أمريكا… إمبراطورية النار .. من هيروشيما إلى غزة
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
يمانيون | تقرير
في السادس من أغسطس 1945، فجّرت الولايات المتحدة أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية، لتفتح فصلًا جديدًا في التاريخ البشري، لا عنوان له سوى: “عصر الهيمنة بالنار”.
قُتل أكثر من 140 ألف مدني في لحظة، واحترق اللحم والعظم في مشهد غير مسبوق.. لم تكن القنبلة على هيروشيما مجرد إجراء حربي لإنهاء الحرب العالمية الثانية، بل كانت إعلانًا رمزيًا لولادة إمبراطورية جديدة تحكم العالم بالقوة المطلقة، وتسحق كل من يقف في وجهها، أو حتى خارج مشروعاتها.
بعدها بثلاثة أيام، تكررت الجريمة في ناغازاكي. وبين القنبلتين، كان العالم يشهد مولد مشروع دموي طويل الأمد، يُعيد تشكيل النظام العالمي، لا على أساس العدالة أو الحرية كما زعمت أمريكا، بل على أساس التدمير، وتغذية الحروب، وإعادة صناعة الخرائط بيد من حديد ونار.
ما بعد الحرب العالمية الثانية: تثبيت الهيمنة عبر الحروببعد الحرب العالمية الثانية، خرجت أمريكا كقوة عظمى، وسرعان ما بدأت تبسط نفوذها في كل القارات، ليس عبر التعاون أو التفاهم، بل من خلال استراتيجية التدخل المستمر، وخلق بؤر توتر، وتغذية الانقلابات، ودعم الأنظمة التابعة.
في آسيا
دعمت الحرب الدامية بين الكوريتين، ومهّدت لخلق انقسام لا يزال ينزف إلى اليوم.
خاضت حرب فيتنام (1955 – 1975) التي أصبحت رمزًا للقسوة والوحشية الأمريكية، وأحرقت فيها الأرض والبشر بأسلحة كيماوية، قبل أن تنهزم على يد مقاومة شعبية عنيدة.
في أمريكا اللاتينية
دعمت انقلابات ضد حكومات منتخبة (مثل تشيلي عام 1973).
موّلت أنظمة قمعية ومليشيات موت تحت غطاء محاربة “المد الشيوعي”.
في الشرق الأوسط
كانت الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، سياسيًا وعسكريًا، منذ نشأته عام 1948.
دعمت العدوان الثلاثي على مصر 1956، وكانت وراء تفويض الكيان الصهيوني بشن حرب 1967.
تدخلت غير مباشرة في حرب 1973، عبر مدّ الصهاينة بالجسر الجوي العسكري.
الحروب بالوكالة: الوجه الآخر للإمبريالية الحديثةبعد أن أصبح التدخل العسكري المباشر مكلفًا، خاصة بعد هزيمة فيتنام، طوّرت الولايات المتحدة أساليب جديدة لتوسيع نفوذها عبر:
الحروب بالوكالة: تمويل وتسليح جماعات مسلحة لخوض حروب بالنيابة عنها.
الانقلابات الناعمة: دعم جماعات سياسية واقتصادية لإسقاط الأنظمة غير المتماشية مع واشنطن.
التحالفات العابرة للحدود: كحلف الناتو، الذي تحول إلى أداة لضرب الدول المعارضة.
أمثلة واضحة:إيران: منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، دخلت واشنطن في صدام دائم مع طهران، من دعم الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) إلى العقوبات والحصار ومحاولات إسقاط النظام.
أفغانستان: بدايةً بتسليح المجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي، وانتهاءً بغزو دامٍ عام 2001 استمر 20 عامًا، دون أن تنجح في تحقيق أي استقرار.
البلقان: تدخلت أمريكا عبر الناتو في تفكيك يوغوسلافيا وتمزيق صربيا بالقنابل بحجة حماية الأقليات.
العراق: بعد حصار دام 13 عامًا، غزت أمريكا العراق عام 2003 بذريعة “أسلحة الدمار الشامل”، لكنها لم تجد شيئًا، وتركت خلفها مليون قتيل وبلدًا محطمًا.
أفريقيا والشرق الأوسط: حرب لا تنتهي القرن الأفريقي وأفريقيا الوسطىتدخلات مباشرة وغير مباشرة في الصومال، السودان، مالي، النيجر، ليبيا، كلها تحت غطاء مكافحة الإرهاب أو دعم الاستقرار، بينما الحقيقة: تحقيق السيطرة على موارد القارة، من النفط إلى اليورانيوم إلى المياه.
ليبيا وسورياليبيا: شاركت واشنطن مع الناتو في إسقاط القذافي عام 2011، ليغرق البلد بعدها في فوضى لا نهاية لها.
