الثورة نت:
2025-08-09@03:26:03 GMT

إعادة صناعة الأسطورة الصهيونية

تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT

 

قد نحتاج إلى وقت طويل لنستطيع الحديث عن التفاصيل الحقيقية لهجوم العدو الصهيوني على إيران. ما نمتلكه من معلومات يعتمد في أغلبه على الرواية الصهيونية الأمريكية التي تروّجها وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي ترسم صورة مرعبة لنتائج العدوان من أنه دمّر قدرات الدفاع الجوي الإيراني بالكامل، وأنّ العدو تمكّن من نقل أسلحة إلى الداخل الإيراني واستعملها عملاء العدو في العدوان.

في السياق نفسه تخلّى العدو عن الغموض الذي يحيط به عملياته العسكرية والاستخبارية عادة، ونشر معلومات “مفصّلة” عن العمل الاستخباري والتخريبي الذي قام به عملاء الموساد في الداخل الإيراني.

أضاف التحالف الغربي إلى موجة التبجّح الصهيوني، تصريحات تعبّر عن دعمه الكامل للعدوان سواء بوصف ترامب للعدوان بأنه ممتاز، وأنّ على إيران القبول بالصفقة التي تعرضها الولايات المتحدة فيما يتعلّق بالاتفاق النووي ثمّ الحديث عن استسلام إيراني كامل، وبعكس ذلك فإنّ الاستعدادات لضربات أكثر قسوة جاهزة، في الوقت الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الصهيونية مشاركة طائرات من بريطانيا وفرنسا وأمريكا والأردن بالتصدّي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية وتدميرها قبل وصولها إلى سماء فلسطين.

الصورة كما يرسمها الإعلام الصهيوني والمتصهين، هزيمة نكراء لإيران وتفوّق كامل للعدو الصهيوني. لكن على الأرض يتصاعد الحديث عن فتح الملاجئ ورفع درجات استعداد في الجبهة الداخلية للكيان، ونقل طائرات العدو المدنية إلى قبرص وإغلاق الأجواء الفلسطينية. المطلوب منّا تصديق الروايتين؛ إيران مهزومة لكنها قادرة على تعطيل الحياة داخل الكيان لمدة أطول من المعتاد كما صرّح الإرهابي بنيامين نتنياهو، وتدمير مراكز العدو العسكرية والعلمية.

كما هو واضح حتى اللحظة، الرواية الاستعمارية غير مقنعة رغم تعزيزها بأفلام ومواد وثائقية يسهل تزويرها، وأنّ هدفها هو إعادة صناعة أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” التي تهاوت تحت وطأة ضربات المقاومة منذ عام 2000م وحتى السابع من أكتوبر 2023م، وصور الدمار في المدن الفلسطينية المحتلة. التسرّع في نشر التفاصيل وقبل اتضاح صورة الردّ الإيراني على العدوان إنما يعكس مدى ضرورة استعادة صورة الأسطورة بغضّ النظر عن نتائج المواجهة.

قد يرى البعض أنّ موضوع إعادة صياغة صورة “إسرائيل” كشرطيّ المنطقة أمر ثانوي أمام نتائج المعركة وبشكل خاصّ خسارة محور المقاومة للعديد من القيادات العسكرية والسياسية، وهذا الرأي فيه الكثير من الصواب، إذا كان صادراً عن حرص على المقاومة، وليس حقاً يراد به تسويق باطل التفوّق الصهيوني. الصورة ليست مهمة للعدو فقط، ولكن للعديد من حلفائه في المنطقة الذين خدّروا شعوبهم على مدى 50 عاماً بالحديث عن عجز هذه الأنظمة عن مواجهة التفوّق الصهيوني ـــــ الأمريكي العسكري والاقتصادي. الصورة نفسها استخدمتها الأنظمة الدائرة في الفلك الصهيو ـــــ أمريكي لتبرير ذهابها إلى السلام “المزعوم” مع العدو، ابتداء من جملة الخائن أنور السادات عن امتلاك أمريكا 99% من أوراق اللعبة، وصولاً إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.

“إسرائيل” العاجزة عن فرض شروطها على المقاومة في غزّة بعد 16 سنة من الحصار و20 شهراً من الحرب، والولايات المتحدة التي اضطرت للتراجع أمام الصمود اليمني بعد حرب وحصار سنوات، حاولتا إقناعنا أنّ ضربة واحدة كفيلة بهزيمة دولة بحجم إيران. المشكلة أنّ هناك من شعوبنا من يصدّق هذه الرواية، وهناك من يبحث بكلّ الوسائل عن طريقة لجعل هذه الرواية قابلة للتصديق. أكثر هذه المحاولات شيوعاّ وخباثة هي تلك التي تعمد إلى عقد مقارنة بين ما حدث في إيران وما أصاب حزب الله بعد اغتيال قادته وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله. هذه المقارنة تعتمد على تسويق روايتين استعماريتين، الأولى أنّ دور المقاومة في لبنان بالتصدّي للعدو الصهيوني قد انتهى باستشهاد قيادته، وعليه فإنّ إيران تنتظر المصير نفسه بعد اغتيال أبرز قياداتها العسكرية والعلمية.

