لجريدة عمان:
2025-08-17@01:56:48 GMT

قمة ألاسكا.. بين الرمزية والأمل

تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT

قمة ألاسكا.. بين الرمزية والأمل

أكثر وصف يمكن أن توصف به القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي ترامب بالرئيس الروسي بوتين هو أنها قمة «رمزية» تختبر ما بقي من النظام العالمي.

فرغم أن القمة لم تُفضِ إلى وقف إطلاق نار كما كان يسعى ترامب، إلا أن قوة رمزيتها تكمن في إعادة طرح خيار السلام على طاولة النقاش بعد أن غلب عليها ضجيج المدافع.

لقد دخل الطرفان اللقاء بغايات مختلفة.

. بوتين سعى إلى كسر طوق العزلة الدولية واستعادة صورته كزعيم قادر على الجلوس مع أقوى رئيس في العالم والتفاوض من موقع ندّية. أما ترامب فحاول أن يقدم نفسه كصانع صفقات، قادر على فتح أبواب الحوار بعد سنوات من القطيعة، ومؤهل لإعادة صياغة قواعد اللعبة بين القوى الكبرى. لكن حصيلة الساعات الثلاث لم تتجاوز وعودا فضفاضة، وحديثا عاما عن «ضرورة إنهاء الحرب»، دون أن يتجسد ذلك في خطة عمل واضحة.

مع ذلك، لا يمكن اختزال القمة في مقولة «الفشل التكتيكي». فالسياسة الدولية لا تُقاس، في العادة، بما يقال في البيانات الختامية وحدها، ولكن بما قد تفتحه اللقاءات من نوافذ محتملة يمكن أن تساهم بصناعة الاختراق المنتظر في عمق الحرب. وجلوس بوتين مع ترامب على طاولة واحدة، بعد سنوات من القطيعة والعقوبات والاتهامات، من شأنه أن يكشف أن أطراف الحرب ـ ولو بشكل غير مباشرة ـ بدأت تدرك أن الاستنزاف طويل الأمد لن يؤدي إلى حسم عسكري، بل إلى إطالة النزيف وفتح أبواب الفوضى.

وما يلفت الانتباه هو أن كلفة الحرب لم تعد أوكرانية فقط؛ أوروبا، أيضا، تواجه تحديات الطاقة والتضخم وتراجع الثقة الشعبية في مؤسساتها. الاقتصاد العالمي، هو الآخر، يدفع ثمن الانقطاع في سلاسل الإمداد المعتادة، وتقلبات أسعار الحبوب، والارتباك في أسواق النفط والغاز. أما دول الجنوب العالمي، من إفريقيا إلى الشرق الأوسط، فقد وجدت نفسها في مواجهة أزمة غذاء متفاقمة تذكر بمآسي الحروب الكبرى في القرن العشرين. كل ذلك يجعل من وقف الحرب ضرورة استراتيجية لإنقاذ النظام الدولي من التآكل المستمر.

ورغم أن القمة بدت أقرب إلى استعراض للنيات منها إلى مفاوضات جدية، لكنها تكشف أيضا عن ملامح معادلة جديدة؛ فبوتين، وهو يطرح نفسه «شريكا محاورا»، حصل على مكسب سياسي يتمثل في إعادة إدماجه « ولو رمزيا » في مشهد العلاقات الدولية. أما ترامب فقد خرج بصورة من يعيد رسم خطوط التواصل، وإن من دون نتائج ملموسة. في المقابل، بقيت أوكرانيا على الهامش، مهددة بأن تُطلب منها أثمان قاسية مقابل أي تسوية محتملة.

لكن المسألة الأهم هي أن القمة تطرح سؤالًا تتجاوز دلالته اللحظة الراهنة وهو كيف يمكن للعالم أن يتعامل مع الحروب الممتدة التي لا تنتهي بنصر ولا هزيمة؟ تجربة أوكرانيا تكشف أن الحرب، حين تطول، تتحول إلى عبء وجودي على جميع الأطراف: على المجتمع الذي يعيش تحت القصف، وعلى الاقتصاديات التي تتآكل، وعلى المؤسسات الدولية التي تفقد هيبتها. وهنا يمكن الحديث عن قيمة «السلام الممكن» وليس «السلام الكامل» من أجل المزيد من الممرات الإنسانية وعمليات الإغاثة وفتح نوافذ من أجل المزيد من التنفس.

قد لا يبدو أن بمقدور قمة ألاسكا تغيير مسار الحرب كما كان يأمل البعض لكنها ستذكر العالم بأن البديل عن الحوار هو المزيد من العنف. ولعل أعظم ما يحتاجه النظام الدولي اليوم يتمثل في بناء إدراك مشترك بأن كلفة الحرب صارت أثقل من أي مكسب إقليمي أو سياسي.. واستمرار الحرب الأوكرانية لن يضعفها وحدها، ولكنه سيستمر في إضعاف النظام الدولي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ترامب وبوتين.. تقرير يتحدث عن 4 نتائج محتملة لقمة ألاسكا

وصفت واشنطن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، الجمعة، بأنه "تمرين استماع"، وسط مؤشرات على أنه لن يسفر عن وقف فوري للقتال في أوكرانيا، لكنه قد يفتح الباب لتحولات دبلوماسية واسعة.

القمة، التي تُعقد في قاعدة إلمندورف–ريتشاردسون العسكرية، ستشهد حضور شخصيات بارزة في الوفد الروسي، بينهم وزراء الخارجية والدفاع والمالية، إلى جانب رئيس صندوق الثروة السيادي.

ووفق الكرملين، ستتناول المباحثات الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى ملفات التجارة والتعاون الاقتصادي والأمن العالمي.

وبحسب ما نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية فإن هناك 4 مسارات محتملة لنتائج القمة التي تجمع بين ترامب وبوتين.

تراجع الدور الأوروبي

يرى خبراء أن القمة تكشف اعتماد أوروبا على الضمانات الأمنية الأميركية، في وقت تجد فيه الدول الأوروبية نفسها في موقع رد الفعل على تحركات ترامب بدل قيادة المبادرات لإنهاء الحرب.

وأشار رفائيل لوس، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن "حلفاء كييف عالقون في نمط يتجاوبون فيه مع تحركات ترامب بدلا من تشكيل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب".

وذكر أن "هذا يظهر اعتماد أوروبا على الضمانات الأمنية الأميركية والعلاقات التجارية المواتية، وأن الاتحاد الأوروبي سيكون من المستحيل عليه تحدي أي اتفاق أميركي-روسي خشية فقدان الدعم الأميركي".

وأوضحت الصحيفة أنه: "بعد القمة، على قادة أوروبا وأوكرانيا الاستعداد لرغبة ترامب في تطبيع العلاقات مع روسيا، ولإبقاء بوتين ترامب في دائرة وعود غامضة".

إنهاء عزلة بوتين

تعد الزيارة أول ظهور لبوتين في الولايات المتحدة منذ عقد، ما يمنحه مكسبا سياسيا كبيرا رغم مذكرة التوقيف الدولية بحقه.

ونقلت "نيوزويك" عن أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال ريتشارد بورتس، قوله  إن الصورة "رائعة" لبوتين، حيث يتم الترحيب به في الولايات المتحدة رغم كونه "مجرم حرب دولي"، في إشارة لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية التي لا تعترف بها واشنطن.

كما ترى يانا كوبزوفا من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الاجتماع يعني فعليا نهاية عزلة بوتين الدولية وحصوله على قمة مع الرئيس الأميركي دون تقديم أي تنازلات.

وأضافت فاليري سبيرلينغ من جامعة كلارك أن بوتين قد يخرج مستفيدًا من القمة مهما كانت نتائجها، ويمكنه تصوير رفض زيلينسكي لأي تنازلات على أنه عدم تعاون.

تحييد الموقف الأميركي

وقالت كوبزوفا إن النتيجة الأكثر تفضيلا لروسيا ستكون "تحييد" الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، مع تقليل مشاركتها في الجهود لإنهاء الحرب ووقف المساعدات العسكرية لكييف.

وذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" أن ترامب قد يعرض حوافز اقتصادية على بوتين، بما في ذلك فتح الوصول إلى الموارد الطبيعية قبالة سواحل ألاسكا، وهو ما لم يتم تأكيده.

كما تشمل فرص الأعمال معادن في الأراضي الأوكرانية المحتلة ورفع العقوبات الأميركية عن صناعة الطيران الروسية، وفقًا للصحيفة.

لا وقف للحرب

ترامب أشار إلى أن اتفاقا نهائيا يتطلب اجتماعا لاحقا يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما ترفض كييف أي تنازل عن أراض لصالح موسكو.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه لن يصدر بيان مشترك بعد القمة، وأكد ترامب أن اجتماعًا آخر يضم زيلينسكي سيكون ضروريا قبل أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأشار ترامب إلى إمكانية "تبادل أراض" لصالح الطرفين مقابل وقف إطلاق النار، وهو ما ترفضه كييف باعتباره مخالفا لدستورها.

وقال فوك فوكسانوفيتش من كلية لندن للاقتصاد إن روسيا لا تملك حوافز للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو التنازل عن مطالبها الأساسية، وتعتقد أن وضعها الميداني يتحسن مع الوقت.

قال الخبير الاقتصادي كونستانتين سونين من جامعة شيكاغو إن القمة غير مرجح أن تسفر عن نتائج ملموسة، لأن "بوتين لن يقلل من مطالبه، وزيلينسكي في موقف صعب، وإذا تخلت أوكرانيا عن دفاعاتها فسيهاجم بوتين مجددا".

القمة تتضمن جلسة مغلقة بين الرئيسين، يعقبها اجتماع موسع، ثم إفطار عمل، على أن تختتم بمؤتمر صحفي مشترك.

مقالات مشابهة

  • غضب أميركي تجاه ترامب.. بوتين خرج من "قمة ألاسكا" منتصرا
  • قمة ألاسكا تكسر “عزلة” بوتين على الساحة الدبلوماسية الدولية
  • قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. لا اتفاق حول أوكرانيا وابتسامة موسكو أوسع
  • قمة ألاسكا بلا اتفاق نهائي… ترامب يمنح اللقاء 10 من 10 وبوتين يصف المحادثات بالبنّاءة
  • قمة ترامب ـ بوتين في ألاسكا.. لا اتفاق حول أوكرانيا وابتسامة موسكو أوسع
  • انطلاق قمة ترامب وبوتين في ألاسكا
  • قمة ألاسكا| مواجهة أمريكية روسية على حافة إعادة رسم خريطة العالم
  • ترامب وبوتين.. تقرير يتحدث عن 4 نتائج محتملة لقمة ألاسكا
  • قمة ألاسكا.. ما المساحة التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا ؟