تمارين السوماتيك حركات هادئة لتعزيز الاسترخاء ومكافحة التوتر
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
في عالم تكاد السرعة تصبح فيه وباء منتشرا، وتساهم بشكل أساسي في تنامي معدلات المعاناة من القلق والاكتئاب، قد يكون من الضروري أن نبدأ في التعامل بلطف مع أنفسنا، واختيار الاعتناء بها بكل الطرق المتاحة.
وفي واحدة من التقنيات التي قد تعيد صلتك بنفسك بشكل آمن وهادئ، ما يُعرف في عالم التعافي والعناية الذاتية باسم "تمارين السوماتيك" أو "التمدد الجسدي" (Somatic Exercise)، والتي تجمع بين تقنيات التواصل مع جسدك وتهدئة الأعصاب والتنفس بعمق في الوقت ذاته.
"تمارين السوماتيك" أو "التمدد الجسدي" هي حركات لطيفة وواعية مصممة لمساعدتك على استعادة التواصل مع جسدك. وهي على عكس برامج اللياقة البدنية التقليدية التي تركز على بناء القوة أو المرونة، تهدف إلى زيادة الوعي الجسدي، وتخفيف التوتر المزمن، وإعادة تدريب الجهاز العصبي على حركة أكثر طبيعية وفعالية.
ويعتقد الخبراء في هذا المجال أن "تمارين السوماتيك" والحركة الطبيعية واللمس والتنفس بعمق وبطء، كلها من العوامل التي يمكن أن تساعد على تحقيق العافية والاسترخاء والحضور.
وتتضمن هذه التمارين أداء الحركات اللطيفة لمجرد الحركة، وليس لرفع معدل ضربات القلب أو التعرُّق أو حرق الدهون، مثل تمارين اليوغا اللطيفة أو الرقص الإيقاعي الهادئ. وطوال التمرين، يُركز الشخص خلاله على تجربته الداخلية ومشاعره أثناء الحركة لاكتشاف المزيد عن جسمه.
التأثير على الجسم والجهاز العصبيمع مرور الوقت، يعتاد الجهاز العصبي على شدّ عضلات معينة والتحرك بأنماط قد تكون غير صحيحة أو ضارة، وذلك نتيجة للتوتر، الصدمات النفسية، التمارين الرياضية، الإصابات، أو تكرار أنشطة يومية معينة.
وعلى الرغم من أن هذه آلية وقائية -حيث تتقلص عضلاتنا أو تصبح مشدودة للغاية حتى لا نطيلها أكثر من اللازم ونسبب لها إصابات- فإنها قد تؤدي في النهاية إلى ألم مزمن وشد ووجع، وهو ما يعانيه الكثير من الناس ويعتبرون أنها آلام غير مفهومة المصدر.
إعلانفي المقابل، فإن "تمارين السوماتيك" تُعلّمك التناغم مع ما يُخبرك به جسمك. وهذا قد يتطلب هدوءا واسترخاء وتركيزا واعيا بالجسم وعملية التنفس.
فهي لا تتطلب أن تشد أي شيء أو تُجبر على حركات كبيرة ومرهقة، ويمكن أن يكون الأمر بسيطًا كإرخاء رأسك للأمام لعدة دقائق وملاحظة تأثير ذلك على عضلات رقبتك. وبمجرد أن تتناغم مع شعور عضلاتك، ستتمكن من شدها وإرخائها بفعالية، لتخفيف التوتر وزيادة المرونة.
وبالرغم من أنه لم تُجرَ أبحاث كثيرة حول الفوائد المباشرة لـ"تمارين السوماتيك" وتأثيراتها على الحركة الجسدية، لكن يؤكد خبراء أن الأشخاص الذين يمارسونها بانتظام يجدون أنها تُحسّن وضعية الجسم، ونطاق الحركة، والتوازن، وتخفف من حدة آلام الجسم المزمنة.
