق أو مصادقة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية لأغراض القيد و التداول بالبورصات المصرية لشهادات الكربون الطوعية، على أن تتضمن القائمة البيانات الرئيسية للجهات المقيدة والقطاع الذي يتم فيه عملية التحقق والمصادقة، وذلك لأول مرة في مصر اتساقاً ومواكبة للتطورات وأفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن.
وبموجب القرار يتم إنشاء قائمة جديدة بالهيئة العامة للرقابة المالية لقيد جهات التحقق والمصادقة المحلية والأجنبية، وفق معايير وضوابط صادرة عن الهيئة، وذلك لتوفير آلية فعالة للقياس والتسجيل والتوثيق للمشروعات البيئية التي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، من خلال تقديم المعلومات المتعلقة بكل مشروع بما في ذلك الهدف من المشروع والتقنيات المستخدمة والانبعاثات المقدرة المنخفضة على أن تقوم جهات التحقق والمصادقة المعتمدة بتقييم المشروعات والتحقق من صحة المعلومات المقدمة، مما يمكن المستثمرين والمؤسسات والجمهور العام من الاطلاع على المشروعات المسجلة والتأكد من تحقيقها لأهدافها المحددة.
تم إعداد المعايير بموجب مقترح من لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية والتي تضم في عضويتها ممثلين عن وزارة البيئة والبورصة المصرية وخبراء متخصصين، كما حدد القرار القطاعات التي تتم فيها عملية التحقق والمصادقة، تأتي هذه الخطوة من قبل الهيئة في إطار استكمال جهود تفعيل سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الطوعي، ودعم جهود الدولة المصرية في تحقيق الحياد الكربوني، دعما لرؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة.
بموجب القرار يكون القيد لدى الهيئة لمدة سنة قابلة للتجديد لمدد أخرى، بشرط توافر المعايير المتطلبة للقيد واستمراره، يتم تقديم طلب القيد على النموذج المعد لذلك بالهيئة، مرفقًا به المستندات الدالة على استيفاء شروط القيد التالية:
• معايير قيد جهات التحقق والمصادقة المصرية:
1- أن تكون الجهة طالبة القيد شخصاً اعتبارياً.
2- الحصول على شهادة اعتماد الأيزو الخاصة بمتطلبات اعتماد مؤسسات التحقق والمصادقة - ISO-14065:2020 أو ISO/IEC 17029 أو أي تحديث لهما .
3- الحصول على شهادة اعتماد الأيزو ISO-14064:3 الخاصة بتوثيق أعمال التحقق والمصادقة لمشروعات خفض الكربون.
4- استيفاء متطلبات الكفاءة المهنية واجتياز العضو المنتدب أو من يقوم مقامه في الأشخاص الاعتبارية الأخرى أو فريق العمل المختص بالقيام بأعمال التحقق أو المصادقة بحسب الاحوال للاختبارات وفقًا لما تحدده الهيئة في هذا الشأن.
5- عدم صدور أحكام جنائية بعقوبة جناية، أو بعقوبة جنحة في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة ضد أي من أعضاء مجلس إدارة الشخص الاعتباري أو الأشخاص القائمين بالتحقق والمصادقة بالجهة في السنوات الثلاث السابقة على القيد بالسجل، ما لم يكن قد رد إليهم اعتبارهم.
• معايير قيد جهات التحقق والمصادقة الأجنبية:1- أن تكون الجهة أحد الكيانات التشغيلية المعترف بها دولياً Designated Operational Entities (DOE) طبقا للمعايير المصدرة عن سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ United Nations Framework Convention on Climate Change (UNFCCC)، أو أحد الجهات المعترف بها ضمن اتفاقية باريس بالمادة السادسة أو تكون الجهة معتمدة في سجل أو أكثر من سجلات الكربون الطوعية الدولية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
• سجل الكربون الطوعي Gold Standard.
• سجل الكربون الطوعي The Verified Carbon Standard (VCS).
• سجل الكربون الطوعي Global Carbon Council (GCC).
2- تقديم كافة المستندات المؤيدة للخبرات وسابقة الأعمال في مجال أعمال التحقق والمصادقة لعدد ثلاث مشروعات كحد أدني مسجلة بأحد سجلات الكربون الطوعية الدولية المشار إليها بعالية.
3- أن يتضمن فريق العمل المختص بالقيام بأعمال التحقق أو المصادقة أحد الخبراء المصريين على الأقل ممن تتوفر فيه الكفاءة والخبرة المطلوبة.
ألزم القرار الجهات أو المشروعات الاجنبية الصادر لها شهادات خفض انبعاثات كربونية خارج مصر بإخطار الهيئة بجهات التحقق والمصادقة في شأن تلك الشهادات، وذلك في حال الرغبة في تداول تلك الشهادات داخل مصر، كما انه يشترط لتداول تلك الشهادات في مصر ان تكون جهة التحقق والمصادقة هي أحد الكيانات التشغيلية المعترف بها دولياً Designated Operational Entities (DOE) طبقا للمعايير المصدرة عن سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ United Nations Framework
نظم القرار الإجراءات والتدابير التي يتخذها مجلس إدارة الهيئة حال ثبوت مخالفة أي من المعايير التي تصدرها الهيئة أو فقد أحد معايير القيد أو استمرار القيد، بداية من توجيه التنبيه بالمخالفات المنسوبة وتحديد الفترة الزمنية اللازمة لإزاله أسبابها أو الإيقاف المؤقت للقيد بالقائمة لمدة لا تجاوز ستة أشهر أو شطب القيد من القائمة مع عدم جواز إعادة القيد إلا بعد مضي مدة لا تقل عن سنة.
من جانبه عبر الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية عن سعادته بالانتهاء من وضع القواعد لإنشاء قائمة جديدة بالهيئة لأول مرة لقيد جهات التحقق والمصادقة على المشروعات البيئية التي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية وذلك وفق معايير وضوابط تراعي أفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن ، مضيفا أن هذا القرار يأتي في إطار تفعيل اختصاصات لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية التي نصت عليها المادة الثانية من قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (57) لسنة 2023 والتي تضمنت إعداد معايير اختيار جهات التحقق والمصادقة.
أضاف فريد أن وضع القواعد لإنشاء القائم واعداد معايير القيد تدعم مساعي الهيئة المستمرة لتفعل سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الطوعي والذي تم الإعلان عنه من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية خلال فعاليات قمة المناخ 27 بمدينة شرم الشيخ نهاية العام الماضي بحضور دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وذلك لتحفيز الكيانات الإنتاجية المختلفة على خفض انبعاثاتها من خلال مشروعات التكيف والتخفيف، وطرح شهادات في السوق الجديد يمكنها من استعادة جزء من إنفاقها الاستثماري الموجه لخفض الانبعاثات الناتجة عن ممارسة أنشطتها، وإعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الهدف الأكبر وهو الحياد الكربوني الذي تسعى لتحقيقه كل دول العالم.
موضحا أن سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية يعد منصة لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في مصر وأفريقيا على الانخراط في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية لتحقيق الحياد الكربوني والاستفادة من اصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب في معاوضة انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها.
اعتبر الدكتور فريد أن إنشاء قائمة جديد لقيد جهات التحقق والمصادقة على المشروعات البيئية التي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية خطوة هامة تتكامل مع مساعي الحكومة المصرية للحد من الانبعاثات للدرجة التي تساهم بها مصر في خفض درجة حرارة الأرض بما يحد من حدوث أي كوارث طبيعية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرقابة المالية الانبعاثات الكربونية شهادات الكربون الحكومة المصرية الكربون معاییر قید جهات التحقق والمصادقة الهیئة العامة للرقابة المالیة خفض الانبعاثات الکربونیة شهادات خفض مجلس إدارة على خفض
إقرأ أيضاً:
معايير النصر والهزيمة في حرب إسرائيل وإيران
ما زالت حرب إسرائيل على إيران، بعيدة عن خط النهاية، وربما لم تبلغ ذروتها بعد، فيما الأطراف المنخرطة فيها، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، وضعت لنفسها أهدافًا ذات سقوف عالية، وهي من الخطورة والأهمية بمكان، يصح معها القول إنها قد ترسم صورة المنطقة، بتوازنات القوى ودينامياتها، وربما خرائطها، لسنوات وعقود قادمة.
