خبراء: إدانة العرب للعدوان على إيران يحمي الاستقرار الإقليمي وسيادة الدول
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
في خطوة تعكس القلق العربي المتزايد إزاء تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة، عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا طارئًا في مدينة إسطنبول، لبحث العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، وما يمثله من تهديد مباشر لاستقرار الإقليم وأمنه الجماعي.
ويأتي هذا التحرك العربي في لحظة فارقة، وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى موجة جديدة من العنف غير المحسوب، وتفاقم التوتر بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تم التأكيد على ضرورة ضبط النفس وأهمية منع تحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة للصراعات.
واعتبر خبراء سياسيون عرب في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن الاجتماع شكل رسالة سياسية قوية مفادها أن العالم العربي يرفض أي خرق لسيادة الدول، حيث جاء الاجتماع تعبيرًا عن إدراك عربي مشترك لخطورة التدهور الأمني الناتج عن مثل هذه العمليات، التي قد تتسبب في إشعال صراعات أوسع نطاقًا تتجاوز حدود الدول المستهدفة.
ونوه الخبراء إلى أن الاجتماع أظهر التزامًا عربيًا متجدّدًا بضرورة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، والتمسك بمبادئ عدم التدخل، ورفض سياسات فرض الأمر الواقع بالقوة، إلى جانب الدعوة إلى تحرك دولي عاجل للجم التصعيد ومنع الانزلاق نحو مواجهات مفتوحة تهدد مصالح الشعوب والدول على حد سواء.
وفي هذا الإطار.. يقول الدكتور محمد الطماوي الخبير في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية إن البيان الصادر عن الاجتماع الوزاري الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية بشأن تداعيات العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعد خطوة عربية متقدمة تعكس يقظة سياسية جماعية إزاء مخاطر التصعيد في الإقليم، وحرصا مسؤولًا على صون أمن المنطقة واستقرارها في لحظة فارقة، حيث عبر البيان عن إجماع عربي واضح في رفض انتهاك سيادة الدول، وضرورة احترام قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما أكد على أهمية تغليب الحلول السلمية والدبلوماسية كمسار أوحد لمعالجة الأزمات، في ظل ما تشهده المنطقة من توتر متصاعد وتحديات أمنية غير مسبوقة.
وقال الطماوي إن البيان العربي الصادر من اسطنبول يعكس عودة فاعلة للدور العربي المشترك، وقدرته على التعبير بصوت واحد عن رفض التصعيد، والدعوة إلى ضبط النفس، والحث على العودة للمفاوضات بما يضمن مصالح جميع الأطراف ويمنع انزلاق المنطقة نحو مواجهات أوسع، كما يعد ترحيب البيان بالمبادرات الدولية لعقد مؤتمرات دعم لغزة وإحياء مسار التسوية، ومنها المبادرة المصرية، تأكيدا على أهمية المقاربة الشاملة التي تتبناها القاهرة، والتي ترى أن معالجة جذور الأزمات هو الطريق الأمثل نحو أمن دائم وتنمية مستدامة.
وأشار إلى أن هذا البيان، بما حمله من رسائل سياسية واضحة، يؤسس لتحرك عربي منظم يعزز من مكانة الجامعة العربية كفاعل إقليمي مسؤول، ويمنح الدبلوماسية العربية مساحة أوسع لتفعيل أدواتها على الساحة الدولية، من أجل الحفاظ على وحدة الإقليم وسلامة شعوبه، وتحصين المنطقة من الانزلاق نحو المجهول.
وذكر الدكتور محمد الطماوي إلى أنه لم يعد مقبولا أن يواصل المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، الوقوف موقف المتفرج أمام سياسات التصعيد والانتهاك المتكرر للقانون الدولي من قبل إسرائيل، سواء على الأراضي الفلسطينية أو في سلوكها تجاه دول الجوار ومنها سواء لبنان وسوريا وإيران، لافتا إلى أن البيان العربي يضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، ويحمل المؤسسات الدولية واجب التحرك الفوري والفاعل لوقف الاعتداءات، ومنع تكرارها، ومساءلة الجناة وفقا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وخلص الطماوي إلى أن الصمت الدولي لم يعد له تفسير إلا باعتباره تشجيعا ضمنيا على الفوضى وتغول القوة، وهو ما يهدد الأمن الجماعي، ويقوض كل أسس النظام الدولي القائم على احترام السيادة وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية.