كذلك يمكن أن تكون للتواصل مع الجسم فائدة إضافية تتمثل في زيادة الوعي العاطفي وإعادة ضبط الجهاز العصبي لدى من يعانون من القلق المزمن، إذ يجد العديد من الأشخاص الذين لديهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم الأليمة أنه من الأسهل التعبير عنها من خلال الحركة، ما يمثل طريقة للتنفيس عن المشاعر الصعبة والإحساس بالاسترخاء والهدوء والحضور.
إذا كنت مهتما بممارسة "تمارين السوماتيك" أو التمدد الجسدي، فإليك 4 تمارين سهلة للمبتدئين لتجربتها:
1- تمرين الوقوف: قف مستقيما مع تثبيت قدميك على الأرض، ولاحظ كيفية ثباتهما على الأرض. ثم حاول شد وإرخاء عضلات قدميك. ثم خذ أنفاسا عميقة، ولاحظ كيف تتمدد عضلات بطنك وتنقبض، وكيف تشعر بذلك.
أخيرا، افحص بذهنك شعورك بجسمك من الأعلى إلى الأسفل، ولاحظ كيف تشعر بعضلاتك المختلفة، وحدد أي مناطق توتر أو ألم.
2- إرخاء الرأس: قف مستقيما مع تثبيت قدميك على الأرض، ثم أرخِ رأسك ببطء، واتركه ينزل إلى أقصى حد مريح. ولاحظ كيف تشعر عضلات رقبتك وكيف أثرت هذه الحركة على العضلات والمفاصل والأنسجة المجاورة، مثل عضلات كتفيك وأعلى ظهرك.
حدد المنطقة التي تشعر فيها بالتوتر، مثل مؤخرة رقبتك، وجرّب شعورك بهذا التوتر. لاحظ شعورك بالاسترخاء والحضور أثناء التمدد وإرخاء الرأس للأمام أو اليمين أو اليسار أو الخلف، وحاول تخفيف هذا التوتر.
3- التقوس والتسطيح: إذا كنت تعاني من آلام في الظهر، استلقِ على الأرض وضع قدميك بشكل مسطح على الأرض، مع مباعدة الوركين، وثني الركبتين. ثم خذ نفَسا عميقا، ولاحظ كيف تتحرك عضلات أسفل ظهرك وبطنك أثناء ذلك.
قوّس ظهرك برفق، مع رفع بطنك لأعلى، واضغط عضلات الأرداف وقدميك على الأرض. وابقَ على هذه الوضعية لأطول فترة مريحة لك، ثم أنزل ظهرك ببطء وأفرده على الأرض. وكرر الحركة ببطء شديد، مع فحص عضلات جذعك بحثا عن أي توتر ومحاوله تهدئته.
4- تمرين العضلة الحرقفية القطنية: وهي المجموعة العضلية التي تربط عمودك الفقري بساقيك. وتبدأ بالاستلقاء على ظهرك مع ثني ركبتيك، وقدميك مسطحتين على الأرض. ثم ضع يدك اليمنى خلف رأسك.
ارفع رأسك برفق أثناء رفع ساقك اليمنى في نفس الوقت، مع الحفاظ عليها مثنية، على بُعد حوالي 15 سنتيمترا من الأرض. (يجب أن يبدو هذا كأنك تقوم بتمرين كرانش بجانب واحد فقط من جسمك). ثم افحص عضلات أسفل ظهرك ووركيك وساقيك بحثا عن أي توتر، ولاحظ شعورك به.
إعلانبعدها اخفض ساقك ورأسك برفق. وافعل الشيء نفسه، ولكن هذه المرة مع فرد ساقك قليلًا أثناء الرفع. ثم كرر هذه الحركات ببطء ولطف عدة مرات، ثم كررها على الجانب الآخر.
ولتحقيق المزيد من الاسترخاء والحضور وتفكيك توتر الجسم والعضلات، يمكنك مشاهدة الفيديو التالي لتمرين سوماتيك لكامل أجزاء الجسم، والذي يمكن حتى للمبتدئين تنفيذه بسهولة، مع مراعاة التنفس بعمق والتركيز بهدوء أثناء ذلك على الإحساس بالجسم والعضلات.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
اكتشاف جين يستفزّه التوتر ويسبب داء السكري
حدد باحثون جينا يؤدّي تنشيطه بفعل التوتر إلى إتلاف خلايا بيتا البنكرياسية، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين والتحكم في سكر الدم، مما يؤدي إلى خلل في وظيفتها.
ويفتح اكتشاف هذا الجين آفاقا جديدة للتشخيص المبكر وعلاج مرض السكري من النوع الثاني، ويأمل الباحثون أن يمهد الطريق لتطوير أدوية جديدة تستهدف هذا المرض.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة أوساكا متروبوليتان في اليابان، ونشرت نتائجها في مجلة الكيمياء الحيوية (Journal of Biological Chemistry) يوم 21 مايو/ أيار الماضي وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
يلعب نمط الحياة، وخاصة النظام الغذائي، دورا رئيسيا في ظهور مرض السكري من النوع الثاني، وللجينات دور مهم أيضا، ولكن عادات الأكل السيئة يمكن أن تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بما يسمَّى الآن "الوباء الصامت".
يقول ناوكي هارادا، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا للزراعة بجامعة أوساكا متروبوليتان والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة، "يحدث داء السكري من النوع الثاني عندما تتضرر خلايا بيتا البنكرياسية، التي تفرز الإنسولين لتنظيم مستوى السكر في الدم، بسبب الإجهاد المطول الناجم عن العادات الغذائية السيئة، وهي حالة تعرف باسم الإجهاد التأكسدي".
للإجابة على هذا السؤال، لجأ الفريق إلى دراسة جين يستجيب للإجهاد يسمى "آر إي دي دي 2" (REDD2).
تنشط هذه الأنواع من الجينات عندما تتعرض الخلايا للضغط، وتساعد هذه الجيناتُ الخلايا في إستراتيجيات التكيف مع الإجهاد، إلا أن هذا قد يأتي بنتائج عكسية في بعض الأحيان.
ويقول هارادا "لاحظنا أن زيادة التعبير عن هذا الجين تلحق الضرر بخلايا بيتا، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض إفراز الإنسولين وظهور مرض السكري".
ووجد الفريق أن نشاط "آر إي دي دي 2" ارتفع بشكل كبير عندما تعرضت خلايا بيتا لمستويات عالية من الغلوكوز (سكر الدم) والأحماض الدهنية ومادة "ستربتوزوتوسين" (streptozotocin)، وهي مادة كيميائية تستخدم عادة لنمذجة مرض السكري في المختبر، وعند تثبيط مستويات "آر إي دي دي 2" نجت خلايا بيتا بشكل أفضل واحتفظت بوظيفتها، في المقابل أدى فرط نشاط "آر إي دي دي 2" إلى زيادة موت الخلايا وتعطيل مسار نمو خلوي رئيسي.
إعلانأظهرت تجارب أخرى على الخلايا وفئران المختبر التي تعاني من نقص "آر إي دي دي 2″ أنها تتمتع بتحكم أفضل في نسبة السكر في الدم عند اتباع نظام غذائي غني بالدهون أو تعرضها لمواد كيميائية مسببة لمرض السكري، كما امتلكت هذه الفئران أعدادا أكبر من خلايا بيتا السليمة وأنتجت المزيد من الإنسولين.
يدعم تحليل بيانات جزر البنكرياس البشرية الآثار السلبية لـ"آر إي دي دي 2" على كتلة خلايا بيتا وقدرتها على إفراز الإنسولين.
قال هارادا "وجدنا أن تثبيط تعبير آر إي دي دي 2 يحمي خلايا بيتا من التلف حتى تحت ضغط الإفراط في تناول الطعام، مما يمنع ظهور مرض السكري".