نؤكد ونكرر: مستقبل عُمان في معادنها
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
د. أحمد بن علي العمري
هذا المقال الثالث لي في ذات التوجه والهدف، وعسى أن يجد هذه المرة الآذان الصاغية، وكما يقولون "الثالثة ثابتة"!
سلطنة عُمان بلد غني النفس منذ الأزل، ولقد وهبها ربنا سبحانه وتعالى الصحاري والجبال والهضاب والادوية والسهول والسواحل؛ مما جعل من هذا التنوع في التضاريس كنزًا دفينًا وخزائن مكنونة، فقد وهبها الله ثروة كبيرة من النحاس والكروم والذهب والفضة والجبس والحجر الجيري والمنغنيز والجابرو.
وحتى الجرجارة وهي وفيرة ويمكن تصديرها إلى كل الدول المجاورة بكمية تجارية كبيرة وربحية، لكننا كما العادة لا نفصح عما عندنا، وهذا طَبع العُمانيين حتى لا يُقال إنهم يتباهون، وللتأكيد على هذا ان الجبس كانت عُمان تحتل المركز السابع فيه، ولكن عندما فُرِض على الجمهورية الإسلامية الإيرانية حظرًا دوليًا، اتجه المستثمرون إلى سلطنة عُمان، وقالوا لماذا لا تستغلون الجبس الموجود لديكم بكميات كبيرة، وبدأ المستثمرون يتجهون إلى عُمان في هذا المجال؛ مما رفع عُمان إلى المركز الأول في إنتاج الجبس عالميًا.
هذه الحقائق يعلمها القائمون على هذا القطاع، فهل سنبقى دائمًا في انتظار الغير ليشير إلى خيراتنا ومكتسبات أرضنا؟!
المعادن تؤدي دورًا حيويًا ومهمًا في اقتصاد سلطنة عُمان؛ حيث تساهم في التنويع الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد الكلي المعتاد على النفط والغاز؛ إذ تتمتع عُمان بثروة معدنية متنوعة مما يجعل قطاع التعدين إحدى الركائز الأساسية لرؤية "عُمان 2040" التي تهدف في المقام الأول إلى تعزيز القطاعات غير النفطية؛ حيث تسهم الثروة المعدنية في الناتج المحلي الإجمالي.
ولذا يتوجب على الحكومة ومتخذي القرار أن يُشجِّعوا الاستثمار في قطاع التعدين، وذلك عبر منح التراخيص وتسهيل الإجراءات لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
ونظرًا لأن عُمان تعتمد تقليديًا على النفط والغاز، لذا فإنه من الأجدى تطوير قطاع التعدين كخطوة إستراتيجية لخلق مصادر دخل جديدة. وكبوادر خير وتباشير فقد تم اكتشاف مناجم ذهب وكروم تستخرج بكميات تجارية مثل منجم الظاهرة للذهب ومناجم الكروم في صحراء عُمان.
إن قطاع التعدين حتمًا سوف يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للعُمانيين في التنقيب والاستخراج والتنقيب وحتى النقل، كما إن المعادن تستخدم في صناعات محلية مثل الإسمنت والأسمدة ومواد البناء والصناعات التحويلية، وكذلك فان تصدير المعادن مثل الكروميت والنحاس والجبس إلى دول آسيوية وأوروبية يساهم في زيادة العائدات.
إننا نعلم أنه تم إنشاء منطقة التعدين في الدقم ضمن المنطقة الاقتصادية الخاصة؛ مما يعزز التصنيع المعدني والتجارة وان كنا نتمنى رفع العديد من القيود عنها ودعمها بتسهيل الإجراءات، كما إن مشاريع مثل مصنع الألومنيوم في صحار التي تعتمد حاليًا على الخامات المستوردة يجب ان تحول توجهها إلى مواد الخام المحلية وهي متوفرة ومخزونة تحت الأرض.
وإن كانت هناك بعض التحديات مثل نقص في البنية الأساسية في بعض المناطق التعدينية النائية وكذلك الحاجة إلى استخدام تكنولوجيا متطورة لاستخراج المعادن بشكل اقتصادي أكثر وربح أكبر وكذلك ضرورة تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لزيادة الاستثمار، فلربما الدولة تقوم بذلك او حتى على المستثمر مقابل بعض التسهيلات اللوجستية.
إن المعادن في عُمان ثروة واعدة ومبشرة بالخير لدعم التنوع الاقتصادي وهي توفر فرصًا للاستثمار والتوظيف مع ضرورة التطوير المستمر للبنية الأساسية وايضًا التشريعات وتبسيط الإجراءات، فإن تم ذلك سوف يكون قطاع التعدين ركيزة أساسية في اقتصاد عُمان خلال السنوات القليلة القادمة بإذن رب العالمين.
إنني على يقين تام- ويؤكّد ذلك المختصون والعارفون بقطاع التعدين في السلطنة- أن عُمان لو استغلت الثروة المعدنية الاستغلال الأمثل، سيقلل ذلك اعتمادنا على النفط والغاز بدرجة كبيرة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: