كل أسبوع.. فى ذكرى «الانفجار الشعبي»
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
بعد أن سطا الإخوان على حكم مصر، أشاعوا أنهم مستمرون فى الحكم خمسمائة عام، وسمعت هذا الكلام صراحة من إخوانى خائن ظل ينكر صلته بالجماعة حتى جاهر بانتمائه لها بعد توهمه أنهم حقا قادرون على الاستمرار فى حكم مصر خمسة قرون قادمة، وقال بحمق واستعلاء: نحن نفكر من الآن فيمن يخلف الدكتور مرسى فى الرئاسة بعد انقضاء مدته، فما كان منى إلا أن أقسمت له أن مرسى لن يمر عليه عام فى الرئاسة، وكان ذلك بعد أقل من شهرين من توليه، ولم أكن أعلم الغيب، ولم يكن الحراك الشعبى قد اشتد عوده، ولكنها كلمة قلتها ذات ثقة فى الله بأنه حتما سينقذ مصر من هذه الجماعة الفاشية المتسترة خلف عباءة الدين.
وجاءت ثورة الثلاثين من يونيو 2013، لتشهد مصر تحولاً تاريخياً فارقاً، ولم تكن هذه الثورة مجرد مظاهرات عابرة، بل كانت انفجارا شعبيا، وتتويجاً لحالة من السخط الشعبي المتصاعد ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين.
ويمكن إرجاع أسباب هذا الانفجار الشعبى إلى عدة عوامل تفاقمت خلال أقل من عام واحد من حكم الإخوان، بعد ركوبهم موجة الربيع العبرى، المسماة بثورة 25 يناير 2011، وأهم هذه العوامل أن البلاد شهدت انقساماً حاداً بين مؤيدي جماعة الإخوان ومعارضيها حين هرولت الجماعة إلى «أخونة الدولة» والسيطرة على مؤسساتها، وتهميش القوى السياسية الأخرى، ما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي وتصاعد حدة الخطاب السياسي.
وفشلت الحكومة الإخوانية آنذاك في بناء توافق وطني حول القضايا الأساسية، واستمرت في اتخاذ قرارات مثيرة للجدل دون استشارة القوى السياسية والمدنية المختلفة، ما زاد من الشعور بالإقصاء لدى قطاعات واسعة من الشعب، التى اعتبرت الدستور الذي تم إقراره عام 2012 لا يمثل كافة أطياف المجتمع المصري، وأنه يصب في مصلحة تيار سياسي واحد.
وشهدت فترة حكمهم تصاعدا في أساليب القمع ضد المتظاهرين والمعارضين، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن الحريات العامة وحقوق الإنسان.
هذه العوامل وغيرها تضافرت لتخلق حالة من الغليان الشعبي، وكان تعبيرها الأبرز في حركة «تمرد» التي جمعت ملايين التوقيعات المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
وفى 30 يونيو 2013 خرج ملايين المصريين في مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد، مطالبين برحيل نظام الإخوان المسلمين، وتفاعلت المؤسسة العسكرية مع هذا الحراك الشعبي، وأصدرت بياناً في 1 يوليو يحدد مهلة 48 ساعة للأطراف السياسية للتوصل إلى حل توافقي، وهو ما لم يحدث.
في 3 يوليو 2013، أعلن وزير الدفاع آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، خارطة طريق سياسية استجابة لمطالب الشعب، شملت هذه الخارطة تعطيل العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد مؤقتاً، وتشكيل حكومة كفاءات، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
وكان لثورة 30 يونيو تداعيات عميقة وممتدة على المشهد المصري، فقد أدت إلى إنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين وصعود عبد الفتاح السيسي إلى سدة الرئاسة في انتخابات 2014. وشهدت الفترة اللاحقة استقرارًا سياسيًا تدريجيًا، مع التركيز على تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب.
وشهدت مصر بعد 30 يونيو إطلاق العديد من المشاريع التنموية الكبرى في مجالات البنية التحتية: الإسكان، الطاقة، والنقل، بهدف دفع عجلة الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
ورغم التحولات الإيجابية، واجهت مصر بعد الثورة تحديات كبيرة، منها استمرار التحديات الاقتصادية، والحاجة الملحة لتحسين مستوى الخدمات العامة، وتوسيع نطاق الحريات السياسية والاقتصادية.
وفي ذكراها السنوية التى احتفلنا بها أمس، نستطيع التأكيد على أنها كانت ضرورة حتمية لإنقاذ الدولة المصرية من الانهيار والتوجه نحو مستقبل أفضل، ولا يمكن إنكار أن 30 يونيو 2013 سيبقى يوماً محورياً في تاريخ مصر الحديث، يجسد إرادة شعبية عارمة في تحديد مصيره.
