دبلوماسية تحت النار.. جنيف تستضيف مفاوضات أوروبية-إيرانية لاحتواء التصعيد
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
طهران- في ذروة التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، تتكثف التحركات الدبلوماسية الدولية في محاولة لاحتواء التوتر ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة.
وفي هذا الإطار، تشهد مدينة جنيف، اليوم الجمعة، لقاء مهما بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ووزراء خارجية الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا)، في مؤشر على وجود نافذة سياسية لا تزال مفتوحة رغم تصاعد حدة الصراع.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أن الأوروبيين "يتحاورون مع إيران لخفض التصعيد"، مشددا على أن "السبيل الوحيد للمضي قدما هو الحوار".
في المقابل، أوضحت طهران على لسان عراقجي، أن المفاوضات مع الدول الأوروبية تقتصر على الملف النووي والملفات الإقليمية، رافضا أي نقاش في قدرات إيران الصاروخية، التي وصفها بأنها دفاعية ولا تخضع للتفاوض.
مبادرة مشتركةمن جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مبادرة أوروبية مشتركة، قائلا، إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا "ستقدم عرضا تفاوضيا كاملا لإيران"، لكنه ربط أي تقدم بملفات أخرى تتجاوز البرنامج النووي؛ داعيا إلى تضمين "مسألة تمويل إيران لحلفائها في الشرق الأوسط" في المفاوضات.
كما أكد استمرار دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان عدم قيام إيران بتخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية. وشدد ماكرون على أن "لا شيء يبرر استهداف البنى التحتية والمدنيين" في المواجهة الجارية.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، انفتاح بلاده على الحوار مع طهران، شريطة تقديم "ضمانات جادة" عن برنامجها النووي.
وتأتي هذه التطورات الدبلوماسية في وقت حساس، إذ تتباين الرؤى بين أوروبا التي تفضّل مسار التهدئة، والولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تواصلان الضغط على إيران، مما يجعل من هذه المفاوضات اختبارا حقيقيا لجدية الأطراف في تجنب مزيد من التصعيد والانخراط في تسوية محتملة.
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية مصطفى نجفي، أن لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية في ظل الحرب الجارية بين إيران وإسرائيل، يمثل خطوة "تكتيكية ذكية ومدروسة" من جانب طهران، تهدف إلى استخدام أدوات الدبلوماسية توازيًا مع الحضور العسكري في الميدان.
إعلانوقال نجفي في مداخلة للجزيرة نت، إن "إيران تدرك تماما أن الحسم في هذه المواجهة لن يكون عسكريا فقط، ولذلك تسعى إلى فتح مسار دبلوماسي موازٍ لاحتواء التصعيد وتحقيق مكاسب سياسية وأمنية".
وأضاف أن الاجتماع، الذي تم بناء على طلب الدول الأوروبية الثلاث، يحمل عدة رسائل، من أبرزها تأكيد طهران على حقها في الدفاع المشروع في مواجهة ما تعتبره عدوانا إسرائيليا، وحقها في الرد المتكافئ والرادع، بما يثبت أنها ليست مَن بدأت الحرب، لكنها مستعدة لمواصلتها إذا اقتضى الأمر.
وأشار نجفي إلى أن إيران تحاول أيضا من هذا اللقاء "توجيه تحذير مباشر لأوروبا من مغبة التورط في الحرب، أو دعم أي تحرك عسكري ضدها، خصوصا في حال انجرت واشنطن أو حلف الناتو إلى النزاع".
ورجّح أن طهران قد تطرح في المحادثات مطالب محددة، منها إدانة العدوان الإسرائيلي، أو على الأقل تبني موقف محايد من الأوروبيين بدلا من الانحياز لأي طرف.
واختتم نجفي، إن "إيران لا تعتبر هذه الخطوة علامة ضعف، بل تراها تعبيرا عن نضج إستراتيجي، حيث تبقي على أدواتها العسكرية فاعلة، لكنها في الوقت نفسه تُبقي الباب مواربا للمبادرات الدبلوماسية، في حال قررت أوروبا الابتعاد ولو جزئيا عن الموقف الأميركي المتشدد".
جبهة التفاوض
من جهته، يرى المحلل السياسي رضا غبيشاوي أن "المطلب الأهم الذي حمله عباس عراقجي إلى طاولة المفاوضات، يتمثل في وقف الهجمات الإسرائيلية، وهو أولوية مطلقة بالنسبة لطهران تفوق أي ملف آخر".
