روسيا تضرب دنيبرو بعنف… هجوم جديد يعيد الحرب الأوكرانية لنقطة الاشتعال
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
#ارتفاع الضحايا إلى 4 قتلى وعشرات الجرحى في قصف روسي مفاجئ#استهداف مباشر للبِنية المدنية وسط مخاوف من تصعيد أكبر في الأيام المقبلة#فرق الإنقاذ تبحث بين الأنقاض… وأوكرانيا تتهم موسكو بمحاولة “كسر صمود الجبهة الداخلية” ضربت روسيا مدينة دنيبرو الأوكرانية في هجوم وُصف بأنه واحد من أعنف الضربات التي شهدتها المدينة في الأسابيع الأخيرة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرات المدنيين.
بحسب السلطات المحلية، استهدفت الصواريخ الروسية مواقع مدنية في قلب دنيبرو، ما أدى إلى تدمير مبانٍ سكنية، وتضرر منشآت خدمية، وانقطاع الكهرباء في أجزاء من المدينة. الانفجارات سُمعت على نطاق واسع، وتسببت في حالة هلع بين السكان الذين اندفعوا إلى الملاجئ.
الهجوم جاء في لحظة حساسة للغاية، إذ تشهد الجبهات الشرقية اشتباكات متصاعدة، فيما تحاول موسكو تعديل ميزان القوة ميدانيًا قبل أية تغييرات سياسية أو تفاوضية محتملة.
ما زاد من تعقيد المشهد هو أن الهجوم لم يحمل مؤشرات على استهداف منشآت عسكرية واضحة، بل كان موجّهًا نحو مناطق مدنية تضم عائلات وأطفالًا.
عمليات إنقاذ معقدة تحت الأنقاضفي أعقاب القصف، تحركت فرق الإطفاء والإنقاذ إلى موقع الهجوم وسط دمار كبير جعل الوصول إلى الضحايا أكثر صعوبة. بعض الأشخاص ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض، بينما يعاني الجرحى من إصابات متفاوتة، بينهم حالات خطيرة.
المشاهد على الأرض تُظهر حجم الرعب؛ سيارات محطمة، واجهات مبانٍ منهارة، وألسنة لهب ما زالت تتصاعد من بقايا المنازل. كثير من السكان وقفوا بلا حول ولا قوة أمام بقايا ممتلكاتهم، بينما تحاول فرق الطوارئ السيطرة على النيران وإزالة الركام.
تصعيد روسي أم رسالة سياسية؟الهجوم أعاد طرح السؤال الأهم: هل تتحضر موسكو لمرحلة جديدة من التصعيد؟ مراقبون يرون أن الضربة ليست حادثًا منفردًا، بل تأتي ضمن نمط متكرر يعتمد على الضغط المباشر على المدن الكبرى وخلق حالة إنهاك داخلية للجانب الأوكراني.
في المقابل، أكدت كييف أن الضربة محاولة يائسة لدفع المدنيين نحو الخوف والاستسلام، مشيرة إلى أن روسيا تستغل الفراغ اللحظي في القدرات الدفاعية لبعض المدن، في ظل استمرار الاحتياجات الملحّة للدعم الجوي والدفاعي من الدول الغربية.
دنيبرو… المدينة الصامدة تحت النارلم تكن دنيبرو لأول مرة في مرمى الصواريخ، فهي من المدن التي تحمل عبء الحرب منذ بدايتها، باعتبارها حلقة وصل مهمة بين الشرق والوسط الأوكراني. ومع ذلك، يبدو أن الهجوم الأخير ضرب معنويات السكان بقوة، خصوصًا مع تكرار الضربات العشوائية على المراكز المدنية.
عدد من شهود العيان تحدثوا عن لحظة الانفجار وكيف اهتزت الأرض تحت أقدامهم، وأن موجة الضغط الناتجة عن الصاروخ كانت كافية لتحطيم النوافذ في محيط واسع. البعض وصف المشهد بأنه “أسوأ من أي هجوم سابق”.
ردود فعل دولية مرتقبةمن المتوقع أن تثير الضربة ردود فعل دولية، خصوصًا أن الهجوم يأتي في ظل تحركات دبلوماسية حساسة تتعلق بمستقبل الحرب، ومحاولات غربية لإعادة فتح قنوات اتصال مع موسكو. لكن الهجمات التي تستهدف المدنيين دائمًا ما تعرقل مثل هذه المسارات وتعيد الأجواء إلى التوتر.