ليس المطلوب الدخول في حالة إنكار، فالعدو الذي اختار محور المقاومة التصدّي له، عدو قوي ومتفوّق عسكرياً على جميع خصومه، وهو قادر على توجيه ضربات قوية لخصومه، وهذه الحقيقة يعرفها قادة المحور جيداً، إذ إنهم يواجهون هذا العدو في الميدان ويدركون جيداً قدراته، بما في ذلك احتمال استشهاد قادة المحور، بل وحتى توجيه ضربات قاسية لبنية المحور. هذا ما حدث ويحدث خلال الأشهر الأخيرة، لكنّ العدو نفسه يدرك أنّ الوقت ما زال مبكراً على الاحتفال، لأنه يدرك تماماً أنّ إيران تمتلك من القوة ما يمكّنها من ردّ الصاع صاعين، كما أنّ الصراع ليس ثنائياً بينه وبين إيران، وأنه مهما بلغت قوته لن يستطيع شطب القضية الرئيسة في المنطقة المتمثّلة في وجود الكيان نفسه، وأن تتصدّر إيران اليوم المشروع المضاد لهذا الوجود.

المقاومة لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023م، فالثورة الأولى للشعب الفلسطيني ضدّ وجود الكيان كانت قبل أكثر من 100 عام، ومنذ ذلك التاريخ لم يمرّ يوم من تاريخ الصراع من دون وجود شكل من أشكال المقاومة. الهدف ضرب فكرة الثورة والمقاومة التي تمثّلها إيران، والحديث عن المشروع النووي ليس سوى حجّة فارغة وكاذبة لتبرير العدوان.

إيران لم تهزم، وكلّ المؤشرات تقول إنها لن تهزم أو تخسر دورها كلاعب رئيس في قضايا المنطقة. أمريكا والكيان الصهيوني يبحثان عن حلّ للأزمات التي تعصف بالقوى الاستعمارية نتيجة تصاعد قوة ودور الدول والشعوب الرافضة للهيمنة الاستعمارية.

الردّ العسكري الإيراني مستمرّ، لكنّ الردّ الحقيقي يكون بتعميق التمسّك بفكرة المقاومة، والالتفاف حول القوى التي تتصدّرها، والاستعداد لتقديم التضحيات في سبيلها، ومنطق التاريخ يقول إنّ الشعوب التي امتلكت إرادة المقاومة وقدّمت التضحيات الضرورية تحقّق الانتصار المنشود.

 

 

*كاتب سياسي أردني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

طارق صالح يكشف تفاصيل المخطط الإيراني لنشر الإرهاب عبر السواحل اليمنية من المهرة إلى حجة

أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية، ورئيس مكتبها السياسي، طارق محمد عبدالله صالح، أن قوات المقاومة تمكنت من وضع يدها على "تفاصيل المخطط الإيراني العبثي"، الهادف إلى ضرب أمن اليمن والمنطقة، عبر نشر الفوضى وتهريب السلاح والمخدرات والمعدات العسكرية على امتداد الساحل اليمني من المهرة شرقًا حتى حجة غربًا.

وفي تصريح نشره على منصة "إكس"، قال طارق صالح:

"وضعت المقاومة الوطنية يدها على تفاصيل المخطط الإيراني العبثي لاستهداف أمن اليمن والمنطقة، ونشر الإرهاب على امتداد السواحل اليمنية من المهرة حتى حجة."

وكشف صالح أن طهران قامت بتشكيل خلايا تهريب منظمة، تمكّنت من اختراق أراضٍ لدول شقيقة وصديقة، بغرض تسهيل عمليات الإمداد والدعم العسكري واللوجستي لمليشيا الحوثي في الداخل اليمني، في تجاوز خطير لسيادة هذه الدول ومبادئ حسن الجوار.

>> مهندس التهريب الخفي.. الطالبي واجهة حوثية لمشروع إيراني عابر للحدود

وأكد العميد طارق صالح أن الحكومة الشرعية ستخاطب تلك الدول بـ"الأدلة الدامغة" التي تثبت التورط الإيراني، معربًا عن ثقته بأن الرد سيكون حازمًا من قبل هذه الدول في التصدي للمخططات الإرهابية.

