أمنيات استعمارية وقرابين إسلامية
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
الأرض لله يورثها من يشاء، لكن البعض عندما يمتلك القوة والمال والنفوذ، يريد أن يتصرف كيفما يشاء لا كما أراد الله؛ فيعمل على سلب الآخرين حقوقهم وذلك هو الاستكبار والطغيان والإجرام والفساد في الأرض .
التحالف الصهيوني الصليبي يسير اليوم على خطى المستكبرين والطغاة المجرمين الذين نكل الله بهم وجعل في قصصهم عظة وعبرة للأمم؛ يستعرضون قوتهم وجبروتهم على الأمتين العربية والإسلامية ويسعون لاستكمال ما خطط له إجرام من سبقهم فيما سمي (سايكس بيكو).
صنعوا الأنظمة وسيطروا على الشعوب من خلالها وصادروا قراراتها وثرواتها واستعانوا بها على تدمير كل القدرات والإمكانيات وزرعوا الخلافات والحروب والفتن حتى تظل عاجزة عن الصمود والمواجهة .
غرسوا الكيان المحتل في أرض فلسطين بالقوة والإجرام وحرسوه بالأنظمة والقادة والزعماء المخلصين لهم؛ وكلما اعتدى المجرمون وتحركت الجماهير تحركوا لتقديم القرابين للمحتل من أجل ترسيخ الهزيمة والانحطاط وتأكيد أسطورة الوهم التي صنعوها.
لم تتجاوز مؤتمراتهم وقراراتهم الشجب والاستنكار ودعوة الداعمين للإجرام إلى أن يوقفوا كيان العدو ويمنعوه عن ممارسة هوايته الإجرامية المفضلة باعتبار أنهم وسطاء لا شركاء جرائمه وعدوانه، وكلما زاد الشجب والاستنكار زاد الإجرام؛ وتواصل الدعم والإمداد من ذلك التحالف الإجرامي .
في العلن يظهرون اختلافهم وفي السر يدعمونه ويؤيدونه، لأنهم يختلفون فقط في كيفية الاجهاز على الضحية لا حمايتها وعدم إبادتها.
بعد العدوان على اليمن، اتجهوا لضرب إيران وأشاعوا أن هناك خلافات عميقة بين كيان الاحتلال وكيان الإجرام (الشيطان الأكبر)، وصدق البعض أن أمريكا تركت إسرائيل وحيدة وانسحبت لتحمي مصالحها، لكن سرعان ما انكشفت خباياهم عندما صوَّت مجلس الأمن بجميع أعضائه على إيقاف الحرب الإجرامية على غزة، فأعدمت أمريكا الاجماع العالمي واستخدمت “الفيتو” الذي أصبح مملوكا لإسرائيل وحمايتها لا حماية أمريكا.
بيل كلينتون استغرب من تمسك الفلسطينيين بأرضهم وعدم تسليمها للاحتلال الصهيوني، عند ما كان هو راعي المفاوضات (الأرض مقابل السلام)، العرب يفاوضون والاحتلال يتوسع ويمد سلطاته على كامل الأراضي الفلسطينية وغيرها، حتى وصلت المفاوضات إلى عنوان جديد (السلام مقابل السلام)، لأن إسرائيل تستولي على الأراضي والعرب يفاوضون من أجل بيع الوهم لشعوبهم بإمكانية السلام مع اليهود.
ترامب يريد امتلاك غزة وقادة الاحتلال يريدون إسرائيل الكبرى؛ صحيح انه أقال ثلاثة موظفين مؤيدين لإسرائيل سراً، لكنه استعاض عنهم بمئات من الذين يؤيدونها سرا وعلانية وأكثرهم إجراما واستعدادا لسفك الدماء؛ أهان زعماء الأمتين العربية والإسلامية وسخر منهم وحقق ما يريد حين قدموا له بلايين الدولارات، وحين ظن البعض أنه قد يتراجع عن دعم إسرائيل بسبب تلك البلايين، لكنه لم يتراجع عن دعم الإجرام الصهيوني ولاعن الاستيلاء على ثروات الأمة حتى وإن غضب البعض لانهم يعتبرونها ملكا خاصا لهم وليست لشعوبهم ولا لأمتهم.
