لماذا يعاني خريجو اليوم من صعوبة الحصول على وظائف؟
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
لعقود كان مسار الشباب الطامحين إلى حياة رخية واضحا، فهو يبدأ بالالتحاق بالجامعة ثم الحصول على وظيفة خريج فقبض الراتب؟ لكن يبدو أن الشباب المُجِدِّين في البلدان الغربية لديهم اليوم خيارات أقل من السابق.
هل يلتحقون بالوظائف التقنية؟ الشركات الكبيرة العاملة في هذا المجال تقلص وظائفها. وماذا بشأن القطاع العام؟ الوظيفة الحكومية أصبحت أقل مقاما وهيبة عما كانت عليه، وإذا كنت شابا هل تسعى إلى أن تكون مهندسا؟ في الواقع الكثير من الابتكار في قطاعات تمتد السيارات الكهربائية وإلى الطاقة المتجددة يحدث في الصين.
حول الغرب يفقد الخريجون الشباب وضعهم المتميز. وفي بعض الحالات فقدوه سلفا. تلمِّح بيانات الوظائف إلى ذلك. درس ماثيو مارتن الباحث بشركة أكسفورد ايكونوميكس الاستشارية وضع الشباب الأمريكيين بين سن 22 عاما و27 عاما ممن لديهم شهادة بكالوريوس أو درجة أعلى، ولأول مرة على الإطلاق وجد أن معدل البطالة وسطهم أعلى باستمرار من متوسطها على نطاق الولايات المتحدة، ويعود الارتفاع الأخير في بطالة الخريجين إلى أولئك الذين يبحثون عن عمل للمرة الأولى.
ستكون العواقب الاجتماعية والسياسية لبطالة الخريجين عظيمة، وهي لا توجد فقط في أمريكا، ففي بلدان الاتحاد الأوروبي تقترب البطالة وسط الشباب الحاصلين على تعليم "ما بعد ثانوي" من معدلها العام في الفئة العمرية التي ينتسبون لها، ويبدو أن بريطانيا وكندا واليابان كلها في وضع شبيه.
حتى شباب النخبة كخريجي برامج ماجستير إدارة الأعمال يعانون من صعوبة الحصول على وظائف. في عام 2024 كان 80% من خريجي مدرسة إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد يحصلون على وظيفة بعد ثلاثة أشهر من إكمال الدراسة مقارنة بنسبة 91% في عام 2021. من أول وهلة يبدو طلاب ستانفورد سعداء وهم يتناول الطعام في الهواء الطلق بكافتيريا المدرسة. لكن إذا دققت النظر ستجد الخوف يطلّ من عيونهم.
حتى وقت قريب كانت "علاوة الراتب الجامعي" تزداد. وهي الإضافة التي يحصل بفضلها خريج الجامعة على راتب أكبر من الآخرين. لكن في وقت أقرب تقلصت هذه العلاوة بما في ذلك في أمريكا وبريطانيا وكندا. لقد وجدنا (في الإيكونومست) باستخدام بيانات عن الشباب الأمريكيين من بنك الاحتياطي الفيدرالي فرع نيويورك أن الخريج الوَسَطي من الجامعة حصل في عام 2015 على راتب يزيد بنسبة 69% عن راتب الخريج الوَسَطي من المدارس العليا (الوَسَطِي هنا تعني الطالب الذي يحصل على راتب في الوسط بين أعلى راتب وأقل راتب في مستواه التعليمي- المترجم.) بحلول العام الماضي تقلصت هذه العلاوة إلى 50%.
الوظائف صارت أيضا أقل إشباعا للطموح، يشير استطلاع واسع النطاق إلى أن "فجوة الرضي الوظيفي" بين الخريجين وغير الخريجين في الولايات المتحدة انخفضت الآن إلى حوالي 3% من 7% على مدى فترة طويلة في الماضي.
هل فقدان الخريجين لامتيازاتهم شيء سيئ؟ أخلاقيا لا، فليس لأية فئة الحق الدائم في الحصول على امتيازات تفوق ما يحصل عليه الناس بشكل عام. لكن عمليا قد يكون كذلك، فالتاريخ يوضح أن الأذكياء (أو من يظنون أنهم أذكياء) عندما يعتقدون أن ما يحصلون عليه أقل مما يستحقون تحدث أشياء سيئة.