وقال في هذا السياق:

"إيران شكّلت خلايا تهريب اخترقت دولاً شقيقة وصديقة، وسنخاطب هذه الدول بالأدلة الدامغة، وواثقون من أنها ستتصدى لهذه الجهود الإرهابية."

وأشار طارق صالح إلى أن الاعترافات التي أدلى بها أعضاء تلك الخلايا كشفت استغلال إيران لحالة الفقر المدقع في اليمن، لتجنيد الشباب ودفعهم إلى تنفيذ أجندتها التخريبية تحت غطاء "المقاومة" و"التصنيع الحربي"، الذي وصفه بأنه محض كذب ودعاية فارغة يروج لها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.

>>عملية بحرية تاريخية تُسقط أسطورة "التصنيع الحوثي" وتُعرّي التواطؤ الإيراني في اليمن

وأضاف:

"أما الحوثي فقد انكشف زيفه؛ فاعترافات خلايا التهريب تكشف كيف استغلتهم إيران بفقرهم وجوعهم، ليخدموا مشروعها الحربي بالتهريب، أما 'التصنيع الحربي’ فهو كذب عبدالملك."

وأرفق عضو مجلس القيادة الرئاسي تسجيلًا مصورًا تضمن اعترافات صريحة وواضحة من قبل أعضاء خلية تهريب تابعة لميليشيا الحوثي الإيرانية جرى ضبطها مؤخرًا من قبل قوات المقاومة الوطنية أثناء محاولتهم تهريب أسلحة وصواريخ وتجهيزات عسكرية صوب مناطق خاضعة لسيطرة الميليشيات بالساحل الغربي.

ويرى مراقبون أن تصريحات العميد طارق صالح تعكس تحولًا نوعيًا في استراتيجية الشرعية اليمنية، من الاكتفاء برد الفعل إلى انتهاج سياسة "الفضح والتوثيق والتحرك الدبلوماسي"، بالتوازي مع العمل الأمني والعسكري على الأرض.

>> الضربة قبل وصول الشحنة.. استخبارات المقاومة الوطنية ترسم معادلة جديدة في اليمن

كما تشير هذه التصريحات إلى امتلاك المقاومة الوطنية معلومات استخباراتية دقيقة حول مسارات التهريب البحري والشبكات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما قد يمهد لمزيد من التعاون الإقليمي والدولي لكبح جماح التغلغل الإيراني في اليمن.

>> أجهزة لاختراق الهواتف المحمولة.. إرهاب حوثي بتقنيات إسرائيلية

وتُعد هذه الخطوة من أبرز المؤشرات على تصاعد المواجهة مع جماعة الحوثي، التي تعتمد بشكل رئيسي على الإمدادات القادمة من الخارج، عبر شبكات تهريب منظمة تُستخدم فيها السواحل اليمنية كمنصات لإدخال الأسلحة والمتفجرات، رغم الحظر الدولي المفروض على تسليح الحوثيين.

ويأتي هذا التصريح في وقت تتزايد فيه الدعوات لضرورة تكثيف الجهد الدولي في مراقبة الشواطئ اليمنية ووقف تدفق الأسلحة والمخدرات، التي تُستخدم كوسيلة لتمويل الحرب واستدامة الصراع.

>> ضبط أكبر شحنة أسلحة للحوثي.. هلع طهران على آخر أوراقها بالمنطقة

>> جهاز تجسس إسرائيلي وتعاون كيميائي مع إيران.. التصنيع العسكري الحوثي أكذوبة


مقالات مشابهة

  • حماس كسرت الأسطورة وغيّرت الخريطة
  • طارق صالح يكشف تفاصيل المخطط الإيراني لنشر الإرهاب عبر السواحل اليمنية من المهرة إلى حجة
  • حماس: التعذيب بالصعق الكهربائي في السجون الصهيونية جريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية
  • لجان المقاومة في فلسطين : قرار إحتلال غزة يكشف عن الأزمة والعجز السياسي للعدو الصهيوني
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تؤكد أن تهديد العدو الصهيوني باحتلال غزة يكشف عجزاً سياسياً وميدانياً
  • وقفة لأبناء مديرية صنعاء القديمة نصرةً لغزة وتنديداً بالجرائم الصهيونية
  • تفاصيل حول روزبه وادي الذي أعدمته إيران بتهمة التجسس لصالح الموساد
  • الزوجة القاتلة التي أنهت حياة 11 رجلاً.. قصة كلثوم أكبري التي هزت المجتمع الإيراني
  • “حماس” تدعو الامة لتصعيد الفعاليات الجماهيرية ضد الإبادة الصهيونية لغزة
  • قوات العدو الصهيوني تعتقل صحفية شمال الخليل