الإدارة الأمريكية في دعمها لكيان الاحتلال، تعمل وفق نظام مؤسسي إن ذهب شخص لا تتغير الأهداف خاصة في علاقتها معه، فسفير أمريكا لدى الكيان أعاد التذكير بتصريحات ترامب وضرورة زيادة مساحة إسرائيل، (مايك هاكابي) أكد على أهمية استكمال خطة التهجير (إسرائيل تملك شريطا ضيقا جداً من المساحة وهي صغيرة جدا مقارنة بالدول العربية والإسلامية التي تمتلك (644) ضعف مساحة الكيان ويطلب منها إفساح المجال ).
ومعنى ذلك اتركوا مساحة فلسطين لإسرائيل وفلسطين يمكن أن تتم أقامتها في أي مكان في المنطقة .
التنازلات التي تقدمها الأنظمة العربية فتحت شهية الاحتلال وقادة أمريكا وعلى رأسهم (ترامب) ولذلك ارتفعت سقوف مطالبهم إلى إبادة أهل فلسطين وتهجيرهم وهو مدى أوسع مما سعت إليه القوى الاستعمارية عند إصدار (وعد بلفور) واستقدام اليهود وإعلان قيام كيان الاحتلال؛ وساهمت الانتصارات الوهمية التي تحرزها القوى الاستعمارية على الأنظمة العربية وتنفيذ كل مطالبهم على حساب شعوبهم في جرأتهم وعجرفتهم واستكبارهم.
أمريكا والمتحالفون معها مهما امتلكوا من المال والقوة والنفوذ والسيطرة، ضعفاء وجبناء عند من يمتلك قراره، فقد هُزمت في فيتنام وخرجت ذليلة، لأنها واجهت شعبا يملك إرادته؛ وهُزمت في أفغانستان أيضاً وخرجت من العراق، لأنها وجدت شبه مقاومة وخرجت من الصومال، لأنها وجدت استعداداً لقتالها هناك .
التحالف الصهيوني الصليبي يستطيع أن يملي الأوامر والشروط على الأنظمة العربية، حتى لو كان في ذلك مخالفة لأوامر الله تعالى، كما فعل (بن زايد) في منع الصلاة احتراما لترامب أو إخراج النساء للرقص في الشوارع لاستقباله؛ يستطيع ان يشن الحروب على شعوب الأمة مباشرة أو بالواسطة من خلال (الأنظمة) لكنه لن يستطيع ان يملي إرادته على غزة واليمن ولبنان وايران، لذلك يريد إبادة غزة وتدمير ايران ولبنان واليمن .
إيران أثبتت قوتها من خلال ردها على التطاول عليها واليمن مرغت الاستكبار والإجرام الأمريكي في الوحل وساندت غزة رغم التكالب الإجرامي عليها وحزب الله صمد في وجه الإجرام الصهيوني أكثر مما صمدت الجيوش العربية.
جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم التهجير القسري التي يرتكبها التحالف الصهيوني الصليبي وينفذها اليوم هي أساس قيام المشروع الاستيطاني اليهودي، فقد دعا زعيم حزب (ماباي) سابقا -العمل حاليا- (بيرل كاتزنيلسون) العصابات الصهيونية قبل إعلان قيام كيان الاحتلال إلى اعتماد الترحيل القسري الجماعي لا الفردي في الواقع من خلال ارتكاب جرائم الإبادة ومن خلال تشكيل هيئة سياسية قادرة على إجبار الفلسطينيين الذين لا يريدون الرحيل باستخدام القوة .
الحرب هي الأساس للترحيل القسري بالاتفاق مع الدول العربية وخاصة دول الطوق وهو ما يسعى اليه الآن (ترامب ونتن ياهو) وبتمويل ودعم سخي من صهاينة العرب والغرب.
