الحرب بين إيران والكيان الصهيوني.. سيناريوهات التدخل الأمريكي
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
د. سالم أحمد بخيت صفرار
بدأت المواجهة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني في حرب لم تسع لها إيران، بل بادرت بها إسرائيل فقد نجح أخيرا "النتن ياهو" في اقناع أمريكا بأن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران تهدف لتدمير برنامجها النووي، سعى الكيان الصهيوني تحت قيادته المتطرفة الحالية بكل قوة لمنع المفاوضات ونجح في إيقافها في الجولة السادسة وتخريب كل المساعي للدبلوماسية مخافتة من أن يؤدي ذلك إلى تفاهم بين أمريكا؛ مما قد يمكِّن لاحقا إيران من تحقيق نجاح في طموحاتها.
ولا شك أن ذلك يشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل ، لذا يسعى النتن ياهو وإدارته بكل جهد خصوصا في الوضع الراهن بعد حرب السابع من أكتوبر 2023 إلى إقناع أمريكا بشن ضربة على إيران وتدمير برنامجها النووي، وهناك أسباب أخرى عما يظهر في العلن وهو التخلص من قدرات إيران النووية، لكن في الواقع إيران هي العقبة التي تخشاها إسرائيل، وهذا ما تكشفت حقيقته أخيرا، ولم يعد الهدف إنهاء قدرات ايران النووية والعسكرية؛ بل أصبح الهدف الآن استهداف الجبهة الداخلية والعمل على تفكيك البلاد والإطاحة بالنظام الإيراني.
من جانب آخر يقاتل رئيس وزراء الكيان الصهيوني لأجل هدف شخصي آخر وهو بقاؤه في السلطة كي يكون في مأمن مما ينتظره نتيجة الإخفاقات والقضايا التي تلاحقه؛ فهو يعرف جيدا سوف ينتهي به المطاف في المحاكم والسجن.
الجميع مقتنع بأنه لن تجرؤ إسرائيل على مهاجمة إيران من دون الدعم والمساندة الأمريكية، ولم تُخف أمريكا مبدئيا نية الكيان للهجوم على إيران ولم تنفيه وأفصحت لاحقا عن علمها بذلك، لم يكن الكيان الصهيوني اللقيط يعتقد أن الرد الإيراني سوف يكون بهذه القسوة، علما أن لديه من المعلومات المعرفية حول قوة إيران الصاروخية، ولكن بدا الأمر مفاجئا للصهاينة حول مدى قوة الرد الايراني التدميري، وتبينت الأخطاء وسوء التقدير الذي لم يدركه قادة الكيان.
الحقيقة أن إيران لم تسع لهذه الحرب التي فرضت عليها وترى من حقها الدفاع عن نفسها وشعبها والدفاع عما تراها حقها في الحصول عليه؛ وهو التكنولوجيا النووية السلمية. وخلال أيام، انقلبت الآية، وها هم الصهاينة أصبحوا مُهجَّرين بلا مأوى، ومنهم من يسعى بشكل هستيري للخروج من فلسطين المحتلة بأغلى التكاليف وكأنه المشهد في غزة، ولكن الفرق والبون كبير بين أصحاب الأرض والسكان المزيفين،
وفي تغيير دراماتيكي ومؤشرات خطيرة يبدو أن النتن ياهو بنجح في إقناع الرئيس الأمريكي ترامب لدخول أمريكا في الحرب مع إسرائيل على إيران علما بأنه الان يبدو هناك انقسام اتخاذ القرار حتى في أعضاء الحزب الجمهوري نفسه، هناك مؤشرات توحي بتغير في التوجيه الأمريكي من خلال قيام أمريكا بنقل أعداد من طائرات التزود بالوقود للمنطقة وزيادة أسراب الطائرات الحربية.
هل يعني ذلك بسبب عربدة إسرائيل وغطرستها أن أمريكا سوف تغامر بمصالحها في المنطقة دون التفكير في العواقب والتداعيات والانعكاسات التي من شأنها أن تؤدي بالمنطقة الى حافة الهاوية ومواجهة ليس من السهل الخروج منها بلا أثمان غالية..
هناك عواقب وخيمة جدا ذات انعكاسات ونتائج خطيرة قد تترتب عنها اتساع رقعة الحرب مما يترك المجال لدخول قوى أخرى تدفع إلى حرب إقليمية قد تتدحرج كتلتها إلى أفاق عالمية.
وحول منطقة الخليج التي ستكون مسرح الأحداث، هل هناك تصور للعواقب الخطيرة حول ما قد ينتج عن تسريب الإشعاع النووي الذي لو حدث يبقى سنوات طوال في المنطقة تهدد البيئة، علما بأن مياه الشرب كميات كبيرة منها تأتي من تحليه مياه البحار هذا مع المصادر الأخرى التي تشكل تهديدا خطيرا على المنطقة برمتها، علما بأن هناك مؤشرات حول تسريب إشعاعي من محطة نطنز التي استهدفها الكيان الصهيوني، ولكن نسأل الله ألا يكون بما يشكل خطر على المنطقة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی
إقرأ أيضاً:
مأزق تساوي كلف الحرب والصفقة على الكيان وداعميه
نقلت الصحافة العبرية عن رئيس اركان جيش الاحتلال إيال زامير؛ قوله خلال اجتماعه بقادة الأركان يوم الخميس: "مستمرون في العمل من أجل ضمان أمن طويل المدى لبلدات جنوب إسرائيل وغلاف غزة، وكذلك أمن البلدات عند الحدود كلها، وبمقدورنا اليوم الحفاظ على حدود أمنية جديدة، من خلال استهداف مستمر للعدو".