بيتر تورشين الباحث بجامعة كونيكتيكت يقول محاججا أن " الإفراط في إنتاج النُّخَب" كان السبب المباشر لكل أنواع القلاقل على مَرِّ القرون تحت قيادة "النخب المضادة". لقد حدد المؤرخون "مشكلة الفائض في أعداد المتعلمين كعامل مساهم في ثورات 1848 بأوروبا على سبيل المثال.
يمكن اعتبار لويجي مانجيوني أحد أفراد "النخبة المضادة"، كانت تنتظر هذا الشاب خريج جامعة بنسلفانيا حياة رغدة، لكنه بدلا عن ذلك يخضع للمحاكمة بتهمة اغتيال الرئيس التنفيذي لشركة تأمين على الحياة، وما هو أكثر دلالة مدى تعاطف الناس مع "اغترابه." فقد تلقى تبرعات تزيد كثيرا عن مليون دولار.
السؤال: لماذا يفقد الخريجون امتيازاتهم؟ ربما التوسع الهائل في الجامعات أضعف المستويات. فإذا قبلت جامعات النخبة المتقدمين إليها من الطلاب الذين لا يملكون القدرات الأكاديمية الكافية ثم فشلت في تأهيلهم بقدر كاف قد ترى جهات التوظيف بمرور الزمن عدم وجود اختلاف كبير بين الخريج الجامعي وغير الخريج بشكل عام.
تشير دراسة أعدتها مؤخرا سوزان كارلسون أستاذة اللغة الإنجليزية بجامعة بيتسبرغ في ولاية كانساس وزملاؤها أن طلابا عديدين اليوم أميين وظيفيا (يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة في حياتهم العملية- المترجم.) فهنالك عدد يثير القلق من طلاب اللغة الإنجليزية ممن يجدون صعوبة في فهم رواية شارلس ديكنز "بيت كئيب" على سبيل المثال.
من المؤكد أن بعض الجامعات تقدم برامج دراسية لا قيمة لها لطلاب غير مؤهلين للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي.
من جهة أخرى لا توجد علاقة سببية تُذكر بين أعداد خريجي الجامعات وعلاوة المؤهل الجامعي التي يحصلون عليها في الأجل الطويل. لقد زاد عددهم كما زادت العلاوة أيضا في أمريكا في الثمانينات على سبيل المثال.
إلى ذلك، إذا تحدثت مع الطلاب في معظم الجامعات وخصوصا جامعات النخبة ستتحرر من فكرة أنهم أغبياء، فأولئك الذين يدرسون في جامعة ستانفورد يتمتعون بذكاء فائق، وطلاب أكسفورد وكمبردج (من أبناء الطبقات الأرستقراطية) كانوا في وقت ما لا يحفلون بدروسهم بل يحتفلون إذا منحوا شهادة الحد الأدنى من النجاح. لكن لم يعد الأمر كذلك. (في الماضي ما كانوا يحتاجون إلى التفوق الأكاديمي. فالمناصب والوظائف مضمونة لهم بفضل المكانة الاجتماعية لعائلاتهم ولكن اليوم لا يوجد امتياز طبقي تلقائي لهؤلاء الطلاب – المترجم).
تضيف ورقة جديدة من إعداد ليلي بنغالي ببنك الاحتياطي الفيدرالي فرع سان فرنسيسكو وزملائها سببا آخر للتشكيك في وجاهة التفسير الذي يعزو عدم توظيف الخريجين إلى ضعف قدراتهم المعرفية. فقد وجدت أن التغير في قيمة علاوة الراتب الجامعية "يعكس عوامل تتعلق بالطلب على العمل وتحديدا التباطؤ في وتيرة التغير التقني الذي يفضل المهارات." بعبارة أوضح يمكن للمخدِّمين الاتجاه باطراد إلى توظيف غير الخريجين لأداء أعمال كانت في السابق حكرا على الخريجين.
هذا صحيح خصوصا بالنسبة للوظائف التي تتطلب الاستخدامات الأساسية للتقنية. وحتى وقت قريب نسبيا لم يكن بمقدور العديد من الناس فهم جهاز الحاسوب إلا إذا التحقوا بالجامعة. أما الآن فكل أحد لديه هاتف ذكي. وهو ما يعني أن غير الخريجين يحذقون التعامل مع التقنية أيضا.