من منظور إسرائيلي، تشفّ الضربة الافتتاحية الصاعقة لهذه الحرب، وما تكشّفت عنه من استعدادات مسبقة، عسكرية وسياسية، لوجيستية واستخبارية، تعود لعقد أو عقدين من السنين، عن أن تل أبيب تخطط لما هو أبعد من مجرد إلحاق "إعاقة مزمنة" ببرنامج طهران النووي، وبما يتخطى تفكيك هذا البرنامج على الطريقة الليبية، إلى تجريد نظام الجمهورية الإسلامية من أنيابه ومخالبه الباليستية و"فرط صوتية"، لفتح باب الانتقال من إستراتيجية "تغيير السياسات" إلى إستراتيجية "تغيير النظام".
إسرائيل لم تعد تخفي أهداف حربها على إيران، ولم نعد بحاجة لتقارير استخبارية أو تقديرات محللين إستراتيجيين للتعرف عليها، فهم يقولونها علنًا وعلى رؤوس الأشهاد، ومن الحكمة أخذ الأمر على محمل الجد، وعدم النوم على حرير التقديرات والرهانات الخائبة.
إسرائيل تعاود "قص ونسخ"، بعضٍ من تجارب حروبها على العرب والفلسطينيين في حربها الجارية على إيران: "الخداع الإستراتيجي"، "المباغتة والصعقة" كما في يونيو/ حزيران 1967، "قطع الرأس/ الرؤوس" مع بدء الحرب كما في لبنان، "الخرق الأمني الإستراتيجي".
وهي تكثف في سبيل ذلك، استخدام مفردات "الاستباحة" و"إستراتيجية الضاحية"، بل وبدأت مبكرًا الحديث عن "اليوم التالي" في إيران، وإجراء سلسلة من الاتصالات مع بقايا العهد الشاهنشاهي المخلوع، وفصائل معارضة مسلحة في الداخل والخارج، من انفصاليين و"مجاهدين" وغيرهم، وفي ظني أن "الموساد"، ما كان ليسجل كل هذه الاختراقات الميدانية، بالاعتماد على قواه الذاتية فقط، وإنما باللجوء إلى هذه القوى، ذات الامتداد والقدرة الأوسع على التحرك في الداخل الإيراني.
إعلانلا يعني ذلك بالطبع، أن كل ما تتمناه إسرائيل ستدركه. فالمسألة من قبل ومن بعد، رهنٌ بتوفر جملة من الشروط، التي قد تعمق الفجوة بين "حسابات الحقل وحسابات البيدر":
أولها وأهمها؛ قدرة إيران على الصمود واسترداد زمام المبادرة ومدى نجاحها في إعادة بناء ميزان "الردع والتوازن" في علاقتها بإسرائيل. ثانيها؛ استعداد الولايات المتحدة على وجه التحديد، لتوسيع دائرة انخراطها في هذه الحرب، ومن بوابة استهداف ما تعجز آلة الحرب الإسرائيلية عن استهدافه، وإلحاق أقصى الضرر بالمواقع الحصينة التي ينهض عليها المشروع النووي الإيراني.حتى الآن، يبدو أن كلا الشرطين غير متوفرين لحكومة اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا، فلا طهران رفعت راية بيضاء، بل على النقيض من ذلك، تماسكت وصمدت، وشرعت في استعادة "التوازن والردع". ولا واشنطن "تُجاري" تل أبيب في سقوف أهدافها وتوقعاتها المرتفعة للغاية، وترتضي بما هو دون ذلك، مع أنها لن تمانع في اللحاق بتل أبيب بل واستباقها للعمل على تحقيق هذه الأهداف، إن تأكد لها للحظة واحدة، أن ثمة فرصة لتحقيقها، وتحقيقها سريعًا، وبقدر معقول من الكلف العسكرية والاقتصادية.
من منظور أميركي، سبق لواشنطن أن ارتضت باحتفاظ طهران بدائرة تخصيبٍ خفيض (3.6 بالمئة) لليورانيوم على أرضها، كافٍ للاستخدامات السلمية والمدنية، تحت وابل من شروط التحقق والتفتيش والرقابة. تلكم كانت مضامين اتفاق فيينا في 2015، قبل أن تنقلب إدارة ترامب الأولى على الاتفاق وتنسحب منه، وقبل أن يعاود ترامب، في ولايته الثانية، الحديث عن "صفر تخصيب" على الأرض الإيرانية.