زامير بذلك حدد استراتيجيته المفضلة للحرب ألا وهي الحفاظ على يد جيش الاحتلال مطلقة في استهداف مصادر التهديد وعدم الاكتفاء باحتوائها، إذ قال: لن نسمح بالاحتواء بعد الآن، وسنحبط التهديدات لدى نشوئها في جميع الجبهات، ونواصل العمل من أجل تحقيق أهدافنا. كما نقل عنه موقع أكسيوس الأمريكي والصحافة العبرية أنه يفضل عملية محدودة في قطاع غزة يشدد فيها الحصار والعمليات العسكرية دون الاحتلال المباشر لقطاع غزة. فزامير يكافح لتجنب التورط في حرب استنزاف طويلة وعميقة الأثر في بنية جيشه وأهداف كيانه السياسية وتحالفاته.
لا تعد هذه الرؤية خاصة بزامير، إذ أقدم ما يقارب 600 جنرال وضابط على توجيه رسالة لإدارة دونالد ترامب يدعونه فيها للضغط على نتنياهو للذهاب إلى صفقة مع المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وتجنب توسيع نطاق العمليات العسكرية في القطاع بحجة الحفاظ على حياة الأسرى، فيما تخفي التفاصيل رغبة جامحة لقادة الجيش الحاليين والسابقين بتجنب التورط في حرب استنزاف تفضي إلى تآكل الرصيد الاستراتيجي والأخلاقي المتبقي للكيان الإسرائيلي.
كلفة الحرب وتوسعتها بحسب تصورات المستوى السياسي الذي يتزعمه نتنياهو؛ تتساوى مع كلفة التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، فالحرب ستقود إلى استنزاف عسكري وسياسي واستراتيجي يمتد أثره إلى القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والساحة الدولية، في حين ن توقيع اتفاق وإنهاء الحرب وإن كان مؤقتا فإنه سيعزز من مكانة المقاومة وحركة حماس، وروايتها ويحرج الولايات المتحدة أمام خصومها وأمام حلفائها وشركائها في الإقليم؛ الذين ورطتهم في مواقف وإجراءات للضغط على الفلسطينيين ومقاومتهم دون جدوى.
الكلف المتساوية تزيد من صعوبة عملية اتخاذ القرار إسرائيليا وأمريكيا، فالحرب لن تقود إلى نجاح كبير، بل هي تكرار لعملية السيوف الحديدة، وخطة الجنرالات، وعربات جدعون، في حين أن الذهاب لصفقة لن يحقق أهداف الحرب وسقوفها المرتفعة، مظهرا العجز كهزيمة وانتكاسة للاحتلال أمام المقاومة في الإقليم، يعتقد زامير والقادة العسكريين إمكانية معالجتها عبر الحصار والتجويع وإطلاق يد جيش الاحتلال بين الحين والآخر لتحييد التهديدات لا احتوائها، كما الحال في لبنان وسوريا وإيران واليمن والعراق، بحسب تلميحاته وتوجهاته التي أفصح عنها وسربتها الصحافة الأمريكية والعبرية.
أخيرا، جاءت تصريحات دونالد ترامب بترك قرار الحرب والصفقة لنتنياهو وأعضاء حكومته لتعبر عن مأزق تساوي الكلف والمنفعة المترتبة عن الحرب ووقفها، فترامب يسعى إلى تجنب تحمل تبعات القرار الذي يزداد إشكالية وتعقيدا بعد أن تساوت فيه الكلف والمنافع على نحو حرج يوحي بإمكانية انقلاب المعايير والنتائج سريعا، سواء كان ذلك بسبب الاستنزاف العسكري، أو بسبب تصاعد الغضب والحراك العالمي ضد الاحتلال وداعميه، خصوصا أن الاستنزاف العسكري للاحتلال وهندسة التجويع التي يتبعها يغذيان الحراك العالمي ويقويه.
ختاما.. الحراك العالمي المناهض للاحتلال تجاوز القيود والخطوط الحمراء بالإعلان عن إرسال 50 سفينة يتوقع انطلاقها من أوروبا في 31 من آب/ أغسطس الحالي باتجاه قطاع غزة لكسر الحصار، ومن خلال تصاعد العداء للاحتلال ومواطنيه ومستوطنيه على نحو يهدد برفع كلفة سيطرة الاحتلال ليس فقط على قطاع غزة بل والضفة وما وراءهما، وصولا إلى نفوذه في أوروبا وأمريكا، حيث أصبحت أساليب التعبير عن الغضب أكثر عنفا وأكثر تشددا ووضوحا من أي وقت مضى، وهي ظاهرة يمكن أن تنتقل للمنطقة العربية على هيئة عدوى سياسية وأخلاقية تحرج الاحتلال والولايات المتحدة وشركاءها.
x.com/hma36