عواقب ذلك واضحة. ففي كل قطاع من قطاعات الاقتصاد تقريبا يقل التشدد في المؤهلات التعليمية المطلوبة للعمل، حسب موقع التوظيف على الإنترنت "اندييد." ويوظف قطاع الخدمات المهنية والتجارية في الولايات المتحدة المزيد من الناس غير الحاصلين على تعليم جامعي مقارنة بما كان يحدث قبل 15 عاما على الرغم من قلة عددهم الآن.
كما قلّص المخدِّمون عدد الوظائف في الصناعات التي تفضل الخريجين. ففي بلدان الاتحاد الأوروبي هبط عدد الذين تم تعيينهم في قطاع الخدمات المالية والتأمين ممن تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 عاما بنسبة 16% في الفترة من عام 2009 إلى عام 2024، ولدى أمريكا وظائف تزيد بقدر طفيف في "الخدمات القانونية " مقارنة بعام 2006. وحتى وقت قريب كان المسار الواضح للطالب البريطاني الذي يأمل في وظيفة مُدِرَّة للمال الالتحاق ببرنامج تدريبي للخريجين بأحد البنوك. لكن منذ عام 2016 هبط عدد الشباب في سن العشرينيات في وظائف الخدمات القانونية والمالية بنسبة 10%.
من المغري أن ننسب إلى الذكاء الاصطناعي سبب هذا الانحسار في الفرص الوظيفية. فالتقنية تبدو قادرة على أتمتة مهام الوظائف المعرفية البسيطة مثل ترتيب الملفات والأرشفة أو مهام المعاونين القانونيين.
لكن هذه الاتجاهات في التوظيف التي وصفناها بدأت قبل ظهور منصة الدردشة "شات جي بي تي." هنالك الكثير من العوامل الطارئة المسؤولة عن ذلك. فالعديد من الصناعات التي كانت تقليديا توظف الخريجين مرت بظروف عصيبة مؤخرا. لقد قلصت سنواتُ من التراخي في وتيرة الإندماجات والاستحواذات الطلبَ على المحامين. وصارت بنوك الاستثمار أقل اندفاعا في الإقراض مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية في 2007-2009.
لذلك هل من المفيد الالتحاق بالجامعات؟ يبدو أن الأمريكان قرروا الإجابة بالنفي. ففي الفترة بين 2013 و2022 هبط عدد الطلاب الذين سجلوا في برامج شهادة البكالوريوس بنسبة 5%، وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. مع ذلك، في معظم البلدان الغنية التي تقل فيها تكلفة التعليم الجامعي لأن الدولة تلعب دورا أكبر في تمويله لا يزال الشباب يتدفقون نحو الجامعات.
إذا استبعدنا أمريكا سنجد أن تسجيل الطلاب في الجامعات حول بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفع من 28 مليون إلى 31 مليون طالب في العقد المنتهي في عام 2022. في فرنسا زاد عدد الطلاب بنسبة 36% وفي أيرلندا بنسبة 45%. فالحكومات تدعم برامج أكاديمية غير مفيدة وتشجع الأبناء على إضاعة وقتهم في دراسة جامعية (لا تؤمن لهم وظائف.)
قد لا يختار الطلاب التخصصات المطلوبة بقدر أكبر في سوق العمل، فخارج أمريكا تتزايد نسب الالتحاق بكليات الآداب والدراسات الإنسانية والعلوم الاجتماعية، كذلك يزداد التسجيل في تخصصات الصحافة وذلك ما يصعب تفسيره، إذا كانت هذه الاتجاهات تكشف عن أفكار الشباب حول مستقبل العمل فتلك معضلة حقا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحصول على على راتب فی عام
إقرأ أيضاً:
وظائف شاغرة لدى بنك الرياض
فاطمة المالكي
كشف بنك الرياض عن فتح باب التقديم لوظائف قيادية وهندسية وإدارية وتقنية متنوعة بالقصيم والرياض.
وأوضح البنك، أن الوظائف: قائد فريق المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أخصائي بيانات واستدامة وتقارير، أخصائي بنية تحتية، أخصائي أول تطوير تقنية الأعمال، أخصائي إدارة القدرات (خدمات التعافي من الكوارث).
وأشار إلى أن التقديم مُتاح الآن بدأ اليوم الأربعاء بتاريخ 1446/12/22هـ الموافق 2025/06/18م، فيما لمعرفة بقية الشروط والمهارات والوصف الوظيفي وللتقديم من خلال موقع لينكد إن .