الولايات المتحدة تشاطر إسرائيل "قلقها" من برنامج إيران الصاروخي، واستتباعًا من "دورها المزعزع للاستقرار في المنطقة"، تلك الجملة التي صارت "لازمة" في خطاب السياسة الخارجية الأميركية، ودول أوروبية عدة على حد سواء.
واشنطن التي جاء رئيسها بوعود السلام في كل مكان، وعلى مختلف الجبهات والأزمات، مدفوعًا بـ"حلم نوبل" وجائزة السلام الأرفع، لا تفضل "التورط" بحرب كبرى في الشرق الأوسط، ولا تقيم "الوزن ذاته" لمخاوف تل أبيب وهواجسها، بيد أن أداء رئيسها الذي يتعامل باستخفاف وتبسيط مع أعقد الأزمات وأكثرها حساسية وتشابكًا مع الحاضر والتاريخ والثقافة والجيوبوليتكس، فلا يكف عن إطلاق وابل الوعيد والتهديد، وفرض المهل الزمنية الجزافية تعسفًا، أفضى إلى الفشل في إدارة معظم هذه الملفات، من غزة إلى أوكرانيا، واليوم إيران وإسرائيل والاستعاضة عن الفشل، بادعاء النجاح في منع الحروب أو إيقافها على جبهات أخرى: الباكستان والهند، وأخيرًا مصر وأثيوبيا (؟!).
وإذا كانت إدارة ترامب، قد أظهرت وهي تعالج بعض أزمات إقليمنا، قدرًا من "الابتعاد" عن أولويات السياسة الإسرائيلية وحسابات نتنياهو، كما في مقاربة الملف السوري والانفتاح على النظام الجديد، وكما في شق قنوات اتصال مباشر مع حماس بالضد من الرغبة الإسرائيلية، وإبرام اتفاق مع جماعة أنصار الله في اليمن، والخروج من "الحرب العبثية" التي شنها على هذا البلد المنهك بحروبه وحروب الآخرين عليه، إلا أن هذه الإدارة، تعود فتؤكد التصاقها بالأجندة الإسرائيلية في قضايا مفصلية أكثر أهمية، وبالذات في ملفي إيران وغزة، حتى وإن كانت لها "تفضيلاتها" المختلفة عن أولويات نتنياهو، إلا أنها دائمًا ما تعود لضبط خطواتها على الإيقاع الإسرائيلي.
إعلانهل تدخل واشنطن الحرب الإسرائيلية على إيران من بوابة القاذفات الإستراتيجية والقنابل الأكثر فتكًا وتدميرًا في العالم؟
سؤال لا يبارح مخيلة وأذهان السياسيين والمراقبين في المنطقة والعالم، وفي ظني أنه من سوء التقدير وقلة الحكمة، إسقاط هذا "السيناريو"، على أننا نرى أنه سيتقدم في واحدة من حالتين أو كلتيهما: الأولى؛ إن خرجت ردود إيران وحلفائها على العدوان الإسرائيلي عن الخطوط الحمر، كأن يجري استهداف قواعد وأصول ومصالح أميركية في الإقليم، عندها سيصبح التدخل واسع النطاق، من باب "تحصيل الحاصل"، وسيكون مدعومًا بأوسع شرائح الطيف القيادي والمؤسسي الأميركي، وسيحظى بدعم أوروبي يبدو مضمونًا مسبقًا، خصوصًا من دول "الترويكا" الثلاث: لندن، باريس وبرلين.
والثانية؛ إن شعرت واشنطن أن تل أبيب تتعرض لخطر حقيقي، يتعدى ميزان الخسائر اليومية التي نراقبها ونتابعها حتى الآن، وإن تبدّى لها، أن هذه الحرب، ستنتهي بهزيمة لإسرائيل، تبدد مكتسبات الأشهر العشرين الفائتة، وتعيد الاعتبار لمحور طهران الذي أصيب في أكثر من مقتل إثر الحروب الإسرائيلية متعددة الجبهات والمسارات التي أعقبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 .. عندها، سيكون التدخل الأميركي واسع النطاق، هو التجسيد العملي لتعهدات ترامب وإدارته، بل ومختلف الإدارات الأميركية المتعاقبة، بالالتزام بأمن إسرائيل والدفاع عنها وحفظ تفوقها.