سوريا: دعمت فصائل مسلحة، وفرضت حصارًا خانقًا على المدنيين، واستخدمت أدوات سياسية وإعلامية لإضعاف الدولة السورية.
اليمنمنذ عام 2015، كانت أمريكا شريكًا فعليًا في العدوان على اليمن، عبر الدعم اللوجستي والاستخباراتي لقوى التحالف بقيادة السعودية، رغم الكارثة الإنسانية الكبرى الناتجة عن الحرب.
غزة: المحطة الحالية في مشروع النار الأمريكيفي الحرب الجارية على غزة منذ أكتوبر 2023، تتجلى الشراكة الأمريكية-الصهيونية في أوضح صورها:
تمويل عسكري غير محدود للكيان الصهيوني.
فيتو أمريكي متكرر في مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار.
تصريحات سياسية داعمة للمحرقة الجارية ضد المدنيين في القطاع.
سفن حربية أمريكية في البحر المتوسط لتوفير الغطاء والدعم.
النتيجة: آلاف الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، عشرات الآلاف من الجرحى، ودمار غير مسبوق.
هذه ليست مجرد مواقف داعمة للعدوان، بل مشاركة مباشرة في الإبادة.
منذ أكثر من 80 عامًا، لم تدخل الولايات المتحدة حربًا لتصنع سلامًا، بل لتفرض هيمنة، وتحفظ مصالحها، وتحمي أدواتها.
كل حرب كانت مشروعًا تجاريًا، وصفقة نفوذ، ومسرحًا لاختبار أسلحة.
وهكذا فإن ما بدأ بقنبلة في هيروشيما، يتواصل اليوم في غزة، ويمتد في كل مكان تصله يد السياسة الأمريكية.
هي نار واحدة، تنتقل من قارة إلى أخرى، ومن مدينة إلى مدينة، ولكنها تحمل دائمًا التوقيع نفسه:
“صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لبنان: مصير سلاح حزب الله على طاولة الحكومة.. وقاسم يشترط
بدأت الحكومة اللبنانية، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، جلسة بالقصر الرئاسي في بعبدا، لحسم مصير سلاح "حزب الله" وحصره بيد الدولة، في ظل ضغوط تقودها واشنطن لتحديد جدول زمني لنزع سلاح حزب الله.
اقرأ ايضاًفي ضوء ذلك الاجتماع، علّق الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم بأن الحزب "لا يوافق على أي اتفاق جديد إلا إذا قامت إسرائيل بتنفيذ الاتفاق القديم"، ميدانيا حلّقت مسيّرات إسرائيلية فوق عدد من المناطق جنوب البلاد.
وبحسب الوكالة الوطنية "اللبنانية" للإعلام، فقد ترأس رئيس لبنان جوزيف عون اجتماعا للحكومة الذي سيبحث "بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصرا"، إضافة إلى "البحث في الترتيبات الخاصة بوقف" إطلاق النار الذي أنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وخلال الأيام الماضية، تم تكثيف الاتصالات للتوصل إلى صيغة توافقية بين القوى السياسية كافة لكيفية مقاربة موضوع حصر السلاح بيد الدولة، وقبيل اجتماع اليوم التقى عون رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام.
وفي ضوء الاجتماع، علّق الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم قائلاً إن "الحزب لا يوافق على أي اتفاق جديد وأن على إسرائيل تنفيذ الاتفاق القديم".
ونقلت وكالة الصحافة اللبنانية عن مصدر لبناني -دون الكشف عن هويته- مطلّع على مضمون المباحثات الجارية بشأن هذا الموضوع قوله "تضغط واشنطن على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني".
وبحسب المصدر اللبناني، فإن "حزب الله لن يقدم على تسليم سلاحه بلا مقابل، وهو ما يدركه الجانب الأميركي جيدا"، وفق تعبيره، ودون أن يذكر تفاصيل إضافية عن المقابل.
وفي سياق متصل، نقل تلفزيون المنار التابع لحزب الله عما وصفها بـ"المصادر المطلعة" أن "الطلب الأميركي باختصار هو استسلام لبناني كامل أمام العدو الإسرائيلي، من دون أي ضمانات تلزمه بالتقيد" باتفاق وقف إطلاق النار، مما يوحي بإصرار الحزب على موقفه برفض تسليم سلاحه دون ضمانات أو مقابل.
هذا، ويتمسك حزب الله بانسحاب إسرائيل من 5 نقاط تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة العام الماضي، وأن توقف الضربات التي تنفذها رغم وقف إطلاق النار، وأن تعيد عددا من أسرى الحزب الذين اعتقلتهم خلال الحرب، وبدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، قبل أن يُناقش مصير السلاح.
اقرأ ايضاًوفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، لكن تل أبيب خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أسفر عن 266 قتيلا و563 جريحا، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍّ لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة.
المصدر: وكالات + الجزيرة
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن