البلاد (كييف)
في تصعيد غير مسبوق منذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف قبل أكثر من ثلاث سنوات، شنت القوات الروسية خلال الساعات الماضية أكبر هجوم جوي على الأراضي الأوكرانية، ما ألقى بظلال قاتمة على جهود السلام، التي كانت قد بدأت في التحرك ببطء خلال الفترة الماضية.
وأكدت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت فجر أمس (الأحد)، أكثر من 500 سلاح جوي على الأراضي الأوكرانية؛ من بينها 477 طائرة مسيرة، وطائرات خداعية، بالإضافة إلى 60 صاروخاً باليستياً وعابراً.

وأوضحت أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تمكنت من إسقاط 249 طائرة مسيرة، في حين يُرجح أن بقية الطائرات فقدت بفعل أنظمة الحرب الإلكترونية.

وقال رئيس قسم الاتصالات في القوات الجوية الأوكرانية يوري إهنات، إن الهجوم الجوي الروسي الأخير يُعد “الأضخم على الإطلاق” منذ بداية الحرب في فبراير 2022، مشيراً إلى أنه استهدف مناطق واسعة في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك مناطق بعيدة عن خطوط الجبهة في غرب أوكرانيا.
الهجوم الجوي الذي وصفه المسؤولون الأوكرانيون بأنه “غير مسبوق”، يأتي في سياق حملة عسكرية روسية تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى تزايد الضغط العسكري على القوات الأوكرانية، وإثارة المخاوف من موجة دمار جديدة تطال البنية التحتية المدنية والعسكرية على حد سواء.
ورغم الضربات الجوية المكثفة، لا تزال كييف تتلقى دعماً عسكرياً غربياً متواصلاً، في وقت يعكف فيه الطرفان على تقييم ميداني مستمر لما آلت إليه الأوضاع على الأرض.
وفي خضم التصعيد العسكري، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد بلاده للدخول في جولة جديدة من محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول. وخلال مؤتمر صحفي عقده في مينسك، العاصمة البيلاروسية، أعرب بوتين عن تقديره للجهود التركية، مشيراً إلى أن مذكرات التفاهم بين موسكو وكييف ستكون على رأس جدول المفاوضات المحتملة.
وكان الجانبان قد عقدا جولتين من المحادثات في إسطنبول في وقت سابق من الحرب، لكن دون أن تفضي تلك الجلسات إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار.
وفي جانب آخر من المشهد، جددت روسيا رفضها للضغوط الأوروبية المستندة إلى العقوبات الاقتصادية، مؤكدة أن هذه الإجراءات لن تدفعها إلى طاولة المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إن تشديد العقوبات الأوروبية لن يؤثر على موقف موسكو التفاوضي، واصفاً العقوبات بأنها “غير قانونية” و”سلاح ذو حدين”، محذراً من أن العقوبات الأشد ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية سلبية على أوروبا نفسها.
وأضاف بيسكوف أن روسيا أصبحت أكثر قدرة على مقاومة العقوبات الغربية، مستبعداً أن تتمكن أوروبا من تحقيق أهدافها السياسية من خلال الضغوط الاقتصادية.
ورغم تضرر روسيا من موجات العقوبات التي فُرضت عليها منذ اندلاع الحرب في 2022، فإن الاقتصاد الروسي أظهر مرونة واضحة خلال عامي 2023 و2024، في حين لم تحقق العقوبات الغربية النتائج المرجوة في كبح قدرات موسكو العسكرية والاقتصادية.
وفي العاشر من يونيو الجاري، اقترحت المفوضية الأوروبية حزمة جديدة من العقوبات تستهدف القطاعات الحيوية للاقتصاد الروسي، بما في ذلك عائدات الطاقة والبنوك والمؤسسات العسكرية. غير أن الولايات المتحدة لا تزال تتردد في تشديد عقوباتها الخاصة على موسكو حتى الآن.
وتأمل أوروبا أن تؤدي جولات العقوبات المتتالية إلى إجبار الكرملين على تغيير استراتيجيته تجاه أوكرانيا، إلا أن التصريحات الروسية الأخيرة تؤكد أن موسكو مستمرة في مقاومة هذه الضغوط، وأن قرار إنهاء الحرب لن يكون نتاج العقوبات، بل رهين بحسابات ميدانية وسياسية معقدة.
ومع استمرار أعنف هجوم جوي منذ بداية النزاع، وتبادل الرسائل الصارمة بين موسكو وأوروبا، يبدو أن مستقبل الحرب لا يزال غامضاً. فبينما يدفع الرئيس الروسي باتجاه محادثات جديدة في إسطنبول، تتواصل الضغوط العسكرية والاقتصادية على الأرض بوتيرة متسارعة، ما يجعل مسار التصعيد أكثر ترجيحاً من التهدئة في المدى القريب.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