اقرأ أيضاًالداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو «فيديو»
في الذكرى الـ12.. .ندوة «إرادة شعب بمجمع إعلام طنطا تحتفي بثورة 30 يونيو
احتفالاً بذكرى 30 يونيو.. ندوة توعوية عن حروب الجيل الرابع بـ«علوم الإسكندرية»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الشعب المصري ثورة 30 يونيو جماعة الإخوان مستقبل مصر محمد مرسي 25 يناير ذكرى ٣٠ يونيو مشاريع تنموية استقرار سياسي إرادة الشعب مؤسسة عسكرية أخونة الدولة تحديات اقتصادية
إقرأ أيضاً:
30 يونيو: صعوبة الهضم.. وفزاعة الإخوان الدائمة
12 عاما مرت على حشد 30 يونيو (حزيران) المناهض لأول تجربة ديمقراطية في مصر بعد 60 عاما من الحكم العسكري، والذي انتهى بالانقلاب على أول رئيس مدني.
12 عاما حاولت خلالها السلطة الجديدة تسويق وتسويغ هذا التمرد باعتباره ثورة شعبية لكن الفشل يلاحقها عاما بعد عام، مع انفضاض المزيد ممن شاركوا في ذاك الحشد، بل ولعنهم له ولكل ما ومن أقنعهم به.
في الذكرى الـ12 كانت هناك ترتيبات لاحتفالات ضخمة أفسدتها أو عطلتها الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ومنها حفل افتتاح المتحف المصري الجديد، ثم جاءت حادثة مقتل 19 فتاة من إحدى قرى المنوفية في حادث سيارة قبل يومين لتفرض حالة حزن وطني عام لا تصح معه أية احتفالات.
12 عاما من الوعود الكاذبة صعبة الهضم؛ بدأت من استمارة تمرد نفسها، والتي انطلقت من بعض القضايا المعيشية والاجتماعية والأمنية (مطالب ووعود أصبحت محل تندر خلال السنوات الماضية مع مقارنتها بما وصلت إليه الأحوال الآن)، ثم الوعود المتتالية من رأس النظام للمصريين بالصبر معه 6 أشهر، ثم سنة ثم سنتين ليروا مصر "قد الدنيا"، لينتهي كل ذلك بصرخات منه شخصيا أن مصر "شبه دولة"، وأنها "فقيرة قوي"، ثم الإعلان عن جمهورية جديدة تتفوق على جمهورية الضباط الأولى (1952-2011) في مظاهر العسكرة لكل نواحي الحياة، جمهورية أكثر اهتماما بالحجر على حساب البشر، ما أوقعها في شرك ديون خارجية ثقيلة تكبل أعناق الجيل الحالي والأجيال المقبلة.
الفزاعة الجاهزة دوما لتخويف حلف 30 يونيو هي فزاعة الإخوان التي يسهب النظام في استخدامها، رغم ادعاءاته المتكررة بالقضاء عليهم قضاء مبرما، بين قتل وحبس وتشريد وفصل ومطاردة في الداخل والخارج، فحين تعجز كل محاولات لملمة حلف 30 يونيو، يستدعي النظام فزاعة الإخوان لتذكير هذا الحلف بعداوته لهم، ويحذره من انتقام واسع ينتظره حال عودتهم
مع التآكل المتواصل لحلف 30 يونيو، وانفضاض قوى رئيسية منه، وانتقالها إلى مربع المعارضة، يبذل النظام جهودا كبيرة لوقف هذا النزيف قبل أن ينفض عنه الجميع، فتارة يدعو لحوار وطني بين شركاء 30 يونيو، وتارة يشكل لجنة للعفو الرئاسي من رموز هذا المعسكر وبهدف إطلاق سراح بعض النشطاء المعتقلين منه، وتارة يشكل تنسيقية لشباب أحزاب هذا المعسكر كبديل لشباب يناير، وتارة يشكل أحزابا للتعبير عن هذا المعسكر، وحينما تفشل يشكل غيرها، وتارة يجمع مرشحي الأحزاب في قائمة واحدة خشية حدوث منافسة بينها "تقلب بغم"، لكن كل تلك المحاولات لم تفلح لأنها ببساطة لم تكن جادة، ولم يكن النظام حريصا على مشاركة أي قوى مدنية معه في الحكم، هو يريدهم فقط مجرد داعمين له بلا مقابل سوى الرضاء ببقائهم في المشهد العام بلا فعالية، يريدهم مجموعة من "الهتيفة" يستحضرهم عند اللزوم ويصرفهم متى شاء، وهو ما انتبه إليه بعضهم فعلا فلم تعد تنطلي عليه تلك الحيل.
الفزاعة الجاهزة دوما لتخويف حلف 30 يونيو هي فزاعة الإخوان التي يسهب النظام في استخدامها، رغم ادعاءاته المتكررة بالقضاء عليهم قضاء مبرما، بين قتل وحبس وتشريد وفصل ومطاردة في الداخل والخارج، فحين تعجز كل محاولات لملمة حلف 30 يونيو، يستدعي النظام فزاعة الإخوان لتذكير هذا الحلف بعداوته لهم، ويحذره من انتقام واسع ينتظره حال عودتهم، وفي الوقت نفسه يذكر هذا الحلف بفضله عليه، إذ أنقذه من هذا التهديد الذي صنعه بنفسه، وأقنعه به.
