يمانيون:
2025-06-19@16:25:24 GMT

كيف أعادت إيران الاعـتبار للقضية الفلسطينية؟ 

تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT

كيف أعادت إيران الاعـتبار للقضية الفلسطينية؟ 

يمانيون بقلم/ السفير عبدالله عـلي صبري

منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، أعادت طهران تشكيل أولويات الصراع في المنطقة، وجعلت من القضية الفلسطينية محورًا أساسيًا في سياستها الخارجية وخطابها الديني والسياسي والإعلامي، على خلاف ما اتجهت إليه بعض الأنظمة العربية نحو التسويات والانكفاء، خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي أخرجت مصر من دائرة الصراع المباشر مع إسرائيل، وهنا برزت إيران كفاعل جديد حمل راية المواجهة، واحتضن الحركات الفلسطينية المقاومة، وقدم نفسه بديلًا استراتيجيًا في زمن التراجع العربي.

قطعت إيران الثورة العلاقة مع تل أبيب، التي كانت في أفضل حالاتها زمن الشاه، وحوّلت سفارة الكيان إلى مقر للبعثة الفلسطينية، واستقبل الإمام الخميني القيادات الفلسطينية في الأيام الأولى للثورة وفي المقدمة منهم الراحل ياسر عرفات. وأعلن الإمام الخميني في الأيام الأولى لانتصار الثورة عن ” يوم القدس العالمي ” كمناسبة سنوية للتذكير بمظلومية الشعب الفلسطيني، ودعم حركات المقاومة. وفي عام 1988 تأسس فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ليغدو الجهاز المسؤول عن دعم حركات المقاومة والتنسيق فيما بينها.

كذلك اتجهت إيران إلى لبنان وساعدت في تأسيس ” حزب الله ” كحركة مقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وأمكن للحزب تحقيق انتصارات استراتيجية بين عامي 2000 و2006، وغدا الحزب الرقم الأهم في الداخل اللبناني، وعلى صعيد المحور بشكل عام.

واستثمرت إيران علاقاتها الجيدة بسوريا وبحزب الله، في دعم حركات المقاومة الفلسطينية وبناء قدراتها عسكريًا ولوجستيًا، ووفرت لها الدعم السياسي والمالي، وساهمت في كسر الحصار الإقليمي المفروض عليها.

من جانبها تأثرت المقاومة الفلسطينية بالثورة الإسلامية الإيرانية، التي أنعشت الآمال مجددا بعد توالي الخيبات والنكسات العربية والإسلامية، وكان الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي من أبرز الشخصيات الفلسطينية تأثراً بالثورة الإيرانية وقائدها الخميني.

رأى الشقاقي في الثورة الإسلامية تجربة ملهمة للثورة والمقاومة، وفي كتابه “الخميني: الحل الإسلامي والبديل”، عبّر بوضوح عن قناعته بأن النموذج الإيراني يمثل الطريق الأمثل لمقاومة الاحتلال وتحرير الأرض. ومن رحم هذه القناعة، وُلدت حركة الجهاد الإسلامي في مطلع الثمانينيات، لتكون تيارًا جديدًا يجمع بين العقيدة الإسلامية والجهاد المسلح.

لم يقتصر الدعم الإيراني على حركة الجهاد، بل امتد ليشمل حركة حماس، خصوصا في جناحها العسكري، كتائب القسام، وكان الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس حتى اغتياله في 2020، هو المهندس الرئيس لهذه العلاقة.

تولى سليماني، الذي وصفته قيادات فلسطينية بـ ” شهيد القدس “، التنسيق المباشر مع قيادات المقاومة، وساهم في نقل التكنولوجيا العسكرية، وتوفير الموارد، وتدريب الكوادر، وتطوير القدرات الصاروخية والأنفاق الدفاعية والهجومية داخل قطاع غزة. كما لعب دورًا بارزا في تعزيز التنسيق بين فصائل المقاومة، وتشكيل غرف عمليات مشتركة لإدارة المواجهة مع العدوان الإسرائيلي.

وهكذا مثلت إيران، من خلال ثورتها ودعمها المتواصل، نقطة تحول استراتيجية في مسار القضية الفلسطينية، إذ أعادت الاعتبار لخيار المقاومة، وتحولت من دولة هامشية في الصراع إلى ركيزة أساسية في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، في مختلف الظروف والمحطات، ورفضت طوال هذه الفترة كل أنواع الضغوط الغربية، والعقوبات الاقتصادية، فلم تساوم أو تهادن.

ولا شك أن الحرب الدائرة التي شنها العدوان الصهيوني قبل أيام على إيران ذات صلة عميقة بالموقف الثابت والمبدأي للجمهورية الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، كما لا شك أيضا أن مستقبل القضية الفلسطينية رهن نتائج هذه المواجهة بعد أن أدار العرب ظهورهم لجريمة الإبادة المتواصلة في غزة على مدى 20 شهرا.

 

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

من زمن الشاه إلى عهد الخميني: كيف تحوّلت إيران من حليف استراتيجي لإسرائيل إلى خصم لدود؟

يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يراهن على سقوط النظام الإيراني تحت وطأة التصعيد العسكري الأخير بين البلدين. ويُعيد هذا الطرح إلى الواجهة تاريخ العلاقة بين الجانبين: كيف تحوّلت من تحالف وثيق في عهد الشاه إلى عداء مفتوح منذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979؟ اعلان

قال نتنياهو إن الهجمات العسكرية التي تشنها إسرائيل قد تؤدي إلى تغيير النظام في طهران. وأضاف: "الشعب الإيراني هو من سيقرر الآن ما إذا كان يريد أن يثور.. والنظام ضعيف جدًا"، مدّعيًا أن "80% من الشعب الإيراني يرغب في الإطاحة بقيادة البلاد".

ولا تأتي تصريحات نتنياهو هذه من فراغ، بل تعكس تحولًا عميقًا في طبيعة العلاقة بين تل أبيب وطهران، بدأ منذ سقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية. ولفهم أبعاد هذا التصعيد، لا بد من العودة إلى البدايات: حين كانت إيران حليفًا استراتيجيًا للدولة العبرية، قبل أن يتحوّل التقارب بينهما إلى صراع إقليمي مفتوح.

عهد الشاه: تحالف استراتيجي وتعاون واسع

في الحقبة الممتدة من عام 1925 حتى الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي في ثورة عام 1979، كانت العلاقة بين إيران وإسرائيل تتسم بالتقارب الكبير، لا العداء. رغم تصويت إيران عام 1947 ضد خطة تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة، فإنها أصبحت في عام 1949، بقيادة بهلوي، ثاني دولة ذات أغلبية مسلمة – بعد تركيا – تعترف رسميًا بإسرائيل.

وشهدت العلاقات الثنائية نموًا لافتًا في السبعينيات، مع تبادل السفراء وافتتاح تل أبيب لسفارة فعلية في طهران.

وأصبحت إيران أحد أهم موردي النفط للدولة العبرية، وتم إنشاء خط أنابيب مشترك لنقل النفط من إيران عبر إسرائيل نحو أوروبا.

عامل إيراني داخل مصفاة نفط جنوب طهران، 22 كانون الأول/ديسمبر 2014.Vahid Salemi/AP

كما ازدهرت التجارة بين البلدين، وتعاونت شركات بناء ومهندسون إسرائيليون في مشاريع داخل إيران. كذلك، سيرت شركة "العال" الإسرائيلية رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وطهران.

في المجال العسكري، تعاونت الدولتان في مشاريع سرية مثل مشروع "فلاور" بين عامي 1977 و1979 لتطوير صواريخ مشتركة، وشهدت العلاقات الأمنية مستوى غير مسبوق من التنسيق.

ما بعد الثورة الإسلامية

مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بقيادة المرشد الأعلى روح الله الخميني، تغير المشهد جذريًا، رغم أن بعض التقارير أشارت إلى أن العلاقات غير المباشرة استمرّت بعد الثورة لفترة محدودة، إذ باعت إسرائيل لإيران أسلحة بقيمة 75 مليون دولار في إطار عملية "Seashell" عام 1981.

وقدّر معهد "جافي" للدراسات الاستراتيجية أن حجم مبيعات الأسلحة الإسرائيلية لإيران بين 1981 و1983 بلغ نحو 500 مليون دولار، في وقت كانت الحرب الإيرانية العراقية في أوجها.

غير أن إيران قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل بشكل كامل، وأغلقت السفارة الإسرائيلية في طهران وسلمتها لمنظمة التحرير الفلسطينية. وبدأت مرحلة من العداء العلني، حيث امتنعت إيران عن قبول جوازات السفر الإسرائيلية.

Relatedالملاجئ الإسرائيلية في مواجهة الصواريخ الإيرانية: قصورٌ في العدد وأسئلة حول الفعاليةماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟ اختبار حاسم لقدرة أوبك+ على احتواء أزمة نفط محتملة حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح واشنطن بالقوة تجاه إيران؟

ومنذ ذلك الحين، لم تعترف إيران بشرعية الدولة العبرية، فيما صنّفت تل أبيب حليف الأمس كأحد أخطر التهديدات لاستقرار الشرق الأوسط. ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي في كانون الأول/ ديسمبر 2000 إسرائيل بأنها "ورم سرطاني يجب إزالته من المنطقة".

وتطورت العلاقة من عداء سياسي إلى حرب ظل، حيث دعمت إيرانما يسمى ب"محور المقاومة" الذي يضم حركات مسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، والتي تنظر إلى إسرائيل كعدو رئيسي. ومن جهتها، عملت تل أبيب على إضعاف نفوذ إيران في الإقليم، خاصة عبر استهداف منشآتها النووية والعسكرية.

وشكل البرنامج النووي الإيراني محورًا رئيسيًا في هذا التصعيد. وبينما تؤكد طهران سلمية برنامجها، ترفض تل أبيب السماح لها بتطوير قدرات نووية، وقد تعرضت منشآت نووية إيرانية لهجمات نُسبت مباشرة أو ضمنيًا لإسرائيل. كما اغتيل عدد من العلماء النوويين الإيرانيين في عمليات نُسبت للموساد.

تصاعد الدخان من منشأة لتخزين النفط في طهران، يُعتقد أنها تعرضت لضربة إسرائيلية – الإثنين 16 حزيران/يونيو 2025.Vahid Salemi/AP

وعلى مدار سنوات، اتخذت المواجهة بين الطرفين طابعًا غير مباشر عبر وكلاء أو ضربات متبادلة بالوكالة، حتى لحظة نيسان/ أبريل 2024، حين أطلقت إيران صواريخ وطائرات مسيرة بشكل مباشر باتجاه أراضي الدولة العبرية، ردًا على غارة إسرائيلية استهدفت قنصليتها في دمشق وأدت إلى مقتل ضباط في الحرس الثوري. وردّت إسرائيل حينها بهجوم مباشر على مواقع في محافظة أصفهان.

وشكّلت المواجهة العسكرية ذروة مسار طويل من الاشتباكات غير المباشرة بين البلدين، لكن فصلًا جديدًا بدأ فعليًا يوم الجمعة، 13 حزيران/يونيو 2025، حين شنّت الدولة العبرية هجومًا جويًا واسعًا على العاصمة طهران. وردّت إيران بضربات مباشرة تسببت بدمار غير مسبوق داخل إسرائيل، في تصعيد فتح باب المواجهة على مصراعيه، وسط تساؤلات كبرى حول مدى استمراره وتداعياته الأوسع على أمن واستقرار المنطقة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • قائد الثورة: موقفنا ثابت مع الشعب الفلسطيني والجمهورية الإسلامية في إيران ضد العدو الإسرائيلي
  • القدسُ وغزّةُ واليمنُ في جبهةٍ واحدة: الردُّ الإيراني يُشرِقُ من محورِ الوعيِ والنار
  • في عملية مشتركة.. المقاومة تقتل جنديا إسرائيليا قنصا في خانيونس
  • مسير عسكري مهيب لخريجي “طوفان الأقصى” في ريف حجة دعماً لغزة
  • صدور بيان أممي بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية
  • صدور بيان عن الرئاسة المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين
  • بيان الرئاسة المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين
  • من زمن الشاه إلى عهد الخميني: كيف تحوّلت إيران من حليف استراتيجي لإسرائيل إلى خصم لدود؟