لم ينتظر دجال واشنطن نهاية مهلة الأسبوعين التي أعلنها، مؤكّدا تبعيته الكاملة للصهاينة، ومُديرا الظهر لغالبية الرأي العام الأمريكي، ومن ضمنه الحلفاء في حركة "ماغا" و"أمريكا أولا".
قال ترامب بعد هجمات الفجر:
"تمّ تدمير مفاعلات فوردو ونطنز وأصفهان. أستطيع القول إن هجوم الليلة كان نجاحا عسكريا باهرا. لقد دُمّرت المفاعلات بالكامل.
ثم قال لمراسل موقع "وللا"، باراك رافيد، في مكالمة هاتفية: "حقّقنا نجاحا باهرا الليلة. إسرائيل أكثر أمانا الآن (لاحظوا قال إسرائيل وليست أمريكا)".
كتب بعد ذلك:
"حان وقت السلام!". ثم أضاف: "لقد سقط فوردو. إنها لحظة تاريخية للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم. على إيران أن تُنهي هذه الحرب".
في المؤتمر الصحفي السريع اللاحق، لم يضف شيئا جديدا على ما قاله وكتبه.
بدوره قال نتنياهو:
"أنا والرئيس ترامب نقول دائما: السلام بالقوة. أولا تأتي القوة، ثم يأتي السلام. والليلة، تصرّف الرئيس ترامب والولايات المتحدة بقوّة هائلة".
هذه هي الخلاصة التي لا يريد بعض العرب أن يسمعوها.. ويعتقدون أن أمريكا تضرب إيران كي تريحهم من صداعها.
إنهما (ترامب ونتنياهو) يعرضان الاستسلام الكامل على إيران، ومن ثمّ دور الشاه، لأن مشكلتهم معها ليس سوى الموقف من "الكيان" وامتلاك السلاح الاستراتيجي، وليس النووي منه فقط، وإذا قبلت، فلتشتبك مع محيطها كما تشاء، بل إن ذلك سيحظى بالتشجيع.
سيعلم كل مواطن في أمريكا أن ترامب لم يفعل ذلك من أجله، لأن إيران لم تكن تهدّد أمريكا، بل إن قوّتها كانت تجلب صفقات السلاح "الفلكية" لمصانعها. وحين يبدأ دفع الثمن الآخر (اقتصاديا وبشريا)، ستغدو القناعة أكبر بأن تلك الأقلية تجرّ بلادهم نحو المصائب
إنهما يخطّطان لتصفية القضية الفلسطينية، ومن ثم إخضاع المنطقة برمّـتها للمصلحة الصهيوأمريكية بالكامل، وصولا على أمل أن يفضي ذلك إلى مزيدا من المكاسب لأمريكا أيضا، تماما كما أقنع صهاينة "المحافظون الجدد" بوش (الابن) بأنه غزو العراق وأفغانستان هو المحطّة نحو "قرن إمبراطوري أمريكي جديد"، فكان التدهور الذي تابعه الجميع.
اليوم يدخل ترامب الحرب وسط انقسام أمريكي واضح، بما في ذلك داخل حزبه، وهذا أسوأ مما كان كان عليه الحال مع بوش (الابن).
ثم هو يدخلها و"الكيان" يعيش بؤسا غير مسبوق على كل صعيد داخلي وخارجي، بما في ذلك استمرار مأزقه في قطاع غزة.
هل سيتحمّل ترامب مزيدا من الخسائر الاقتصادية، هو الذي جاء بشعار "أمريكا أولا"، وهل سيتحمّل أكيان النعوش السوداء، بعد أن تغدو مصالحه برسم الاستهداف من إيران ومن حلفائها وخلاياها النائمة، وهل إن إيران بمساحتها الشاسعة وقدراتها مجرّد مواقع نووية وحسب؟!
سؤال الرد الإيراني سيبقى برسم الانتظار، ومعه رد الحلفاء الذين لا يمكن لهم البقاء صامتين، بما في ذلك حزب الله، بما تبقى له من قوة عسكرية لا يمكن القول إنها صارت من الماضي.
سؤال الموقف الصيني والروسي يحضر هنا أيضا، لأن تدخلهما السرّي والعلني صار أكثر من ضرورة، وطبعا كي يستبعدوا خيار الاستسلام الإيراني الذي يعني الكثير بالنسبة لهما، لا سيما أنهما يعوّلان على ورطة أمريكية جديدة في المنطقة، تتيح لهما التقدم نحو تكريس التعددية القطبية وإفشال حُلم ترامب، بإعادة أمريكا عظيمة من جديد.
لسنا خائفين رغم قناعتنا ببؤس الوضع العربي الرسمي، وبصرف النظر عما ستفعله إيران، فهذه المنطقة فيها الكثير من عناصر المقاومة وروحية التضحية والصمود، وحين تُستهدف فلسطين بتصفية قضيتها، ويصعد حُلم "الهيكل" إلى مقدمة الأحداث، وقبله ومعه ضمّ الضفة الغربية والتوسّع في سوريا ولبنان، فلينتظر الغُزاة تيار مقاومة لم يتوقّعوه.