الشارع الأوكراني بين الغضب والصلابةرغم فقدان الأرواح وحجم الدمار، برزت مشاهد التضامن بين سكان دنيبرو والعائلات ساعدت بعضها البعض في الخروج من الأبنية المحطمة، وتطوع سكان قريبون لتوفير الغذاء والبطانيات للنازحين مؤقتًا.
لكن الخوف من هجمات جديدة يسيطر على الجميع، خصوصًا بعد تحذيرات السلطات الأوكرانية من أن الأيام المقبلة قد تشهد موجة قصف جديدة مع اشتداد المعارك على الجبهات الشرقية.
الحرب مستمرة… والبوصلة نحو مزيد من التصعيدلا مؤشرات على تهدئة قريبة. الهجوم الأخير قد يكون جزءًا من سلسلة أكبر تستهدف بنيان المدن الأوكرانية من الداخل، وسط تجاذب سياسي وعسكري واستعدادات ميدانية من الطرفين. وبينما تستمر جهود الإنقاذ، يبقى سكان دنيبرو محاصرين بين دمار اليوم وخوف الغد، في حرب لم تتوقف منذ بدايتها عن تغيير شكل كل شيء في حياتهم
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دينبرو اوكرانيا روسيا هجوم روسيا
إقرأ أيضاً:
هل الحرب الأوكرانية خلف جنون الذهب المستجدّ؟
بعد استراحة لم تكن طويلة، عاد العالم بأسره إلى الذهب؛ إقبال غير مسبوقٍ على المعدن الأصفر يكشف تحوّلا عميقا في مزاج الأسواق وثقة الدول بالبُنى المالية الغربية. لم يعد المعدن الأصفر مجرد أصلٍ تحوّطي في دورات التضخم، مثلما كان قبل عقود، بل تحوّل إلى "أصل سياديّ" مفضّل لدى أغلب صانعي السياسات حول العالم، خصوصا حين تبدأ قواعد اللعبة بالاهتزاز.
أسعار الذهب قفزت إلى قمم تاريخية في الشهرين الفائتين، وصلت إلى نحو 4300 دولار للأوقية ثمّ تراجعت قليلا بفعل بعض "الصدمات" الإيجابية الطفيفة، كزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى آسيا وبداية التلاقي مجددا مع الصين حول الرسوم الجمركية، المعادن النادرة، وغيرها من الملفات.. لكنّ الأسعار عادت اليوم إلى "الجنون"، وهذا يعني أنّ المحرّك الرئيسي للمعدن الأصفر محوره: سلوك الولايات المتحدة وحلفائها، تجاه الصين وحلفائها أيضا.
أداء أقتصادي ضعيف مُثقل بالتضخم، وهشاشة قانونية في حماية الأصول السيادية، وتشدّد جيوسياسي آخذ في الاتساع، وتبدّل في مواقف العواصم الكبرى من كلفة الحروب وتمويلها
إذا، الذهب ليس لغزا بقدر ما هو نتيجة طبيعية لتراكم محفّزات نادرة الاجتماع: أداء أقتصادي ضعيف مُثقل بالتضخم، وهشاشة قانونية في حماية الأصول السيادية، وتشدّد جيوسياسي آخذ في الاتساع، وتبدّل في مواقف العواصم الكبرى من كلفة الحروب وتمويلها.. وخصوصا الحرب الروسية- الأوكرانية، التي كانت الشرارة التي أطلقت "حرب الذهب" قبل 3 سنوات.
نقطة التحول تلك، كانت بقرار تجميد أصول المصرف المركزي الروسي بُعيد اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ الإجراء كسَر يقينا كان مستقرا منذ عقود، ومفاده أنّ احتياطيات المصارف المركزية في العالم (خصوصا في الغرب) محمية، وبمنأى عن الصراعات. لكنّ استخدام عوائد تلك الأصول المجمدة كضمان لقروض تُمنح لأوكرانيا، ثم تصاعد الحديث نحو مصادرة هذه الأصول رسميا ونقل ملكيتها إلى كييف، فجّر الموقف.
انتقلت القاعدة من بدعة "تجميد العوائد"، إلى بدعة أخرى أشدّ خطورة، وهي "مصادرة الأصول"، وبذلك تغيّرت تعريفات الأمان القانوني للأصول الاحتياطية، واندفعت المزيد من المصارف المركزية حول العالم، إلى تقليص تعرّضها للدولار واليورو، لصالح تخزين ذاك المعدن الأصفر.