(بيرل) قدم خطته للترحيل القسري قبل إعلان قيام كيان الاحتلال واقترح بأن يتم ذلك إلى سوريا أو العراق ونجاحها يعتمد على الاستيلاء على أكبر مساحة وترحيل أكبر عدد وبالاتفاق مع الدول العربية.
ما يطرحه (ترامب أو نتن ياهو أو مكابي) وغيرهم هي ذاتها طروحات رئيس الوكالة اليهودية وأول رئيس وزراء لكيان الاحتلال (بن غوريون) بقوله: العرب يقطنون مساحة كبيرة من الأراضي الشاسعة وإذا تركوا لنا فلسطين وشرق الأردن يمكننا المساعدة في توطين النازحين؛ الترحيل القسري للعرب من أودية اليهود المقترحة سيعطينا شيئا لم نملكه من قبل، وإذا اردنا الوصول إلى دولة يهودية لا بد من ترحيل ما يعادل ستين الفاً سنويا؛ واصدر أوامره إلى العصابات الإجرامية الصهيونية بأن يكون هجومهم بضربة حاسمة تدمر المكان وطرد السكان العرب والاستيلاء عليه، فيما وصفها بخطة الدفاع الاستراتيجي العدائي”.
الاستيطان والاحتلال اعتمدا على جرائم الإبادة والتهجير القسري، والانتصارات التي حققها على بعض الجيوش العربية كانت بسبب الخيانة والعمالة والدعم اللا محدود من تحالف (صهاينة العرب والغرب)، فها هي فرنسا بدأت تنكر الإجرام الصهيوني، ولما اعتدت إسرائيل على ايران وردت (ايران) لها الصاع صاعين حوَّلت موقفها لصالح الإجرام الصهيوني مما يدل على أن الاعتداء على ايران كان بمثابة خطة الهروب إلى الأمام بعد الهزيمة في غزة، كما صرح مستشار (نتن ياهو) لواء الاحتياط إسحاق بريك (الجيش الأقوى في الشرق الأوسط هزمته حماس ولا يزال متعثرا هناك وقريبا سيصبح مثارا للسخرية ولن تكون لدى إسرائيل قدرة على تشغيل آلة الحرب) .
ويبدو أنه لم يدرك أن صهاينة العرب والغرب هم الذين يمولون خطة (نتن ياهو) الذي نصحهم (الأنظمة) بالصمود وعدم السماح بسقوط إسرائيل، لأنها إذا سقطت ستكون كارثة عليهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تناشد المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال للتوقف عن نهب مقدرات الشعب الفلسطيني
ناشدت جامعة الدول العربية، المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال للتوقف عن النهب المستمر لمقدرات الشعب الفلسطيني، والذي يهدف لتقويض السلطة الفلسطينية ووضع العراقيل في طريق الاستقلال.
جاء ذلك خلال لقاء أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، اليوم في مقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة، مع السفير مهند العكلوك مندوب دولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية.
وأفادت جامعة الدول العربية، في بيان لها، بأن المسؤول الفلسطيني سلم، خلال اللقاء، رسالة إلى الأمين العام للجامعة العربية من محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية بدولة فلسطين، حول الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني جراء ما تقوم به سلطات الاحتلال من سرقة واغتصاب لأكثر من ثلثي أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية التي تقوم بجمعها من خلال ما يعرف بنظام المقاصة.
وفي هذا الصدد، شدد أبو الغيط على أن الوقوف إلى جانب السلطة الفلسطينية في هذه الظروف الصعبة هو فرض واجب على كل طرف قادر على المساهمة، معتبرا أن تعزيز قدرة السلطة الفلسطينية في مواجهة مساعي الاحتلال المكشوفة لتقويضها، يعد سبيلا أساسيا لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض ويمثل أسلوبا عمليا لإسناد الشعب الفلسطيني ودعم صموده البطولي.