روسيا تحقق أكبر تقدم في أوكرانيا منذ أكثر من عام

حقق الجيش الروسي، الثلاثاء، أكبر تقدم له خلال 24 ساعة في الأراضي الأوكرانية منذ أكثر من عام، فيما يتسارع تقدمه منذ أسابيع، وفق تحليل لبيانات معهد دراسات الحرب الأميركي.
وقبيل القمة المنتظرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، في ألاسكا، تقدمت القوات الروسية أو سيطرت على أكثر من 110 كيلومترات مربعة إضافية في 12 أغسطس مقارنة باليوم السابق، في تقدم لم يُسجَّل منذ أواخر مايو عام 2024.
وفي الأسابيع الأخيرة، كان يستغرق تحقيق هذا القدر من التقدم ستة أيام.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، تقدم "مجموعات" من الجنود الروس لمسافة تقارب 10 كيلومترات في بعض قطاعات الجبهة في شرق البلاد.
وتشهد منطقة دونيتسك (شرق) معارك بين الروس والأوكرانيين منذ العامين الماضيين. وبحلول العام الحالي، حققت روسيا 70% من تقدمها في أوكرانيا في هذا الجزء من الجبهة.
وحتى 12 أغسطس، باتت القوات الروسية تسيطر فعلياً على 79% منها، مقابل 62% قبل عام.
ومنذ أكثر من عام ونصف العام، تحاول روسيا السيطرة على مدينة بوكروفسك بعد سيطرتها على باخموت في مايو 2023. كما يهدد تقدمها بلدة دوبروبيليا.
ومن شأن هذا التقدم أن يهدد آخر مدينتين رئيسيتين تسيطر عليهما كييف في المنطقة، سلوفيانسك وكراماتورسك، اللتين تُعدّان قاعدتين استراتيجيتين للجيش الأوكراني.
ومنذ أبريل، يحقق الجيش الروسي مكاسب بوتيرة أسرع من الشهر السابق.
وحتى أمس 12 أغسطس، استولت على 6100 كيلومتر مربع خلال الـ365 يوماً الماضية، أي أربعة أضعاف المساحة التي سيطرت عليها في 365 يوماً السابقة.
ومع ذلك، لا يمثل هذا سوى 1% من أراضي أوكرانيا قبل بدء الأزمة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ودونباس.
وتسيطر روسيا حالياً بشكل كامل أو جزئي على 19% من الأراضي الأوكرانية.

أخبار ذات صلة سعود بن صقر يستقبل سفير أوكرانيا بوتين وكيم يتعهدان خلال مكالمة هاتفية "تعزيز التعاون" الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • قمة ألاسكا .. ترامب وبوتين أمام لحظة الحسم الأوكرانية.. موسكو تتقدم في دونيتسك وتربك الحسابات
  • تقدر بالمليارات.. كيف استمرت معاملات أمريكا وأوروبا التجارية مع روسيا رغم حرب أوكرانيا؟
  • خطوة أمريكية إيجابية تجاه موسكو قبيل قمة ترامب وبوتين
  • عراقجي: نعمل مع روسيا والصين لوقف العقوبات الأوروبية
  • قمة ألاسكا.. ما المساحة التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا ؟
  • روسيا: إصابة 3 أشخاص في هجوم بمسيرات أوكرانية
  • نائب إيراني يلوّح بالانسحاب من معاهدة حظر الأسلحة.. تصعيد متبادل بين طهران وأوروبا حول النووي
  • ترمب يهدد روسيا بعواقب وخيمة جدا إذا لم تنهِ الحرب في أوكرانيا
  • عاجل: ترامب يهدد روسيا بـ"عواقب وخيمة" إذا لم تنه الحرب في أوكرانيا
  • روسيا تحقق أكبر تقدم في أوكرانيا منذ أكثر من عام