مع تغيّر المزاج في واشنطن تجاه تقديم "الشيكات المفتوحة" لأوكرانيا، وجد الأوروبيون أنفسهم أمام سؤال التمويل في ظل رأيٍ عام مثقل بكلفة المعيشة. أحد حلول بروكسل كان تسييل الأصول الروسية المجمدة من أجل تمويل الحرب، لكن هذا المسار اصطدم بتحفظات مؤسسية وقانونية: المصرف المركزي الأوروبي حذّر من تآكل سمعة عملته (اليورو) كعملة احتياطي في حال بدت أوروبا مستعدة لاستخدام أصولٍ سيادية أجنبية خارج تقاليد الحماية السائدة، ناهيك عن عقد "يوروكلير" حيث تُحتجز الكتلة الأكبر من الأصول الروسية. بروكسل حاولت ألا تكون الطرف الذي يواجه وحده تبعات قضائية ومالية في حال ارتدّت الخطوة أمام المحاكم أو اتخذت مسارات قضائية.
كل ذلك، يفسر اليوم سباق المصارف المركزية إلى الذهب، خصوصا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث بلغ صافي المشتريات أكثر من ألف طن سنويا، على نحوٍ غير مألوف في الأسواق الحديثة، فاتسعت قاعدة المشترين لتشمل الاقتصادات الناشئة وتلك المتقدمة على السواء، ناهيك عن "الترند" لدى الأفراد الذين تأثروا بهذه الموجة وتهافتوا على شراء الذهب بجنون.
في أحدث البيانات المتاحة عن شهر آب/ أغسطس الفائت، رفعت 7 مصارف مركزية احتياطياتها بأطنان من الذهب، ومنها كازاخستان التي اشترت نحو 8 أطنان، كما سجّلت بلغاريا أكبر مشتريات شهرية منذ العام 1997، وانضمت تركيا وأوزبكستان والتشيك وغانا وإندونيسيا إلى تلك القائمة، فيما واصلت الصين الشراء للشهر العاشر على التوالي متجاوزة سقف 2300 طن ذهب من المشتريات المعلنة (الترجيحاتٍ تفيد بأنّ المشتريات غير المعلنة هي أعلى من الأرقام الرسمية).
برغم التصحيحات الذي نشهدها على الطريق، فإنّ ما يميّز هذه الموجة أنّها قائمة على "أسس تنظيمية" وليس على مضاربات عابرة
اللافت في كل هذا، ليس حجم المشتريات فحسب، بل "مكان الحفظ"، حيث تفضل المصارف المركزية الاحتفاظ بذهبها داخل حدودها الوطنية، بدلا من الاعتماد على خزائن لندن أو نيويورك.. أمّا الهدف خلف ذلك فهو: تقليل مخاطر "الطرف الثالث" الذي قد يُحول سياسيا دون الوصول تلك الدول إلى أصولها، تماما كما حصل مع روسيا.
أما السؤال الذي يُطرح اليوم، فيتعلق بمسار الذهب المستقبلي، وإن كان سيواصل صعوده المستقيم والصاروخي، والجواب ليس أكيدا، باعتبار أنّ المعدن الأصفر شديد الحساسية أمام دورات السيولة والتغييرات بأسعار الفائدة.
برغم التصحيحات الذي نشهدها على الطريق، فإنّ ما يميّز هذه الموجة أنّها قائمة على "أسس تنظيمية" وليس على مضاربات عابرة، بخلاف ما يظنّ البعض. النظام المالي الدولي يُعاد تعريفه على وقع الضغوط الجيوسياسية؛ أوروبا في مأزق تمويلي طويل الأمد، وعالقة في توازن نقدي يتبدّل ببطء لصالح الأصول المحايدة سياديا. في هذا السياق، يصبح السعر المرتفع امتدادا منطقيا لتحوّلٍ أعمق، لا مفاجأة صاخبة خالية من أي تفسير.
إذا، العالم أمام "عقيدة ذهبية" جديدة، تتجاوز وظيفة التحوّط إلى وظيفة الضمان السيادي في عالمٍ تتقاطع فيه المبادىء "القانونية" بتلك "السياسية"، وكلما تقدمت النقاشات الأوروبية نحو تحويل "تجميد" الأصول الروسية إلى "مصادرة"، ازداد هذا التحوّل رسوخا.
التحدي اليوم ليس توقّع الذروة السعرية للذهب، بل فهم عملية التحوّل المؤسسي الذي يعيد ترتيب هرم الأصول الموثوقة لدى سائر الدول حول العالم.