من جهتها.. أكدت الدكتورة تمارا حداد أستاذ العلوم السياسية الفلسطينية أن البيان الذي صدر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في إسطنبول يعكس رؤية عربية في إنهاء حالة التوتر القائمة في منطقة الشرق الأوسط ليقينهم إن استمرار التصعيد سينعكس سلبا على جميع دول منطقة الشرق الأوسط بسبب التصعيد العسكري المستمر في غزة والإدانة القاطعة لإسرائيل بسبب المواجهة المستمرة بين إيران وإسرائيل.
وذكرت حداد أن البيان شمل إدانة شاملة وتصعيدا دبلوماسيا، حيث وصف القصف الإسرائيلي للمدنيين على أنه انتهاك للقانون الدولي ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف العدوان وتعزيز المفاوضات ووضع جداول زمنية لإنهاء الحرب على غزة وتطبيق حل الدولتين لإنهاء أزمة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتجديد التأكيد على حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام عودة لتصور السلام على أساس حل الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق حدود 1967، وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن التوافق الإقليمي الواسع بإيقاف العملية الأمنية والعسكرية في إيران ووقف استمرارها لأنها ستؤرق الأمن الإقليمي في المنطقة أن استمرار الحرب الإسرائيلية يعكس درجة عالية من الاستنكار من قبل وزراء الخارجية العرب وتصميما على تصعيد الضغط السياسي والدبلوماسي، وهو ما يعكس حالة تحوّل نحو خطاب أكثر وضوحًا وأكثر علنية لمواجهة الواقع على الأرض.
ونوهت إلى أن البيان أظهر وحدة الخطاب من أجل إعادة الهدوء في المنطقة ليبدأ بحل القضية الفلسطينية وأهمية التحرك الدولي والتحضير للمستقبل، حيث يتضمن البيان خطوات عملية مثل طلب عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن وتعزيز الجهد السياسي والدبلوماسي وبحاجة الامر إلى استراتيجيات تنفيذية ملموسة لإيقاف العمليات العسكرية في إيران وعزة وجنوب لبنان.
واعتبرت البيان خطوة إيجابية للضغط السياسي والدبلوماسي، ويعكس الجدية في حل قضايا الصراع في المنطقة، ويعيد تأكيد الرؤية الموحدة تجاه الحلول السياسية، وأن التحدي يكمن في تحويل هذه اللغة القوية إلى خطوات ملموسة بحاجة إلى إرادة سياسية من قبل المجتمع الدولي.
بدورها، وصفت الدكتورة نيفين وهدان أستاذ العلوم السياسية أن بيان مجلس جامعة الدول العربية الصادر بتاريخ 20 يونيو 2025، خلال الدورة غير العادية التي عُقدت في إسطنبول، بأنه "استجابة عربية جماعية" للتصعيد الخطير المتمثل في العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث لم يكن البيان مجرد تنديد، بل حمل رؤى واضحة تعبّر عن وعي عربي متنامٍ بطبيعة التحولات الجارية في موازين القوة، وتداخل الملفات من غزة إلى طهران.
وقالت وهدان إن الإدانة العربية جاءت صريحة ومباشرة، مع تأكيدات على خطورة استخدام القوة خارج نطاق القانون الدولي، خصوصًا ما يتصل باستهداف المدنيين، وتدمير البنى التحتية، والمرافق الحيوية، دون مراعاة لأي من قواعد القانون الدولي الإنساني، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تمثل تصعيدًا خطيرًا ليس فقط في حجم العنف، وإنما في طبيعة الرسالة التي توجهها إسرائيل للمنطقة والعالم .
وأشارت إلى أن البيان تطرق إلى نقطة استراتيجية شديدة الأهمية تتعلق بتحوّل الطاقة من أداة للتنمية إلى أداة للصراع، في ضوء استهداف منشآت الطاقة النووية والبنية التحتية المرتبطة بها، وهو ما يشكل سابقة خطيرة تنذر بتدويل الصراع وتحويله إلى ساحة مفتوحة أمام قوى دولية متنافسة.
وذكرت وهدان أن البيان لم يغفل الكارثة المستمرة في غزة، حيث جدد دعوته إلى الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، وفتح المعابر أمام المساعدات دون قيد أو شرط، ووقف الإجراءات الأحادية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، باعتبارها انتهاكًا للشرعية الدولية ونسفًا لحل الدولتين.