يملي ذلك على طهران وحلفائها، النظر لحسابات السياسة والميدان، من هذا المنظور المعقد، وتفادي سوء التقدير، وفي ظني، أنه خلف دخان التصريحات النارية لبعض القادة والمسؤولين الإيرانيين، ثمة "عقل إيراني بارد"، لا شك أنه منهمك الآن، في إجراء مثل هذه الحسابات والتمارين.
من منظور إيراني؛ ثمة أولوية قصوى لترميم "الخراب" الذي ألحقته إسرائيل بمنظومة القيادة والسيطرة والتحكم، إذ نجحت تل أبيب في "قطع رأس" الجهازين الأمني والعسكري، واختطفت أرواح نخبة من علماء طهران ومهندسيها، تليها أولوية استعادة الهيبة وبناء "التوازن والردع" في مواجهة مشروع يستهدف تحويل طهران إلى ضاحية جنوبية جديدة، وأصفهان إلى "خان يونس 2".
لا صوت يعلو في إيران، على صوت الثأر والانتقام الذي رُفعت راياته الحمراء فوق مآذن المساجد والحسينيات. لا مطرح لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل تحت عنوان "وقف النار"، ولا استعجال في استئناف المفاوضات مع شريك إسرائيل في هذه الحرب، إدارة ترامب.
والأهم من كل هذا وذاك، لا تنازل عن الحد الأدنى الذي قبلت به في الجولات التفاوضية الخمس قبل بدء الحرب الإسرائيلية عليها: التخصيب بنسب 3.6 بالمئة على الأرض الإيرانية والاعتراف بحقوق طهران النووية المشروعة في الاستخدام المدني- السلمي للطاقة النووية، ولا بحث في مشروعها الصاروخي أو دورها الإقليمي.
أي تنازل عن هذه العناوين/ الحقوق، يعني أن إسرائيل قد انتصرت في فرض إملاءاتها عليها، وسيعني أيضًا، أن ترامب الذي سعى باستخدام "الهراوة الإسرائيلية" لتذليل عقبة الرفض الإيراني لإملاءاته، قد سجل فوزًا ساحقًا عليها .
يمكن لإيران أن تذهب بعيدًا في تقديم الضمانات والطمأنات بشأن سلمية ومدنية برنامجها النووي، وإن تُضَمّن أي اتفاق قادم ما يكفي من شروط وقواعد الشفافية والتحقق والتفتيش والرقابة، نظير رفع العقوبات، أو الجزء الأكبر منها، وبخلاف ذلك، تكون إسرائيل قد نجحت في تمكين ترامب، من إعلان فوز "دبلوماسية القوة" التي استعاض بها عن "قوة الدبلوماسية".
الحرب ما زالت في بداياتها، ومن المجازفة الذهاب إلى تقديرات بشأن خواتيمها، على أننا منذ الآن، نستطيع أن نعرّف عناصر النصر والهزيمة فيها: ترامب ينتصر إن أجبر إيران على تفكيك برنامجها النووي والإبقاء على هياكل لا قيمة لها بذاتها، بل بسلاسل التوريد من الخارج، المتحكم بها غالبًا.
إعلاننتنياهو ينتصر إن جرّد طهران من مخالبها النووية وأنيابها الباليستية، ويصبح نصره "مطلقًا" إن وضع مشروع "تغيير النظام" على سكة النفاذ، من خلال إطلاق ديناميات داخلية كفيلة بإنجاز المهمة وإن بعد حين.
وإيران تنتصر، إن استعادت ميزان "التوازن والردع"، وإن بشروط أصعب من قبل، وإن حفظت الحد الأدنى من حقوقها النووية كما عرّفتها هي بذاتها، في مئات الخطابات والمواقف والمراسلات. الحرب مستمرة وللحديث اتصال.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline