تصعيد متبادل بين العقوبات والمواقف السياسية.. روسيا تشن أعنف هجوم جوي على أوكرانيا
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
البلاد (كييف)
في تصعيد غير مسبوق منذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف قبل أكثر من ثلاث سنوات، شنت القوات الروسية خلال الساعات الماضية أكبر هجوم جوي على الأراضي الأوكرانية، ما ألقى بظلال قاتمة على جهود السلام، التي كانت قد بدأت في التحرك ببطء خلال الفترة الماضية.
وأكدت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت فجر أمس (الأحد)، أكثر من 500 سلاح جوي على الأراضي الأوكرانية؛ من بينها 477 طائرة مسيرة، وطائرات خداعية، بالإضافة إلى 60 صاروخاً باليستياً وعابراً.
وقال رئيس قسم الاتصالات في القوات الجوية الأوكرانية يوري إهنات، إن الهجوم الجوي الروسي الأخير يُعد “الأضخم على الإطلاق” منذ بداية الحرب في فبراير 2022، مشيراً إلى أنه استهدف مناطق واسعة في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك مناطق بعيدة عن خطوط الجبهة في غرب أوكرانيا.
الهجوم الجوي الذي وصفه المسؤولون الأوكرانيون بأنه “غير مسبوق”، يأتي في سياق حملة عسكرية روسية تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى تزايد الضغط العسكري على القوات الأوكرانية، وإثارة المخاوف من موجة دمار جديدة تطال البنية التحتية المدنية والعسكرية على حد سواء.
ورغم الضربات الجوية المكثفة، لا تزال كييف تتلقى دعماً عسكرياً غربياً متواصلاً، في وقت يعكف فيه الطرفان على تقييم ميداني مستمر لما آلت إليه الأوضاع على الأرض.
وفي خضم التصعيد العسكري، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد بلاده للدخول في جولة جديدة من محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول. وخلال مؤتمر صحفي عقده في مينسك، العاصمة البيلاروسية، أعرب بوتين عن تقديره للجهود التركية، مشيراً إلى أن مذكرات التفاهم بين موسكو وكييف ستكون على رأس جدول المفاوضات المحتملة.
وكان الجانبان قد عقدا جولتين من المحادثات في إسطنبول في وقت سابق من الحرب، لكن دون أن تفضي تلك الجلسات إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار.
وفي جانب آخر من المشهد، جددت روسيا رفضها للضغوط الأوروبية المستندة إلى العقوبات الاقتصادية، مؤكدة أن هذه الإجراءات لن تدفعها إلى طاولة المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إن تشديد العقوبات الأوروبية لن يؤثر على موقف موسكو التفاوضي، واصفاً العقوبات بأنها “غير قانونية” و”سلاح ذو حدين”، محذراً من أن العقوبات الأشد ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية سلبية على أوروبا نفسها.
وأضاف بيسكوف أن روسيا أصبحت أكثر قدرة على مقاومة العقوبات الغربية، مستبعداً أن تتمكن أوروبا من تحقيق أهدافها السياسية من خلال الضغوط الاقتصادية.
ورغم تضرر روسيا من موجات العقوبات التي فُرضت عليها منذ اندلاع الحرب في 2022، فإن الاقتصاد الروسي أظهر مرونة واضحة خلال عامي 2023 و2024، في حين لم تحقق العقوبات الغربية النتائج المرجوة في كبح قدرات موسكو العسكرية والاقتصادية.
وفي العاشر من يونيو الجاري، اقترحت المفوضية الأوروبية حزمة جديدة من العقوبات تستهدف القطاعات الحيوية للاقتصاد الروسي، بما في ذلك عائدات الطاقة والبنوك والمؤسسات العسكرية. غير أن الولايات المتحدة لا تزال تتردد في تشديد عقوباتها الخاصة على موسكو حتى الآن.
وتأمل أوروبا أن تؤدي جولات العقوبات المتتالية إلى إجبار الكرملين على تغيير استراتيجيته تجاه أوكرانيا، إلا أن التصريحات الروسية الأخيرة تؤكد أن موسكو مستمرة في مقاومة هذه الضغوط، وأن قرار إنهاء الحرب لن يكون نتاج العقوبات، بل رهين بحسابات ميدانية وسياسية معقدة.
ومع استمرار أعنف هجوم جوي منذ بداية النزاع، وتبادل الرسائل الصارمة بين موسكو وأوروبا، يبدو أن مستقبل الحرب لا يزال غامضاً. فبينما يدفع الرئيس الروسي باتجاه محادثات جديدة في إسطنبول، تتواصل الضغوط العسكرية والاقتصادية على الأرض بوتيرة متسارعة، ما يجعل مسار التصعيد أكثر ترجيحاً من التهدئة في المدى القريب.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
هجوم أوكراني واسع يستهدف العمق الروسي وموسكو تعلن إسقاط 251 طائرة بدون طيار
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الثلاثاء، أن دفاعاتها الجوية أسقطت ما يقرب من 200 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الثانية على التوالي من الهجمات الجوية المكثفة التي استهدفت مناطق داخل عمق الأراضي الروسية.
ضربات بالطائرات المسيرة تصل إلى نيجني نوفغورود
وفي تطور لافت، شهدت منطقة نيجني نوفغورود الواقعة شرق موسكو، استهدافاً واسعاً بالطائرات بدون طيار.
وصرح حاكم المنطقة، غليب نيكيتين، أن الدفاعات الجوية أسقطت نحو 30 طائرة مسيرة فوق "منطقة صناعية" في بلدة دزيرجينسك، مشيراً إلى أن بعض الحطام سقط على مبانٍ تابعة لإحدى الشركات دون أن يتسبب بأضرار جسيمة للبنية التحتية.
وكان نيكيتين قد أبلغ في وقت سابق عن هجوم مشابه شمل 20 طائرة مسيرة.
استهداف منشأة لتصنيع المتفجرات
من جانبها، أعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أن طائراتها المسيرة استهدفت مصنعًا للمتفجرات قرب دزيرجينسك. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر استخباراتية أوكرانية ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي، أن المصنع يعد المنتج الرئيسي الوحيد في روسيا لمادتي RDX وHMX شديدة الانفجار.
أضرار في فورونيج وبيلغورود
وفي منطقة فورونيج، الواقعة جنوب غربي روسيا، قال الحاكم ألكسندر جوسيف إن حطام 17 طائرة مسيرة أسقطت فوق المنطقة، مما تسبب في أضرار طفيفة شملت تحطم نوافذ إحدى محطات التدفئة المحلية.
وفي تصعيد خطير، أعلنت شركة "روس إنرغوتوم" المشغلة لمحطات الطاقة النووية الروسية، أن طائرة مسيرة أوكرانية اصطدمت بأحد أبراج التبريد في محطة نوفوفورونيج النووية. وأكدت الشركة أن الحادث لم يؤثر على عمل المحطة، التي واصلت تشغيلها بشكل طبيعي.
أما في منطقة بيلغورود المحاذية للحدود الأوكرانية، فقد أسفرت الهجمات عن انقطاع الكهرباء عن نحو ألف شخص، بحسب ما أفاد به الحاكم فياتشيسلاف جلادكوف. وأضاف أن هجومًا صاروخيًا أودى بحياة شخصين، أحدهما كان ضمن فرق العمل التي تسعى لإعادة التيار الكهربائي.
إجمالي الطائرات المسقطة يتجاوز 250
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها اعترضت خلال ليلة الثلاثاء 31 طائرة مسيّرة فوق بيلغورود، و18 طائرة فوق فورونيج. وبعد إعلانها في وقت سابق عن إسقاط 184 طائرة، أوضحت الوزارة أن دفاعاتها الجوية تمكنت من إسقاط 34 طائرة إضافية صباح الثلاثاء، ليرتفع إجمالي الطائرات المسقطة خلال 24 ساعة إلى 251.
وتعد هذه الهجمات من بين أكبر عمليات التوغل الجوي عبر الطائرات المسيّرة التي تنفذها أوكرانيا منذ بداية النزاع، في إشارة واضحة إلى تصعيد كبير في استخدام هذا النوع من الأسلحة ضد أهداف في العمق الروسي.