لقد ارتكب ترامب خطيئته الكبرى التي ستورّط بلاده، وستثير سخط الأمريكان على اللوبي الصهيوني الذي ساهم في التوريط، ومعه أقلّيته التي تقدّم مصالح كيانها على مصالح أمريكا، وهو سيفضي ذلك إلى مأزق لها ولـ"كيانها".
ما يجري ليس مخيفا، مهما حمل من تداعيات قريبة، وقطار التراجع الأمريكي ومعه الصهيوني لن يتوقّف.
هذه قناعتنا من زاوية التحليل السياسي والتاريخي، وليس من باب بثّ الآمال.
والأيام ستُبت ذلك، بإذن الله.
هامش مهم:
عبارة لافتة في بيان نتنياهو بعد هجمات الفجر الأمريكية على مواقع إيران النووية.. قال بالنص:
"باسمي وباسم جميع مواطني إسرائيل، باسم الشعب اليهودي بأسره (نصفه تقريبا في أمريكا، والكلام لي وليس لنتنياهو)، أشكره من أعماق قلبي. وأنا أعلم، مواطني إسرائيل، أنني أتكلم من أعماق قلب كل واحد وواحدة منكم. نحن نقف معا، نحن نقاتل معا، وبمشيئة الله سننتصر معا. وكما ورد في مقطع هذا الأسبوع من التوراة: (سنصعد بالتأكيد، لأننا قادرون على التغلّب عليهم)". (هـ).
سيعلم كل مواطن في أمريكا أن ترامب لم يفعل ذلك من أجله، لأن إيران لم تكن تهدّد أمريكا، بل إن قوّتها كانت تجلب صفقات السلاح "الفلكية" لمصانعها. وحين يبدأ دفع الثمن الآخر (اقتصاديا وبشريا)، ستغدو القناعة أكبر بأن تلك الأقلية تجرّ بلادهم نحو المصائب، ما سيعزّز المشاعر ضدها وضد "كيانها"، وهي المشاعر التي بدأت تتعزّز منذ 7 أكتوبر، ثم توالى صعودها مع الحرب الوحشية على غزة بعد ذلك.
كابوس "الطوفان" سيواصل مطاردتهم حتى النهاية، بإذن الله.. ليس لدينا شكٌ في ذلك.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الحرب ترامب نتنياهو امريكا نتنياهو النووي الايراني الحرب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی ذلک
إقرأ أيضاً:
ما هي القاذفات الشبحية «بي-2» التي استخدمتها أمريكا في قصف إيران؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر الأحد، أن الجيش الأمريكي نفذ "هجوماً ناجحاً للغاية" على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.
وأفادت تقارير بأن قاذفات أمريكية من طراز "بي 2" قادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات، كانت في طريقها إلى خارج الولايات المتحدة.
القدرة على ضرب المنشآت النووية
أرسل الجيش الأمريكي قاذفات شبح أمريكية من طراز بي-2 إلى جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ، قبل إعلان ترامب، عن الضربة الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، لينضم بذلك رسمياً إلى إسرائيل في شن غارات جوية هجومية على المواقع النووية الإيرانية.
تُعتبر هذه الطائرات الكبيرة هي الوحيدة القادرة على حمل أسلحة يمكنها ضرب أكثر منشآت إيران النووية أمناً، منشأة "فوردو"، والمدفونة في أعماق الأرض أسفل جبل.
والطائرات الشبحية هي طائرات تستخدم تقنية التخفي، لتجنب اكتشافها من قبل رادارات الدفاع الجوي. ولم يُعلق المسؤولون الأمريكيون على أسباب نشر هذه الطائرات.
اختراق المخابئ الإيرانية
هذه الطائرات الضخمة، التي يزيد طول جناحيها عن 50 متراً، هي الوحيدة القادرة على حمل قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة، وهي قنبلة تزن 30 ألف رطل (13608 كيلوغرام) قادرة على اختراق المخابئ، ويقول الخبراء إنها ضرورية لتدمير منشأة "فوردو" النووية الإيرانية العميقة.
ويُعتقد أن هذه المنشأة مدفونة على عمق نحو 100 متر تحت سطح الأرض، ومحمية بالخرسانة المسلحة.
خصائص الطائرة بي-2
يمكن للطائرة بلوغ أي نقطة في العالم والطيران حوله في رحلة واحدة بعد إعادة التزود بالوقود في الجو.
لا تعكسها موجات الرادار بسبب انسيابية جسمها الذي يشبه مثلثا ذا قاعدة مسننة.
يمكنها حمل وزن يصل إلى 20 طنا.
يبلغ مداها دون الحاجة للتزود بالوقود حوالي 9 آلاف و600 كيلومت
الطول: 20.9 مترا.
الارتفاع:5.1 أمتار.
الوزن: 72 ألفا و575 كيلوغراما.
عرض جناحيها: 52.4 مترا.
أقصى وزن للإقلاع: 152 ألف و634 كيلوغراما.
سعة الوقود: 75 ألفا و750 كيلوغراما.
القاذفات الشبحيةالقاذفات بي 2قد يعجبك أيضاًNo stories found.