ويضيف للجزيرة نت، أن إيران قد تبدي قدرا من المرونة في الملف النووي مقابل تحرك أوروبي جاد للضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وكذلك دفع الولايات المتحدة، وتحديدا إدارة ترامب، نحو القبول بتهدئة مؤقتة مع طهران.
ووفقا لغبيشاوي، فإن "طهران تراهن على أن اجتماع جنيف قد يشكل فرصة لإعادة توجيه الموقف الأوروبي بما يفضي إلى تهدئة إقليمية، غير أن العقبة الرئيسية تبقى في إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تروّجان لفكرة، إن الحرب تمنحهما فرصة أفضل لتحقيق أهدافهما".
ويختتم، إن "صناع القرار في تل أبيب يعتقدون أن استمرار الحرب ضد إيران سيقودهم إلى مكاسب إستراتيجية لا يمكن تحقيقها إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يعقّد فرص الوصول إلى تسوية شاملة في المدى القريب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وزیر الخارجیة
إقرأ أيضاً:
مساعي دبلوماسية لإنهاء الحرب الأوكرانية… وواشنطن تخفف العقوبات عن “لوك أويل”
صراحة نيوز-يواجه المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون الخميس تحديًا جديدًا في فلوريدا لإيجاد مخرج لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام، وسط إجراءات أميركية لتخفيف العقوبات عن شركة النفط الروسية العملاقة “لوك أويل”.
ويشارك المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر، بعد عودتهما من موسكو حيث التقيا الرئيس فلاديمير بوتين الثلاثاء، في محادثات مع كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم عمروف، وفق مسؤول أميركي فضل عدم الكشف عن هويته، دون الإعلان عن أي نتائج حاسمة حتى الآن.
سيُعقد الاجتماع مساءً في ضواحي مدينة ميامي، بعد أن اجتمع الوفدان نفسه الأحد الماضي بحضور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.
وشهد الأسبوعان الماضيان سلسلة اجتماعات مكثفة لبحث خطة واشنطن لإنهاء الحرب التي اندلعت إثر الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، لكن التوصل إلى تسوية تبقى مهمة شديدة الصعوبة مع استمرار التقدم الروسي البطيء على الجبهة رغم الخسائر الكبيرة.
وزار ويتكوف وكوشنر موسكو الثلاثاء، حيث أجروا محادثات استمرت أكثر من خمس ساعات مع الرئيس الروسي، ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب اللقاء بأنه “جيد جدًا”، مؤكدًا أن بوتين “يريد إنهاء الحرب”.
وأوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مقابلة إعلامية خلال زيارة للهند الخميس، أن المفاوضات “معقدة”، لكنه شدد على ضرورة التعاون مع مساعي واشنطن بدل عرقلة العملية، مضيفًا: “تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة السهلة، لكن الرئيس ترامب يحاول حقًا القيام بذلك”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الخميس عن تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على روسيا، خصوصًا على شركة “لوك أويل” لتسهيل عمل محطات الوقود خارج روسيا، مع التأكيد على عدم تحويل العائدات إلى روسيا. ويستمر الإعفاء حتى 29 نيسان 2026.
وسجّلت الولايات المتحدة سابقًا في أواخر تشرين الأول أكبر شركتي إنتاج نفط روسيتين، “لوك أويل” و”روسنفت”، ضمن لائحة العقوبات الخاصة بها.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الصيني شي جينبينغ للعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، إلا أن بكين رفضت تحميلها أي مسؤولية عن استمرار الأزمة.
وحذّرت تركيا من ضرورة إبقاء البنى التحتية للطاقة بعيدة عن النزاع، بعد الهجمات الأوكرانية على محطة نفط روسية وسفن موسكو المستخدمة لتجاوز العقوبات، واستدعت أنقرة سفيري البلدين للتعبير عن مخاوفها.
وقدمت ألمانيا الخميس مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة 100 مليون يورو لإصلاح بنيتها التحتية للطاقة، مع مراقبة صارمة لاستخدامها في ظل فضائح فساد تهز الحكومة الأوكرانية.
واتهمت أوكرانيا روسيا بإرسال أطفال أوكرانيين اختطفتهم موسكو إلى معسكرات “إعادة تثقيف” في كوريا الشمالية، في خطوة جديدة تزيد التوتر بين الجانبين. وتقول أوكرانيا إن روسيا اختطفت نحو 20 ألف طفل منذ بداية الحرب، لم يتم استعادة سوى 1850 منهم.