وتابعت أن من أبرز ما جاء في البيان، هو الترحيب العربي بعقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة، وهي دلالة سياسية عميقة تؤكد دور مصر التاريخي كمحور توازن ووساطة، خصوصًا في ظل ما يشهده الإقليم من استقطاب متصاعد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إيران إسرائيل العدوان الإسرائيلي إسطنبول العدوان الإسرائیلی القانون الدولی حل الدولتین فی المنطقة أن البیان إلى أن عربی ا
إقرأ أيضاً:
المملكة في مواجهة أزمات المنطقة.. دبلوماسية فعالة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي
تقوم المملكة العربية السعودية بأدوار بارزة وحاسمة في العمل على حل مشكلات المنطقة على مختلف الاصعدة، من خلال الجهود الدبلوماسية المتواصلة والتواصل السياسي مع مختلف أطراف الصراع في المنطقة والعالم.
وكان للمملكة العربية السعودية السبق في العمل على نزع فتيل التوتر الإيراني الإسرائيلي بعد عدة ساعات فقط من اندلاع الصراع.
الجهود السعودية لحل الصراع الإيراني الإسرائيلي
سارعت المملكة العربية السعودية إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه الجمهورية الإيرانية التي تمس سيادتها وأمنها وتمثل انتهاكاً ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
وتلقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالًا هاتفيًا، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجرى خلال الاتصال، بحث مستجدات الأحداث في المنطقة وتداعيات العمليات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضرورة بذل كافة الجهود لخفض التصعيد، وأهمية ضبط النفس وحل الخلافات كافة بالوسائل الدبلوماسية.
كما أجرى ولي العهد، اتصالًا هاتفيًا، بالرئيس دونالد جي ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جرى خلاله بحث التطورات التي تشهدها المنطقة بما في ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.
وناقش الجانبان أهمية ضرورة ضبط النفس وخفض التصعيد وأهمية حل كافة الخلافات بالوسائل الدبلوماسية، مؤكدين أهمية استمرار العمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
باحث سياسي: المملكة لها دور كبير في حل الأزمات كونها الطرف المقبول من الجميع
أكد الكاتب السياسي د. فيصل السميري، إن المملكة لها دور كبير في حل الأزمات كونها الطرف المقبول من الجميع، نتيجة نزاهتها في الوساطة من مختلف الجوانب.
وأشار السميري إلى أن على المجتمع الدولي أن يقوم بدوره في حل هذه الأزمة، نظرا لمخاطر هذه الأزمة على الأمن والسلم الدوليين وعلى أمن الطاقة.
مساعي المملكة للسلام بين روسيا وأوكرانيا
استضافت المملكة، محادثات أمريكية روسية في جدة، ضمن مساعي المملكة لحل الأزمة في أوكرانيا، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وضمن جهودها لتعزيز الأمن والسلام العالمي، وانطلاقًا من إيمانها بأهمية الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، وأن الحوار هو الوسيلة الأنجح لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار الدوليين.
محادثات جدة لحل الأزمة السودانية
استضافت المملكة العربية السعودية محادثات بين طرفي الصراع في السودان في مايو 2023، بعد نحو 3 أسابيع فقط من اندلاع القتال، وذلك من أجل نزع فتيل الأزمة وإنهاء الحرب في السودان، وأسفرت المحادثات عن ظهور «إعلان جدة» الذي شكل نواة لإنهاء الصراع، كما تضمن العديد من البنود الإنسانية الالتزام بحماية المدنيين في السودان وتيسير العمل الإنساني، اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين
جهود سعودية مستمرة من أجل السلام في اليمن
تقوم المملكة العربية السعودية بعمل متواصلٌ، من أجل إيجاد حل سياسي وسلمي للحرب في اليمن، وبناء حكومة وحدة وطنية، تشترك فيها مختلف المكونات.
دور المملكة في الأزمة السورية
منذ بداية الأزمة السورية في 2011، تبنت السعودية موقفًا قويًا في دعم الشعب السوري، وقدمت الدعم المالي والسياسي للمعارضة السورية. كما ساعدت في تحريك المجتمع الدولي للضغط على النظام السوري من أجل إيجاد حل سياسي ينهي المعاناة الإنسانية.
الحكمة والدبلوماسية السعودية
إن دور المملكة يتسم بالحكمة والدبلوماسية، وهو يمتد من دعم استقرار المنطقة إلى تقديم حلول لمشكلات عالمية معقدة، وأصبح المملكة طرفا موثوقا من مختلف الأطراف والقوى الكبرى على الساحة الدولية.
اخبار السعوديةالسياسة السعوديةاخر اخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.