حملة إعلامية كبرى تنشغل بها حاليا وبتوجيهات عليا المؤسسات الإعلامية الكبرى والصغرى؛ موضوعها الأساسي الإخوان، وخطورتهم على مصر، وتذكير بسنة حكمهم اليتيمة، واستدعاء الأكاذيب التي تم تشويههم بها، والتي كشفت الأيام كيف تم اختلاقها وإلصاقها بهم، مثل بيع قناة السويس والأهرامات وبرج القاهرة، والقبول بتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، والتسبب في رفع أسعار الدولار والسلع الأساسية مثل الخبز وأنابيب الغاز والبنزين، حملة تنشر الفزع بين المصريين من احتمالات عودة الإخوان، وكأن الإخوان يقفون على أبواب الاتحادية!!
نحن إذن أمام تصورات متضاربة للسلطة تجاه الإخوان، فهي تدعي انتهاءهم بفضل ضرباتها الأمنية الحازمة، وهي تبرز مجددا قوتهم وخطورتهم، والحال كذلك فإما أن تقر السلطة ومن شايعها مقولة انتهاء الإخوان وبالتالي تتوقف عن استحضار فزاعتهم لتخويف البعض منهم، وإما أن تقر فعلا ببقائهم وفاعليتهم، وبالتالي تبحث عن تسوية معهم تنهي حالة الخوف، وعدم الاستقرار، وتسهم في إنهاء الانقسام المجتمعي، كما تسهم في تحقيق التنمية والازدهار للوطن والشعب.
انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 ورغم مرور 12 عاما على وقوعه فإنه لم يقدم مشروعا مفيدا للشعب، ولا يزال يواجه مقاومة تخفت حينا وترتفع حينا، وتكسب أنصارا جددا، في الوقت الذي يخسر النظام تدريجيا أجزاء من داعميه، ولن تنتهي هذه الحالة إلا بحوار وطني حقيقي، يستهدف التوافق على خارطة طريق لاستعادة الحكم المدني، وتحديد دور الجيش في الحياة العامة
أما قوى المعارضة الوطنية في الداخل والخارج فعليها أيضا أن تحسم تقييمها لجماعة الإخوان وحلفائها من بقية التيار الإسلامي، وهل هذه المعارضة الوطنية مقتنعة بروايات النظام، أم لديها تقديراتها الخاصة؟ وهل هي بعد هذه التقديرات ترى نفسها أقرب للنظام الحاكم، فتقبل ما يمليه عليها ثمنا لحمايتها كما يدعي؟ أم أن من مصلحتها ومصلحة الوطن وضع نهاية لتلك العشرية السوداء، والعمل الجاد لاستعادة الحكم المدني الديمقراطي الذي يستوعب الجميع تحت مظلة دستور يكتبه المصريون بكل حرية واستقلال؟
أما الإخوان فإن عليهم كجماعة الارتفاع إلى مستوى التحدي، وذلك عبر تجاوز خلافاتهم التنظيمية غير ذات المعنى، واستعادة لحمتهم، وتقديم مبادرات من ناحيتهم لتغيير المشهد السياسي المتكلس، كما أن على الجمهور الواسع المحسوب عليهم أن يعي تحديات المرحلة، وأن يمد الجسور مع غيره من القوى الوطنية، وأن يتجاوز خطوط الثلاثين من حزيران/ يونيو 2013، فكثير ممن شاركوا وحشدوا لتلك الفتنة تبرأوا منها، وندموا على مشاركتهم فيها، وهو ما ينبغي أن يقابل بتقدير واحترام وليس بالتبكيت والسخرية والشماتة، لأن الأخطاء لم تكن قاصرة على طرف دون طرف، فالجميع أخطأ وإن بدرجات متفاوتة، وعلى الجميع تصحيح أخطائه قبل أن يطالب غيره بذلك.
في معظم تجارب الانقلابات عالميا لا تستمر المقاومة للانقلاب فترات طويلة، حيث يتمكن النظام الجديد من تحقيق إنجازات تدفع الناس للتعامل مع النظام الجديد، حتى لو ظل البعض محتفظا بمعارضته له، وهو ما حدث من قبل مع انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952 الذي تبنى مشروعا اجتماعيا واقتصاديا لصالح أغلبية الشعب (التأميم- الإصلاح الزراعي- مجانية التعليم- التوظيف) لكن انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 ورغم مرور 12 عاما على وقوعه فإنه لم يقدم مشروعا مفيدا للشعب، ولا يزال يواجه مقاومة تخفت حينا وترتفع حينا، وتكسب أنصارا جددا، في الوقت الذي يخسر النظام تدريجيا أجزاء من داعميه، ولن تنتهي هذه الحالة إلا بحوار وطني حقيقي، يستهدف التوافق على خارطة طريق لاستعادة الحكم المدني، وتحديد دور الجيش في الحياة العامة.
x.com/kotbelaraby